موسكو تستعد لإعمار سوريا وتتهم واشنطن بالتساهل مع «داعش»

تحطم طائرة روسية في حميميم قرب اللاذقية

TT

موسكو تستعد لإعمار سوريا وتتهم واشنطن بالتساهل مع «داعش»

ارتفعت حصيلة الخسائر الروسية في سوريا إثر تحطم مقاتلة خلال الإقلاع في مطار حميميم غرب سوريا، ومقتل أفراد طاقمها المؤلف من شخصين، في وقت بدأت موسكو تستعد للمساهمة في إعمار سوريا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان رسمي أمس: إن «مقاتلة من طراز سو - 24 انزلقت خلال محاولة الإقلاع يوم أمس عن مدرج المطار، وتحطمت. ولم يتمكن أفراد طاقهما الاثنان من القفز بالمظلة ولقيا حتفهما في الحادثة». وأكدت أن تحطم المقاتلة لم يتسبب بأي أضرار أخرى على الأرض، وأضافت إن «التقارير تشير إلى أن عطل تقني ربما يكون سبب الحادثة».
وهذه رابع مقاتلة تفقدها روسيا منذ تدخلها العسكري في سوريا في سبتمبر (أيلول) عام 2015، وخسرت أولى طائراتها في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، حين أسقطت مقاتلة تركية قاذفة روسية من طراز «سو - 24 إم» في الأجواء فوق الحدود السورية – التركية، وتمكن حينها الطياران من القفز بالمظلة، إلا أن أحدهما قتل بنيران من الأرض. وفي 13 نوفمبر 2016 سقطت مقاتلة «ميغ - 29 كا» من على مدرج حاملة الطائرات «الأميرال كوزنيتسوف»، ومن ثم سقطت في 5 ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته مقاتلة من طراز «سو - 33» أثناء الهبوط على مدرج حاملة الطائرات ذاتها. كما فقدت القوات الروسية أربع مروحيات، اثنتان من طراز «مي - 8» وواحدة من طراز «مي - 28 إن» المعروفة أيضاً باسم «الصياد الليلي»، وواحدة من طراز «مي - 35 إم». وبعد مقتل الطيارين في حادثة أمس (الثلاثاء) يرتفع عدد الخسائر البشرية الروسية في سوريا حتى 41 قتيلا، حسب صحيفة «كوميرسانت» الروسية.
ويوم أمس أيضاً اتهمت وزارة الدفاع الروسية قوات التحالف الدولي بالتساهل مع «داعش» الذي تصله تعزيزات من العراق إلى الميادين في محافظة دير الزور. وأصبحت الاتهامات الروسية للولايات المتحدة والتحالف الدولي بالتواطؤ مع «داعش» ظاهرة يومية وأشبه بجبهة سياسية لا تقل ضراوة عن حدة المعارك العسكرية على الأرض.
وكان إيغر كوناشينكوف، الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، أكد أمس، أن العمليات العسكرية مستمرة للقضاء على بؤر إرهابية كبيرة في الميادين، واتهم قوات التحالف الدولي بتخفيف كثافة وتقليل عدد ضرباتها الجوية ضد التنظيم في العراق «منذ إطلاق القوات الحكومية العملية العسكرية لتحرير دير الزور بدعم من القوات الجوية الروسية»، ولمح إلى أن هذا الأمر يشكل تسهيلات أميركية للإرهابيين، حين قال: إن «تراجع كثافة الضربات ضد التنظيم في العراق تزامن في توقيته مع إرسال التنظيم تعزيزات ضخمة من المناطق الحدودية في العراق، إلى دير الزور»، وأكد أن تلك التعزيزات تحاول الآن تثبيت مواقعها شرقي نهر الفرات. وقال: «إن استمرار وصول تعزيزات من العراق إلى الإرهابيين في سوريا يفرض تساؤلات جدية حول الأهداف الحقيقية لعملية التصدي للإرهاب التي تنفذها القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي». وانتقد كوناشينكوف في الوقت ذاته العملية العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة لاستعادة السيطرة على مدينة الرقة، وقال: إن «عملية تحرير الأجزاء المتبقية من الرقة مجمدة منذ أشهر عدة»، واعتبر أن الوضع ربما أسوأ من ذلك، ولفت إلى ما قال: إنه «نجاح الإرهابيين في استعادة السيطرة على أحياء من المدينة انسحبوا منها في وقت سابق».
في شأن آخر، انطلقت في مدينة سوتشي على البحر الأسود أمس اجتماعات اللجنة الحكومية الروسية - السورية المشتركة للتعاون التجاري - الاقتصادي والتقني –العملي. ورأس وزير الخارجية وليد المعلم وفد دمشق إلى المحادثات. وقال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين: إن الرئيس بوتين لن يلتقي المعلم، ولفت إلى أن دميتري روغوزين نائب رئيس الحكومة الروسية هو من سيقوم بتلك المهمة.
وبحث المجتمعون مسائل التعاون الثنائي مع تركيز على إعادة الإعمار، وقال روغوزين خلال الاجتماع: «سيحل قريبا الوقت الذي يجب العمل فيه على إعادة تأهيل الاقتصاد السوري»، وعبّر عن أمله بمشاركة روسية واسعة في هذه العملية، وأعاد إلى الأذهان «الامتيازات والتسهيلات» التي وعد النظام السوري بتقديمها للشركات الروسية، وفال: «نتحدث الآن حول عقود محددة، وكل المسائل المتصلة بالامتيازات ستكون تحديداً في تلك العقود». ووصف محادثاته مع وزير خارجية النظام بأنها شاملة وتفصيلية. وأكد، أن المعلم «تناول كل القضايا الرئيسية التي تتوقف عليها الحياة في سوريا في مرحلة ما بعد الحرب».


مقالات ذات صلة

قائد «قسد» يناقش الوضع السوري والعمليات ضد «داعش» مع قائد القيادة المركزية الأميركية

المشرق العربي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي (رويترز)

قائد «قسد» يناقش الوضع السوري والعمليات ضد «داعش» مع قائد القيادة المركزية الأميركية

قال القائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، الجمعة، إنه عقد اجتماعاً مهماً مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا لتقييم الوضع في سوريا والعمليات ضد «داعش».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عبدي لتوحيد الصف الكردي قبل الحوار مع الإدارة السورية

عبدي لتوحيد الصف الكردي قبل الحوار مع الإدارة السورية

عقد مظلوم عبدي، قائد «قسد»، اجتماعاً مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني في أربيل، هو الأول من نوعه فرضته التطورات المتسارعة بسوريا.

كمال شيخو (دمشق)
أفريقيا حاكم ولاية بورنو حذر المزارعين من التعامل مع الإرهابيين (صحافة محلية)

«داعش» يحاصر 500 مزارع في نيجيريا

قالت نيجيريا إن الحرب التي يخوضها جيشها ضد مقاتلي «داعش» وجماعة «بوكو حرام»، أسفرت خلال هذا الأسبوع عن مقتل 76 مسلحاً.

الشيخ محمد (نواكشوط )
خاص معتقلون من تنظيم «داعش» في سجن الغويران بالحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

خاص «قسد» ترفض تسليم معتقلي «داعش» لدمشق بلا ضمانات أمنية

نفى قيادي من قوات «قسد» التي تسيطر على مساحات واسعة شمال شرقي سوريا، وجود اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة على تسليمها معتقلي تنظيم «داعش».

كمال شيخو (دمشق) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي امرأة تحمل طفلها تمر من أحد الأنفاق في دمشق ويظهر خلفها بعض الباحثين عن مأوى (أ.ب)

الشيباني يؤكد العمل على دستور شامل لسوريا ويطالب بالضغط على إسرائيل

أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية أسعد الشيباني أنه سيتم خلال المرحلة الانتقالية وضع دستور على أساس الحوار الوطني يضمن حقوق جميع السوريين على قدم المساواة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.