«دكتوراه فخرية مزورة» تعيد للأذهان قضايا نصب شهيرة في مصر

محافظة الدقهلية حذفت الخبر بعد نشره بالموقع الرسمي

محافظ الدقهلية يتسلم «الدكتوراه الفخرية المزورة»

قضايا نصب كثيرة وقعت في مصر خلال الأعوام الماضية، اتسم معظمها بالطرافة، لا سيما أن بعض ضحايا هذه العمليات كانوا من الشخصيات العامة وكبار المسؤولين. تتسق هذه الأحداث تماما مع المعالجات الدرامية المصرية لقضايا النصب في الأفلام السينمائية، والمسلسلات الدرامية على حد سواء، التي سُردت في مئات المشاهد خلال العقود الماضية منها فيلم «علي بيه مظهر» للفنان محمد صبحي، و«العتبة الخضراء» لأحمد مظهر وإسماعيل يس، ومسلسل «العراف» لعادل إمام.
أعادت واقعة منح أحد النصابين شهادة دكتوراه فخرية مزورة، لمحافظ الدقهلية الدكتور أحمد شعراوي، الجدل والسخرية في مصر مجدداً، بعدما أعلنت الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلان، بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة)، عن تسلم الشعراوي، شهادة الدكتوراه الفخرية، من الدكتور عبد العزيز عبد الله حماد، رئيس ما يسمى منظمة الشعوب والبرلمانات العربية، وذلك خلال لقاء ضمهم مع وفد المنظمة مساء أمس، بمكتب المحافظ، وفق بيان الإدارة الذي أرسلته إلى الصحف والقنوات الفضائية، وأضاف البيان أنّ «رئيس المنظمة منح دكتوراه فخرية من المنظمة لمحافظ الدقهلية لإنجازاته وإسهاماته في تطوير المحافظة». لكن بعد ساعة واحدة من نشر الخبر والصور على الصفحة الرسمية لمحافظة الدقهلية، حُذف الخبر والصور تماما، بعد أن تبين للمسؤولين بالمحافظة أنّ رئيس المنظمة حوله شبهات أمنية.
من جهته، قال رئيس المنظمة «المثير للجدل» في الفيديو الذي أرسلته إدارة الإعلام بالمحافظة: «نعلن فوز الدكتور أحمد الشعراوي محافظ الدقهلية، بلقب أفضل محافظ في وسط الدلتا، نظراً لما قمت به من إنجازات غير مسبوقة على أرض المحافظة، فكل الشكر من أبناء محافظة الدقهلية، ونحن باسم كل الشعوب والبرلمانات العربية ننقل تحيات الشعوب وتقديرهم لسيادتك، واسمح لنا أن نعطي لسيادتك الدكتوراه الفخرية في تطوير محافظة الدقهلية».
وعلى الرغم من نشر إدارة الإعلام بمحافظة الدقهلية الخبر والصور والفيديوهات على موقعها الرسمي، وإرسال نسخة للصحف والمواقع المصرية، فإنّ الدكتور أحمد الشعراوي محافظ الدقهلية، نفى حصوله على درجة الدكتوراه الفخرية من المنظمة قائلا: «لا تمنح الدكتوراه الفخرية من منظمات، بل من الكليات والجامعات، وقبلت شهادة التقدير من الرجل من باب الذوق». وأضاف أنّه «التقى وفد المنظمة على أنّهم مواطنون لديهم مشكلات، وأنّ مكتبه مفتوح للجميع، وأنّه فوجئ بمنحه شهادة تقدير». وسبق للمحافظ نفسه، التورط في إصدار بيانات صحافية، وإعادة حذفها ونفيها، بعدما تورط من قبل في الإعلان عن إجراء عملية جراحية، خلال قافلة طبية بمدينة المطرية، رغم أنه أستاذ تحاليل طبية وليس جراحة.
من خلال التحريات الأمنية تبين أنّ رئيس منظمة الشعوب العربية، من أبناء محافظة المنوفية، وحاصل على ثانوية أزهرية، ومدع حصوله على دكتوراه من ماليزيا، وسبق الحكم عليه في قضايا نصب وانتحال صفة دكتور، وترشح بصفة فلاح بانتخابات مجلس الشعب، ولديه 4 أحكام نصب من 2008 حتى 2011، وحُكم عليه فيها بالحبس.
في محافظة الدقهلية أيضاً، وقعت حادثة طريفة، خلال تشييع جنازة الشيخ عمر عبد الرحمن، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في مصر، في فبراير (شباط) الماضي، فخلال انتظار وصول الجثمان من مطار القاهرة بعد عودته من الولايات المتحدة التي كان مسجونا بها عبد الرحمن، ردّد الواقفون أمام قاعة «ضي القمر»: «سيادة المستشار وصل»، وكان «المستشار» المدعو، يجلس داخل سيارة كبيرة ماركة «تويوتا» سوداء اللون، طبع على زجاجها الخلفي لوغو كتب عليه (جمهورية مصر العربية - رئاسة الجمهورية)، كما وضع شعار النسر على اللوحة الأمامية للسيارة.
قال الرجل عقب نزوله من السيارة مختالا، إنّه السيد الدويك، مستشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجاء للتعزية ومواساة أسرة الشيخ عمر عبد الرحمن. قبل أن تلقي مباحث الدقهلية، القبض عليه بتهمة انتحال صفة «مستشار» في رئاسة الجمهورية، وتبيَّن أنَّه اعتاد النصب وله سوابق في تلك القضايا، وقضت محكمة جنح ميت سلسيل الجزئية بمحافظة الدقهلية، بسجنه لمدة 6 سنوات، مع توقيع غرامة مالية قدرها 30 ألف جنيه.
وفي جنوب مصر لم يسلم الصعيد أيضا من قضايا التحايل والنصب، حيث ألقت الأجهزة الأمنية القبض على «س.ع.ن»، الذي تخصص في النصب على شخصيات عامة ومسؤولين، من بينهم محافظون، ورجال أعمال، ونواب برلمان، وقضاة، واتهمته البلاغات بالنّصب والاحتيال وسرقة عقارات تقدر بملايين الجنيهات. وبالكشف عن النصاب، تبين أنّه مطلوب لتنفيذ أكثر من 63 حكماً، منها 23 حكما نهائيا، بإجمالي 113 سنة سجن، بخلاف الأحكام التي تتجاوز 30 حكماً في مرحلة المعارضة والاستئناف، وكلها في اتهامات بالنصب وشيكات من دون رصيد.