نوبل و«مثالية» الأدب

قراءة في إشكاليات الجائزة

نوبل و«مثالية» الأدب
TT

نوبل و«مثالية» الأدب

نوبل و«مثالية» الأدب

صدر أخيراً في استوكهولم للكاتب والإعلامي طالب عبد الأمير كتاب جديد عن دار نشر «أوروك ميديا»، وهو بعنوان «نوبل ومثالية الأدب»، يحاول فيه المؤلف، الذي تابع جوائز نوبل في الأدب على مدى عشرين عاماً، ونشر مقالات عنها في «الشرق الأوسط»، أن يتناول إشكاليات هذه الجائزة التي كثيراً ما تكون مثيرة للجدل بقراءة في أسباب تعرض الأكاديمية السويدية التي حمّلها ألفرد نوبل مسؤولية منح جائزة الأدب، لانتقادات كثيرة، منذ توزيع أول جائزة في العام 1901 للشاعر الفرنسي سيللي برودومه، وقد أثيرت في حينها ضجة في الأوساط الأدبية الفرنسية والسويدية. وكيف كانت الأكاديمية السويدية تنظر إلى أعقد صيغة طرحها نوبل فيما يتعلق بـ«مثالية الأدب»، التي على أساسها تمنح الجائزة، وهي صيغة ما زالت مبهمة حتى اليوم، حيث ورد في الوصية «أن تمنح جائزة الأدب إلى كاتب أنتج أدبا هو الأكثر تميزاً وباتجاه مثالي»، وكيف ينظر لها اليوم؟ حيث تم منحها لصحافية كتبت ما يشبه العمل التوثيقي وهي البيلورسية سفيتلانا الكسيفيتش 2015، وإلى مغن وكاتب كلمات أغانٍ، وهو «بوب ديلان» 2016، ولماذا حرم من نيلها كتّاب عظام ارتحلوا عن هذا العالم ولم ينالوا هذه الجائزة الأهم من بين عدد كبير من الجوائز العالمية، أمثال ليو تولستوي، هنريك إبسن، إميل زولا وغيرهم؟ ثمة تكهنات كثيرة تبرز هنا وهناك كلما نال كاتب أو كاتبة جائزة نوبل، حيث تُتَّهَمُ الأكاديمية السويدية بانحيازها واعتمادها تقييمات سياسية، بدلاً عن اعتمادها القيم والمعايير الفنية، أو أنها على أقل تقدير تجمع بين الاثنين. فهل كان، على سبيل المثال، نجيب محفوظ، وهو الكاتب العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل في الأدب العام 1988 لاعتبارات سياسية، كما تصور البعض؟
ثم يتناول الكتاب شخصية «ملك الديناميت» من خلال سرد نثري ما يشبه القص عن حياة هذا المبتكر الذي رحل قبل 120 عاماً تاركاً وراءه مئات الاختراعات واسماً تتردد أصداؤه في كل الأصقاع، حيث توزع باسمه سنوياً أرفع الجوائز العالمية المرموقة في الطب – أو علوم «الفسلجة»، والكيمياء، والفيزياء، والأدب، والسلام، التي ثبتها في وصيته الشهيرة، منذ 116 عاماً، وجائزة العلوم الاقتصادية، لاحقاً، والتي أسسها البنك المركزي السويدي عام 1969. في ذكرى ألفرد نوبل.
في المائة الأولى التي غطت الفترة ما بين 1901 و2001 نال جوائز نوبل أكثر من سبعمائة باحث علمي وكاتب ومدافع عن السلام واقتصادي من بقاع مختلفة من العالم. وخلال الأعوام المائة وعقد ونيف الماضية جرت أحداث كبيرة على النطاق العالمي، ليس أقلها الحربان العالميتان الساخنتان والحرب الباردة. تلك الأحداث التي تركت آثاراً عميقة أثقلت كاهل البشرية في مجالات كثيرة ومناطق مختلفة. ومما لا شك فيه، فإن الكثيرين يعرفون أن ألفرد نوبل، مخترع الديناميت الأول قد غيّر بابتكاره هذا مجرى حياة العالم... لكن قلَّة ممن يعرفون عن شخصيته ومسيرة حياته التي بدأت في بيت فقير في ضواحي استوكهولم وانتهت به مالكاً لأكثر من تسعين مصنعاً، في عشرين بلداً، إلى جانب ثلاثمائة ابتكار علمي تركها لخدمة الإنسانية. ولا يعرف الكثيرون عن شغفه بالأدب وحبه للفلسفة، وعن نجاحاته الكثيرة في العلم والابتكارات، لكن فشله في الحب وتكوين العائلة أيضاً. كما أن القليل جداً ممن يعرف أن ألفرد نوبل كان كاتباً نظم الشعر، وكتب الرواية والدراما ومارس أدب الرسائل. وكان يتمتع بحس إنساني عالي المستوى، يعد مثالاً في عصره، وبخاصة فيما يتعلق بالنقاشات حول الدين والسياسة والاتجاهات الفلسفية التي سادت في تلك الفترة؛ إذ كان ألفرد نوبل إنساناً حر التفكير، ووجد نفسه في أفكار فلاسفة عصره المنورين، إبان عصر النهضة، أمثال فولتير، فرانسيس بيكون، جون لوك، هربرت سبنسر، وغيرهم.
في هذا الكتاب يحاول المؤلف تسليط الضوء على حياة هذا المبتكر، الذي أقام الدنيا ولم يقعدها حتى بعد رحيله قبل قرن وأكثر من عقد ونصف العقد، حينما وضع وصيته الشهيرة والمثيرة للجدل وأوصى بمنح جل ثروته إلى باحثين علميين وأدباء ومدافعين عن السلام، بغض النظر عن جنسياتهم ومواطنهم وخلفياتهم.
* صدر الكتاب في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 عن دار نشر «أوروك ميديا» في استوكهولم.



لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
TT

لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)
كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)

ضمن عدد هائل من المقتنيات التاريخية والقطع المستعارة من مؤسسات عربية ودولية ينفرد بينالي الفنون الإسلامية 2025 المقرر افتتاحه في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي بعرض كسوة الكعبة المشرفة بالكامل، وهي المرة الأولى التي تشاهد فيها الكسوة خارج مكة المكرمة.

ويأتي عرض الكسوة في الدورة الثانية من البينالي بالتزامن مع الذكرى المئوية الأولى (حسب التقويم الهجري) لإنشاء مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة في السعودية، والذي ينال شرف صناعة الكسوة منذ عام 1346 هـ (1927 م).

جدير بالذكر أن الكسوة التي سيتم عرضها في البينالي غطّت الكعبة المشرّفة طوال العام الهجري الماضي ولم يسبق أن عُرضت بشكلها الكامل في أيّ محفل أو معرض من أي نوع.

قاعات عرض بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة (مؤسسة بينالي الدرعية)

ويمثل عرض الكسوة سابقة أولى يسجلها البينالي ضمن جهوده المعرفية التي تُضيء الجوانب المرتبطة بالفنون الإسلامية والنقوش والزخارف الفريدة، والتي تتجلّى في الكسوة الشريفة بوصفها واحدة من أسمى الإنتاجات الإبداعية التي بلغها الفن الإسلامي.

وسيقدم البينالي من خلال عرض كسوة الكعبة المشرفة تعريفاً بالكسوة، وتطورها عبر التاريخ، وما يرتبط بها من فنون ونقوش ومهارات حِرفية ومعارف، وذلك بأسلوب عرضٍ مميز، يتيح للزوار التعرّف على التفاصيل الدقيقة في حياكتها، وتطريزها بخيوطٍ من الحرير والذهب والفضة. وستتم إعادة الكسوة إلى رعاية مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة بعد اختتام فعاليات البينالي.

وتهدف مؤسسة بينالي الدرعية من خلال عرض الكسوة إلى ترسيخ الاعتزاز بالإرث الثقافي الإسلامي، وخلق فرصة استثنائية تسمح لعامة الجمهور بالتعرف عن قرب على أحد أهم مظاهر الفن الإسلامي عبر التاريخ، وتقديم فهمٍ أعمق للحرفية العالية في صناعة كسوة الكعبة المشرفة، مع ما يتضمنه ذلك من تأكيد على مركزية المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتوفيرها لكل الإمكانات والمهارات والحرفيين البارعين لصناعة الكسوة من خلال مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة.

صالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة مكان إقامة فعاليات بينالي الفنون الإسلامية في دورته الثانية (مؤسسة بينالي الدرعية)

و إلى جانب كسوة الكعبة المشرفة سيعرض البينالي مجموعةً واسعة من التحف التاريخية الإسلامية وأعمال الفن المعاصر، بهدف دفع زواره إلى التأمل في ثراء الحضارة الإسلامية وفنونها الإبداعية، وذلك امتداداً لما قدمه البينالي في نسخته الأولى التي أُقيمت في عام 2023م تحت عنوان «أول بيت»، وحققت نجاحاتٍ كبيرةٍ جعلت منه ثاني أكثر بينالي زيارة في العالم، بحضورٍ وصلَ إلى أكثر من 600 ألف زائر تعرفوا على الإرث الثقافي للفنون الإسلامية.