كيف بدأت المرأة تغير صورة الأناقة والموضة من الداخل

من أول مصممة تدخل دار «جيفنشي» إلى تأثير البريطانية فيبي فيلو في دار «سيلين»

من اقتراحات فيبي فيلو لدار «سيلين» - من عرض «سيلين»- من عرض «كلوي» - من عرض «جيفنشي»
من اقتراحات فيبي فيلو لدار «سيلين» - من عرض «سيلين»- من عرض «كلوي» - من عرض «جيفنشي»
TT

كيف بدأت المرأة تغير صورة الأناقة والموضة من الداخل

من اقتراحات فيبي فيلو لدار «سيلين» - من عرض «سيلين»- من عرض «كلوي» - من عرض «جيفنشي»
من اقتراحات فيبي فيلو لدار «سيلين» - من عرض «سيلين»- من عرض «كلوي» - من عرض «جيفنشي»

لا يزال عالم الموضة العالمية عموما والباريسية خصوصا يرقص على نغمات أنثوية نسوية. المقصود هنا ليس التصاميم فحسب، بل أيضا تزايد عدد المصممات اللواتي تسلمن قيادة بيوت أزياء فرنسية كبيرة. فإلى جانب ماريا غراتزيا كيوري في دار «ديور»، تسلمت ناتاشا رامزي ليفي مثلا، مقاليد دار «كلوي» من البريطانية كلير وايت كيلر، التي انتقلت إلى دار «جيفنشي» من الإيطالي ريكاردو تيشي، مرورا بفيبي فيلو في دار «سيلين» وغيرهن.
في أول تشكيلة قدمتها ناتاشا رامزي ليفي لـ«كلوي» أكدت أنها فرنسية حتى النخاع، فضلا عن أنها كانت تعبق بأناقة تتنفس روحا شابة وجديدة. من الفساتين الطويلة التي تغطي نصف الساق، والتي بدت رائعة رغم صعوبة هذا الطول، إلى القمصان المطرزة والكنزات الصوفية التي نسقتها مع بنطلونات جينز ضيقة، كانت كلها تحمل بصمات باريسية عالمية في الوقت ذاته، وهو ما يصعب تحقيقه عادة، بحكم أن المحلي والعالمي لا يلتقيان. لكن الأمر كان مختلفا هنا، فتشبعها بالروح الباريسية كان له تأثير إيجابي، خصوصا أنها كما قالت استلهمت الكثير من الإطلالات من صور نجمات فرنسيات معروفات بأناقتهن البسيطة، أو ما يمكن وصفه بالسهل الممتنع الذي تحلم به الفتيات أينما كن. بيد أننا لا ننسى أن عملها مع نيكولا غيسكيير لمدة 16 عاما تقريبا كان له أيضا تأثير إيجابي. على الأقل تعلمت منه أهمية مخاطبة أسواق بعيدة. الطريف أن المصمم غيسكيير كان من بين الحضور، وأول من صفق لها بحرارة في نهاية العرض. بالنسبة له لم تكن يده اليمنى في كل من دار «بالنسياغا» ثم «لويس فويتون» فحسب، بل هي أيضا صديقته لأكثر من عقد من الزمن.
ما يستحق الذكر، أن دار «كلوي» ومنذ بداية التسعينات تستعين بأربع مصممات بريطانيات. أولهن كانت ستيلا ماكارتني، وآخرهن كلير وايت كيلر، وهو ما يعني أن ناتاشا أول امرأة فرنسية تقودها بعد مؤسستها. هذا لا يعني أن البريطانيات لم ينجحن في حقنها بروح فنية مفعمة بالأنوثة والانطلاق، أو أنهن ألغين جانبها الفرنسي بل العكس تماما، فقد صبت فيها كل واحدة روحا ديناميكية على مر العقود. كل ما في الأمر أن الكل كان متشوقا لمتابعة الفصل الذي ستكتبه هذه الفرنسية الشابة. وكانت المقدمة مُبشرة بعهد جديد تنوي فيها العودة لاحتضان المرأة بكل مقاساتها وإمكانياتها ونعومتها على حد سواء، إضافة إلى فتح المجال أمامها للتعبير عن شخصيتها بأسلوبها الخاص، من خلال طرح قطع متنوعة يمكن دمجها بسهولة مع بعض. ما أثبتته ناتاشا في الأخير أنها قادرة على الجمع بين ما تعلمته لمدة 16 عاما مع نيكولاس غيسكيير من خطوط عصرية وتفصيل وبين التطريزات الأنثوية الخفيفة ذات الطابع البوهيمي الرومانسي، لتكون النتيجة تلاعبا بين المفصل والناعم المنسدل.
فيبي فيلو مصممة بدأت أيضا في دار «كلوي». أولا مساعدة لستيلا ماكارتني قبل أن تصبح مصممة الدار الفنية بعد استقالة ستيلا. بعد سنوات من النجاح أثارت فيلو أنظار دار «سيلين» التي أوكلت إليها مهمة إنعاشها وأخذها إلى مرحلة جديدة. ولم تخيّب الآمال، حيث وضعت «سيلين» في مصاف الكبار. وصفتها كانت ناجحة اعتمدت فيها على نحت أسلوب عصري يخاطب امرأة قوية وواثقة تعرف ماذا تريد. ولم يختلف الأمر في تشكيلتها لربيع وصيف 2018، في خيمة صممها المهندس سميليان راديك وسط نادي التنس بباريس، اصطفت كراسي خشبية على طولها غُطي بعضها بألحفة من البلاستيك مثل تلك التي يستعملها الكشافة، وبعضها الآخر بصور تُمثل أجزاء من جسم المرأة التقطت عن قرب وتم تكبيرها بشكل مبالغ فيه. كانت الفكرة تقريبنا من الأصل والجذور. هذه الفكرة تجسدت أيضا في الديكور البسيط الذي يعطي الإحياء بأننا في مخيم وسط الطبيعة. ترجمة فيبي فيلو كانت بطرحها بُنشات جلدية باللون الأبيض ومعاطف طويلة وواسعة تم تحديدها بأحزمة. كانت هناك أيضا تنورات مع «تي - شيرتات» مطبوعة بالورود وواسعة للغاية. صحيح أن الخطوط تبدو من بعيد غريبة بعض الشيء لأن العين غير متعودة عليها، لكن هنا تكمن قوة فيبي فيلو لحد الآن. فهي تعشق اختبار الأفكار وتقديم الجديد الذي قد يصدم في البداية، لكننا نكتشف فيما بعد أنه يتميز بتقنيات عالية تجعله يناسب المرأة، أيا كان أسلوبها، على شرط أن تتحلى بالقوة والثقة. إلى جانب هذه الخطوط الواسعة، كانت هناك مجموعة لا تقل قوة مستوحاة من التفصيل الرجالي كان قويا في جاكيتات طويلة وأخرى قصيرة بأكتاف تذكر بتصاميم المصمم كلود مونتانا، نسقتها مع بنطلونات بثنيات وطيات. في مجموعة أخرى قدمت مجموعة من التنورات أكثر أنوثة تنسدل على الجسم وتتحرك مع كل خطوة وكأن صاحبتها ترقص بفضل البليسيهات أو الشراشيب. أقل ما يقال عنها إنها نجحت في خلق إحساس بالفرح والتفاؤل في النفوس وكأننا نحضر احتفالية.
ابنة بلد فيبي فيلو، كلير وايت كيلر، التي انتقلت من «كلوي» إلى «جيفنشي» مؤخرا، قدمت من جهتها أول عرض لها للدار التي قادها الإيطالي ريكاردو تيشي بنجاح لمدة 12 عاما إلى أن استقال في بداية العام الحالي. مثل ماريا غراتزيا التي تعتبر أول امرأة تدخل دار «ديور» كمصممة، فإن كيلر أيضا أول مصممة تدخل دار «جيفنشي». ويبدو أنها درست تاريخ الدار وتعمقت فيه، بدليل أنها غيرت الدفة تماما كما عودنا علينا المصمم السابق. فقد عادت بنا من أول تشكيلة إلى نعومة أيام زمان لتذكرنا بتلك العلاقة التي جمعت المؤسس هيبار جيفنشي بالنجمة الراحلة أودري هيبورن من خلال الفساتين الناعمة والإكسسوارات المثيرة. لا يختلف اثنان على أن ريكاردو تيشي منحها قوة فنية وتجارية لا يستهان بها. لكنه أيضا منحها قوة بعيدة كل البعد عن النعومة، إذا أخذنا بعين الاعتبار كلاب الصيد المكشرة عن أنيابها التي كان يرسمها على بعض التصاميم أو تلك اللمسات البانكية وغيرها. ما يشفع له أنها كلها لقيت رواجا بين الشباب بمن فيهم نجوم من أمثال جاستين بيبر وريهانا.
لكن كيلر التي انتقلت إلى الدار من «كلوي» المعروفة ببوهيميتها ورومانسيتها تتميز بأسلوب مختلف تماما عبرت عنه يوم الأحد الماضي بحضور نجمات من عيار كايت بلانشيت وجوليان مور. لمسات «البانك» التي كان تيشي يعشقها غابت وحلت محلها نعومة خفيفة في كنزات وقمصان باللون الأبيض وفساتين مفصلة على الجسم لكن ببليسيهات تخفف من صرامة التفصيل وتضفي عليها أنوثة ناعمة. الأسود ظل حاضرا بقوة، لكن المصممة أدخلت عليه ألوانا أخرى مثل الأبيض والأزرق والفيروزي والأحمر لتأتي الصورة أكثر شمولية، خفيفة الروح وخفيفة على العين في الوقت ذاته.



اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
TT

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم، سواء تعلق الأمر بمناسبات النهار أو المساء والسهرة. ثم جاءت أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، لترسِخ مكانته منذ أيام قليلة، لدى مشاركتها مراسيم استقبال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني. ظهرت به من الرأس إلى أخمص القدمين، في لوحة مفعمة بالجرأة والكلاسيكية في الوقت ذاته. هذه اللوحة ساهم في رسمها كل من مصممة دار «ألكسندر ماكوين» السابقة سارة بيرتون من خلال المعطف، ومصممة القبعات «سحر ميليناري» ودار «شانيل» من خلال حقيبة اليد.

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

كان هذا اللون كافياً لكي يُضفي عليها رونقاً ودفئاً من دون أن يحتاج إلى أي لون آخر يُسنده. ربما تكون أقراط الأذن والعقد المرصعين باللؤلؤ هما الاستثناء الوحيد.

لكن من يعرف أميرات القصر البريطاني يعرف أن اختياراتهن لا تخضع لتوجهات الموضة وحدها. هن أيضاً حريصات على توظيف إطلالاتهن كلغة دبلوماسية في المناسبات الرسمية. في هذا الحالة، يمكن أن نقرأ أن سبب اختيارها هذا اللون كان من باب الاحتفاء بالضيفين العربيين، بالنظر إلى أنه أحد ألوان العلم القطري.

لكن إذا تقيّدنا بتوجهات الموضة، فإنها ليست أول من اكتشفت جمالياته أو سلّطت الضوء عليه. هي واحدة فقط من بين ملايين من نساء العالم زادت قابليتهن عليه بعد ظهوره على منصات عروض الأزياء الأخيرة.

اختيار أميرة ويلز لهذا اللون من الرأس إلى أخمص القدمين كان مفعماً بالأناقة (رويترز)

«غوغل» مثلاً أكدت أن الاهتمام بمختلف درجاته، من العنابي أو التوتي أو الرماني، بلغ أعلى مستوياته منذ 5 سنوات، في حين ارتفعت عمليات البحث عنه بنسبة 666 في المائة على منصات التسوق الإلكترونية، مثل «ليست» و«نيت أبورتيه» و«مايتريزا» وغيرها.

ورغم أنه لون الخريف والشتاء، لعُمقه ودفئه، فإنه سيبقى معنا طويلاً. فقد دخل تشكيلات الربيع والصيف أيضاً، معتمداً على أقمشة خفيفة مثل الكتان والساتان للنهار والموسلين والحرير للمساء، بالنظر إلى أن أول تسلل له، كان في تشكيلات ربيع وصيف 2024 في عرضي كل من «غوتشي» و«بوتيغا فينيتا». كان جذاباً، الأمر الذي جعله ينتقل إلى تشكيلات الخريف والشتاء الحاليين والربيع والصيف المقبلين.

بغضّ النظر عن المواسم والفصول، كان هناك إجماع عالمي على استقباله بحفاوة جعلته لون الموسم بلا منازع. لم يعد يقتصر على العلامات الكبيرة والغالية مثل «غوتشي» و«برادا» وغيرهما. انتقلت عدواه سريعاً إلى المحلات الكبيرة من «بريمارك» إلى «زارا» و«أيتش أند إم» مروراً بـ«مانغو» وغيرها من المتاجر الشعبية المترامية في شوارع الموضة.

الجميل فيه سهولة تنسيقه مع ألوان كثيرة مثل الرمادي (إ.ب.أ)

ورغم أن أميرة ويلز ارتدته من الرأس إلى القدمين، فإن أحد أهم عناصر جاذبيته أنه من الدرجات التي يسهل تنسيقها مع ألوان أخرى كثيرة، من دون أن يفقد تأثيره. يمكن تنسيقه مثلاً مع الأسود أو البيج أو الرمادي أو الأزرق الغامق. يمكن أيضاً تنسيق كنزة صوفية بأي درجة من درجاته مع بنطلون جينز بسيط، أو الاكتفاء بمعطف منه أو حقيبة أو حذاء حتى قفازات فقط.