رفض كردي حاد لإقالة محافظ كركوك

البرلمان اتخذ القرار بناء على طلب العبادي... وكريم يرفض التنفيذ

TT

رفض كردي حاد لإقالة محافظ كركوك

غداة تصويته على قرار رفض مشروع استفتاء إقليم كردستان، وافق مجلس النواب العراقي، أمس، على طلب رئيس الوزراء حيدر العبادي إقالة محافظ كركوك الكردي نجم الدين كريم من منصبه، لدعمه إشراك المحافظة المتنازع عليها في الاستفتاء الكردي. وأدان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني القرار، فيما رفض المحافظ المُقال تنفيذه.
وكان مجلس النواب صوّت على إقالة المحافظ بناءً على طلب تقدم به رئيس الوزراء حيدر العبادي، استناداً إلى إحدى مواد قانون المحافظات التي تنص على أن «لمجلس النواب إقالة المحافظ بالأغلبية المطلقة بناءً على اقتراح رئيس الوزراء»، في حال عدم النزاهة أو استغلال المنصب الوظيفي والتسبب في هدر المال العام، أو «الإهمال أو التقصير المتعمدين في أداء الواجب والمسؤولية».
ويبدو أن الفقرة الأخيرة هي التي استند إليها رئيس الوزراء والبرلمان في إقالة كريم، بعد أن قرر شمول محافظة كركوك الخارجة عن سيطرة إقليم كردستان بالاستفتاء المزمع أجراؤه في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وأكدت مصادر برلمانية أن النواب الكرد قدموا طلباً لتأجيل مناقشة إقالة محافظ كركوك إلى السبت المقبل، لإعطاء فرصة أمام الوفد الكردي المفاوض المزمع وصوله إلى بغداد قريباً. لكن أكثرية النواب الحاضرين رفضوا طلب الكرد بتأجيل إقالة المحافظ.
وعدّ مقرر مجلس النواب نيازي أوغلو أن «كل المكونات والأطياف وقفت ضد فساد محافظة كركوك»، مشيراً إلى أن «خروقات كثيرة جعلتنا ننتفض بوجهه والتصويت على إقالته».
لكن المحافظ المُقال عدّ أن قرار إقالته «مفخرة لكركوك ولي شخصياً». وقال مكتبه في بيان إن «مجلس محافظة كركوك الحالي لا ينطبق عليه قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم المرقم (21)؛ بل هو يعمل وفق (قانون بريمر) رقم (34) الذي حدد تعيين وإقالة المحافظ حصراً من قبل مجلس محافظة كركوك». ولفت إلى أن «نجم الدين كريم باقٍ في مهامه وخدمة مواطني كركوك الذين منحوا أصواتهم له بجميع مكوناتهم، لذا فقرار البرلمان العراقي باطل ولا يعني لكركوك شيئا». ونقلت وكالة «رويترز» عن كريم قوله: «سأبقى في منصبي... الاستفتاء سيتم كما هو مخطط له... رئيس الوزراء لا يملك سلطة تقديم طلب للبرلمان لإقالتي».
ورد «الاتحاد الوطني الكردستاني»، (حزب الرئيس العراقي السابق جلال طالباني)، الذي ينتمي إليه محافظ كركوك على القرار بأن «كردستان غير ملزمة بتنفيذ قرار البرلمان العراقي». وعدّ الناطق باسم المكتب السياسي للحزب سعدي بيرة أن «ما أقدم عليه البرلمان العراقي إجراء سياسي، وهذا الإجراء هو الثاني من نوعه ضد عملية الاستفتاء في كردستان خلال أيام، وهم يستفيدون من البرلمان لإصدار هذه القرارات، ومن المفروض أن يكون البرلمان العراقي أداة لتعميق الديمقراطية وبناء دولة القانون والمواطنة، لكنه يُستخدم أداة قمع بيد المتطرفين والأشرار والقوميين والشوفينيين في العراق، وهذه خطوة سيئة، ولن تخيفنا». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار غير قانوني... بحسب المادة (140) من الدستور، فإن محافظة كركوك غير خاضعة لقرار البرلمان ورئيس الوزراء، وقرار إقالة محافظها ولد ميتاً وسيُلغى بسرعة، ونحن غير ملزمين به».
من جهة أخرى، قال رئيس «تيار الحكمة» عمار الحكيم، أمس، إن إصرار الكرد على الاستفتاء يمثل «خطوة في الاتجاه المعاكس»، داعياً رئيس الإقليم إلى «عدم غلق الأبواب أمام الحوار والحلول العملية». وخاطب الأكراد قائلا إن «قوّتكم لن تكون إلا ضمن الأمة العراقية، وإجراء الاستفتاء والإصرار عليه خطوة في الاتجاه المعاكس وتعرض الوئام المجتمعي لهزة عنيفة».
وقال الحكيم في كلمة له خلال مؤتمر في محافظة النجف، إن «الاختلاف سنّة إلهية، وما دام الاختلاف قدر العراق، فنحن بحاجة إلى الحوار. يجب أن نتحاور مع المختلف معنا، وهو مدخل إلى حل المشاكل، لا سيما في هذا الظرف الذي يمر على العراق، وأيضاً نخلق لغة مشتركة، كما أنه يجب أن نحتكم إلى الدستور في أي حوار». وأضاف: «لقد جمعنا الوطن بكل تحدياته مع الشعب الكردي، ووقفنا دفاعاً عنه منذ مرجعية الحكيم، وصولاً إلى السيد السيستاني والقوى السياسية التي حرصت على استيفاء الحقوق».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».