فرنسا تخشى أن يكون «إلغاء الاتفاق النووي» خطوة أولى نحو الحرب

ماكرون يسعى إلى دور «ريادي» ويراهن على علاقته مع ترمب وانفتاحه على إيران

صورة أرشيفية لعناصر من الحرس الثوري الإيراني في استعراض وسط طهران يحيون فيه ذكرى انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية (رويترز)
صورة أرشيفية لعناصر من الحرس الثوري الإيراني في استعراض وسط طهران يحيون فيه ذكرى انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية (رويترز)
TT

فرنسا تخشى أن يكون «إلغاء الاتفاق النووي» خطوة أولى نحو الحرب

صورة أرشيفية لعناصر من الحرس الثوري الإيراني في استعراض وسط طهران يحيون فيه ذكرى انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية (رويترز)
صورة أرشيفية لعناصر من الحرس الثوري الإيراني في استعراض وسط طهران يحيون فيه ذكرى انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية (رويترز)

تعتبر باريس أن لها دوراً «خاصاً» يمكن أن تلعبه في الملف النووي الإيراني. ولم تنتظر الدبلوماسية الفرنسية قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي برفض المصادقة على تنفيذ إيران لمضمون الاتفاق المبرم بين الدول الست «الدول الخمس دائمة في مجلس الأمن الدولي وألمانيا» وإيران يوم 14 يوليو (تموز) من العام 2015 حتى تؤكد على تمسكها بالاتفاق والتنبيه من التبعات المترتبة على التخلي عنه. ذلك أن الرئيس إيمانويل ماكرون استغل خطابه أمام الجمعية العامة الذي جاء بعد ساعات قليلة من خطاب ترمب لينقض الطرح الأميركي وليشدد على الحاجة للاستمرار بالعمل بالاتفاق النووي. وذهب ماكرون الذي كان التقى ترمب ثم الرئيس الإيراني حسن روحاني تباعاً في نيويورك، إلى الإعلان أنه «مستعد للقيام بزيارات» إذا كان ذلك مفيداً. وأتبع ذلك الأسبوع الماضي بالإعلان، عقب اتصال هاتفي بترمب ثم بروحاني، عن عزمه زيارة طهران «بداية العام القادم»، فيما يتأهب وزير الخارجية جان إيف لو دريان، بطلب من ماكرون، لزيارة طهران في نوفمبر (تشرين الثاني).
بيد أن باريس لا تريد أن «تنفرد» بالتحرك بل تريد تعبئة الاتحاد الأوروبي وخصوصاً بريطانيا وألمانيا وهما، إلى فرنسا، الدولتان الأوروبيتان الموقعتان على اتفاق 2015. ونجحت باريس في ذلك، إذ أن بياناً على شكل رسالة مفتوحة صدر باسم الرئيس ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وأكد فيه الثلاثة تمسكهم بالاتفاق النووي، في موقف تلا مباشرة خطاباً للرئيس ترمب أعلن فيه موقفه من الاتفاق مع إيران. ومما جاء في «الرسالة المفتوحة» أن القادة الثلاثة «يتمسكون بشدة» بالاتفاق ويعتبرون أنه يخدم «الأمن الوطني المشترك»، معيدين إلى الأذهان أنه محصّلة عمل دبلوماسي دام 13 عاماً. كذلك ذكّروا بأنه أقر بإجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي في القرار الرقم 2231. وأن الوكالة الدولية للطاقة النووية المولجة مهمة الإشراف على تنفيذه تؤكد أن طهران تلتزم به حرفياً. ودعا القادة الثلاثة الحكومة الأميركية والكونغرس إلى أن يأخذا بعين الاعتبار ما يمكن أن ينتج عن قرار ترمب لجهة «أمن الولايات المتحدة وحلفائها»، مع الإشارة إلى أنهم «يتقاسمون الهواجس الأميركية بشأن البرنامج الصاروخي الإيراني ونشاطات طهران في المنطقة التي تضر كذلك بالمصالح الأوروبية». والعبارة الأهم في البيان الإشارة إلى أن القادة الأوروبيين الثلاثة «مستعدون لاتخاذ تدابير إضافية مناسبة» للتعاطي مع هذه المسائل ودعوة إيران إلى الانخراط في «حوار بناء» من أجل وضع حد للأعمال المزعزعة للاستقرار والعمل من أجل حلول «سياسية» لمشاكل المنطقة.
وما جاء في بيان الثلاثة، أعاد الوزراء الأوروبيون التأكيد عليه في اجتماعهم الأخير في بروكسل وهو ما سيصدر عن قمة اليومين للقادة الأوروبيين «الجمعة والسبت» في العاصمة البلجيكية. لكن باريس لم تكتف بالبيانات بل أرسل ماكرون وزيرة الدفاع فلورانس بارلي للقيام بجملة اتصالات رسمية مع الإدارة الأميركية ومع أعضاء الكونغرس ولتنبيه الرأي العام الأميركي من خلال مجموعة محاضرات ولقاءات في معاهد أبحاث. وستليها في العاصمة الأميركية وزيرة الشؤون الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني بداية الشهر القادم للغرض نفسه تنفيذاً لقرار من وزراء الخارجية الأوروبيين. وفي السياق نفسه، استقبلت باريس، أول من أمس، مدير الوكالة الدولية للطاقة النووية يوكيا أمانو الذي التقى رئيس الجمهورية ثم وزير الخارجية. وإذ دعا ماكرون مدير الوكالة إلى «السهر على التطبيق الصارم» لبنود الاتفاق النووي، فإن أمانو طمأن محادثيه إلى أن الوكالة «ماضية في عمليات التفتيش والمراقبة دون مشاكل»، مضيفاً أن مفتشيها «يتفقدون المواقع التي يحتاجون لتفتيشها» في إيران. والجدير بالذكر أن واشنطن تتهم الوكالة بأنها لا تقوم بتفتيش كل المواقع بما فيها العسكرية الإيرانية.
في المحاضرة التي ألقتها في واشنطن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، نبّهت وزيرة الدفاع الفرنسية إلى أمرين: الأول، أن باريس راغبة في التحرك لمواجهة نشاطات إيران الصاروخية الباليستية حيث «علينا أن نتحلى بالجدية التامة بشأنها» وبشأن «الأنشطة (الإيرانية) المزعزعة للاستقرار بالمنطقة». وسارعت بارلي إلى طمأنة الجانب الأميركي بتأكيدها أن فرنسا «تعمل على ذلك». أما الأمر الثاني فهو التشديد مجدداً على التمسك بالاتفاق النووي مكررة الحجج الفرنسية التي أصبحت معروفة. لكنها أضافت إليها حجة رئيسية هي اعتبار أن إحدى تبعات الإلغاء ستكون تقوية الجناح المتشدد في القيادة الإيرانية وسيكون ذلك «الخطوة الأولى نحو حروب في المستقبل».
وقد أصبح معروفاً أن الأساس الذي تبني عليه باريس موقفها هو الفصل بين النووي من جهة والمسائل الأخرى من جهة ثانية، والتركيز على أن «النووي» اتفاق «قائم بذاته» وأن المسائل الأخرى التي تتقاسم باريس الهواجس بشأنها مع واشنطن «يتعين أن تُناقش في سياق آخر» أكان ذلك البرنامج الباليستي أم سياسة إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن والخليج. وتذكر فرنسا أن خيار الفصل بين الملفات «كان واضحاً» منذ البداية وأنه جاء إلى حد ما «بناء على رغبة» من وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري الذي رأى أن الخلط بينها سيمنع التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي.
وتريد باريس التي ترفض الحديث عن قيامها بـ«وساطة» بين واشنطن وطهران، كما شرحت ذلك مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» قبل ثلاثة أيام، أن تبيّن أن المخاطر المترتبة على الأداء الإيراني أنها «غير ساذجة» وأنها «تعي» ما يترتب على ما تقوم به طهران لا بل إنها مستعدة لدرس إمكانية «اتخاذ تدابير» إضافية بحق طهران إذا كانت هناك حاجة لذلك. بيد أن الرد الإيراني لم يتأخر وجاء على لسان المرشد الأعلى علي خامنئي الذي، رغم ترحيبه بموقف الأوروبيين، إلا أنه نبههم لـ«عدم الانغماس في شؤون إيران الدفاعية»، في إشارة إلى برنامجها الصاروخي. ووجه خامنئي كلامه للأوروبيين قائلاً: «لن نقبل أن ينضم الأوروبيون إلى مناورات الأميركيين الهادفة لإخافتنا». بيد أن مصادر رسمية فرنسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن طهران ترفض حقيقة مناقشة المسائل التي يثيرها الأميركيون والأوروبيون في إطار خمسة زائد واحد «حتى لا يقام رابط بينها وبين الاتفاق النووي» لكنها بالمقابل تقبل الخوض في ذلك «في إطار ثنائي».
هكذا تتداخل المواقف في لعبة شد حبال سياسية ودبلوماسية وربما تتحول غداً، كما تنبه إلى ذلك وزيرة الدفاع الفرنسية، إلى مواجهة عسكرية. ويعتبر ماكرون الذي بنى علاقة خاصة مع ترمب أنه «الأقدر» أوروبياً على لعب دور إذ أنه قادر على التحادث مع الرئيس الأميركي «بصراحة» كما أنه يتحاور دورياً مع روحاني. لكن حتى الآن، تبين أن العلاقة الخاصة مع ترمب لم تعط شيئا، إذ أن الأخير انسحب من اتفاق المناخ الموقع في باريس نهاية العام 2015 كما أنه لم يستمع لنصائح ماكرون بعدم التخلي عن الاتفاق النووي. ولذا، فإن آمال باريس معلقة اليوم على الكونغرس الذي ينتظر منه الفرنسيون أن يأخذ موقفاً قريباً من الموقف الأوروبي من الأزمة مع إيران.



واشنطن وسيول يؤكدان استمرار تحالفهما «القوي»

هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)
هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)
TT

واشنطن وسيول يؤكدان استمرار تحالفهما «القوي»

هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)
هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)

أجرى هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي جو بايدن، حسبما أفاد به مكتبه، في بيان، اليوم (الأحد).

ونقل البيان عن هان قوله: «ستنفذ كوريا الجنوبية سياساتها الخارجية والأمنية دون انقطاع، وستسعى جاهدة لضمان الحفاظ على التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وتطويره على نحو مطرد».

وأضاف البيان أن بايدن أبلغ هان بأن التحالف القوي بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لا يزال كما هو، وأن الولايات المتحدة ستعمل مع كوريا الجنوبية لمواصلة تطوير وتعزيز التحالف بين الجانبين، بالإضافة إلى التعاون الثلاثي بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة.

من جهته، قال بايدن لرئيس وزراء كوريا الجنوبية، إن التحالف بين سيول وواشنطن «سيبقى ركيزة السلام والازدهار» في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وأعرب الرئيس الأميركي، حسبما ذكر البيت الأبيض في بيان، عن «تقديره لصمود الديمقراطية وسيادة القانون في جمهورية كوريا».

وخلال هذا التبادل الأول بين بايدن وهان، منذ تولي الأخير مهام منصبه، خلفاً للرئيس يون سوك يول، أصبح هان، وهو تكنوقراطي مخضرم اختاره يون رئيساً للوزراء، قائماً بأعمال الرئيس، وفقاً للدستور، بينما تُحال قضية يون إلى المحكمة الدستورية.

وأصبح هان، رئيس الوزراء، قائماً بأعمال الرئيس، بعد موافقة البرلمان في تصويت ثانٍ على مساءلة الرئيس يون سوك يول، بهدف عزله، بسبب محاولته قصيرة الأمد فرض الأحكام العرفية. وتم منع يون من ممارسة سلطاته الرئاسية، ويتطلب الدستور أن يتولى رئيس الوزراء مهام الرئيس بصفة مؤقتة.

وفي مسعى آخر لتحقيق الاستقرار في قيادة البلاد، أعلن حزب المعارضة الرئيسي أنه لن يسعى إلى مساءلة هان، على خلفية صلته بقرار يون إعلان الأحكام العرفية، في الثالث من ديسمبر (كانون الأول). وقال لي جيه ميونغ، زعيم الحزب الديمقراطي المعارض: «نظراً لأن رئيس الوزراء تم تكليفه بالفعل بمهام القائم بأعمال الرئيس، ونظراً لأن الإفراط في إجراءات المساءلة قد يؤدي إلى فوضى في الحكم الوطني، قرَّرنا عدم المضي قدماً في المساءلة».

التهديد الكوري الشمالي

أثار إعلان يون المفاجئ للأحكام العرفية والأزمة السياسية التي أعقبت ذلك قلق الأسواق وشركاء كوريا الجنوبية الدبلوماسيين إزاء قدرة البلاد على ردع جارتها الشمالية المسلحة نووياً. وعقد هان اجتماعاً لمجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي، بعد وقت قصير من التصويت على مساءلة يون، أمس (السبت)، وتعهَّد بالحفاظ على الجاهزية العسكرية لمنع أي خرق للأمن القومي. وقال فيليب تيرنر، سفير نيوزيلندا السابق لدى كوريا الجنوبية، إن شركاء سيول يريدون رؤية قيادة مؤقتة يمكن الوثوق بها وتلتزم بالدستور في أقرب وقت ممكن.

لكنه قال إنه حتى مع وجود قائم بأعمال الرئيس، فسيواجه الشركاء الدوليون شهوراً من الغموض لحين انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة.

ولدى المحكمة الدستورية ما يصل إلى 6 أشهر لتقرر ما إذا كانت ستعزل يون أو تعيده إلى منصبه. وإذا تم عزله أو استقال، فسيتم إجراء انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً بعد ذلك.

التداعيات الاقتصادية

وارتفعت الأسهم الكورية الجنوبية للجلسة الرابعة على التوالي، يوم الجمعة، على أمل أن تتحسَّن حالة الغموض السياسي بعد التصويت على المساءلة في البرلمان، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. وقال زعيم الحزب الديمقراطي إن القضية الأكثر إلحاحاً هي الركود في الاستهلاك الناجم عن الطلب المحلي غير الكافي، وتقليص الحكومة لدورها المالي. ودعا إلى إنشاء مجلس استقرار وطني للحكم يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة التمويل والاقتصاد وسبل العيش العامة. وكانت أزمة على خلفية مشكلات حول الميزانية واحدة من الأسباب التي ذكرها يون عند محاولة فرض الأحكام العرفية.