مزاد لمقتنيات ملكة الأنيقات أودري هيبورن في لندن يتحول لعرض أزياء

ولداها لـ«الشرق الأوسط»: أردنا اقتسام القطع القريبة لقلبها مع العالم

TT

مزاد لمقتنيات ملكة الأنيقات أودري هيبورن في لندن يتحول لعرض أزياء

بفساتين سوداء قصيرة وأحذية بكعوب ممسوحة مثل التي ترتديها راقصات الباليه، تجولت موظفات دار «كريستيز» بمقرها في لندن خلال معرض لمجموعة أزياء الفنانة الراحلة أودري هيبورن يسبق المزاد الذي يقام يوم 27 سبتمبر (أيلول) الحالي. وبدا في اللحظات الأولى التي خطوت فيها لداخل القاعة أن زائرات المعرض والإعلاميات الموجودات أيضاً قررن ارتداء ملابس بسيطة ورشيقة امتناناً لذوق راقي في الملبس كانت هيبورن عرابته.
المعرض امتدَّ على عدة قاعات بمبنى «كريستيز» وعرض مجموعة ضخمة من أزياء سيدة الأناقة البسيطة والرشيقة، فساتين ومعاطف وأحذية... الكثير من الأحذية الملونة، كلها من طراز أحذية الباليه التي كانت تفضلها بطلة «سيدتي الجميلة». هناك أيضاً قطع الجواهر غير الثمينة التي ارتدتها كثيراً وأيضاً بعض القطع التي أُهدِيَت لها من أبطال أفلامها.
هيبورن مثلت 20 فيلماً، ومع ذلك سجلت اسمها كإحدى أيقونات السينما العالمية، وظلت متألقة من خلال ذوقها في اللبس، الذي تحول لخط موضة مستقل في حد ذاته، كما ظلت أفلامها تتمتع بالإقبال ذاته من أجيال عاصرت النجمة، وأجيال كثيرة لم تعاصرها، ولكنها أحبت تلك السيدة الرقيقة المرحة من خلال أفلامها.
من أهم القطع المعروضة في المزاد عدد من السيناريوهات لأفلام هيبورن، تحمل خطوطها وتعليقاتها التي كتبت بالحبر «التركواز» الذي كان علامة مميزة لها. في سيناريو «إفطار في تيفاني» أحد أشهر أفلامها، استخدمت هيبورن القلم الرصاص لوضع الخطوط تحت بعض الكلمات وكأنها تحدد مواطن التركيز في الجمل لتساعدها في الإلقاء، وفي صفحة مقابلة إعادة كتابة كلمات شخصيتها في الفيلم بالحبر التركواز: «تستطيعين رؤية ما خطته بيدها هنا» علق آدريان هيوم ساير مدير قسم المجموعات الخاصة بـ«كريستيز» مشيراً للسيناريو الموضوع خلف خزانة زجاجية، ويستطرد: «كانت طريقتها لتعلم الأسطر، ومن خلال تعليقات على الحواشي كانت تبني الشخصية التي كانت ستقوم بها في الفيلم». يشير إلى أن المزاد يضم سيناريوهات أشهر أفلام هيبورن مثل «سابرينا» و«سيدتي الجميلة».
وبما أننا في حضرة ملكة الأنيقات فلا بد أن نتجه بنظرنا للعرض الضخم لقطع الملابس الأثيرة لديها. أقول لساير إن هيبورن تبدو معاصرة جداً، فطريقتها في اللبس لا تزال محبوبة حتى الآن، يقول «بالفعل إنه أمر مدهش، وكثير من الناس يؤكدون على صحة ذلك، فهذا المعطف أمامنا من تصميم (فالنتينو) وكأنه فصل للبس الآن (هذا بالطبع إذا وجدنا امرأة بمحيط خصر متناهي الصغر مثل أودري هيبورن)».
لهيبورن نفوذ وتأثير في عالم الموضة، لمساتها واختياراتها وتبنيها أسلوباً معيناً في اللبس كل ذلك خلق صورة مميزة لها، رغم أنها كانت تتعامل مع كبار المصممين، وأهمهم صديقها المقرب هيبار جيفنشي، الذي صمم لها معظم ملابسها. يشير ساير إلى أن ذوق أودري كان موجوداً دائماً في الملابس التي تُصمَّم لها: «علاقتها مع جيفنشي كانت مَرِنة، وتأثر هو بها كما تأثرت هي به. سمعت من ابنها شون أن جيفنشي كان كثيراً ما كان يعرض عليها تصميمات، فتقوم هي على الفور بتغييرها... تنزع وردات أو إضافات لا ترى لها فائدة، كانت تريد الخطوط الواضحة».
في الخزانات الزجاجية المضاءة كثير من قطع الجواهر (الإكسسوارات) والقليل جداً من المعادن الثمينة أو الأحجار الكريمة، «لم تكن تحب اقتناء الجواهر الثمينة» يعلق ساير ويضيف: «كانت تذهب لحفل الأوسكار وهي مرتدية قرطاً (إكسسوار) مع فستان من تصميم (جيفنشي)، وكانت تبدو في كامل الأناقة، أكثر ما يهمها هو أن تبدو بسيطة وغير متكلفة وأنيقة. البساطة والأناقة هما الأساس بالنسبة لهيبورن».
في المزاد أيضاً عدد ضخم جدا من الصور الفوتوغرافية التي التقطها مشاهير المصورين العالميين أمثال سيسيل بيتون الذي نجد له صور من فيلم «سيدتي الجميلة»، يشير ساير إلى أن كل الصور كانت ملكاً لهيبورن احتفظت بها في منزلها بسويسرا. «أعتقد أننا محظوظون أن هذه المجموعة من المقتنيات هنا اليوم، فالمعروف عن هيبورن أن كانت تحب إهداء متعلقاتها وملابسها، ولولا أنها لم تترك منزلها في سويسرا لكانت محتويات المستودع الذي احتفظت فيه بكل هذه المتعلقات قد تبعثرت أو أهديت».
ألاحظ غياب بعض الفساتين الشهيرة لهيبورن، خصوصاً التي ارتدتها في «سيدتي الجميلة» و«سابرينا»، وهو ما يؤكده ساير، مضيفاً أنها منحت الكثير من تلك الفساتين لأصدقاء ومعارف واحتفظت بالقطع التي تحبها فقط.
في كل حديث أو تعليق على أودري هيبورن خلال الجولة كان الكل يتفق على أنها كانت امرأة «عادية» تحب عائلتها وتعيش حياتها ببساطة، وبالتالي كان أول ما خطر على بالي عندما التقيت بابن أودري هيبورن الأكبر شون فيرير أن أسأله عن حياته مع والدته وعن إحساسه بوجود كل تلك القطع التي عاصرها ورآها على والدته خلال حياتها وحافظ عليها بعد مماتها. يقول إنه قرر مع أخيه من والدته لوكا دوتي أن يعرضا معظم المتعلقات التي ورثاها عنها للبيع: «العام المقبل يصادف الذكرى 25 لوفاة والدتي والعام الذي يليه كانت ستكمل 90 عاماً لو كان القدر أمهلها، جلست مع أخي لوكا لنفكر بماذا نفعل في هذه الذكرى وقلنا إننا نمتلك هذه المجموعة القيمة، التي قمنا بعرضها من قبل لصالح اليونيسيف والمنظمات الخيرية»، يستكمل فيرير كلامه: «اخترنا القطع التي نريد أن نحتفظ بها، مثل فساتين الزفاف وفساتين التعميد لي ولأخي وقررنا أن نتقاسم باقي الأشياء مع العالم».
شون فيرير يقول إن سر أودري هيبورن هو أنها «كانت واحدة من الناس، كانت إنساناً بكل معاني الكلمة، لم تنسَ المعاناة التي مرت بها في شبابها تحت الاحتلال النازي والجوع الذي تركها هزيلة ومريضة. كانت تقدر الفرصة التي مُنِحَت لها لتعمل ولتعيل نفسها ووالدتها».
يرى فيرير أن كل ذلك أسهم في تكوين شخصية والدته وفي تواضعها وبساطتها: «كانت تملك سيارات بسيطة وكانت ترتدي الجواهر (الإكسسوار).. أذكر أن مصمماً شهيراً قال: (كيف تستطيع أن تلمع دون ارتداء الماس؟!).. أقول: إنها استطاعت ذلك».
أما لوكا دوتي الابن الأصغر لهيبورن فيقول إن والدته كانت عادية جدا في المنزل: «كانت أما تقليدية، وكان الحديث على المائدة في منزلنا دائما يدور عن عمل والدي وعما فعلناه في المدرسة، لم تكن تتحدث عن عملها كثيراً. كنا نعرف بالطبع أنها ممثلة مشهورة من الأفلام ومن الصحف، وحتى أصدقاؤها من المشاهير لم تكن تذكرهم كنجوم، وإنما كأصدقاء، ولكن ذلك الإحساس بالطبيعية فيما أعتقد تطلب مجهوداً كبيراً من جانبها والتمرين».
يشير رداً على تساؤلي عن الملابس التي تتوزع حولنا وذوق صاحبتها: «كانت بسيطة وتحب الأشياء البسيطة، كانت تحب الأزياء وتحب الإتقان في الصنعة والخامات الجيدة، ولكنها كانت دائماً تقول إنها تفضل الأزياء الرجالية، ليس لأنها كانت تحب ارتداءها، ولكن حسب ما قالت، الرجال عندما يجدون قصة البدلة المناسبة لهم يلبسونها دائماً بينما تميل النساء لتجربة. كانت دائماً تبحث عن خطوط وقطع تناسبها... عندما بدأت العمل في هوليوود كانت نحيفة جداً وطويلة جداً، في أول أفلامها حاولوا جعلها ترتدي (حشوات) لتبدو أكثر امتلاء، وصممت ملابس (إجازة في روما) لتخفي ملامح جسمها النحيف، وعندما قابلت جيفنشي حدث تغيير كبير، تفاهما وكانا يتفقان في رؤيتهما واستطاعت أن تلبس كما كانت تحب. في المنزل كما عرفتها كانت ترتدي (جينز وتيشيرت)، كانت عملية جداً وتقليدية في هذه النقطة».
أسأله: «هل كانت تفضل زيا محددا؟» يشير إلى فستان من قطعتين باللون الأسود بأطراف لامعة: «هذا الفستان الذي ارتدته في فيلم (شارايد)، كانت اشترته قبل الفيلم وارتدته قبل وبعد». يمضي دوتي في تذكر والدته: «هناك شيء في أمي أتذكره بتقدير، وهو أنها كانت تحترم العمر، عندما تقدمت في العمر غيرت في طريقة ملابسها، قائلة: (لم أعد مراهقة. وكانت سعيدة بتقدم العمر، ولها مقولة بأن كل فترة عمرية تشبه فصلاً من فصول السنة، وكل فصل يتميز بشيء واحد. ما يحز في قلوبنا هو أنها لم تعش لتصبح جدة».
أودري هيبورن التي اشتهرت بالخصر النحيف وبالقوام الرشيق أبداً، أسأله «هل كانت تتبع حمية غذائية؟»، يجيب: «كانت حريصة عند تناول الطعام ولكنها لم تتبع أي حمية، فهي كانت تعرف الأطعمة المفيدة لها، وتتجنب ما يمكن أن (يسمنها). الأمر له علاقة أكثر من أي شيء بأنها كانت ترقص الباليه وتدربت على احترام ما تتناوله. ولكنها كانت دائماً ما تتمرد على القواعد فتحن إلى طبق من الباستا، وكانت تتناول قطعة من الشوكولاته كل ليلة».


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».