سماعات «غوغل» للترجمة الفورية قد لا تكون اختراعاً ناجعاً

اختلاف اللهجات والمصطلحات في اللغة الواحدة أكبر عائق

سماعة «غوغل» للترجمة الفورية
سماعة «غوغل» للترجمة الفورية
TT

سماعات «غوغل» للترجمة الفورية قد لا تكون اختراعاً ناجعاً

سماعة «غوغل» للترجمة الفورية
سماعة «غوغل» للترجمة الفورية

في ظل اختلاف اللهجات والمصطلحات في اللغة الواحدة، عدّت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، أن سماعات «غوغل» الجديدة التي تقوم بالترجمة الفورية، قد لا تكون اختراعاً ناجعاً.
قبل عدة أشهر، اخترعت شركة «غوغل» العملاقة سماعة أذن بإمكانها ترجمة لغة الحديث فوراً إلى أذن المستمع، وهي مقترنة باستخدام سماعات الرأس والبرمجيات المناسبة.
وبحسب الـ«غارديان»، فإن كثيرا من التقنيات الحديثة تهدف إلى جعل عملية التواصل بين البشر بمعزلٍ عن الكلام، وبالتالي فإنَّ الإثارة التي ولَّدها ابتكار «غوغل» الجديد المتمثِّل في سماعة أذن داخلية للترجمة، تبدو أمراً غريباً وشاذاً، بحسب الصحيفة البريطانية.
وضربت الصحيفة البريطانية بالمسلسل البريطاني الشهير «The Hitchhiker’s Guide to the Galaxy» أو «دليل المسافر إلى المجرة» للمؤلف دوغلاس آدمز، مثلاً لنجاح سماعة «غوغل»، وقالت إن اختراع «غوغل» الجديد لا يعدو أن يكون «سمكة بابل» جديدة، وهي كائن بحري خيالي من شخصيات المسلسل، ينقل الترجمة المتزامنة مع الحديث مباشرة إلى القناة السمعية للشخص المضيف لها.
وترى الـ«غارديان» أن «آدمز» بطل المسلسل الشهير كان يعرف ما يفعله. فعن طريق ابتكاره شخصية «سمكة بابل» الخيالية وجعلها ظاهرة تحدث بشكل طبيعي، كان «آدمز» يعترف ضمنياً باستحالة قدرة البشر على إنتاج شيء «مفيد على نحو لا يُتصوَّر»، وقادر ليس فقط على التعامل مع المفردات الخام للغة، بل أيضاً فهم الحمولة الثقافية المرافِقة لهذه المفردات.
وقالت الـ«غارديان» إنه لا يزال المترجمون في مدينة بروكسل يسلُّون الزائرين الجدد بسرد قصة الرجل المبتدئ، الذي تمكَّن من ترجمة جملة «En ces temps difficiles، il faut compter sur la sagesse normande» بشكل صحيح. لكن المشكلة تكمن في أنَّ هذه الجملة، التي تعني: «في هذه الأوقات الصعبة، يجب أن نعتمد على نورمان ويزدوم»، تحمل دلالات مختلفة تماماً بالنسبة للأشخاص الذين يتحدثون الإنجليزية لغةً أولى.
لكن على الأقل حين يفشل البشر في الترجمة، فعادة ما يقومون ببعض المحاولة لفهم ما يترجمونه. وإذا أردت الإخفاق في الترجمة، فعليك الاستعانة بكومبيوتر؛ فمهما تطوّرت التقنيات، فستظل الحاجة لفهم المعنى والدلالات الثقافية للكلمات عبر التواصل البشري كما هي.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن المسؤول عن ترجمة لافتة الطريق «Cyclists dismount» إلى اللغة الويلزية ليصبح معناها: «لقد عاد مرض المثانة»، وهي في الأصل تعني: «على راكبي الدراجات الترجل عن دراجاتهم»، قد جانبه التوفيق.
وعدّت الـ«غارديان» أن خطأ ما حدث عندما حاولوا نسخ ولصق الترجمة على الكومبيوتر. وحدث خطأ مماثل عند ترجمة عبارة «Nid wyf yn y swyddfa ar hyn o bryd. Anfonwch unrhyw waith i’w gyfieithu»، التي لا تنتمي للغة الويلزية، إلى معنى: «ممنوع دخول شاحنات نقل البضائع الثقيلة. موقع سكني فقط»، لكنَّها تعني في الأصل: «لستُ في المكتب حالياً. أرسل لي أي أعمال تحتاج إلى ترجمتها».
وأشار شولي وينتنر، المدرس المساعد في علوم الكومبيوتر بجامعة حيفا، إلى مثال سابق عن أخطاء الترجمة الكومبيوترية، في مقدمته عن «علم اللغويات الحاسوبية» في عام 2005. وقال وينتنر إنَّ جملة: «الروح تصبو، لكن الجسد واهن» قد وُضِعَت من أجل ترجمتها من اللغة الإنجليزية إلى اللغة الروسية عبر محرك البحث «التافيستا». ربما يكون المعنى المُترجم الذي ظهر - والذي كان: «شراب الفودكا ممتاز، لكن اللحم قذر» - صحيحاً في سياقات أخرى، لكن لم يكن هذا ما يقصده الكاتب بالتأكيد، بحسب الصحيفة البريطانية.
وتُشكل اللغات الآسيوية، التي يمكن أن تكون قواعدها اللغوية وتكوين جُملها وعلوم الصرف بها مختلفة كثيراً عن اللغة الإنجليزية، تحدياً خاصاً للمترجمين المُتسلِّحين فقط بالكومبيوتر. فعلى سبيل المثال، يُستبعَد أن تكون رغبة منتِج صيني لمربى التوت الأسود هي أن يجعلك تعتقد أنَّ مذاق المربى «يشبه مذاق جدتي»، أو أن يُقدِّم مطعمٌ شهير في الصين طبقاً مميزاً يحمل اسم: «اللعنة على الحبار».
كذلك لا يمكن إغفال المترجمين الذين يعملون في الترجمة بالاتجاه المعاكس؛ أي من اللغة الإنجليزية إلى اللغات الأخرى، فيتسبب نمط الخطاب غير المتناسق للرئيس الأميركي دونالد ترمب في تشتُّت المترجمين اليابانيين؛ إذ يجعل تركيب الجملة في اللغة اليابانية غير قادر على البدء في ترجمة أي جملة من الإنجليزية إلا بعد فهم معناها كاملاً أولاً. فقالت إحدى المترجمات المصدومات من الطريقة التي يتحدث بها ترمب، لصحيفة الـ«غارديان»، في يونيو (حزيران) الماضي: «نواجه مشكلة عندما لا يكون منطقه واضحاً، أو عندما يترك الجملة مُعلَّقة هكذا... فلا يكون بوسعنا شرح ما يعنيه حقاً»، بحسب الـ«غارديان».


مقالات ذات صلة

«غوغل» تطلق نظام «أندرويد إكس آر» المصمم لتعزيز تجارب الواقع المختلط

تكنولوجيا صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)

«غوغل» تطلق نظام «أندرويد إكس آر» المصمم لتعزيز تجارب الواقع المختلط

عرضت شركة «غوغل»، الخميس، تطوّراتها في تكنولوجيا الواقع المختلط، مع إطلاقها نظام تشغيل جديداً لنظارات وخِوَذ الواقعَيْن الافتراضي والمعزَّز.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
تكنولوجيا شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)

«جيميناي 2.0»... «غوغل» بدأت إتاحة نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي التوليدي

أعلنت «غوغل» اليوم (الأربعاء) بدء العمل بنموذجها الأكثر تطوراً إلى اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي «جيميناي 2.0» Gemini 2.0.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا الشريحة الجديدة «ويلّوو» (أ.ف.ب)

«غوغل» تطور شريحة للحوسبة الكمومية بسرعة فائقة «لا يمكن تصورها»

طوَّرت شركة «غوغل» شريحة حاسوبية كمومية تتمتع بسرعة فائقة لا يمكن تصورها، حيث تستغرق خمس دقائق فقط لإكمال المهام التي قد تتطلب نحو 10 سبتيليونات سنة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا أعلنت «غوغل» الأميركية ابتكار أداة ذكاء اصطناعي «جين كاست» قادرة على توفير توقعات متعلقة بالطقس على مدى 15 يوماً بدقة غير مسبوقة (متداولة)

«غوغل» تبتكر وسيلة ذكاء اصطناعي توفر توقعات جوية بدقة غير مسبوقة

أعلنت شركة غوغل الأميركية، اليوم الأربعاء، ابتكار أداة ذكاء اصطناعي قادرة على توفير توقعات متعلقة بالطقس على مدى 15 يوماً بدقة غير مسبوقة.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
علوم نظّم بعض موظفي «غوغل» اعتصامات في مكتبين للشركة منتقدين مشروع «نيمبوس» في أبريل الماضي

«غوغل» قلقة من انتهاكات حقوق الإنسان بسبب عقدها التقني مع إسرائيل

ظلّت شركة التكنولوجيا العملاقة «غوغل» تدافع عن صفقتها مع إسرائيل أمام الموظفين الذين يعارضون تزويد الجيش الإسرائيلي بالتكنولوجيا، ولكنها كانت تخشى أن يضر…

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».