إليوت والشعر العربي

إليوت والشعر العربي
TT

إليوت والشعر العربي

إليوت والشعر العربي

129 سنة مرت على ميلاد تي. إس. إليوت في هذه الأيام، التي صادفت أيضاً مرور 95 عاماً على نشر قصيدته الكبرى «الأرض اليباب»، أو «الأرض الخراب»، كما ترجمها أغلب المترجمين العرب، ما عدا لويس عوض ود. عبد الواحد لؤلؤة. ونرى أن التسمية الأولى هي الأدق، والأقرب لمعنى القصيدة التي ارتبطت باسم أليوت، وارتبط أليوت بها أكثر من أي عمل آخر.
والمعروف أن هذه القصيدة أحدثت ضجيجاً هائلاً، ربما لم تحدثه مدرسة شعرية كاملة؛ والحقيقة أنها مدرسة بحد ذاتها: كل دمار الحرب، اجتماعياً وأخلاقياً ونفسياً، وما نتج عنها من انهيار قيم ظلت راسخة أجيالاً طويلة، وعدم يقين بالحاضر والمستقبل، وتشظٍ بلا سبب مفهوم؛ كل ذلك تجسد في هذه القصيدة الطويلة - كان إزرا باوند قد اختصرها إلى أكثر من نصفها - وقد وظف إليوت كثيراً من الأساطير القديمة، اليونانية والرومانية والشرقية، لتجسيد هذا التشظي، مستفيداً من كتاب «الغصن الذهبي» لجيمس فريزر، بالإضافة إلى إدخال مفردات من لغات أخرى، خصوصاً الإغريقية والرومانية.
والقصيدة عبارة عن قطع يبدو أن لا علاقة ظاهرة بينها، ولا نمواً عضوياً ينتظمها، لكن يوحدها، في النهاية، الموضوع العام الذي توحي به القصيدة، التي لا تزال محتفظة بتأثيرها الهائل علينا، على الرغم من ظهور عشرات القصائد الجيدة بعدها، وأعمال شعراء كبار في القرن الماضي، خصوصاً في الثلاثينات والأربعينات، ولا يزال إليوت الشاعر حاضراً بقوة في المشهد الشعري العالمي، وقراؤه من مختلف الأجيال يتكاثرون، فآخر الكتب عنه «قصائد تي. إس. إليوت»، الذي جاء في مجلدين يقاربان الألف صفحة، نفد من الأسواق خلال أسبوعين!
والسؤال الذي يطرح دائماً مع كل عمل باقٍ عابر للزمان والمكان: ما السر في ذلك؟ لماذا بقي هذا العمل وليس غيره؟ لماذا لا يزال شاعر ما حياً بيننا بينما يختفي آخرون مع موتهم الجسدي؟ لماذا لا نزال نقرأ «ملحمة كلكامش» والإلياذة والإنيادة وكأنها كتبت بالأمس لنا، وليس قبل آلاف السنين، في مكان وزمان مختلفين كلياً؟
نعتقد أن إليوت، وغيره من الشعراء الخالدين، قد حققوا ذلك من خلال ما سماه إليوت نفسه «المعادل الموضوعي»، وعنى به أن على الشاعر الحديث، بعكس الشاعر الكلاسيكي والرومانتيكي، ألا يعبر عن عواطفه بشكل مباشر، بل عبر إيجاد «مجموعة من الأشياء، ووضع سلسلة من الأحداث التي ينبغي أن تكون الصيغة الفنية لهذه العاطفة المطلوبة، بحيث تستثار العاطفة مباشرة بمجرد أن تعطى هذه الحقائق الخارجية المحددة في التجربة الشعورية».
والحقيقة أن كل الأعمال الباقية عبر العصور تحقق ذلك، من ملحمة كلكامش إلى «الأرض اليباب»، بمعنى آخر: إن كل عمل عظيم، شعراً ونثراً، هو ذاك الذي يعكس فنياً ملحمة عصره بصراعه الوجودي، وانكساراته، وأوهامه وأساطيره، وخساراته وحلمه وتوقه الإنساني، وليس «ملحمة» نفسه.
ولقد تأثر كثير من شعرائنا العرب، خصوصاً بعض الرواد، بإليوت، وكتبت دراسات عن هذا التأثير، لكننا نعتقد أنه كان تأثيراً شكلياً، اقتصر على اقتباس قسم من مفرداته اللغوية، ورسم بعض أجوائه بشكل مفتعل، لأنه لا يستند إلى مضمون حقيقي، كما فعل صلاح عبد الصبور مثلاً. فـ«المعادل الموضوعي» لا يزال مفتقداً في شعرنا العربي، الذي يبدو في معظمه، قديماً وحديثاً، خصوصاً حديثاً، وكأن مركزه الوحيد هو الذات. وهذه الذات هي غالباً متعالية، منتفخة، مدعية، متوهمة أنها مركز العالم. ومثل هذه الذات لا يمكن أن تخلق أدباً باقياً، بل ضجيجاً يثقل الآذان، وسرعان ما يخفت ثم يموت مع مرور زمن قصير.



بريطانيا: أكثر من 700 موظف ينضمون إلى دعوى ضد «ماكدونالدز»

شعار سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة (أ.ب)
شعار سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة (أ.ب)
TT

بريطانيا: أكثر من 700 موظف ينضمون إلى دعوى ضد «ماكدونالدز»

شعار سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة (أ.ب)
شعار سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة (أ.ب)

انضم أكثر من 700 موظف في سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» للوجبات السريعة إلى الدعوى الجماعية المقامة في المملكة المتحدة على المجموعة الأميركية بتهمة المضايقات، وفق ما أعلن، الثلاثاء، مكتب المحاماة الموكّل عنهم، بعد عام ونصف عام على تحقيق استقصائي أجرته محطة «بي بي سي» كشف هذه الممارسات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضح مكتب «لي داي» للمحاماة في بيان أن هؤلاء الأشخاص أفادوا بتعرضهم لـ«تجارب تمييز» مرتبطة خصوصاً بالإعاقة، وكذلك برهاب العنصرية والمضايقات، مشيراً إلى أن الدعوى تشمل في الوقت الراهن أكثر من 450 فرعاً لسلسلة الوجبات السريعة في المملكة المتحدة.

ويعمل أكثر من 168 ألف موظف في مطاعم السلسلة في المملكة، غالبيتهم من الشباب وحتى المراهقين، بعقود غير مستقرة.

ورُفعت هذه الدعوى الجماعية بعد تحقيق أجرته «بي بي سي» في يوليو (تموز) 2023، تضمّن شهادات، ويمكن أن ينضم إلى الدعوى موظفون كانت أعمارهم تقل عن 20 عاماً وقت وقوع الأحداث المزعومة.

وقدَّم المدير الإداري لـ«ماكدونالدز» في المملكة المتحدة وآيرلندا أليستير ماكرو اعتذارات المجموعة عن «التقصير الواضح» في حماية الموظفين.

وأشار إلى أن الشركة تتعرّض «لاتهام واحد أو اثنين» بالتحرش الجنسي أسبوعياً من موظفين في المملكة المتحدة.

وكشفت «بي بي سي»، الثلاثاء، حالة موظف تعرّض للتنمر بسبب معاناته من إعاقة عقلية ومشكلة في العين، فاضطر إلى أن يترك وظيفته.

وأكد ناطق باسم «ماكدونالدز» اليوم أن «أي حوادث سوء سلوك ومضايقات غير مقبولة، وتخضع لتحقيقات وإجراءات سريعة ومعمقة».

وذكّرت الشركة بأنها وفّرت نظاماً إلكترونياً يتيح «للموظفين من كل مطاعم السلسلة قول ما لديهم بسرية تامة في شأن مشكلات المضايقات».

وسبق أن استُهدفت سلسلة الوجبات السريعة باتهامات عام 2019، عندما أكد اتحاد عمال المخابز والأغذية أن أكثر من ألف موظف شكَوا تعرّضهم للتحرش الجنسي وسوء المعاملة في أماكن عملهم.