نظم ذكاء صناعي ترصد بدايات الإصابة بمرض ألزهايمر قبل 10 سنوات

اكتشاف عامل جيني جديد يقود إلى تدهور الإدراك

أجهزة المسح بالرنين المغناطيسي توظف في التشخيص الطبي
أجهزة المسح بالرنين المغناطيسي توظف في التشخيص الطبي
TT

نظم ذكاء صناعي ترصد بدايات الإصابة بمرض ألزهايمر قبل 10 سنوات

أجهزة المسح بالرنين المغناطيسي توظف في التشخيص الطبي
أجهزة المسح بالرنين المغناطيسي توظف في التشخيص الطبي

في حدثين طبيين بارزين قال فريق من الباحثين الإيطاليين إنهم طوروا نظم ذكاء صناعي تتعرف على أولى علامات مرض ألزهايمر المسبب للخرف والعته الدماغي، فيما أعلن علماء أميركيون وبريطانيون أنهم عثروا على دور لأحد الجينات غير المعروفة بعلاقتها في الإصابة بالمرض، وهو الأمر الذي سيغير النظريات السائدة حول عوامل الخطر الجينية للمرض.
وقال باحثون في جامعة باري الإيطالية إن نظمهم الذكية رصدت بدايات ألزهايمر، بعد تدقيقها لصور مسوحات الدماغ للمعرضين لهذا المرض قبل عقد من السنين من إصابتهم به. ويأتي هذا التطوير ضمن توجهات الباحثين الطبيين حول العالم لرصد المرض مبكراً، بعد أن عجز الأطباء حالياً عن ذلك.
وطور الباحثون خوارزميات - وهي برمجيات كومبيوترية تتبع نهجاً محدداً - تسمح بتحليل صور المسح بأشعة الرنين المغناطيسي بهدف التعرف على التغيرات في البنية الداخلية للدماغ نتيجة الإصابة بالمرض. وقالوا إن دقة نجاح هذا التحليل تقارب نسبة 80 في المائة. ويرجح الخبراء أن تدخل مثل هذه النظم الذكية إلى حيز العمل في المستشفيات الحكومية خلال السنوات العشر المقبلة، إلا أنها قد تستخدم في زمن أقصر بالمستشفيات الخاصة.

نظم ذكاء صناعي

وتتعلم هذه البرمجيات، وتتدرب، أثناء عملها في رصد علامات المرض الأولى، من دون برمجتها مسبقا ومن دون ضخ معلومات متواصلة إليها. ويعني هذا أنها ستزود العلماء ربما بعلامات إضافية عن بدايات المرض لا تُعرف حتى الآن.
وقالت الدكتورة ماريانا لاروكا البرمجيات الجديدة التي تم تدريبها على 38 من صور المسوحات التي أُجرِيَت على مصابين بمرض ألزهايمر، وصور أخرى من مسوحات أُجرِيَت على 29 من الأصحاء. ثم جرب الفريق العلمي البرمجيات على مسوحات لمجموعة أخرى من 148 شخصاً، 52 منهم كانوا من المرضى، و48 من المصابين بخلل طفيف في الإدراك تطور المرض لديهم ليصابوا لاحقاً بمرض ألزهايمر بعد مرور 10 سنوات.
وقد نجحت نظم الذكاء الصناعي بالتفريق بين أصحاب الدماغ السليم والدماغ المصاب بالمرض بنسبة 86 في المائة، كما ظهر أن الدقة وصلت أيضاً إلى 84 في المائة عند تفريق النظم بين الأصحاء والمصابين بخلل طفيف في الإدراك أصيبوا بالمرض لاحقاً.
ويؤدي الخلل الطفيف في الإدراك إلى حدوث مشكلات في التذكر واسترجاع الذاكرة، إلا أنه لا يؤدي إلى التأثير على الوظائف اليومية. ومع ذلك فإنه يقود للإصابة بالمرض. ويصعب على الأطباء تشخيص الحالة المرضية اعتماداً على أعراض هذا الخلل الأولية لأنها قد تكون من الأعراض العادية لتقدم العمر.
ويصيب مرض ألزهايمر وأمراض الخرف الأخرى ملايين الأشخاص في العالم، ولا يوجد أي عقار شافٍ له ولا يتمكن الأطباء من رصده مبكراً بهدف علاج المصابين بسرعة. ولذا يعتقد كثير من الخبراء أن النظم الجديدة ستساعد الأطباء في تشخيص المرض قبل ظهور أعراضه.
وتجدر الإشارة إلى أن باحثين أميركيين من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا ومن جامعة ويسترن ريزيرف في أوهايو قد استخدموا آلات ذكاء صناعي تتعلم على كيفية رصد تطور مرض ألزهايمر، كما نجح باحثون في جامعة ماكجيل الكندية في تحقيق نسبة 84 في المائة من دقة توقع حدوث المرض قبل سنتين فقط من حدوث المرض.
ونقلت مجلة «نيو ساينتست» عن الدكتورة لاروكا أن الفحص بنظم الذكاء الصناعي سيكون أرخص ويوفر راحة أكثر للمرضى من طرق التدخل التي تدرس الترسبات داخل المخ، كما أنه يمكن أن يوظف لرصد علامات الخلل الطفيف في الإدراك مباشرة، إضافة إلى احتمال تطوره وتوظيفه في المستقبل لرصد بدايات مرض باركنسون أيضاً.
وعلق داو براون مدير قسم الأبحاث في جمعية ألزهايمر البريطانية على الدراسة بأن نتائجها تعتبر واعدة لأنها ترصد أولى علامات الخرف التي يصعب التعرف عليها. إلا أنه أضاف أن دقة النظم لا تزال غير كافية حتى الآن. ويتوقع الخبراء أن تصبح نظم الذكاء الصناعي منتشرة في المجالات الطبية، حيث وضعت وزارة الصحة البريطانية توقعات لحدوث مقابلات للمرضى مع النظم الذكية البديلة للأطباء، بحلول عام 2028.

خطر جيني جديد

على صعيد ثانٍ قال علماء في جامعة ساوث كاليفورنيا الأميركية وجامعة مانشستر البريطانية، إنهم عثروا على عامل جيني مستقل يلعب دوره في حدوث مرض ألزهايمر ما قد يغير الفرضيات الحالية حول الجينات المسببة للمرض.
وحتى الآن سادت الفرضية القائلة إن الجين المسمى «أبو إي 4» ApoE4 هو العلامة الجينية الرئيسية للإصابة بألزهايمر وبأمراض الخرف الأخرى، إذ إنه مسؤول عن تراكم الكولسترول في الأوعية الدموية، كما أن نسخة منه يطلق عليها «إي 4» (e4) ترتبط بقوة بخطر الإصابة بمرض ألزهايمر.
واكتشف الباحثون الذين نشروا نتائج دراستهم في مجلة «بلوس وان»، أن الجين المسمى «توم 4» (TOMM40) هو لاعب أساسي في حدوث المرض وهو «قائد أوركسترا» لعمليات تدهور الإدراك المصاحب لأمراض الخرف.
وقالت ثاليدا ارباونغ طالبة الدكتوراه في كلية علم النفس بجامعة ساوث كاليفورنيا المشاركة في الدراسة: «في العادة كان الجين (أبو إي 4) يعتبر العامل الجيني الخطر الرئيسي في حدوث تدهور الإدراك والإصابة بألزهايمر وأمراض الخرف، إلا أن دراستنا وجدت أن المتغير الجيني (توم 40) في الواقع كان أكثر قوة من الجين الأول في حدوث تدهور في الذاكرة المباشرة - أي القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة».
واختبر الباحثون برئاسة كارول بريسكوت البروفسورة في الجامعة «الذاكرة المباشرة» وكذلك «استرجاع الذاكرة المتأخر» لدى مجموعات من الأشخاص. والذاكرة المباشرة تشبه استماع الشخص إلى شروح حول اتجاهات الطريق مثلاً، ثم تذكرها بهد الانتهاء من الشرح. أما استرجاع الذاكرة المتأخر فيعني أن بمقدور الشخص تذكر اتجاهات الطريق تلك بعد مرور زمن على شرحها.
ودقق الباحثون في عمل نحو 1.2 مليون من المتغيرات الجينية في الجينوم البشري للبحث عن رابطة تربط بين أحدها ونتائج اختبارات الذاكرة البشرية التي أجروها، ولم يعثروا على رابطة قوية بين كل من الذاكرة المباشرة واسترجاع الذاكرة المتأخر إلا عند الجين «توم 40»، كما وجدوا أيضاً الرابطة بين ذلك والجين «أبو إي 4». وقال العلماء إن نتائجهم تشير إلى احتمال وجود تأثير مباشر من الجين «توم 40» على تدهور الذاكرة بشكل مستقل عن تأثير نسخة «إي 4» من الجين الأول.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.