«الصحراء الغربية»... مسرح جديد للإرهاب في مصر

ظهر دورها قبل 3 سنوات وشهدت 8 عمليات كبرى أوقعت عشرات القتلى

«الصحراء الغربية»... مسرح جديد للإرهاب في مصر
TT

«الصحراء الغربية»... مسرح جديد للإرهاب في مصر

«الصحراء الغربية»... مسرح جديد للإرهاب في مصر

شكل «حادث الواحات» الإرهابي الذي شهدته صحراء مصر الغربية قبل أيام، وخلف 16 قتيلا في صفوف الشرطة، فصلاً جديداً في سلسلة الهجمات التي ضربت البلاد مؤخراً عبر جبهتها الغربية. ووفقا لمراقبين على صلة بالجهات الأمنية تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، باتت هذه المنطقة «مسرحاً جديداً للإرهاب في مصر» يضاف إلى البؤرة التقليدية في شمال شبه جزيرة سيناء حيث يخوض الجيش المصري منذ بعض الوقت حرباً شرسة ضد جماعات مسلحة موالية لتنظيم داعش الإرهابي.

في غضون السنوات الثلاث الماضية فقط شهدت صحراء مصر الغربية، التي تمثل ثلثي مساحة مصر وغير المأهولة سكانياً، ما لا يقل عن 8 عمليات إرهابية كبرى، راح ضحيتها أكثر من 60 جنديا وضابطا مصريا وعشرات المواطنين، ما دفع البعض لاعتبارها خطرا حقيقيا يجب الالتفات إليه.
وتشير طوبوغرافيا الموقع إلى مساحة شاسعة من الصحراء طرقها وعرة، شكلت بيئة ملائمة لتنفيذ الجماعات الإرهابية عملياتها. ثم إن طول الحدود مع ليبيا، التي تشهد بدورها فوضى أمنية، سهل من دخول المسلحين إلى مصر، رغم النجاحات اليومية التي يحققها الجيش في هذا الشأن.
اللواء طارق مهدي، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، قال لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه: «بالطبع لا توجد معسكرات إرهابية أو تجمّعات دائمة هناك، لكن الطبيعة الجغرافية لتلك البقعة الكبيرة، تشكل بين الحين والآخر منطلقا مناسبا لترتيب عمليات إرهابية متنوعة على معظم المحافظات المصرية».
وأضاف اللواء مهدي: «خطورة الصحراء الغربية تأتي بالأساس لكونها ملاصقة للحدود المصرية مع ليبيا، التي تشهد صراعات أمنية وسياسية منذ عدة سنوات، سمحت للمسلحين من الجماعات الإرهابية كـ(داعش) وغيرها المنتشرة بشكل مكثف هناك، بالعبور إلى مصر وتهريب مختلف أنواع الأسلحة».
وحقاً، يسعى الجيش المصري جاهدا للسيطرة على حدوده مع ليبيا، إلا أن ما يزيد الأمر صعوبة أن السيطرة تأتي من جانب واحد فقط، نظراً لعدم وجود جيش ليبي موحّد ومؤهل يمكنه فرض سيطرته على البلاد، وخلال الأشهر الماضية، شهدت الصحراء الغربية مواجهات متعدّدة بين قوات الأمن المصري ومسلحين، تنوّعت ما بين إحباط عمليات تهريب للأسلحة ومواجهات مباشرة قتل فيها العشرات.

سلسلة من الهجمات
لقد لفتت الصحراء الغربية الأنظار إليها بوصفها بؤرة جديدة للعمليات الإرهابية، مع ظهور خلية إرهابية أُطلق عليها اسم «جنوب الجيزة»، تابعة لتنظيم «أنصار بيت المقدس» في سيناء، كان يقودها هشام علي عشماوي، الضابط المفصول من الجيش، وذلك حين نفذت هذه الخلية أضخم عملياتها في 19 يوليو (تموز) 2014، باستهداف «كمين الفرافرة» بالكيلو 100 في مدينة الفرافرة، بمحافظة الوادي الجديد. وأسفر الهجوم حينها عن مقتل 21 من ضباط القوات المسلحة وجنودها.
جهات التحقيق وصفت حينذاك الهجوم بأنه «على مستوى ينبئ بتخطيط وتدريب عسكري جيد للمهاجمين، حيث تم اختيار أماكن الإطلاق والمناطق المستهدفة بعناية وبصفة خاصة استهداف برج المراقبة، ثم مخزن الأسلحة، وتم استغلال وجود الكمين في منطقة منخفضة نسبيا في مواجهة تبات مرتفعة».
وعقب مبايعة تنظيم «أنصار بيت المقدس» «داعش» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 وتغيير اسمه إلى «ولاية سيناء» انشق عشماوي عن التنظيم وفرّ إلى ليبيا، معلنا تأسيس تنظيم «المرابطين»، الموالي لتنظيم «القاعدة»، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من العمليات في هذه المنطقة. في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه أعلن تنظيم «ولاية سيناء» مسؤوليته عن قتل وليم هندرسون، خبير البترول الأميركي بشركة أباتشي، بعد اختطافه من قلب الصحراء الغربية خلال عملية سرقة سيارات، في أغسطس (آب) من العام نفسه.
وفي أغسطس 2015، تحطمت طائرة تابعة للقوات الجوية المصرية أثناء مطاردة مسلحين في منطقة سترة جنوب شرقي واحة سيوة (أقصى غرب مصر)، نتيجة عطل فني مفاجئ أثناء العملية. ويومذاك قتل في الحادث أربعة من عناصر القوات الجوية وأصيب اثنان آخران. وأعلن الجيش حينها أن «القوات تمكنت من تدمير أربع عربات للمسلحين».
وفي الشهر نفسه، أعلن تنظيم «ولاية سيناء» ذبح رهينة كرواتي الجنسية يدعى توميسلاف سلوبك، كان مسلحون قد اختطفوه من مدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، أثناء توجهه إلى عمله بأحد المواقع البترولية في منطقة الواحات.
غير أن الحدث الأبرز عالمياً في تلك البقعة، شهده شهر سبتمبر (أيلول) 2015، حين قتلت القوات المسلحة المصرية، عن طريق الخطأ، 12 شخصًا معظمهم من السيّاح المكسيكيين، كانوا في قافلة سياحية بقلب الصحراء الغربية. إذ اشتبهت القوات في كونهم عناصر إرهابية. وفسرّت السلطات ما جرى بأن «السيّاح كانوا يستقلون أربع سيارات دفع رباعي، وجدوا بداخلها في منطقة محظورة، أثناء قيام قوات مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة بملاحقة بعض العناصر الإرهابية في منطقة الواحات بالصحراء الغربية».
وفي الشهر التالي، في أكتوبر أثناء عملية عسكرية استمرت لمدة 48 ساعة باستخدام الأسلحة الثقيلة في الظهير الصحراوي لمحافظة آسيوط، داخل الصحراء الغربية، أعلنت الداخلية المصرية مقتل 20 من العناصر المسلحة والقبض على 22 آخرين.

أحداث العام الحالي
وبينما هدأت الأمور بشكل لافت خلال عام 2016 في الصحراء الغربية، حين كان حادث مقتل ضابطين وأربعة مجندين في هجوم لعصابات تهريب مسلحة بمركز الفرافرة، الحادث الأبرز، جاء عام 2017، ليشكل النجاحات الكبرى للجماعات الإرهابية في هجماتها.
لقد بدأ عام 2017 بهجوم مسلح استهدف كمين النقب الواقع على طريق الوادي الجديد - أسيوط السياحي، وقتل فيه ثمانية من عناصر الشرطة وأصيب اثنان. وفي نهاية مايو (أيار) 2017، وقع الهجوم الأكثر دموية، حين استهدف مسلحون ينتمون لتنظيم داعش حافلة تقل مواطنين مسيحيين في طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل، أثناء مرور الحافلة بإحدى الطرق الفرعية الصحراوية، قرب الطريق الصحراوي الغربي الواقع بدائرة مركز شرطة العدوة. وأسفر ذلك الهجوم عن مقتل 28 مواطنا مسيحيا.
وعلى إثر ذلك، نفذ الجيش المصري ضربات جوية ضد ما قال إنه «تجمّعات من العناصر الإرهابية بالأراضي الليبية تأكد من اشتراكهم في التخطيط والتنفيذ لحادث المنيا الإرهابي». وتركزت الضربات الجوية المصرية على مدينتي درنة والجفرة، حيث كانت قوات المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي في الشرق، تقوم بحملة عسكرية في ذلك الوقت.
«هجوم المنيا»، أسندته تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا إلى تنظيم جديد أطلق عليه «جنود الخلافة»، يقوده متهم هارب يدعى عزت محمد، قالت التحقيقات إنه خطط ونفذ العملية، وإن التنظيم تلقى تدريبات على العملية في الصحراء الغربية، وكان يقيم معسكراً داخل نطاق قريب من المنطقة.
كذلك كشفت التحقيقات عن أن عزت محمد تواصل مع صاحبه المقرّب إليه المتهم الهارب عمرو سعد، لإنشاء خلية تابعة للتنظيم الجديد تعمل على تنفيذ عمليات في قلب المحافظات المصرية، وأن عمرو سعد تولى تجنيد عشرات الشباب من محافظة المنيا على وجه التحديد، من بينهم الانتحاريان ممدوح أمين ومحمود حسن مبارك اللذان نفذا تفجير كنيستين بمحافظتي الإسكندرية والغربية فيما بعد.
واتساقاً مع سلسلة الهجمات، لقي أربعة من أفراد القوات المسلحة حتفهم في منطقة الواحات الغربية، في 31 مايو الماضي أيضا، وذكرت القوات المسلحة في حينه أن «قوات برية كانت تمشّط المنطقة حينما انفجر أحد الأحزمة الناسفة الخاصة بالعناصر الإرهابية».

«هجوم الواحات»
أما عن تفاصيل «هجوم الواحات» الأخير، الذي وقع في 20 أكتوبر الحالي، فيوضح العميد خالد عكاشة، عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، أن «جهاز الأمن الوطني وصل إليه معلومات عن وجود خلية إرهابية خطيرة في منطقة الواحات البحرية (جنوب الجيزة)، كانت تعدّ وتجهز لارتكاب مجموعة من العمليات داخل المحافظات، واتخذت هذه المنطقة منطلقا لعملياتها لكونها قريبة من القاهرة والجيزة والمحافظات المركزية بالصعيد».
وأضاف عكاشة لـ«الشرق الأوسط» شارحاً: «كانت هناك خشية أن تنفذ هذه الخلية عملياتها الإرهابية في وقت قريب، فتقرّر التعجل في التوجه إلى هذا المكان لإجهاض العمليات». وأكد أن «العملية كانت مداهمة وإنقاذ في الوقت نفسه». وذكرت وزارة الداخلية أن 11 ضابطا وأربعة مجندين وفرد شرطة قتلوا في الهجوم، وأصيب 13 من الضباط والجنود، كما فقد أحد الضباط، في حين أعلنت الشرطة أنها قتلت 15 من المسلحين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الهجوم.

طبيعة وعرة
تتمثل الصحراء الغربية في المنطقة الواقعة ما بين الوادي (وادي النيل) والدلتا من الجهة الشرقية، وحدود مصر مع ليبيا من الجهة الغربية، ويحدها من الجهة الشمالية البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى حدود مصر مع السودان جنوباً.
ويبلغ طول هذه الصحراء من الجنوب إلى الشمال نحو ألف كيلومتر، ومن الغرب إلى الشرق ستمائة كيلومتر، وتبلغ مساحتها الكلية قرابة 681 ألف كيلومتر مربع، ويمكن وصفها بأنها صحراء هضاب ومنخفضات.
ووفق العقيد حاتم صابر، الخبير الأمني والاستراتيجي في مجال الإرهاب الدولي بالقوات المسلحة، الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط»، فإن «حادث الواحات يشير إلى نقل العناصر الإرهابية مسرح العمليات من شمال سيناء إلى صحراء الواحات بعد انقطاع الدعم والإمداد للتنظيمات الإرهابية في سيناء، التي يقف خلفها بعض الدول الإقليمية على رأسها قطر». وتابع العقيد صابر أن «نجاحات الجيش المصري في سيناء، وحصاره للجماعات المسلحة في رقعة نسبتها لا تتخطى 1.5 في المائة من أراضي المحافظة، عوامل جعلت هذه التنظيمات تبحث عن مناطق جديدة لاستغلاها وتنفيذ عمليات إرهابية ترهق السلطات الأمنية وتستنفد قواها».
وعن طبيعة تلك الصحارى ودورها في المواجهات الأمنية، أشار العقيد صابر إلى أن «المعلومات الأولية في حادث الواحات الأخير، تشير إلى أن العناصر الإرهابية كانت متمركزة في مناطق مرتفعة، ونجحت في رصد القوات مبكراً فبادرت بإطلاق وابل من الرصاص على القوات بشكل مكثف، ما أسفر عن إلحاق أضرار وخسائر بالغة بجميع أفراد المأمورية الأمنية».
من جهة ثانية، يؤكد اللواء طارق المهدي، عضو المجلس العسكري السابق - وهو أيضاً محافظ سابق للوادي الجديد التابعة للصحراء الغربية -، أن «معظم العناصر الإرهابية التي تنفذ عمليات ضد أكمنة شرطية أو عسكرية في الصحراء الغربية آتية من الخارج، وهي تستغل المساحة الشاسعة للصحراء وعدم وجود اتصالات للاشتباك مع القوات أو تنفيذ عملية إرهابية، كما حدث في واقعة الهجوم على حافلة المسيحيين، عندما هاجم المسلحون الحافلة في نقطة صحراوية تنقطع عندها الاتصالات ولا تسير فيها دوريات أمنية ونجحوا في ارتكاب فعلتهم الشنعاء».
وتابع: «بالطبع لا توجد معسكرات إرهابية أو تجمّعات دائمة هناك، ومن السهولة أن تكشفها الطائرات المصرية التي تقوم بدوريات أمنية على الحدود، إلا أن الطبيعة الجغرافية لتلك البقعة الكبيرة، تشكل بين الحين والآخر منطلقا مناسبا لترتيب عمليات إرهابية متنوعة على معظم المحافظات المصرية».

الحدود مدخل للإرهابيين
يبلغ طول الحدود بين مصر وليبيا نحو 1100 كيلومتر، ويقع العبء الأكبر في تأمينها على الجانب المصري بسبب ضعف إمكانيات الجيش الليبي في الشرق، وانشغاله بمحاولة فرض الأمن والاستقرار وهزيمة الجماعات الإرهابية داخل عموم ليبيا.
وكما يوضح اللواء سمير فرج، رئيس الشؤون المعنوية السابق بالقوات المسلحة المصرية، فإن «ليبيا تمثل خطرا مباشرا للأمن القومي المصري»، ويستطرد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً كبيراً من العناصر الإرهابية الآتية من عدة دول في العالم، وتقاتل حاليا في ليبيا، يحاول الدخول إلى الأراضي المصرية عبر المناطق الحدودية الهشة».
وباستثناء السلوم وسيوة، لا توجد مدن أو أي تجمّعات سكانية على طول الحدود المصرية الليبية. وتعدّ منطقة بحر الرمال - بمحاذاة الحدود مع ليبيا - التي يبلغ طولها نحو 150 كيلومترا وعرضها نحو 75 كيلومترا، أصعب ممر للعبور إلى داخل مصر.
وخلال السنوات الأخيرة الماضية أعلنت مصر عن إحباطها عدداً من عمليات إحباط تهريب أسلحة وسيارات دفع رباعي عبر الحدود مع ليبيا. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب حادثة حافلة أقباط المنيا، في مايو الماضي، إن «مصر تمكنت خلال العامين الماضيين من تدمير ألف سيارة دفع رباعي حين حاولت التسلل من ليبيا».
الإعلان عن إحباط تهريب أسلحة وتدمير سيارات دفع رباعي آتية من ليبيا، ازداد بشكل ملحوظ خلال العام الحالي، إذ أعلنت القوات المسلحة خلال مايو الماضي عن تدمير القوات الجوية المصرية 15 سيارة دفع رباعي محملة بالأسلحة على الحدود المصرية داخل ليبيا في عملية عسكرية استمرت قرابة الـ48 ساعة.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت القوات المسلحة المصرية عن إحباط محاولة مشابهة لتهريب أسلحة عبر الحدود مع ليبيا، بعد تدمير القوات الجوية 12 سيارة دفع رباعي محملة بالأسلحة والذخائر.
ويوم 23 أكتوبر الحالي أعلن الجيش إحباط القوات الجوية محاولة جديدة لاختراق الحدود الغربية، وتدمير 8 سيارات دفع رباعي محملة بكميات من الأسلحة والذخائر والمواد الشديدة الانفجار، والقضاء على العناصر الإرهابية الموجودة بداخلها. وذكر أن ذلك يأتي «مع استمرار تنفيذ القوات الجوية وعناصر حرس الحدود مهامهما بكل عزيمة وإصرار لتأمين حدود الدولة ومنع أي محاولة للتسلل أو اختراق الحدود على الاتجاهات الاستراتيجية كافة»، بالتزامن مع أعمال التمشيط والمداهمة للدروب والمناطق الجبلية لتتبع العناصر الإرهابية المنفذة للهجوم الإرهابي بمنطقة الواحات، واستمرارا للجهود المبذولة لتأمين حدود الدولة على جميع الاتجاهات الاستراتيجية.

تفاؤل بقرب الحسم
أخيراً، العقيد صابر يرى أنه رغم ضخامة العملية الإرهابية الأخيرة، فإنها «ستكون سبباً في القضاء بشكل كامل على العناصر الإرهابية في المنطقة بشكل عاجل». وهو يعتقد أن القوات المسلحة والفرق الأمنية «أحكمت قبضتها على المنطقة الجبلية بشكل كامل وبسطت سيطرتها على الأرض، وجارية حالياً عمليات ملاحقة المتهمين في الدروب الجبلية من أجل القضاء عليهم»، مؤكدا أنه «من السهل على القوات اصطياد تلك العناصر نظراً لوجودهم في ظهير صحراوي مكشوف بدلاً من أن يكونوا مختبئين في مناطق سكنية يصعب التعامل العسكري فيها». وحقاً، افتتحت مصر في يوليو الماضي «قاعدة محمد نجيب» العسكرية بمدينة الحمام، في محافظة مطروح بشمال غربي مصر، وهي القاعدة التي توصف بأنها الأكبر عسكريا في مصر وشمال أفريقيا، فيما بدا كمحاولة للتعامل مع الخطر القادم من الغرب.

أبرز الهجمات الإرهابية في مصر خلال عام 2017
شهد عام 2017 سلسلة هجمات استهدفت في معظمها قوات الأمن في شمال سيناء، إضافة إلى تجمّعات مسيحية متفرقة. ورغم سقوط عدد من الشهداء فإن قوات الأمن نجحت في تكبيد الجماعات المسلحة خسائر فادحة أيضاً.
> 9 أبريل (نيسان): تفجيران انتحاريان متزامنان يضربان كنيستي مار جرجس في طنطا والكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية، أسفرا عن مقتل 46 شخصا وإصابة 126 آخرين، تبناهما تنظيم داعش.
> 19 أبريل: مقتل شرطي وإصابة أربعة في هجوم بالقرب من دير سانت كاترين بجنوب سيناء.
> 14 مايو: مقتل عسكريين مصريين، بينهم مقدم، في هجومين منفصلين بشمال سيناء.
> 26 مايو: هجوم مسلح على الطريق الصحراوي الغربي، استهدف عشرات الأقباط كانوا يستقلون 3 حافلات في طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل في محافظة المنيا، وأسفر الهجوم عن مقتل 28 شخصاً وإصابة 24 آخرين.
> 18 يونيو: مقتل ضابط شرطة وإصابة 4 في انفجار عبوة ناسفة بالعاصمة المصرية القاهرة.
> 8 يوليو: مقتل 23 وإصابة 32 من الجيش المصري في هجمات بسيارات مفخخة في شمال سيناء.
> 9 أغسطس: مقتل 4 رجال شرطة مصريين في هجوم مسلح بشمال سيناء.
> 11 سبتمبر: مقتل 18 شرطيا في هجوم على قافلة أمنية بمدينة العريش كبرى مدن شمال سيناء.
> 13 أكتوبر: مقتل ستة مجندين وإصابة أربعة في هجوم بمدينة العريش.
> 15 أكتوبر: مقتل ستة جنود في هجوم على حاجزين للجيش في شمال سيناء.
> 20 أكتوبر: 16 قتيلا من الشرطة في مواجهات بين الأمن ومسلحين في الواحات بالصحراء الغربية.


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.