البنك الدولي: تفاؤل حذر في اجتماعات الخريف بمستقبل النمو العالمي

دعوات لاستئناف مفاوضات «نافتا»

جانب من اجتماعات صندوق النقد الدولي بالعاصمة الأميركية واشنطن (إ.ب.أ)
جانب من اجتماعات صندوق النقد الدولي بالعاصمة الأميركية واشنطن (إ.ب.أ)
TT

البنك الدولي: تفاؤل حذر في اجتماعات الخريف بمستقبل النمو العالمي

جانب من اجتماعات صندوق النقد الدولي بالعاصمة الأميركية واشنطن (إ.ب.أ)
جانب من اجتماعات صندوق النقد الدولي بالعاصمة الأميركية واشنطن (إ.ب.أ)

بدأ صندوق النقد والبنك الدوليان، مساء الخميس بتوقيت غرينيتش، اجتماعات الخريف التي تدور هذا العام حول التوقعات المتفائلة بانتعاش الاقتصاد العالمي والمخاوف من المخاطر التي تهدد هذا الانتعاش.
وقال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم في مؤتمر صحافي: «بعد سنوات من النمو المخيب للآمال، بدأ الاقتصاد العالمي يتسارع».
لكنه عبر في الوقت نفسه عن قلقه من «مخاطر حمائية متزايدة وشكوك سياسية أو تقلبات كبيرة ممكنة في أسواق المال يمكن أن تؤثر على الانتعاش الهش».
وتتزامن هذه الاجتماعات مع استئناف المحادثات حول إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التبادل الحر لأميركا الشمالية (نافتا) في أرلينغتون بالقرب من واشنطن في أجواء من التوتر الشديد بين الدول الموقعة؛ أي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وبعدما أكد أنه يريد «حماية» العمال الأميركيين، كرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديداته بالانسحاب من اتفاقية التي يعدها مدمرة للوظائف ومسؤولة عن العجز التجاري الهائل مع المكسيك (أكثر من 64 مليار دولار).
وكشف صندوق النقد الدولي عن تقديرات أكثر تفاؤلا حول النمو العالمي، فبعد ارتفاع نسبته 3.2 في المائة في 2016، يفترض أن يسجل إجمالي الناتج العالمي تحسنا نسبته 3.6 في المائة هذه السنة، و3.7 في المائة العام المقبل، وهو ما يمثل تحسنا طفيفا عن تقديرات النمو السابقة التي صدرت في يوليو (تموز) الماضي.
وقالت المديرة العامة للصندوق كريستين لاغارد في مؤتمر صحافي، أمس الخميس: «حان وقت اتخاذ القرارات السياسية التي ستسمح لمزيد من الناس ومن الدول بالاستفادة من هذا الانتعاش».
ونقلت لاغارد عبارة استخدمها الرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي، بدعوتها إلى «إصلاح السقف» بينما الاقتصاد في وضع أفضل لتقليص التفاوت بين الناس.
وقالت إن «كثيرين يرون أن تطلعاتهم باتت محدودة بتأثير التغيرات التكنولوجية والانعكاسات المفرطة للتفاوت في الدخول»، مشيرة إلى أن ذلك يؤدي إلى زيادة التشكيك في فوائد العولمة.
وردا على سؤال عن التأثير المحتمل لإعادة التفاوض حول اتفاقية التبادل الحر لأميركا الشمالية، شددت لاغارد على ضرورة إعادة التفاوض حول معاهدة يبلغ عمرها نحو ربع قرن، وقعت قبل استخدام الهواتف الجوالة، وقالت إن «الاتفاقيات التجارية يجب أن تأخذ في الاعتبار التغييرات لتتكيف وتستمر في تسهيل التجارة وتوسيعها».
ومن دون أن تذكر الولايات المتحدة، دعت لاغارد الدول إلى عدم الاستسلام لإغراء الحمائية والانطوائية.
من جهته، ذكر وزير المال الكندي ويليام مورنو بأن كندا والولايات المتحدة لديهما علاقات تجارية منذ فترة طويلة. وقال إن «9 ملايين وظيفة أميركية تعتمد على (نافتا)».
ورأى عدد من الخبراء الاقتصاديين أنه على الرغم من انتقادات إدارة ترمب، فإن الدول الثلاث استفادت من اتفاقية التبادل الحر. وهم يرون أن انسحابا لواشنطن من المعاهدة ستكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الأميركي.
أما مورنو، فقد قلل من أهمية تصريحات الرئيس الأميركي، مؤكدا أن هذه المفاوضات يمكن أن تفشل، وقال إن التهديدات أمر عادي في مثل هذه المشاورات.
من جهته، أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أن «الاتفاقيات التجارية يجب أن تستند إلى قواعد عادلة».
وإلى جانب النزعة الحمائية، يشعر صندوق النقد الدولي بالقلق من المديونية المتزايدة للدول الناشئة وبعض البلدان الأعضاء في مجموعة العشرين، التي يمكن أن تؤثر على الانتعاش.
وحذر توبايس أدريان، المسؤول في الصندوق، من أن تأثير فوائد الدين التي ارتفعت في عدد من الاقتصادات الكبرى، يمثل «أحد أكبر المخاطر إذا زادت فوائد الديون بشكل كبير».
وحتى قبل أن يبدأ اجتماعه السنوي، دعا الصندوق دول مجموعة العشرين إلى تسوية حالات الخلل الخارجية والداخلية على حد سواء؛ أي المبادلات التجارية والمديونية، لتجنب الانقسام أو تعريض النمو الذي استؤنف للخطر.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»