رسالة دكتوراه بجامعة الأزهر تكشف تردي أوضاع يهود العراق بعد هجرتهم لإسرائيل

إيلي عمير: كنا نعيش في نعيم بالعراق حتى عام 1941

الباحث أحمد فارس أثناء مناقشة الرسالة
الباحث أحمد فارس أثناء مناقشة الرسالة
TT

رسالة دكتوراه بجامعة الأزهر تكشف تردي أوضاع يهود العراق بعد هجرتهم لإسرائيل

الباحث أحمد فارس أثناء مناقشة الرسالة
الباحث أحمد فارس أثناء مناقشة الرسالة

كشف الباحث، والصحافي أحمد فارس، حقيقة أوضاع يهود العراق قبل وبعد هجرتهم إلى إسرائيل في نهاية أربعينات القرن الماضي، في رسالة دكتوراه، تم مناقشتها أخيرا بكلية اللغات والترجمة في جامعة الأزهر، تحت عنوان «أدب السيرة الذاتية عند الأديب اليهودي العراقي الإسرائيلي إيلي عمير من خلال ثلاثية، ديك الغفران، وطير الحمام، وياسمين». وقد منحت لجنة المناقشة المكونة من الأستاذ الدكتور سعيد عطية، عميد كلية اللغات والترجمة السابق، والأستاذ الدكتور توفيق علي توفيق، وكيل الكلية، والأستاذ الدكتور أحمد كامل راوي، رئيس قسم اللغة العبرية في جامعة حلوان، والأستاذ الدكتور خالد السيد عبد اللطيف، رئيس قسم اللغة العبرية بالأزهر؛ الباحث أحمد فارس، الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى.
وكشفت الرسالة اعتراف الأديب اليهودي العراقي إيلي عمير، بأنّ اليهود كانوا يعيشون في نعيم أثناء وجودهم في العراق حتى عام 1941، بعدما وقعت اشتباكات بين مجموعات يهودية وعراقية، عقب سقوط حكومة رشيد عالي الكيلاني، أدت إلى مقتل وإصابة عدد قليل، إلا أن الكاتب حاول استثمار الحدث، وتضخيمه لكي يعتمد عليه في أعماله، كما يفعل يهود الغرب من استغلال الكارثة النازية ممّا يكسبهم تعاطفاً وشهرة.
ووفقا لاعتراف الأديب اليهودي، أفادت الدراسة كذلك أنّ الصهيونية العالمية استغلت الأحداث، استغلالاً كبيراً، فأججت الخوف في نفوس اليهود العراقيين، من أجل تهجيرهم إلى إسرائيل، ولكن عندما وصلوا إلى أرض الاحتلال في الخمسينات، تمت إهانتهم والنظر إليهم بدونية. ووصل الأمر بالمستقبلين لهم في دولة الأحلام برشهم بالمبيدات الحشرية، خشية أن يكون لديهم أمراض، وتركوهم في خيام بقلب الصحراء. بعدما كانوا يعيشون في بيوت تحيط بها الخضرة من كل مكان.
وتشير الدراسة أيضاً إلى أن رحلة معاناة اليهود قد بدأت مع الأسر والأطفال الذين تم ترحيلهم إلى الكيوتسات، وهي التجمعات الشبابية لتعليمهم مبادئ الصهيونية على يد يهود الغرب، الذين تعاملوا مع العراقيين واليهود العرب بتعالٍ واحتقار، ووصل بهم الأمر إلى قيامهم بتغيير أسمائهم العربية لكي يمحوا ثقافتهم العربية.
واعترف الكاتب اليهودي العراقي الأصل، أن يهود العراق قد أتوا من بلاد الحضارة ليجدوا أنفسهم في مستنقع الجهل الغربي، والكراهية والإباحية، بعدما استخدموا في أعمال مهينة، كجمع القمامة وغيرها، على الرغم من أنّهم كانوا لا يعملون مثل هذه الأعمال في العراق والبلدان العربية.
وكشفت الرسالة وفقا لما ورد في الروايات الثلاث، للأديب اليهودي العراقي إيلي عمير «ديك الكفارة»، و«مطير الحمام»، التي رمزت إلى أن اليهود هم الحمام، الذي طار من العراق إلى إسرائيل في هيئة أسراب. أمّا ثالث الروايات فكان اسمها «ياسمين»، وكشفت أنّ المؤسسين لإسرائيل والحركة الصهيونية، استخدمت العراقيين والعرب من أجل خدمة قيام إسرائيل، وتثبيت أركانها بعد حرب 1948، وذلك بالاستفادة من لغتهم العربية وعملهم كجواسيس، وكذلك بالدفع بهم في صفوف المواجهة في حرب 1967م، لكي يكونوا وقود الحرب لإثبات ولائهم. فمنذ قيام ما يسمّى بدولة إسرائيل وحتى اللحظة لا يزال يعامل يهود العراق والعرب على أنّهم مواطنون من الدرجة الثانية، على رغم ما أفادوا به إسرائيل.
وحسب رسالة الدكتوراه فإنّ «عمير» قد خدم في الجيش الإسرائيلي بسلاح المدفعية والاستخبارات؛ لمعرفته باللغة العربية، وشارك في حرب 1967 م. وشغل عمير مناصب رفيعة، تشمل مدير محافظة القدس، ومدير ونائب مدير لشعبة هجرة الشباب في الوكالة اليهودية، ومديرا لاتحاد اليهود السفارديم «الشرقيين» في الولايات المتحدة، ومنسق إعادة النازحين من 1975، ومديرا لتهجير الشباب لإسرائيل بالوكالة اليهودية عام 1978. وقدم عمير برامج في صوت إسرائيل، وإذاعة جيش الاحتلال وأعدها بجانب برنامجه التلفزيوني الأسبوعي «عن اليمين وعن اليسار» في قناة «ريشت بيت».
كما كشفت الرسالة أنّ كتابات عمير لا تحمل كرها لإسرائيل، بل هي كتابات حب لإسرائيل، تسرد الألم الذي واجه يهود العراق والعرب، بعد وصولهم لإسرائيل والعيش بها مثلما ورد في «ديك الفداء». وبين دعمه لاستمرار الاحتلال، الذي يعني أنه أصبح غير مرئي، ومع ذلك، فهذا الخيار من الاحتلال المستنير محكوم عليه بالفشل.
وعن نتائج الدراسة قال الباحث أحمد فارس لـ«الشرق الأوسط»: «خلص البحث إلى مطالبة الكاتب العراقي اليهودي لإسرائيل، بإقامة علاقات مع الدول العربية للاستفادة من مواردها الطبيعية خاصة الغاز والبترول». مضيفاً: «حاول الكاتب أن يظهر بثوب أديب السلام، الذي يحاول التقريب بين العرب والفلسطينيين، ولكنّ صهيونيته فضحت هذا الادعاء من خلال مطالبة الفلسطينيين بالموافقة على دولة بحدود 67 من دون القدس، وهو نوع من الاستراتيجية الصهيونية، التي تماطل في منح الفلسطينيين حقهم، عن طريق تمديد أجل التفاوض وتمييع الحقوق. كما أراد الكاتب أن يقدم حلاً سياسياً من خلال روايته بتدويل القدس ورفع أعلام كل البلدان العربية عليها إلى جانب علم إسرائيل، لتقليل نتيجة الصدام والحفاظ على أرواح الإسرائيليين».
وتابع الباحث قائلاً: «يعد الكاتب اليهودي من أكثر الأدباء الإسرائيليين، كرها للزعماء العرب، على الرغم من نشأته في قلب البلدان العربية، وظهر ذلك في رواياته بشدة، وكان على رأسهم الرئيس جمال عبد الناصر حيث روى أنّه في صغره كان محبا لطريقته في الخطابة وكاريزمته إلا أنه بعد حرب 1967، تغير موقفه ورأى أنّ جمال عبد الناصر منح الكرامة للعالم العربي، لكنّه دمره وأدخله في ورطة كبيرة، فالكرامة والاحترام الذي جلبه لهم ليس له قيمة».
بينما قال الدكتور خالد السيد عبد الطيف: «الرسالة عرضت الاستفادة الإسرائيلية من يهود الشرق خلال حرب 1967»، كاشفاً أنّ هذه الحرب كانت بمثابة الهوية التي منحت لهم لكي يكونوا مواطنين إسرائيليين، قدموا من خلالها أرواحهم وزُجّ بهم في الصفوف الأولى لإبراز الولاء لإسرائيل.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.