بعد مكة المكرمة... الحجاج ينعشون أسواق المدينة المنورة

يزورون المسجد النبوي قبل مغادرتهم إلى أوطانهم

محال الأقمشة والملابس الجاهزة في المدينة (واس)
محال الأقمشة والملابس الجاهزة في المدينة (واس)
TT

بعد مكة المكرمة... الحجاج ينعشون أسواق المدينة المنورة

محال الأقمشة والملابس الجاهزة في المدينة (واس)
محال الأقمشة والملابس الجاهزة في المدينة (واس)

وصل مئات آلاف الحجاج إلى المدينة المنورة خلال الأيام الماضية لزيارة المسجد النبوي، والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما، وزيارة عدد من المساجد والمواقع التاريخية التي تضمها المدينة.
وتعمل مختلف القطاعات والأجهزة الحكومية والأهلية والخيرية بالمدينة المنورة على استقبال حجاج بيت الله الحرام القادمين براً عبر طريق الهجرة السريع، ومتابعة انسيابية وصول الحافلات إلى المنطقة المركزية ومناطق سكن الحجاج، واستكمال التجهيزات والمتطلبات التي تضمن راحة الحجاج، ومتابعة وصولهم إلى مساكنهم بالتنسيق مع مكاتب الخدمة الميدانية.
وزار المدينة المنورة نحو 900 ألف حاج قبل أداء مناسك الحج، ويتوقع تدفق نحو 700 ألف من ضيوف الرحمن إلى المدينة قادمين من مكة المكرمة خلال الأيام المقبلة.
ومع ازدياد أعداد الحجاج الواصلين إلى المدينة المنورة، تشهد الأسواق انتعاشاً في حركة البيع والشراء من ضيوف الرحمن والزائرين الذين يحرصون على شراء هداياهم قبل العودة إلى أوطانهم.
وتتنوّع الأنشطة التجارية في أرجاء المنطقة المركزية المجاورة للمسجد النبوي الشريف وإقبال الزائرين على التسوّق وشراء أصناف من السلع، وتعد محال الأقمشة والملابس الجاهزة، والذهب والمشغولات الفضية والسبح والإلكترونيات الأكثر استقطاباً للحجاج.
وذكر سهيل المهري البائع في محل للذهب في شارع السلام، أن زبائن المحل من مختلف الجنسيات، مبيناً أن جودة المنتجات السعودية من الذهب تجعله الأكثر طلباً لدى الحجاج، كما تتوفر أصناف عديدة من الذهب ومنها الكويتي والبحريني وأنواع أخرى من المشغولات الذهبية.
وأضاف المهري أن حجاج باكستان يفضّلون شراء الأساور الذهبية، فيما يفضّل حجاج أفريقيا شراء أطقم الذهب التي تحوي قلادة وخاتماً وأقراط الأذن، في حين يقبل حجاج إندونيسيا على شراء الخواتم بشكل خاص لتقديمها هدايا، مضيفاً أن حركة الشراء في موسم ما قبل الحج هذا العام أقل من الفترة ذاتها من العام الماضي، معرباً عن أمله بأن يعوّض موسم ما بعد الحج ضعف الإقبال الذي شهده الموسم الأول.
وبمحاذاة محل الذهب توجد العديد من الأنشطة التجارية الأخرى، إذ يقبل الحجاج على شراء الهدايا كالسبح والخواتم، وحقائب اليد وغيرها من السلع، وأكد حجاج أن برنامج رحلة الحج كان ميسّراً، وأمضوا جميع أوقاتهم بطمأنينة وراحة بدءاً بمجيئهم إلى جدة، ثم توجّههم إلى المشاعر المقدسة بمكة المكرمة لأداء مناسك الحج، ثم الانتقال إلى المدينة المنورة براً للصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلام عليه، وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، حيث يقيمون بضعة أيام قبل المغادرة جواً إلى بلادهم.
ولفت عبد الله عبد الحميد البائع في محل للسبح، إلى أن غالبية الحجاج يفضّلون السبح التقليدية التي تقل أسعارها عن 10 ريالات، نظراً لشرائهم كميات كبيرة لتقديمها هدايا، مبيناً أن بعض الحجاج يبحثون عن أنواع من السبح ذات جودة عالية تصنع من الأحجار الكريمة، وتصل قيمتها إلى آلاف الريالات، ومنها «اليسر» المطرّزة بالفضة، وتعدّ من السبح متوسطة الثمن، ويتراوح سعر الواحدة بين 100 و500 ريال بحسب جودتها، والمشغولات الفضية التي تحويها، في حين يندر شراء سبح «الكهرمان» الأصلي الذي يتكوّن من أحجار الكهرمان النادرة، ويقدّر سعرها بالجرام، حيث تباع بأسعار تصل إلى 3000 ريال وأكثر، نظراً لرائحته الفواحة، والرونق الذي يضفيه الحجر على السبحة، كما أن هناك أحجار «الكوك» بنوعيه المصري والتركي، وتباع بأسعار تتفاوت بين 20 ريالاً وتصل إلى 100 ريال تقريباً.
وتعدّ تمور المدينة المنورة أكثر الهدايا التي يقبل الحجاج على شرائها قبل عودتهم إلى ديارهم، وخصّص للتمور سوق في الناحية الغربية من المسجد النبوي، كما تكثر محال بيعها في فنادق المنطقة المركزية لتلبية طلبات الزائرين والحجاج خلال مواسم العمرة والحج.
وقال بائع التمور محمد عاصم إن الحجاج يفضّلون تمر العجوة الذي يباع بالكيلوغرام، ويتراوح سعره بين 35 و80 ريالاً بحسب حجم حبة التمر وسنة جنيها، مضيفاً أن تمر العجوة الآن يزرع في المدينة المنورة وبعض الضواحي، ولكن تظل عجوة العالية الأعلى سعراً.
وأشار إلى أن الحجاج من جميع الجنسيات يقبلون على شراء التمور خصوصاً من باكستان ومصر وتركيا، مبيناً أن تمور العنبرة والصفاوي والصقعي تعدّ الأكثر طلباً، باعتبار أن مدة صلاحيتها أكثر من غيرها من الأصناف، ولا تتأثر بدرجة الحرارة أثناء شحنها أو تخزينها.


مقالات ذات صلة

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

الخليج الأمير سعود بن مشعل أكد ضرورة تكثيف التنسيق بين كافة القطاعات لتهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

نحو تهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات وتسهيل طرق الحصول عليها وتحسين المرافق التي تحتضن هذه الشعيرة العظيمة، أعلنت السعودية عن بدء التخطيط الزمني لحج 1446هـ.

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج 7700 رحلة جوية عبر 6 مطارات نقلت حجاج الخارج إلى السعودية لأداء فريضة الحج (واس)

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

غادر أراضي السعودية، الأحد، آخر فوج من حجاج العام الهجري المنصرم 1445هـ، على «الخطوط السعودية» من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة للطرفين عقب توقيع الاتفاقية (مجموعة السعودية)

«مجموعة السعودية» توقّع صفقة لشراء 100 طائرة كهربائية

وقّعت «مجموعة السعودية» مع شركة «ليليوم» الألمانية، المتخصصة في صناعة «التاكسي الطائر»، صفقة لشراء 100 مركبة طائرة كهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الثوب الأغلى في العالم بحلته الجديدة يكسو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (هيئة العناية بشؤون الحرمين)

«الكعبة المشرفة» تتزين بالثوب الأنفس في العالم بحلته الجديدة

ارتدت الكعبة المشرفة ثوبها الجديد، الأحد، جرياً على العادة السنوية من كل عام هجري على يد 159 صانعاً وحرفياً سعودياً مدربين ومؤهلين علمياً وعملياً.

إبراهيم القرشي (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».