الإدارة الأميركية توقف مشروع ضم المستوطنات للقدس وسلخ الأحياء عنها

نتنياهو لوزراء حزبه: مثلما تتعاون إدارة ترمب معنا علينا أن نتعاون معها

جانب من جدار الفصل العنصري في القدس الشرقية (رويترز)
جانب من جدار الفصل العنصري في القدس الشرقية (رويترز)
TT

الإدارة الأميركية توقف مشروع ضم المستوطنات للقدس وسلخ الأحياء عنها

جانب من جدار الفصل العنصري في القدس الشرقية (رويترز)
جانب من جدار الفصل العنصري في القدس الشرقية (رويترز)

أجبر تدخل مباشر من الإدارة الأميركية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، على «تأجيل» البحث في مشروع قانون ضم المستوطنات اليهودية إلى القدس وسلخ أحياء فلسطينية عنها، لـ«ضمان أكثرية يهودية في المدينة المقدسة».
فقد طلب نتنياهو، خلال جلسة لوزراء حزب الليكود الحاكم، صباح أمس، إرجاء التصويت على ما عُرف بـ«قانون القدس الكبرى»، الذي كان يفترض أن يعرضه صاحب المشروع وزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس، على اللجنة الوزارية للتشريع. وقال نتنياهو مفسراً طلبه: «حلفاؤنا الأميركيون توجهوا إلينا وطلبوا توضيحات حول جوهر القانون، وكما تعاونوا معنا علينا نحن اليوم أن نتعاون معهم. فمن المفيد التحدث والتنسيق، حتى لو كان الحديث حول قضية داخلية كهذه». وقال قيادي رفيع في الائتلاف الحاكم: «الصياغة الحالية للقانون ستعرضنا لضغوط دولية كبيرة، كما أنه يتضمن مشكلات قضائية صعبة، نتنياهو لن يسمح لنفسه بأن يدعم القانون بصيغته الحالية».
وقال الوزير كاتس إنه يحترم توجه نتنياهو. وأن «رئيس الحكومة (نتنياهو) أوضح أنه يدعم القانون، لكن الأميركيين توجهوا إليه بطلب بعض التوضيحات حول جوهر القانون. وأنا أتفهم ذلك، رغم أن هذا القانون هو شأن إسرائيلي داخلي جاء لتعزيز يهودية القدس، بغض النظر عن الإجراءات الدبلوماسية». وعبر كاتس عن أمله في «أن يجري توضيح الأمر للأميركيين، وطرح القانون للمناقشة والتصويت الأسبوع المقبل».
أما في أوساط اليسار الإسرائيلي، فقد استبشروا خيراً في هذا التأجيل. وقال النائب عن حزب «ميرتس» اليساري، عيساوي فريج: «هذا يدل على أن واشنطن عندما تقصد، تستطيع أن تفرض على حكومة نتنياهو ما تريد. فيا ليتها تفرض عليها تسوية للصراع كله على أساس دولتين للشعبين وتخلصنا من تبعاته الجنونية».
المعروف أن هذا المشروع جاء ليضم إلى تخوم مدينة القدس، التي باتت، حسب القانون الإسرائيلي الاحتلالي، جزءاً من إسرائيل، التكتلات الاستيطانية الممتدة جنوباً حتى مستعمرات «غوش عتصيون» (ما بين بيت لحم والخليل)، وشرقاً حتى مستعمرات معاليه أدوميم (باتجاه أريحا)، وتضم نحو 150 ألف مستوطن يهودي. وفي الوقت نفسه يقضي بسلخ أحياء فلسطينية في القدس الشرقية الواقعة وراء جدار الفصل العنصري، عن تخوم القدس. وحسبما يتضح من المشروع، فإن جميع هذه الأحياء المسلوخة، ستكون فلسطينية يسكنها فلسطينيون بمكانة «مقيمين»، مثل كفر عقب وشعفاط وعناتا وغيرها، وتضم نحو 100 ألف نسمة. وتقضي الخطة بفصل هذه الأحياء عن منطقة نفوذ بلدية القدس وإقامة سلطة محلية، أو بلدية، واحدة أو أكثر لإدارتها.
وصرح وزير السياحة زئيف إلكين، وهو أحد شركاء الوزير كاتس في طرح هذا المشروع، بأن الهدف من هذه الخطوة هو «التوازن الديمغرافي» بين اليهود والعرب، بحيث تكون الأغلبية الكبرى من سكان القدس، الغربية والشرقية، من اليهود. ويَعتبر إلكين أنه سيكون من السهل على أحزاب الائتلاف والمعارضة الصهيونية «هضم» هذه الخطة. وأضاف: «لا أحد، في اليمين أو اليسار، بإمكانه أن يرى وجود حسنات فقط في هذه الخطة، أو مخاطر فحسب من الجهة الأخرى. وفي حال تقرر تسليم هذه المنطقة (إلى الفلسطينيين)، فإن الأمر سيكون أسهل من حيث التنفيذ».
يشار إلى أنه منذ بناء جدار الفصل في القدس الشرقية، جرى عزل هذه المناطق الفلسطينية، باستثناء الولجة، عن منطقة نفوذ بلدية القدس، ولكنها بقيت معزولة عن مناطق السلطة الفلسطينية أيضاً، وتحولت إلى مناطق مستباحة لا تحصل على خدمات من أي جهة وتسود فيها حالة فوضى. واعترف إلكين بأن «الوضع في هذه الأحياء لا يمكن أن يكون أسوأ. والوضع الحالي فشل بالمطلق». وأكد أن تمرير الجدار بمساره الحالي كان خطأ فاحشاً. وتوجد الآن منطقتان بلديتان، القدس والأحياء (الفلسطينية المعزولة)، والربط بينهما ضعيف للغاية. وفي المستوى العملي، لا يمكن للجيش الإسرائيلي أن يعمل هناك، والشرطة تدخل فقط من أجل تنفيذ عمليات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.