إسرائيل تحاصر قرى شمال القدس انتقاماً لعملية المستوطنة

أعادت الجدل الأمني حول تصاريح العمل وسبل مواجهة العمليات

اشتباك بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خلال مظاهرات احتجاج على مصادرة أراضٍ في قرية تمّون قرب نابلس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
اشتباك بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خلال مظاهرات احتجاج على مصادرة أراضٍ في قرية تمّون قرب نابلس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحاصر قرى شمال القدس انتقاماً لعملية المستوطنة

اشتباك بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خلال مظاهرات احتجاج على مصادرة أراضٍ في قرية تمّون قرب نابلس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
اشتباك بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خلال مظاهرات احتجاج على مصادرة أراضٍ في قرية تمّون قرب نابلس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

نصبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بوابة حديدية ضخمة على مدخل طريق يؤدي إلى عدد من القرى، بينها بلدة بيت سوريك المحاصرة، مسقط رأس منفذ عملية مستوطنة هار أدار، شمال غربي القدس، التي أدت إلى مقتل 3 من حراس أمن المستوطنات.
وتسببت البوابة الكبيرة في محاصرة 11 بلدة وقرية تقع شمال غربي القدس، بعد أن وضعت على طريق النفق، الذي يشكل الممر الإجباري الوحيد لقرى وبلدات، بدو، وقطنة، وبيت سوريك، وبيت عنان، والقبيبة، وبيت دقو، والطيبة، وبيت أجزا، وبيت إكسا، والنبي صموئيل، وقرية أم اللحم.
واتخذت إسرائيل هذا الإجراء الانتقامي، فيما كانت قواتها تحاصر قرية بيت سوريك بشكل خاص، وتعلنها منطقة عسكرية مغلقة، وتمنع أي شخص من دخولها أو الخروج منها، في عقاب للقرية التي خرج منها الشاب نمر الجمل، الذي نفذ عملية المستوطنة.
ومنعت قوات الاحتلال أمس، أي مواطن من قرية بيت سوريك، أو حتى أي مركبات من الدخول أو الخروج، كما منعت سيارات الإسعاف والصحافيين من الوصول إلى القرية.
وتسبب إغلاق القرى المذكورة إلى شل الحياة فيها وقاد إلى مواجهات واسعة، أصيب خلالها 7 فلسطينيين على الأقل.
وفي الوقت هذا، أصيب 15 مواطنا في مواجهات في سهل البقيعة جنوب طوباس، جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة سلمية نظمت ضد الانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة.
وشارك في المسيرة التي نظمتها هيئة مقاومة الجدار، بالتعاون مع محافظة طوباس وحركة فتح، العشرات من ممثلي الفعاليات والمؤسسات المختلفة، وأصحاب الأراضي والمزارعين في سهل البقيعة، ونشطاء من المجتمع المدني.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف: إن إسرائيل تقوم بتطهير عرقي في المنطقة من خلال ممارساتها العنصرية التي تسعى، من خلالها، إلى طرد الوجود الفلسطيني، مشيرا إلى أن رسالة الشعب الفلسطيني هي لا للبوابات ولا للممارسات العنصرية التي يمارسها الاحتلال بحق المواطنين في الأغوار.
من جهته، قال القائم بأعمال محافظة طوباس، أحمد الأسعد: إن هذه الأرض هي ملك للفلسطينيين، ولا يمكن التنازل عنها حتى لو استخدم الاحتلال الوسائل كافة.
وقال أمين سر حركة فتح في طوباس، محمود صوافطة، سيكون هناك برنامج لاستكمال الوقفات الاحتجاجية في المنطقة، إلى أن يزيل الاحتلال البوابات التي تعيق تنقل المواطنين، وإعادة المركبات التي استولى عليها خلال الفترة الماضية.
ورفع المشاركون في المسيرة الإعلام الفلسطينية، ورددوا هتافات وطنية مناهضة للإجراءات والممارسات الإسرائيلية في المنطقة.
في سياق ردود فعلها أيضا، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 14 مواطناً من محافظات الضفة الغربية.
وقال نادي الأسير في بيان له، إن الاحتلال اعتقل أربعة مواطنين من محافظة جنين، وثلاثة من محافظة طولكرم، وثلاثة آخرين من محافظة الخليل، و2 من رام الله واثنين من قلقيلية ونابلس.
وفي إسرائيل، انشغلت القيادتان السياسية والأمنية بمناقشة الخطوات التي يجب اتخاذها للحد من الهجمات، وما إذا كان يمكن لها أن تشمل العقاب الجماعي ضد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ففي الحكومة يطالبون بإعادة النظر في إجراءات الفحص الأمني التي يديرها جهاز الأمن العام (الشاباك)، والتي سمحت لمنفذ العملية بالوصول إلى بوابة مستوطنة إسرائيلية مجاورة للخط الأخضر. لكن أجهزة الأمن تقول: إن بين مرتكبي هذه العمليات، شخص واحد يحمل تصريح عمل في إسرائيل، في حين كان فلسطيني مهاجم آخر (قتل اثنين من الإسرائيليين في مبنى بانوراما في تل أبيب) يحمل تصريحا مؤقتا انتهى مفعوله. هذه الحقيقة خدمت المؤسسة الأمنية في تبرير سياستها طوال فترة التوتر، التي تقول إن خطوات العقاب الجماعي، تزيد فقط من دوافع الهجمات. ولا فائدة من إلغاء تصاريح العمل؛ لأن الفلسطيني الذي يحمل تصريحا يفضل التركيز على إعالة أسرته. ومن شأن استمرار العمل في إسرائيل والمستوطنات في الضفة الغربية، بل وتوسيع نطاقها، أن يساعد على الفصل بين أغلبية السكان الفلسطينيين ودائرة منفذي العمليات، الصغيرة نسبيا. ومع أن نتنياهو أعلن عقب الهجوم مباشرة، أنه ملتزم بثلاثة أشياء: هدم بيت المهاجم، ومحاصرة قريته، وسحب تصاريح العمل من أسرته، وهرع للانضمام إليه وزراء ونواب كنيست من الائتلاف، الذين يتنافسون كالمعتاد على نشر التهديد بتدابير قاسية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن الجيش الإسرائيلي لا يغير توصيته المهنية: في الوقت الحالي، يعتبر الهجوم حادثا موضعيا، ولا يوجد سبب لمعاقبة مئات الآلاف من الفلسطينيين لفترة طويلة - وأي تحرك من هذا القبيل سيزيد فقط من خطر التدهور. ويستدل من تجربة الماضي، أنه عندما يصر الجيش على موقفه بشكل كاف، يميل السياسيون إلى التراجع.
تجدر الإشارة إلى هناك أكثر من 100 ألف فلسطيني من سكان الضفة الغربية يملكون تصاريح عمل تتيح لهم العمل في إسرائيل وفي المناطق الخاضعة للجيش الإسرائيلي وراء الخط الأخضر. ويملك 30 ألفا من هؤلاء تصاريح بالعمل في مستوطنات الضفة الغربية، كالتصريح الذي حصل عليه منفذ العملية في هار أدار.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.