الصين تتطلع لمزيد من الانفتاح الاقتصادي مع الحفاظ على قطاع عام قوي

إقصاء 150 مسؤولاً كبيراً بسبب الفساد

TT

الصين تتطلع لمزيد من الانفتاح الاقتصادي مع الحفاظ على قطاع عام قوي

لم ينكر الرئيس الصيني تشي جينبينغ، في خطابه، أمس، أمام الاجتماع التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، أن بلاده أمامها تحديات اقتصادية كبيرة، لكن في الوقت ذاته عدّ أن الوقت حان لكي تصبح الصين قوة عظمى في قلب الاقتصاد العالمي.
ويعكس خطاب جينبينغ أمام الحزب الحاكم في البلاد إحساسه بأن الصين مقبلة على «حقبة جديدة»، حيث رصدت وكالة «رويترز» أن هذا التعبير تكرر لنحو 36 مرة في خطابه الذي تجاوز 3 ساعات.
وينتظر الاقتصاد العالمي من الصين مزيدا من الانفتاح الاقتصادي، استجابة لتعهدات الحزب الشيوعي في 2013 بأن يلعب اقتصاد السوق دورا أساسيا في البلاد.
وقد انطوى خطاب جينبينغ على أنباء في صالح الاقتصاد الحر؛ إذ تعهد بأن يجعل البنوك وسعر الصرف أكثر ارتباطا باقتصاد السوق، وأن يقلص من الصناعات الضخمة المملوكة للدولة في مجالات الفحم والصلب... هذا بجانب تقديم تيسيرات للاستثمار الأجنبي، والتوسع في إتاحة دخول القطاع الخدمي. ولكنه في الوقت ذاته أكد على أن الصين «يجب أن تنمي من القطاع العام».
وبحسب تقديرات نشرتها صحيفة الـ«غارديان» البريطانية في عام 2012، فإن عدد الشركات المملوكة للدولة في الصين يبلغ نحو 150 ألف شركة، إلا أن البلاد قلصت بشكل متدرج من مساهمتها في الناتج الإجمالي على مدار العقود الماضية، لتصل إلى 18 في المائة، مقابل 80 في المائة عام 1978.
وتمثل الصناعات الثقيلة في الصين التي نمت بمساعدة الدولة، منافسا مزعجا للبلدان الغربية، حيث تقول صحيفة «فايننشيال تايمز» في تقريرها عن خطاب الرئيس الصيني إن تدفق الصادرات الصينية منخفضة التكلفة يضغط على الأسعار العالمية للصلب والألمنيوم وعلى سلع أخرى، مما يهدد توفير فرص العمل.
لكن جينبينغ يستمد قوته السياسية من نجاحه الاقتصادي، وهو ما قد يجعله أكثر تمسكا بالسياسات التي يرى أنها تضع بلاده على طريق القوى العظمى.
وتقول: «فايننشيال تايمز» في هذا السياق إنه بعد أزمة سوق المال في نهاية 2015 وبداية 2016 التي مثلت نقطة ضعف في موقف جينبينغ خلال فترته الرئاسية الأولى، «ارتفعت ثقة الحزب مع استقرار النمو الاقتصادي».
والتفتت مجلة «تايم» إلى ثقة الرئيس الصيني في مستقبل اقتصاد بلاده على المدى الطويل، حيث عدّتها تصريحات مخالفة لما هو معتاد من القيادات الصينية التي تحذر منذ 2008 من الضغوط الاقتصادية على البلاد بسبب ضعف الطلب العالمي الذي يؤثر على قدرات البلاد التصديرية.
وقال جينبينغ في خطابه إن الناتج الصيني ارتفع خلال فترة حكمه بما يساوي 8.2 تريليون دولار، إلى 12 تريليون دولار، ليمثل نحو ثلث النمو العالمي.
ويستند الرئيس الصيني أيضا على نجاحه النسبي على الصعيد الاجتماعي، حيث قال خلال الخطاب إن بلاده وفرت الاحتياجات الأساسية لأكثر من مليار مواطن، مضيفا أن الاقتصاد يقدر على توفير 13 مليون وظيفة في الحضر في المتوسط كل عام، وأن أكثر من 60 مليون مواطن تم انتشالهم من الفقر.
خطاب جينبينغ عن التحولات المقبلة في الصين استدعى توصيفات لنموذجه القيادي، من قبيل ما قالته «رويترز» عن أن كثيرين يرونه بمثابة «ثاني أقوى زعيم منذ ماوتسي تونغ».
وقال محلل صيني للـ«غارديان» إن الحزب الشيوعي يدشن ثالث أهم حقبة سياسية بعد حقبة ماو الثورية، وحقبة دينغ زياو بينغ الذي بدأ عملية الانفتاح الاقتصادي في البلاد.
ومن أبرز ما يعكس قوة الرئيس الصيني، قدرته على مكافحة الفساد داخل الدولة، حيث أشار جينبينغ في خطابه إلى أنه تم إنهاء عمل أكثر من 150 مسؤولا كبيرا؛ منهم 18 عضوا في اللجنة المركزية بالحزب، بما يمثل 9 في المائة من أعضاء هذه اللجنة.



تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
TT

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة، بمقدار يبلغ نحو ربع المبلغ الحالي، وذلك نتيجة للتأثيرات المترتبة على السياسات التي توعد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وفقاً لما أشار إليه «معهد التمويل الدولي» يوم الأربعاء.

وأوضح «المعهد» أن التهديدات بفرض التعريفات الجمركية، وقوة الدولار الأميركي، والتباطؤ في خفض أسعار الفائدة من قبل «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي، بدأت بالفعل تؤثر على خطط المستثمرين في الأسواق العالمية، وفق «رويترز».

وفي تقريره نصف السنوي، قال «معهد التمويل الدولي»: «لقد أصبحت البيئة المحيطة بتدفقات رأس المال أكثر تحدياً، مما أدى إلى تراجع شهية المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر العالية».

وأشار التقرير إلى أن هذا التحول يؤثر بشكل أكبر على الصين، بينما من المتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة خارج الصين تدفقاً «قوياً» للاستثمارات في السندات والأسهم، مدعوماً بشكل خاص من الاقتصادات الغنية بالموارد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وقد شهدت الصين في عام 2024 بالفعل أول تدفق خارجي للاستثمار المباشر الأجنبي منذ عقود، ومن المتوقع أن تتحول التدفقات الإجمالية للأموال إلى أكبر اقتصاد في العالم إلى سلبية، حيث يُتوقع أن يصل حجم الخروج إلى 25 مليار دولار في عام 2025.

وأكد «المعهد» أن هذا التباين يُبرز مرونة الأسواق الناشئة غير الصينية، التي تُدعم بتحسن المشاعر تجاه المخاطر، وتحولات هيكلية مثل تنويع سلاسل الإمداد، والطلب القوي على الديون بالعملات المحلية.

وتوقع «معهد التمويل الدولي» أن يتباطأ النمو العالمي إلى 2.7 في المائة عام 2025، مقارنة بـ2.9 في المائة هذا العام، في حين يُتوقع أن تنمو الأسواق الناشئة بنسبة 3.8 في المائة.

ومع ذلك، فإن التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة من المتوقع أن تنخفض إلى 716 مليار دولار في عام 2025، من 944 مليار دولار هذا العام، ويرجع ذلك أساساً إلى الانخفاض الحاد في التدفقات إلى الصين.

وحذر «المعهد» بأن السيناريو الأساسي في تقريره يفترض تنفيذ التعريفات الجمركية بشكل انتقائي فقط. ومع ذلك، فإذا نُفذت التهديدات بفرض تعريفة بنسبة 60 في المائة على الصين و10 في المائة على بقية العالم، فإن الوضع سيتدهور بشكل كبير.

وأضاف «المعهد»: «تنفيذ التعريفات بشكل أسرع وأقوى من قبل الولايات المتحدة قد يفاقم المخاطر السلبية، مما يعزز الاضطرابات في التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، ويضع مزيداً من الضغط على تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة».