«الإلغاء السياسي» لاحتفال انتصار الجيش يطغى على «اللوجيستي»

TT

«الإلغاء السياسي» لاحتفال انتصار الجيش يطغى على «اللوجيستي»

تضاربت الأنباء حول الأسباب التي حملت وزارتي الدفاع والسياحة اللبنانيتين، على إلغاء «احتفال النصر» الذي كانت مقررة إقامته في وسط بيروت الخميس، احتفاء بانتصار الجيش اللبناني على تنظيم داعش، وتنظيف حدود لبنان الشرقية من أي وجود للمجموعات الإرهابية.
وفي وقت عزت فيه مصادر مطلعة الأسباب إلى «سوء التنظيم»، ربط سياسيون بين إلغاء الحفل وما تردد عن امتعاض «حزب الله» من احتفال الدولة بتحقيق نصر لم يكن الحزب يريده، ما دام يحتكر لنفسه حق حماية الحدود، إلا أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، دعا إلى فتح تحقيق لمعرفة أسباب وخلفيات إلغاء الاحتفال الرسمي.
قيادة الجيش التي تتهيأ لإقامة حفل تقيمه السبت في قاعدة رياق الجوية في البقاع، تكريماً للضباط والعسكريين الذين شاركوا في معركة «فجر الجرود» وتطهير جرود رأس بعلبك والقاع الواقعة على الحدود الشرقية، من تنظيم داعش، نفت أي علاقة لها باحتفال وسط بيروت. وأكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاحتفال الملغى كان مقرراً له أن يكون احتفالاً مدنياً وليس عسكرياً». وقال إن قيادة الجيش «نظمت احتفالاً تكريمياً ناجحاً للعسكريين الشهداء، الذين قتلهم إرهاب (داعش)، وهي تنظّم احتفالاً يوم السبت المقبل، لتكريم العسكريين والضباط الذين شاركوا في معركة (فجر الجرود)». وذكر المصدر العسكري أن «وزارة الدفاع جهة سياسية، أما الجيش فهو جهة عسكرية».
إلى ذلك، أوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن «إلغاء الاحتفال له سببان: الأول، سوء التنظيم وضيق الوقت، خصوصا أن رئيس الحكومة سعد الحريري يقوم بزيارة رسمية إلى موسكو. الثاني أن الاحتفال يتزامن مع (عيد الصليب) الذي تحتفل به الطوائف المسيحية». ورأت أن «هناك تخوّفا من تدني الحضور الرسمي، وتراجع الحضور الشعبي، الذي قد يسيء إلى المناسبة ويعطي انطباعاً مغايراً للواقع».
وبغض النظر عن وجود دوافع سياسية لإلغاء الاحتفال أم لا، فإن قيادة الجيش ماضية في استثمار الإنجازات التي حققتها الوحدات العسكرية، وأعلنت القيادة في بيان لها، عن «إقامة حفل تكريمي يوم السبت المقبل (بعد غد)، برئاسة قائد الجيش العماد جوزيف عون، تكريماً للوحدات العسكرية التي شاركت في عملية (فجر الجرود)، بحضور أعضاء المجلس العسكري وقادة الأجهزة الأمنية»، مشيرة إلى أن الاحتفال «سيقام في قاعدة رياق الجوية في البقاع».
قرار إلغاء الاحتفال في «ساحة رياض الصلح» في وسط بيروت، أثار ردود فعل سياسية غاضبة، حيث دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلى «إجراء تحقيق حول أسباب إلغاء احتفال النصر، الذي كان اللبنانيون بانتظاره للاحتفال بانتصار الجيش ومنطق الدولة في معركة (فجر الجرود)».
أما منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، فعدّ أن «التذرع بأسباب لوجيستية لإلغاء المهرجان، مردود من أساسه، لأن وزير الدفاع (يعقوب الصراف)، هو من أعلن قبل أيام قليلة أن كل الأمور اللوجيستية أنجزت لإقامة الاحتفال». وأكد سعيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «أسباباً سياسية تقف وراء تطيير الاحتفال». وقال: «هناك طرف (حزب الله) منزعج من انتصار الجيش اللبناني بدعم دولي، خصوصاً أميركياً بريطانياً، وهذا الطرف لا يقبل تقاسم الانتصار بينه وبين الدولة، إنما يريد احتكار الانتصارات».
ورأى سعيد أن «(حزب الله) يعتقد أن انتصار الدولة، يفقده وهج انتصاره، واللوم هنا لا يقع على الحزب؛ إنما على حكومة لبنان وعلى رئيس جمهورية لبنان». وسأل: «كيف يمكن التفريط بموضوع وطني بامتياز؟»، لافتاً إلى أن «الشعب اللبناني يعتبر أن ما قام به الجيش إنجاز لكل اللبنانيين»، داعياً إلى «تكبير انتصار الدولة وتصغير انتصار الميليشيات»، مبدياً أسفه لأن «(حزب الله) نجح في إقامة مهرجان النصر في بعلبك، بينما فشلت الدولية بإقامة مهرجان النصر في بيروت».
وعدّ عضو «كتلة المستقبل» النائب نبيل دوفريج أن «المتضرر الوحيد من تقوية الجيش هو (حزب الله)، وإذا تبين أن الحزب وراء إلغاء احتفال النصر في (ساحة الشهداء)، فهو سيكون الخاسر الأكبر»، مذكرا بخطاب لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في «يوم الشهداء» الذي لمح إلى أن «(حزب الله) لا يناسبه أن يصل الجيش إلى انتصار تام».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.