واشنطن تقصف «داعش» في سرت... وبرلمان طرابلس ينتقد تمديد العقوبات على رئيسه

مسؤول أمني: التنظيم المتشدد كون جيشاً في الصحراء بعد خسارة معقله الاستراتيجي

أحد أفراد الجيش الليبي خلال المواجهات الأخيرة التي قادها ضد تنظيم «داعش» في سرت (رويترز)
أحد أفراد الجيش الليبي خلال المواجهات الأخيرة التي قادها ضد تنظيم «داعش» في سرت (رويترز)
TT

واشنطن تقصف «داعش» في سرت... وبرلمان طرابلس ينتقد تمديد العقوبات على رئيسه

أحد أفراد الجيش الليبي خلال المواجهات الأخيرة التي قادها ضد تنظيم «داعش» في سرت (رويترز)
أحد أفراد الجيش الليبي خلال المواجهات الأخيرة التي قادها ضد تنظيم «داعش» في سرت (رويترز)

اعتبر العميد محمد الغصري، الناطق الرسمي باسم القوات الموالية لحكومة «الوفاق الوطني» الليبية في مدينة سرت الساحلية، أن تنظيم داعش أصبح يمثل «خطراً عالمياً لا يخص دولة بعينها»، فيما أعلنت القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (أفريكوم) أن سلاح الجو الأميركي قصف مواقع للتنظيم في مدينة سرت، عبر ضربتين دقيقتين أسفرتا عن «مقتل عدد غير معلوم من مقاتليه»، وتزامن ذلك أيضاً مع انتقاد برلمان طرابلس تمديد الاتحاد الأوروبي العقوبات على رئيسه.
وقالت «أفريكوم»، في بيان أصدرته من مقرها في مدينة شتوتجارت الألمانية، إن القوات الأميركية شنت، بتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، ضربات جوية دقيقة في ليبيا ضد مقاتلي «داعش» الثلاثاء الماضي، مما أسفر عن مقتل عدد من مقاتلي التنظيم، موضحة أن الهجوم تم على بعد نحو 100 ميل جنوب شرقي سرت، وأن تنظيمي «داعش» و«القاعدة» «استغلا المساحات غير الخاضعة للرقابة في ليبيا لإقامة ملاذ للتآمر والإرهاب، وتجنيد وتسهيل حركة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، ورفع الأموال وتحويلها لدعم عملياتها».
واعتبر البيان أن رئيس حكومة الوفاق، والقوات التابعة له، «شركاء قيمين ضد الإرهاب»، مؤكداً أن الولايات المتحدة «تقف إلى جانب الليبيين، وتدعم جهودهم لمكافحة التهديدات الإرهابية، وهزيمة (داعش) في ليبيا... ونحن ملتزمون بمواصلة الضغط على شبكة الإرهاب، ومنعهم من إقامة ملاذ آمن».
ومن جهته، أبلغ الناطق الرسمي باسم القوات الموالية لحكومة السراج، التي تشن حرباً لمكافحة «داعش» تحت اسم عملية «البينان المرصوص»، «الشرق الأوسط» بأن القصف الأميركي الأخير على مواقع تابعة لـ«داعش» تم عبر البحر، بواسطة طائرة من دون طيار، مشيراً إلى أن قواته بدأت عملية تمشيط واسعة لموقع القصف، للوقوف على طبيعة الخسائر المادية والبشرية التي منيت بها عناصر التنظيم.
وأوضح الغصري أن قواته مشطت على مدى الأيام الثلاثة الماضية المناطق الصحراوية والنائية جنوب سرت، وتحديداً في الطريق إلى النوفلية، التي تقع على بعد 90 كيلومتراً شرق المدينة، مشيراً إلى أن قوات «البنيان المرصوص» تقوم بعملية مطاردة مفتوحة لعناصر التنظيم المتطرف، خصوصاً في المناطق غير الآهلة بالسكان، حيث يوجد التنظيم، وتواصل مباغتة عناصر «داعش» الموجودة جنوب سرت، ودفعها للخروج من أماكنها، حتى يتم رصدها من قبل الطيران الأميركي.
وأضاف: «بالفعل، انسحبت عناصر التنظيم خارج مدينة سرت. وعند تمركزها، تم رصدها من قبل (أفريكوم)، وتم قصفها بغارتين جويتين، بالتنسيق معنا... التنظيم لم يعد موجوداً في سرت، بل خارجها، وتحديداً في الجنوب، على بعد 90 كيلومتراً منها».
ونفى الغصري لـ«الشرق الأوسط» وجود قوات أميركية أو بريطانية خاصة على الأرض في مدينة سرت لدعم قوات «البنيان المرصوص»، موضحاً أن قواته تحارب «داعش» لمواجهة مخاطر انتشاره، لافتاً إلى أن عناصر تنظيم داعش توجد في مدن ليبية عدة، أبرزها العاصمة طرابلس، ومدينة زليتن والخمس، لكن سرت تعتبر المعقل الحيوي والاستراتيجي للتنظيم، بفضل موقعها الجغرافي.
وفي سياق متصل، قال ممثل بارز للادعاء في ليبيا إن متشددي تنظيم داعش كونوا جيشاً في الصحراء، يتألف من 3 كتائب على الأقل، بعد أن فقدوا السيطرة على معقلهم في سرت، العام الماضي.
ويعتقد أن المئات من المتشددين فروا من سرت، قبل أو خلال حملة عسكرية دامت 7 أشهر لطرد التنظيم المتشدد من المدينة الساحلية، التي سيطر عليها في 2015. وقد اكتسب المتشددون الفارون الذين لجأوا لمعسكرات في الصحراء جرأة في الأسابيع الماضية، وأقاموا بين الحين والآخر نقاط تفتيش على الطرق إلى الجنوب وإلى الشرق من سرت، وأعلنوا مسؤوليتهم عن هجومين دمويين على قوات محلية.
وقال الصديق الصور، رئيس التحقيقات في مكتب المدعي العام، خلال مؤتمر صحافي في طرابلس، إن المحققين علموا بأن تنظيم داعش أسس جيشاً في الصحراء، بقيادة المتشدد الليبي المهدي سالم دنقو، الملقب بـ«أبو بركات»، يضم 3 كتائب تحت قيادة دنقو، ولكل منها قائد. وأكد الصديق أن «هذا الجيش تم تأسيسه بعد تحرير مدينة سرت، وهم موجودون الآن في الصحراء الليبية».
كان الجيش الأميركي قد شن 6 ضربات دقيقة بليبيا، استهدفت تنظيم داعش، وأسفرت عن مقتل 17 من مقاتلي التنظيم، على الرغم من إعلان حكومة السراج، التي تحظى بدعم المجتمع الدولي، استعادة السيطرة على المدينة في ديسمبر (كانون الأول) عام 2016، بإسناد جوي أميركي. وهذه هي المرة الثانية التي تعلن فيها واشنطن شن غارات جوية في ليبيا منذ تولي دونالد ترمب الرئاسة، مطلع العام الحالي.
ومن جهة ثانية، تعرض أمس «وفد للمصالحة» للاغتيال على طريق يقع بين بلدتي الشقيقة ومزدة (جنوب غربي طرابلس)، بعد إطلاق الرصاص على سيارة كانت تقل أفراده.
وقال المجلس المحلي لبني وليد، في بيان، أمس، إن اثنين من وفد المصالحة، كان يرافقهم شخصان آخران، «طالتهم أيادي الغدر» أثناء عودتهم من مدينة بني وليد، من لقاء مصالحة بين بلدتي المشاشية والزنتان، «وهذه ضريبة كل من يداوي جراح الوطن من داخله، بعيداً عن فنادق الدول الخارجية وحمايتها... لكننا لا نجزع».
إلى ذلك، اعتبر عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام «المنتهية ولايته» في العاصمة الليبية طرابلس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تمديد الاتحاد الأوروبي للعقوبات التي فرضها على 3 مسؤولين ليبيين لمدة 6 أشهر إضافية، من بينهم نوري أبو سهمين رئيس البرلمان السابق، «يقطع بعدم فهم أوروبا للمشهد الليبي».
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن تمديد العقوبات على أبو سهمين، بالإضافة إلى خليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الموالية له، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، بسبب «استمرارهم في تقويض السلام والمصالحة في البلاد».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.