بعد باريس... افتتاح «متحف إيف سان لوران» في مراكش

دشنته الأميرة للا سلمى وتوقعات باستقطاب ربع مليون زائر خلال العام الأول

يدين إيف سان لوران بألوان أزيائه وأشكالها بالشيء الكثير لمراكش (تصوير: مولاي عبد الله العلوي)
يدين إيف سان لوران بألوان أزيائه وأشكالها بالشيء الكثير لمراكش (تصوير: مولاي عبد الله العلوي)
TT

بعد باريس... افتتاح «متحف إيف سان لوران» في مراكش

يدين إيف سان لوران بألوان أزيائه وأشكالها بالشيء الكثير لمراكش (تصوير: مولاي عبد الله العلوي)
يدين إيف سان لوران بألوان أزيائه وأشكالها بالشيء الكثير لمراكش (تصوير: مولاي عبد الله العلوي)

ترأست الأميرة للا سلمى السبت في مراكش، حفل تدشين متحف «إيف سان لوران مراكش»، الذي جاء تتويجاً لعلاقة العشق التي ربطها المصمّم العالمي إيف سان لوران (1936 _ 2008) مع المدينة المغربية الحمراء.
وعرف حفل الافتتاح الرسمي للمتحف حضور عدد من المسؤولين المغاربة والفرنسيين، تقدمهم محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال، وجون فرنسوا جيرو سفير باريس في الرباط، فضلاً عن عدد من المسؤولين بمؤسسة «بيير بيرجي - إيف سان لوران».
وجالت الأميرة للا سلمى في المتحف واطّلعت على المعرض المؤقت (جاك ماجوريل والمغرب)، وقاعة العرض الدائم (إيف سان لوران)، ومكتبة ورواق للصور؛ كما زارت المكتبة الخاصة للراحل بيير بيرجي.
وبافتتاح «متحف إيف سان لوران مراكش» الذي يأتي أياماً بعد افتتاح «متحف إيف سان لوران باريس»، تتعزز البنية الثقافية بالمدينة المغربية في متحف متميز وفريد من نوعه، ينتظر أن يغني وجهة مراكش المعروفة بعدد من المؤهلات المادية واللامادية، التي صنعت شهرتها عبر العالم، بينها «حديقة ماجويل»، فضلاً عن «المتحف الأمازيغي» الذي يوجد بداخلها، وذلك على بعد أمتار من البناية التي تضم المتحف الجديد، الذي تكلف بتصميمه مكتب هندسة فرنسي، ويمتد على مساحة إجمالية تناهز 4 آلاف متر مربع، ينتظر منه ألا يكون مجرد متحف عادي، حيث يضم فضاء دائماً لعرض أعمال المصمم الشهير على مساحة 400 متر مربع، ومعرضاً مؤقتاً على مساحة 150 متراً مربعاً، وصالة للعرض تتسع لـ130 مقعداً، ومتجراً للكتب، ومقهى - مطعم، ومكتبة تضم نحو 5 آلاف إصدار تعنى بمجالات الأدب والشعر والتاريخ والجغرافيا العربية الأندلسية والثقافة الأمازيغية وأعمال إيف سان لوران المرتبطة بالموضة. كما يضم هذا المتحف، الذي يتوقع أن يستقطب، في سنة الأولى، نحو ربع مليون زائر، والذي يشكل فضاءً مواتياً للمولعين بالموضة والفن ولجمهور يطمح إلى اكتشاف أعمال إيف سان لوران، جزءاً من مجموعة مؤسسة «بيير بيرجي إيف سان لوران» تشتمل على ملابس وإكسسوارات رفيعة وتصاميم.
واختصر بيير بيرجيه الذي توفي في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، علاقة رفيقه، المصمم الفرنسي الشهير بالمغرب، حيث قال: «عندما اكتشف إيف سان لوران مراكش سنة 1966، كان لذلك وقع الصدمة على نفسه، حيث قرر على الفور أن يشتري بها منزلاً يعود إليه بشكل منتظم. لذلك، كان طبيعياً، بعد نحو نصف قرن، أن يتم بناء متحف في المغرب، مخصص لأعماله، هو الذي، حتى في ألوان وأشكال أزيائه، يدين بالشيء الكثير لهذا البلد». وتزينت مراكش، أياماً قبل الافتتاح الرسمي لـ«متحف إيف سان لوران مراكش» الذي تواصلت أشغال بنائه على مدى ثلاث سنوات، بملصقات ولوحات إعلانية تقدم للحدث، كما سطر برنامج غني مرافق، تضمن، على الخصوص، عرض شريطين بساحة جامع الفنا، عن عرضين للمصمم الرّاحل، الأول بمناسبة كأس العالم 1998 بفرنسا، والثاني لعرض أزياء بمركز بومبيدو في 2002. ويقرأ زائر المدينة الحمراء، هذه الأيام، على اللوحات والملصقات المنتشرة عبر أرجاء المدينة، كلاماً لإيف سان لوران، أحد أكبر مصممي الأزياء في القرن العشرين، جاء فيه: «في المغرب، فهمت أن ألواني الخاصة تتمثل في الزليج والزخرفة على الخشب، وفي الجلباب والقفطان».
وانبهر إيف سان لوران بمراكش، في منتصف الستينات من القرن الماضي، فصار يقيم بها بشكل منتظم، حتى أنّها تحولت إلى مصدر إلهام لكثير من أعماله، لذلك سيقتني مع بيير بيرجي، في ثمانينات القرن الماضي، حديقة ماجوريل، حيث جعلاً منها مرجعاً ووجهة سياحية مفضلة لما يناهز 700 ألف زائر سنوياً. بعد ذلك، سيشكل افتتاح «المتحف الأمازيغي»، في قلب «حديقة ماجوريل»، في 2011، حدثاً ثقافياً مهماً، اعتبر، برأي كثيرين، الأول من نوعه في المغرب، الذي صمم لكي يكون فضاء للاحتفاء بالثقافة وفن العيش والتقاليد الأمازيغية بعدد من جهات المغرب، حيث يضم نحو 600 تحفة حول الثقافة الأمازيغية.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».