الراعي من زحلة: أزمة هوية لدى مسيحيي لبنان

TT

الراعي من زحلة: أزمة هوية لدى مسيحيي لبنان

قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، إن المسيحيين في لبنان «يعيشون أزمة هوية، لا يمكن السماح باستمرارها»، مشددا على أنه لا يمكن أن يكون لبنان أحاديا، أو أن يُحكم من فريق، أو حزب، أو جماعة دينية أو مذهبية دون سواها. وأكد أن لبنان لا يتحمل الإقصاء والإبعاد والتهميش لأي فريق من أي نوع كان.
وواصل الراعي أمس زيارته لمدينة زحلة ودعم في عظته مساعي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأن يتم اعتماد لبنان، مركزاً دولياً لحوار الأديان والثقافات والحضارات، من قبل منظمة الأمم المتحدة. واعتبر أن «مدينة زحلة، عروس البقاع، تشكل نموذج الوحدة في التنوع، القائمة عليها الثقافة اللبنانية والنظام السياسي في لبنان»، قائلا: «لا يمكن أن يكون لبنان أحاديا، لا في اللون، ولا في الدين، ولا في المذهب، ولا في الحزب ولا في الرأي. ولا يمكن أن يحكم لبنان من فريق، أو حزب، أو جماعة دينية أو مذهبية دون سواها. ولا يتحمل لبنان الإقصاء والإبعاد والتهميش لأي فريق من أي نوع كان». وأضاف: «هذه الميزة والخصوصية اللبنانية هي في أساس النظام الديمقراطي الذي يعتمده الدستور، وفي أساس العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات والمشاركة بالمناصفة والتوازن في الحكم والإدارة، وفي أساس إقرار الحريات العامة كلها، والحوار الوطني الذي يضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار».
وأشار الراعي إلى أن «هذه المقومات تقتضي إقرار لبنان، من قبل منظمة الأمم المتحدة، مركزاً دولياً لحوار الأديان والثقافات والحضارات، وفقاً للمشروع الذي قدمه فخامة رئيس الجمهورية من أسبوع أمام الجمعي العمومية لهذه المنظمة». وأضاف: «من المعلوم أن الشرط الأساسي من قبل اللبنانيين لدعم هذا المشروع مثلث الأبعاد: البعد الأول، أن نعيش داخلياً هذا الحوار بكل أبعاده. والثاني، أن نحافظ على حياد لبنان وتحييده عن الصراعات الإقليمية والدولية. والثالث، أن يلتزم لبنان بتعزيز قضايا العدالة والسلام وحقوق الإنسان في المنطقة والدفاع عنها».
وقال الراعي: «نعيش اليوم أزمة هوية، ولكننا لم نسمح بأن تستمر هذه الأزمة. وعمرنا على الساحل اللبناني ألفي سنة، هناك تكونت أولى الجماعات المسيحية لنكون شاهدا للإنجيل والقيم، نحن متجذرون في هذه الأرض، وشهداؤنا دفعوا ثمنا غاليا للحفاظ على لبنان، فعلينا أن نكون على مستوى هذا الدم الغالي، وأن نعيش هويتنا اللبنانية العريقة».
وكان الراعي في أول يوم من زيارته إلى زحلة نبّه من أن اللاجئين السوريين «ينافسون اللبنانيين على لقمة عيشهم»، معتبرا أنه «لا يمكننا أن نهجر شعبنا لأننا نقوم بعمل خير مع إخوتنا». ولفت إلى أن «مساحة سوريا أكبر من مساحة لبنان (18 مرة)، ولا يمكننا انتظار همّة الدول لحل هذه المشكلة، فهذه الدول لا تهتم إلا بمشاريعها السياسية». وأضاف: «علينا أن نعمل معا متكاتفين لتسهيل عودتهم إلى بيوتهم، لا حقدا ولا بغضا. ففضلا عن الاقتصاد الإرهاقي الذي نعاني منه، هناك الفلتان الأمني والاعتداءات والسرقات التي تهز بلدنا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.