> ربما لا يبدو على الممثل إدريس إلبا أنه ممثل جوائز خصوصاً إذا ما تابعت مسيرته الفنية الأخيرة، فهو دائم الانتقال من فيلم أكشن وتشويق إلى آخر، وهي في العموم أفلام قلما تدخل سباقات ونادراً ما تفوز إذا دخلت.
لكن الممثل البريطاني البالغ من العمر 45 سنة جمع في مسيرته تلك 24 جائزة حتى الآن بينها، وأهمها، جائزة «غولدن غلوب» من «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» وجائزة أفضل ممثل من نقابة الممثلين (Screen Actors Guild). كلاهما عن دوره في «وحوش بلا أمّة» حيث لعب دور قائد ميليشيا أفريقية بالغ القسوة.
في ثماني عشرة سنة من التمثيل للسينما ظهر حتى الآن في خمسين فيلما آخرها فيلمه المنطلق للعرض في الأسبوع المقبل وهو «الجبل بيننا» أمام الممثلة كيت وينسلت وتحت إدارة المخرج هاني أبو أسعد.
وكنا وجدناه بطلاً لفيلم «البرج المظلم» لينقولاي أرسل وفي أسابيع لاحقة سنشاهده في «لعبة مولي» لآرون سوركين. في العام الماضي ظهر في سبعة أفلام بينها اثنان من الأنيميشن استخدمت صوته هما «زوتوبيا» و«إيجاد دوري». وهو سيدخل في العام المقبل استوديوهات التلفزيون ليواصل مسلسل «لوثر» الذي حصل على عدة جوائز أخرى بسببه.
> لا يبدو أن «الجبل بيننا» فيلم جوائز، لكن من يدري؟
- صحيح. هناك أفلام كثيرة حكم عليها بأنها ليست أفلام جوائز لكنها دخلت على الأقل المنافسة وربما فاز بعضها. هل هذا ممكن أن يقع لهذا الفيلم؟ لا أعرف لكني أحببت العمل فيه. أحببت حقيقة أن حكايته تدور في منطقة معزولة حول شخصين غريبين عليهما أن يعملا معاً إذا ما أرادا الحياة.
> تقع الأحداث فوق جبال عالية تكسوها الثلوج وعلى بطلي الفيلم، أنت وكيت، اجتياز عقبات كثيرة قبل النجاة من هذا الظرف العصيب. ماذا لو كان الأمر حقيقياً ووجدت نفسك في الوضع نفسه؟ كيف ستتصرف؟
- ما خضناه خلال التصوير كان فعلياً لا يستهان به. هاني (أبو أسعد) رغب في تصوير القصة في أماكن حقيقية وليس على خلفية الشاشة الخضراء. كنا بالفعل فوق جبال عالية وثلجية. درجة الحرارة كانت 38 مئوية تحت الصفر. أراد هاني أن نتصرف تماماً كما لو كنا في الواقع. لو أن ما يحدث أمام الكاميرا يحدث حقيقة من دون كاميرا. لذلك أقول إنني بت أعرف الآن أكثر قليلاً مما كنت أعرفه قبل تصوير هذا الفيلم. لدي خمسة في المائة حظ أفضل في البقاء حياً.
> بين هذا الفيلم وفيلمك الجديد الآخر «لعبة مولي» فارق كبير في كل شيء. كيف يختلف أسلوب كل عمل عن الآخر؟
- يختلف كثيراً. كما تعلم «الجبال بيننا» فيلم مغامرات وما أحبه في الطريقة التي يمارس فيها هاني عمله هو التلقائية والتنظيم. لا تجدهما مجتمعين في مخرج واحد. هو يستطيع الابتكار وهو في التصوير من دون أن يخل ببرنامجه أو يغيّر ما هو على الورق. لكن الفارق كبير بين الفيلمين لأن «لعبة مولي» فيلم بيوغرافي تقع أحداثه في المدينة.
> كيف يؤثر اختلاف أسلوب المخرج على طريقتك في العمل؟
- مواصفات المخرج الجيد عندي هي التالية: المخرج الجيد لا يخبرك كيف ستمثل الشخصية، بل سيسألك تطوير الشخصية. لن يطلب منك أن تقوم بالدور تبعاً لرؤيته، بل حسب مفهومه الشامل للمشهد بحيث تصبح أنت كممثل منتم إلى المشهد بالكامل ولست مجرد منفذ له. بعض المخرجين شديدي التحفظ على ما يريدونه من الممثل. عليهم أن يخبروه كيف سيحرك يديه أو كيف ستعبر عند كل سطر من الحوار تنطقه.
> إذن من هو المخرج الجيد كما تراه؟
- أفضل المخرج الذي يوفر لي رؤيته. يخبرني ما الذي يريده من المشهد برمته ويتركني أنفذه كما أرى بدوري. رغم ذلك، لا يمكن لك كممثل أن تتأكد من إدارة مخرج معين إلا من بعد أن تشاهد الفيلم. أعني أن بعض المخرجين الذين يصرون على التفاصيل لديهم أسباباً مثيرة للإعجاب، لكنك لن تدركها إلا عندما تشاهد الفيلم في نسخته الأخيرة.
تمارين
> نلت جائزة «غولدن غلوب» قبل سنتين عن «وحوش بلا أمّة»... ما هي أفضل لحظات الفوز؟
- أفضل لحظات الفوز هي الفوز نفسه (يضحك). إنها جائزة محببة بالنسبة إلينا نحن الممثلين. عندما تم إعلان اسمي فائزاً كنت قريباً من آل باتشينو الذي كان مرشحاً مثلي. شعرت ببعض الحرج ورغبت في الاعتذار من هذا الممثل الرائع.
> تأتي للتصوير جاهزاً ولا تجري تمارين أو بروفات مسبقة... على عكس كيت وينسلت التي تتدرب قبل تصوير كل مشهد. كيف يتسنى لك ذلك؟
- لكل واحد طريقته في الاستعداد، لكني أتمرن وإذا ما رغب الممثل الآخر في إجراء بروفات وافقت لأنني بذلك أساعد الممثل على إتقان دوره وهذا طبيعي. لكن تمريناتي غالباً ليست أمام الكاميراً.
> هل تفضل أن تصل إلى موقع التصوير جاهزاً تماماً؟
- طبعاً. هذا مبدأي. على الممثل أن يأتي مستعداً وأن يجري تدريباته قبل الوصول إلى مكان التصوير. والسبب هو أن التدرّب أمام الكاميرا في موقع التصوير مكلف للفيلم. كل موقع تصوير وكل مشهد يكلف الإنتاج مالاً كثيراً. التمرين أمام الكاميرا أو في موقع التصوير سيؤخر العمل. هو مثل عداد التاكسي لا يتوقف. لذلك لا أحب أن أكون سبباً في تأخير التصوير لأني لم أحفظ دوري في البيت.
> هل تطلب «لعبة مولي» الكثير من التمارين؟
- نعم، أنا وجسيكا شستين تمرنا كثيراً لكن كل في بيته.
> تتنوع أدوارك كثيراً رغم أن معظمها من النوع التشويقي والأكشن. لكن في «الجبال بيننا» و«لعبة مولي» نجدك أمام ممثلتين قويّتين. هو أمر غير متكرر بالنسبة لك. صحيح؟
- معك حق. هناك متعة كبيرة في التمثيل أمام ممثلات ذوات موهبة وشخصيات قوية. شخصياً أحبذ ذلك كثيراً. من المهم عندي أن تتساوى المرأة مع الرجل أمام الكاميرا وخلفها.
> ما رؤيتك لمستقبلك كفنان؟
- أحب أن أجد نفسي في أدوار درامية أكثر إثارة للتحدي. لكني مهتم أيضاً بالإخراج. أريد التحول إلى مخرج ولدي مشروع جاهز. أعتقد أن الإخراج تجربة عظيمة. عبر السنوات تعاملت مع مخرجين كثيرين واستطعت جمع ملاحظاتي. الإخراج بات مثل الطبيعة الثانية بالنسبة إلي.