الأحزاب النمساوية تستعد لانتخابات مبكرة

الإسلام والهجرة والاندماج تتقدم برامجها السياسية

ملصقان دعائيان لحزب الحرية اليميني المتطرف (رويترز)
ملصقان دعائيان لحزب الحرية اليميني المتطرف (رويترز)
TT

الأحزاب النمساوية تستعد لانتخابات مبكرة

ملصقان دعائيان لحزب الحرية اليميني المتطرف (رويترز)
ملصقان دعائيان لحزب الحرية اليميني المتطرف (رويترز)

تستعد النمسا لمعركة انتخابية برلمانية تجري في منتصف الشهر الجاري، وتخوضها 5 أحزاب رئيسية، بالإضافة إلى 7 أقل حظاً في الفوز بنسب مؤثرة من مقاعد البرلمان وعددها 183 مقعداً. كما هو الحال، الحزب الذي ينال الأغلبية من المقاعد يشكل الحكومة.
إلا أن النمسا ومنذ تكوين الجمهورية الثانية بعد الحرب العالمية الثانية، تعودت أن تحكمها حكومة ائتلافية من الحزبين التقليديين، أي الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الشعب المحافظ، بوصفهما الأكبر والأكثر حظاً، عدا استثناء حدث نتيجة تحالف بين حزب «الشعب» وحزب «الطريق للحرية» اليميني المتطرف في عام 2000، مما أدى إلى فرض مقاطعة أميركية أوروبية للنمسا.
تعد هذه الانتخابات مبكرة، إذ لم يكمل البرلمان دورته ومدتها 5 سنوات، بعد أن اضطرت الحكومة إلى الدعوة لانتخابات بعدما تعرض الائتلاف الحاكم لانهيار باستقالة المستشار السابق هاينز فايمان من رئاسة حزبه، أي الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ومن ثم تم تعيين كرستيان كيرن رئيساً جديداً للحزب، وبالتالي تولى منصب المستشارية.
يأتي في مقدمة الأحزاب التي تخوض الانتخابات بشراسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة المستشار كيرن، وحزب الشعب المحافظ بقيادة سابستيان كورتز، وحزب الطريق للحرية بقيادة هاينز كرستيان اشتراخا، وحزب الخضر بقيادة أولريكا لوناسيك، بالإضافة إلى حزب النيوز بقيادة ماتياس شترولس. وعموما تشهد الساحة السياسية النمساوية، هذه الأيام، استقطاباً غير مسبوق بسبب حدة المنافسة بين تلك الأحزاب. ورغم أن لكل حزب سياسته ومواقفه التي يفترض أن تصنفه يميناً أم وسطاً أم يساراً مما يفترض أن يسهل الاختيار عند التصويت، فإن اهتزاز الثقة في مصداقية القيادات ودرجة إيمانها الحقيقي بالقضايا وتمسكها بها دون تذبذب وقدرتها على تنفيذها، يجعل الأمر عسيراً حتى آخر اللحظات. أضف إلى ذلك تنامي ظاهرة عدم تأييد الناخب وموافقته أحياناً لكل مواقف حزبه والاختلافات حول بعض القضايا، مما يجعل الاختيار صعباً، خصوصاً للناخبين ممن لا يؤيدون الأحزاب تأييداً حرفياً أعمى في أي قضية.
قضايا الهجرة واللاجئين والإسلام، أصبحت من القضايا ذات التأثير المباشر في هذه الانتخابات، هذا بالإضافة إلى قضايا الضرائب والمعاشات والضمان الاجتماعي وفرص العمل ومستقبل النمسا ككل. بجانب قضية نمساوية شديدة الخصوصية يشار إليها بـ«صفقة اليورو فايتر»، وهي صفقة باهظة مكلفة دُفعت لشراء طيارات مقاتلة لا تحتاج إليها النمسا، هذا البلد المحايد سياسياً. لا تزال هذه القضية القديمة متجددة، ويتجاذب مسؤوليتها الحزبان الحاكمان واتهامات بالفساد والرِّشى.
بخصوص قضية الهجرة، أمست النمسا، ومنذ عامين تقريباً، ثاني دولة أوروبية بعد ألمانيا تستقبل لاجئين فروا من بلادهم بسبب الحروب في سوريا والعراق وأفغانستان؛ إذ استقبلت واستوطن بها ما يفوق مليون لاجئ، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه عدد النمساويين أنفسهم 8,75 مليون نسمة.
في البداية صمتت الأحزاب مجتمعة على ذلك التدفق العددي الهائل، وقد تم استقبال اللاجئين استقبالاً حاشداً لدواعي إنسانية، إلا أن الأمور بدأت تختلف شيئاً فشيئاً ويوماً بعد يوم في ظل زيادة النفقات وكبر حجم الإعانات، فبادر حزب الحرية اليميني المتطرف والشعبوي ورئيسه هاينز كرستيان اشتراخا بانتقاد الحكومة، موظِّفاً ومستغلاً ما أخذ في الظهور من حالات سخط وخوف متنامٍ من الغرباء. وهكذا ظهرت الدعوة لتقنين الهجرة وتماشت مع الدعوات لصد المسلمين تماماً بما يناسب سياسة حزب الطريق للحرية الذي ظل ينادي بـ«لا وجود للإسلام بالنمسا» رافعاً شعار أن «فيينا لن تصبح إسطنبول».
أول ما شمر كورتز عن سواعده، بوقوفه ضد سياسة الحدود المفتوحة التي دعت لها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إذ طالب بإغلاق الطرق والممرات التي كان اللاجئون يعبرونها وصولاً إلى النمسا للاستيطان فيها أو لعبورها إلى ألمانيا ودول أوروبية شمالية.
ليس ذلك فحسب بل يعد كورتز عراباً للقوانين الجديدة المتشددة تجاه الإسلام والتي سُنّت أخيراً، وفي مقدمتها قانون الاندماج الذي يجبر اللاجئين على دراسة اللغة الألمانية (لغة النمسا) ويدفعهم إلى العمل التطوعي وإلا قُطعت إعاناتهم، ويحظر النقاب. إلى ذلك يدعو كورتز وبقوة لتجفيف وإغلاق رياض الأطفال الإسلامية بدعوى أنها تخلق مجتمعات متوازية، ويحارب التمويل الخارجي للمساجد والأئمة، مصراً على تعلمهم للغة، ومكرراً الحديث أن من يخالف هذه القوانين التي يقول إنها «وسيلة لمزيد من الاندماج في المجتمع النمساوي»، عليه مغادرة النمسا وعدم العيش فيها.
ركب هذه الموجة المتشددة أخيراً بيتر بيلز الذي كان سياسياً منفتحاً وقيادياً مشهوراً بحزب الخضر حتى قبل بضعة أشهر فقط حين قرر الانسلاخ عن الخضر، معلناً خوض الانتخابات بقائمة مستقلة تحمل اسمه. بل، وحتى المستشار كيرن الذي يحظى حزبه الاشتراكي الديمقراطي بتأييد غالبية المسلمين النمساويين، لم يدافع بقوة في إعلانات مصورة ظهر فيها مع نمساويين لا يخفون مشاعر الكراهية لجيرانهم المسلمين.
وكانت سيدة في شريط إعلاني مصور قد قالت لكيرن «أنا ليست عنصرية لكن من غير المقبول كذلك أن ترتدي النساء في بلادي البرقع، وأخشى من هجمات إرهابية».
لم يدافع كيرن عن حق كل إنسان في ارتداء ما يشاء، كما لم يحاول إقناع محدثته ببراءة الإسلام من الإرهابيين، ولم يؤكد أن الإسلام دين معترف به في النمسا، وإنما اكتفى بالقول: «إن كل شخص عليه أن يحترم قوانيننا» دون أن يزيد.
كانت قد أشارت دراسة حديثة إلى أن ثلث النمساويين لا يرغبون العيش إلى جانب جار مسلم، مما شجع حزب الشعب المحافظ وحزب الطريق للحرية اليميني إلى استغلال هذه المخاوف. في هذا السياق يحاول كورتز الموصوف بالانتهازية وحزبه سحب البساط من تحت أرجل حزب الطريق للحرية المتطرف ومن زعيمه اشتراخا. هذا، وبينما أعلن الحزب الاشتراكي وحزب الخضر استحالة تكوين حكومة ائتلافية مع حزب الطريق للحرية، ترك كورتز الأبواب مفتوحة لأي نوع من الائتلاف.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».