فيلم «تونس الليل» يعرض الواقع التونسي بعيداً عن أحلام السينما

آمال الهذيلي في مشهد من الفيلم
آمال الهذيلي في مشهد من الفيلم
TT

فيلم «تونس الليل» يعرض الواقع التونسي بعيداً عن أحلام السينما

آمال الهذيلي في مشهد من الفيلم
آمال الهذيلي في مشهد من الفيلم

كان العرض الأول لفيلم «تونس الليل»، الذي أخرجه المخرج التونسي إلياس بكار، مناسبة لإعادة طرح العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة التونسية، والبحث عن النموذج الاجتماعي الذي يتماشى مع واقع تونس بعد ثورة 2011. وخلال عرضه لأول مرة مساء الجمعة بمقر المعهد الفرنسي بتونس، عادت الأسئلة من جديد حول علاقة السينما بالواقع، وهل تنقل السينما الواقع، غثه وسمينه، أم أنها تفتح أبواباً موصدة أمام المتفرج، وتسعى إلى تغيير واقعه الاجتماعي ونظرته الذاتية للواقع.
فيلم «تونس الليل»، الذي يؤدي أدوار البطولة فيه كل من رؤوف بن عمر وآمال الهذيلي وأميرة الشبلي وحلمي الدريدي، والذي يبلغ طوله 90 دقيقة، لم يفاجأ المتفرجين من حيث محتواه ورؤيته للواقع التونسي الغائم، ولكنه ذهب بعيداً - على حد تعبير أحد النقاد - في «جلد الذات، والكشف عن دهاليز العلاقات الاجتماعية المتذبذبة بطبعها، وتغافل عن وصف الدواء بعد التشخيص الصعب للحالات المعروضة في هذا الفيلم».
فيلم «تونس الليل» عرض في قاعات السينما التونسية أول من أمس، وسيكون حاضراً في الدورة المقبلة لـ«أيام قرطاج السينمائية»، خارج مسابقتها الرسمية.
وفي معرض نقدها لهذا الفيلم، قالت نجوى الحيدري، الناقدة السينمائية التونسية، إن قصة فيلم «تونس الليل» مشوقة وقريبة من الواقع التونسي، ولكن تنقصها الحبكة الدرامية، كما أن سيناريو الفيلم «ضعيف، ولم يبرز مأساة ومعاناة الشخصيات الرئيسية، على الرغم من حدة أوضاعهم النفسية والاجتماعية»، على حد تعبيرها.
ودفاعاً عن الفيلم، قال المخرج إلياس بكار، إن عمله السينمائي يعكس وجه تونس بعد الثورة، وهو على حد قوله: «فيلم روائي يطرح أسئلة وجودية لها علاقة بما يعيشه التونسيون اليوم»، وأكد أن التونسيين لم يعودوا يعرفون أنفسهم ولا بلادهم، فأفراد العائلة يعيشون مع بعضهم تحت سقف واحد، ولكنهم لا يعرفون بعضهم بعضاً حق المعرفة.
وأشار في تصريح إعلامي إثر العرض الأول للفيلم إلى أنه بدأ كتابة السيناريو بنفسه منذ نحو 10 سنوات، وقال إن حضوره في هذا الفيلم «نفسي بالأساس». واعتبر إلياس الفيلم تكريماً للعائلة التونسية، وللأشخاص الذين فقدوا القدرة على الحلم؛ وهو شريط يتهجّى التفاصيل الإنسانية بحثاً عن المحبة والسلام الروحي، على حد تعبيره.
وتنطلق أحداث «تونس الليل» يوم يحال الإعلامي «يوسف» على التقاعد، بعد أكثر من عقدين من العمل المتواصل في الإذاعة الوطنية التونسية. وبحكم عمله الإذاعي، يسمع عن شاب في مكان ما بسيدي بوزيد يحرق نفسه احتجاجاً على وضعه الاجتماعي.
هذا الخبر لم يؤثر في يوسف، ولم يغير شيئاً من طقوسه وعاداته اليومية، بل إنه استقبل يومه كعادته بإيقاع ممل رتيب طبع حياته التي يقضيها متنقلاً بين حانة «سانت جورج»، وسط العاصمة، ومبنى الإذاعة القريب. وككل صباح، دخن سيجارته أمام النافذة المفتوحة، وشرب قهوته الباردة قبل أن يلقي نظرة في مرآته المشروخة متأملاً جسداً نحيلاً أنهكه التعب.
أما زوجته، التي تدعى «أمل»، فتستعد لاستقبال نحو 50 امرأة دعتهن إلى منزلها ليلاً، في إطار نادٍ للموسيقى والطرب، في حين أن ابنتهما الصغرى «عزيزة» تعيش بعيدة عن إيقاع حياة الأسرة وقيمها: متحررة كوالدها، تسمع الموسيقى الصاخبة مع صديقها سليم.
أما الابن الأكبر «أمين»، الذي تعرض للقمع من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد حادثة 11 سبتمبر (أيلول) 2001، فيقسّم وقته بين المسجد ومحاولة نصح عائلته لاتباع الطريق المستقيم.
وفي تلك الليلة، أراد يوسف أن يشير إلى الحادثة التي وقعت في سيدي بوزيد، لكن تم قطع حصته الإذاعية المباشرة «تونس ليلاً»، بأمر من مديره الذي تلقى تعليمات عليا. وبمجرد خروجه من الإذاعة، يتم اعتقاله، ويخضع لاستجواب أمني طويل.
في ذاك المساء، تقدم ابنته عزيزة على الانتحار في غرفتها. وبعد سلسلة من الخيبات، يهرب يوسف تاركاً عائلته في هذه المدينة التي ضاقت بأهلها، ولم تعد تعرف أحداً.
يذكر أن المخرج التونسي إلياس بكار قد انطلق في عالم الفن السابع سنة 2004، بشريطه الروائي الأول «هي وهو»، وقد أخرج فيلماً وثائقياً «كلمة حمرا» سنة 2012، ثم فيلم «أنا فين» سنة 2016.


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.