رغم التحديات الكبيرة التي تواجه الإعلاميين السوريين في المنفى، إلا أنهم يواصلون الدفع باتجاه صناعة إعلام سوري متحرر من قيود سلطة النظام؛ إعلام يعنى بالسوريين وبقضاياهم الإنسانية والثقافية والسياسية، وينطق بلسانهم.
وضمن تلك المساعي، صدر مؤخراً العدد الأول من مجلة «أصوات» الشهرية عن منظمة «يمام» للتوعية وبناء القدرات. واختارت أسرة المجلة العناية بقضايا اللاجئين والنازحين السوريين في الداخل والخارج، لتكون المجلة السورية الأولى المتخصصة بهذا الشأن من حيث الاتساع الجغرافي لدائرة اهتمامها.
وفي العدد الأول منها كتب عدد من المثقفين والناشطين الحقوقيين والمفكرين السوريين المعروفين، حيث جاءت الافتتاحية بقلم الحقوقي والناشط السياسي في مجال حقوق الإنسان أكرم البني بعنوان «سوريا، أهل الجمر!»، كما أجرى أنيس محسن مقاربة حقوقيّة للجوء السوري إلى لبنان، فيما وضع حسين جمو ملاحظاته حول مشاكل النزوح في ريف حلب، أما الشاعر خلف علي خلف فكتب في «نقد الاستجابة الإقليميّة لمنظّمة الهجرة الدوليّة للأزمة السورية»، وجاءت دراسة الباحث السوري الدؤوب راتب شعبو حول «النزوح الساحلي المحلي». رأفت الغانم من جانبه طرح في مقالته سؤال «كيف نعود إلى مدينة الرقة»، أما ريمة علي فتناولت الآثار النفسية للنزوح، كما ضمن العدد الأول «الحكاية الأولى من القامشلي» بقلم شفان إبراهيم.
ويأتي تميز المجلة من أسماء الكتاب السوريين المساهمين فيها، إذ تعد بوسيلة أكثر عمقاً واحترافية في مجالات مقالات الرأي والتحليل والنقد والدراسات، لكنها وكما بدا في العدد الأول تعاني من ضعف في احترافية التحقيق الميداني، وتخلط بين الأنواع الصحافية، وهذا مبرر في كون الكُتاب مثقفين وباحثين، وليسوا صحافيين مهنيين. ولعل هذه المشكلة تواجه معظم وسائل الإعلام السورية خلال السنوات الست الأخيرة.
ولا تعد مجلة «أصوات» الأولى من نوعها من حيث اهتمامها باللاجئين، لكنها الأولى من حيث الرصانة والجدية في تقديم مادتها الخاصة، ويشار إلى أن العديد من التجارب الصحافية قد سبقتها، منها مجلة «أبواب» الشهرية التي بدأت بالصدور في ألمانيا نهاية العام 2015 بمبادرة مجموعة من الكتاب والصحافيين السوريين والعرب هناك، إثر موجة اللجوء السوري إلى أوروبا. وكانت أول صحيفة عربية في ألمانيا تهتم بمساعدة اللاجئين على التأقلم، وبدء حياة جديدة، وتمكنت من تحقيق نجاح هام، إذ فاقت أرقام توزيعها الأربعين ألف نسخة.
ومن المجلات التي اهتمت باللاجئين أيضاً في دول جوار سوريا، مجلة «الطريق»، وبدأت بالصدور منذ ثلاث سنوات، في مخيم الزعتري بالأردن، بدعم من منظمة «طوارئ اليابان»، حيث تطورت فكرتها من كتيب مجاني إلى مجلة شهرية تُطبع بجودة عالية، ويحررها شباب من اللاجئين لتوزع داخل الزعتري. وشكلت المجلة فرصة لتدريب مجموعة كبيرة من الشباب والشابات على العمل الصحافي الاحترافي. وفيما تواصل «الطريق» صدورها بفضل توفر الدعم، تتعثر مجلة «نبض المخيم» التي أطلقها مجموعة من خمسة عشر شاباً سورياً في مخيم الأزرق للاجئين في الأردن، بسبب ضعف التمويل. ومن جانبها أصدرت منظمة «سوريات عبر الحدود» هذا العام مجلة «صوت سوريات» تهتم بالمرأة السورية وقضاياها الاجتماعية والاقتصادية في الداخل السوري ودول الشتات.
تجدر الإشارة إلى أن عشرات الوسائل الإعلامية السورية (صحف ومجلات ودوريات مطبوعة، وإذاعات (FM) وإنترنت، بالإضافة إلى قنوات تلفزيونية) ظهرت في بلاد اللجوء، خلال السنوات الست الأخيرة، معظمها تركز في دول الجوار، لا سيما تركيا والأردن، منها إذاعة «روزنة»، و«آرتا إف إم» و«راديو ألوان» و«وطن» و«سوريالي» و«ليوان» و«آرانيوز» و«راديو الكل» و«نسائم سوريا»، و«مترو سوريا» وإذاعة «صوت راية» التي توقفت بسبب وقف التمويل. ويبلغ عدد إذاعات المعارضة أكثر من ثلاثين إذاعة، أهمها كمؤسسات إعلامية، بمعنى التمويل، إذاعتا «راديو الآن»، وهي غير سورية مخصصة للشأن السوري، يليها «راديو أورينت».
ومن الصحف صحيفة «تمدن»، وبدأت بالصدور بعام 2014، وصحيفة «صدى الشام» و«كُلنا سوريون» و«سوريتنا» و«مجلة سيدة سوريا»، ومجلة «صور» التي صدرت خلال الأعوام الأولى من الثورة السورية، بالإضافة إلى وكالات إخبارية منها وكالة «سمارت» و«قاسيون» و«أنا بريس». ليتجاوز عدد المنصات الإعلامية السورية المعارضة 370 منصة عام 2014، توقف أغلبها لضعف التمويل، ولغياب رؤية إعلامية وسياسية واضحة للداعمين لتلك الوسائل، إضافة للضعف المهني، حيث توجهت معظم تلك الوسائل إلى نقل الأخبار، بالاعتماد على النسخ وإعادة تدوير المعلومات، دون تقديم معلومات أو تغطيات وأفكار خاصة.
«أصوات»... مجلة تخاطب قضايا اللاجئين والنازحين السوريين
مبادرات لإعلام حر رغم شح التمويل وغياب المهنية
«أصوات»... مجلة تخاطب قضايا اللاجئين والنازحين السوريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة