وجوه الفقراء وملامح كبار السن تختزلها ريشة الفنان السعودي عوض زارب

خلال مشاركته في مسابقة «رؤية» التي رعاها أمير منطقة عسير لتكريم المتميزين

وجوه الفقراء وملامح كبار السن تختزلها ريشة الفنان السعودي عوض زارب
TT

وجوه الفقراء وملامح كبار السن تختزلها ريشة الفنان السعودي عوض زارب

وجوه الفقراء وملامح كبار السن تختزلها ريشة الفنان السعودي عوض زارب

اتخذ الفنان التشكيلي السعودي عوض زارب من رسم أوجاع الفقراء وهموم المتعبين وتعابير وجوه كبار السن طريقا فنيا لإبراز موهبته، التي امتدت معه منذ الطفولة. سانده في ذلك عمله بمركز الطوارئ الطبي بعسير، ليتيح له فرصة لالتقاط اللحظات التي تجمع شتات ألوان ريشته من خلال تعابير وجوه المراجعين من المرضى والزائرين.
اختزل حكاية وجوه الناس وتعابيرها، ومزج بريشته ألوان جمال مناظر جبال المنطقة الجنوبية من المملكة، وطبيعتها الأقرب للطبيعة البكر، لتأطير مضمون لوحاته الفنية بمزيج من تراث المنطقة وحضارة إنسانها.
وأوضح زارب أن ممارسة الرسم تنبع من إشباع حاجته نحو الفن التشكيلي، موضحا أن رسوماته تختزل الشخوص والوجه بتعابيرها، لافتا إلى أن إقامته بمنطقة عسير «جنوب السعودية»، جعلت للمناظر الطبيعية انعكاسها على خطوط رسوماته.
وأدهش عوض زارب الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير والحضور معه، عندما رسم لوحة فنية متكاملة في أقل من 25 دقيقة، خلال مشاركته في مسابقة «رؤية»، التي رعاها أمير المنطقة لتكريم المتميزين من أبناء المنطقة.
ويحكي زارب عن علاقته بالألوان وريشة الرسم، قائلا: «إنني أهوى الرسم منذ طفولتي، وأفضل الرسم بالرصاص والفحم، بالإضافة إلى استخدام الألوان الزيتية والأكريلك»، مشيرا إلى أن طبيعة عسير استهوته لرسم جماليات المنطقة، وما فيها من مناظر خلابة.
ولمح زارب إلى أنه يعبر بالألوان والرصاص والفحم والريشة عن تطلعات أبناء منطقة عسير لجماليات المنطقة وما حباها الله تعالى من جمال الطبيعة، معتبرا أن لوحته تعكس كذلك تطلعات أبناء المنطقة ونظرتهم لأرضهم، لافتا إلى أن تلمس أوجاع الفقراء وما خطته السنون على ملامح كبار السن من الأمور التي تستهوي ريشته لرسمها.
وأضاف زارب: «كل لوحة تعبر عن أمنيات ومشاعر ومتاعب الصغار والشباب والكبار في البيئة التي أعيش فيها»، مشيرا إلى مشاركته في الكثير من المعارض المحلية، وأنه يطمح للمشاركات الخارجية.
ورسم الفنان السعودي عوض زارب ما يزيد على 100 لوحة فنية، عكست جمال منطقة عسير بجبالها ووجوه أهلها.
وكشف عن تطلعه لنقل صورة عن مدينته أبها للعالم عبر رسوماته، متطلعا إلى رغبته في المساهمة في عمل فني يتمثل في رسم جداريات تعبر عن تراث المنطقة وإرثها الحضاري والثقافي الخصب، لافتا إلى حاجة المنطقة لعمل فني يوثق التراث الإنساني لإنسان المنطقة الجنوبية من السعودية، لتغدو المنطقة بجمالها الطبيعي متزينة برسومات وأعمال فنية في مواقعها الأكثر جذبا للسياحة.
وأثنى زارب على جهود جمعية الثقافة والفنون بمنطقة عسير، على ما تقدمه للفنانين التشكيليين الشباب من اهتمام ورعاية ودعم، معتبرا أن المنطقة تزخر بالمواهب الشابة الواعدة في مجال الفن التشكيلي، لافتا إلى تمنيات أبناء المنطقة بعقد ورش عمل متخصصة في الفنون التشكيلية لتنمية مواهب أولئك الشباب، والعمل على عقد لقاءات مع كبار الفنانين السعوديين من خلالها.
ويصف زارب حلمه بالقول: «أحلم بأن أرى الفن جزءا من حياة الناس في الشارع، في المتنزهات، في الأسواق، وفي غيرها من الأماكن العامة»، مؤكدا سعيه لتحقيق ذلك الحلم في يوم ما.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».