بورتمريون على ساحل ويلز واحدة من أيقونات الإبداع البشري

معلم ومعلومة

بورتمريون على ساحل ويلز واحدة من أيقونات الإبداع البشري
TT

بورتمريون على ساحل ويلز واحدة من أيقونات الإبداع البشري

بورتمريون على ساحل ويلز واحدة من أيقونات الإبداع البشري

تطل قرية بورتمريون الصغيرة الهادئة على ساحل ويلز الرائع، قرب مدينة بورتمادوغ. أما العقل المصمم لهذه الأيقونة فهو المعماري البارز سير كلوف ويليامز إليس، والذي عكف على بناء بورتمريون بين عامي 1925 و1975. واليوم، تعد القرية واحدة من أجمل المزارات على مستوى بريطانيا.
ولد سير كلوف ويليامز إليس عام 1883. قرب نورثهامبتون، الواقعة على بعد نحو مائة ميل شمال لندن. وتضرب جذور أسرته في منطقة ويلز، وبالفعل عادت الأسرة إلى هناك عندما كان صغيراً. ونال كلوف ويليامز إليس دراسته داخل جامعة كامبريدج وتدرب على العمل بمجال التصميم المعماري، ثم انتقل أخيراً للعمل بصورة مستقلة في هذا المجال.
خلال دراسته، تنامى داخل كلوف ويليامز إليس اهتمام وإعجاب بالغين إزاء السبل التقليدية للتشييد والتصميم. وجاء تصميمه لقرية بورتمريون انطلاقاً من رغبته في تقديم نموذج لما يمكن تحقيقه حال التمتع بخيال خصب وموقع رائع. عام 1925، وقعت عينا كلوف ويليامز إليس على ضيعة «إيبر آيا» بمنطقة دوايريد، بالقرب من منزله. وبدت الضيعة متناغمة تماماً مع ما كان يأمل في العثور عليه، ولحسن حظه كانت معروضة للبيع. وبالفعل، اشتراها مقابل ما قيل إنه يقارب 5 آلاف جنيه إسترليني. وكان أول ما فعله في أعقاب ذلك تبديل اسم المكان إلى بورتمريون، وذلك لشعوره بأن «إيبر آيا» غير مناسب لأنه قد يعني «مصب النهر المتجمد» ـ اسم لا يبدو مناسباً لمنتجع لقضاء العطلات.
أما الاسم بورتمريون فاشتقه كلوف ويليامز إليس من كلمتي «بورت»، وتعني مرفأ نظراً لوقوع الضيعة على الساحل، و«مريون» وهو الشكل الصحيح لاسم «ميريونيث»، المقاطعة التي توجد بها الضيعة. وتقع قرية بورتمريون على حافة مصب دوايريد والذي يتعرض لنوبات مد وجزر. وعلى بعد بضعة أمتار من ساحل القرية، يوجد شاطئ رملي يمكن السير عليه عندما يكون المد منخفضاً، ما يحمل متعة بالغة للأطفال على وجه الخصوص.
من ناحية أخرى، جرى تصميم القرية على النسق الأوروبي، وجرى طلاء البنايات بألوان زاهية براقة. وبعد الترجل من السيارة داخل الباحة المخصصة للسيارات، يدخل الزائرون القرية عبر بوابة على غرار مدن العصور الوسطى. وفي قلب المدينة، تحيط مجموعة من البنايات بميدان رئيسي.
وتتمثل الفكرة الأساسية من وراء بورتمريون في تقديم نموذج لكيفية تحقيق تنمية عقارية داخل مساحة من الطبيعة الرائعة دون الإضرار بها، وإثبات أنه عبر التحلي بقدر كاف من المهارة والحرص يمكن تشييد بنايات تسهم في تعزيز البيئة الطبيعية المحيطة.
جدير بالذكر أنه جرى تصوير الكثير من الأفلام داخل بورتمريون، خاصة تلك التي رغب مخرجوها في التصوير في خلفية إيطالية، لكنهم رغبوا في توفير نفقات السفر إلى إيطاليا. من ناحيتها، أسست إحدى بنات كلوف ويليامز إليس استوديو لإنتاج أعمال خزفية داخل القرية، يتميز بتصميم جذاب. ويجري إنتاج الخزف داخل القرية ويطلق عليه «خزف بورتمريون». ويمكن الإقامة داخل أحد منازل القرية، لكن دون توافر خدمة. إلا أنه من الضروري الحجز مسبقاً وقبل موعد الوصول بفترة طويلة نظراً للإقبال الشديد على بورتمريون. وتتمتع القرية بشهرة واسعة على نحو خاص في أوساط الراغبين في قضاء العطلة من أبناء المنطقة، وتبلغ قيمة تذكرة دخول الفرد 12 جنيها إسترلينيا.
وتقع القرية داخل وادي صغير يصل إلى البحر، وتتميز بمجموعة متنوعة من النباتات تضفي على المكان ثراءً رائعاً في الألوان. ونظراً لكونها محمية بصورة جزئية، فإنها تضم كذلك عدداً من النباتات النادرة.
من جانبه، تخصص كلوف ويليامز إليس في تصميم مبان جديدة بناءً على نسق تقليدية. وتعكس تصميماته خيالاً فنياً خصباً وذوقاً رفيعاً. بجانب ذلك، كان كلوف ويليامز إليس رجلاً شجاعاً، ذلك أنه شارك بتفان في صفوف الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى، وكان واحداً من عدد محدود من الجنود نالوا وسام «الصليب العسكري» تقديراً لبسالتهم. وتوفي كلوف ويليامز إليس عام 1978، عن 94 عاماً.
اليوم، تعتبر بورتمريون واحدة من المقاصد السياحية البارزة في ويلز، ويفد إليها نحو 225 ألف زائر سنوياً، وهي مملوكة حالياً لمنظمة خيرية والتي تضطلع بإدارتها. ويتمثل هدف المنظمة في تعزيز الاستخدام المستدام للبنايات والمساحات الخاضعة لإدارتها.
من جانبها، لطالما رفع كلوف ويليامز إليس شعار: «اعتز بالماضي، وزين الحاضر، وشيد من أجل المستقبل». وبالفعل، تبدو هذه القرية الرائعة جديرة بالاعتزاز وتحمل كل الإمكانات التي تكفل لها مستقبلاً مستداماً.
وللوصول إلى بورتمريون، يمكن الانتقال بالقطار إلى بورتمادوغ المجاورة، ثم استقلال سيارة أجرة إلى بورتمريون. بخلاف ذلك، من الأفضل استخدام سيارة.


مقالات ذات صلة

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
TT

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)

تعدّ الصحاري من أكثر المغامرات إثارةً في العالم، فبعيداً عن الاعتقاد بأنها مجرد مساحات من الفراغ الشاسع، تكشف هذه الوجهات عن سلاسل جبلية وحياة برية فريدة، وثقافات تقليدية، ومناظر طبيعية خلابة مطلية بألوان نقية متنوعة.

وترتبط مصر في الأذهان بمجموعة من الأماكن الأثرية المتفردة المختلفة، لكنها إلى جانب ذلك تحتضن أمكنة لا مثيل لها، فهي أيضاً موطن «الصحراء البيضاء»، التي تتميز بعجائب جيولوجية تقدم للزائر مغامرةً فريدةً، تشعرك عبر تفاصيلها وكأنك تطأ كوكباً آخر؛ لذلك فهي مثالية للذين يبحثون عن قضاء عطلة لا تسقط من الذاكرة.

اُختيرت «الصحراء البيضاء» من قبل موقع «Trip Advisor» المختص بشؤون «السياحة والسفر»، لتتصدر المركز الأول لأفضل وأغرب 20 موقعاً سياحياً فريداً على مستوى العالم؛ فتلك الصحراء الواقعة في «واحة الفرافرة» بمحافظة الوادي الجديد، على مسافة نحو 500 كيلومتر من القاهرة، من أفضل المقاصد السياحية في مصر.

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

وتُعدّ الصحراء البيضاء «محمية متنزه وطني» وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (LUCN)، وتتلخص خصائصها في أنها من المَعالم الطبيعية المهمة، كما تعدّ مصدر دخل مهماً لأهل الواحات، فضلاً عن كونها تمثل قيمةً تاريخيةً وأثريةً كبيرةً.

يُغيِّر لك هذا المكان، الذي يشغل مساحة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع، مفهومَك التقليدي للصحراء بوصفها «مجرد» مكان من الكثبان الرملية والحرارة المرتفعة؛ فحين تزورها تُفاجأ بأن اللون الأبيض يغطي معظم أرجائها؛ وهو سر تسميتها، تستقبلك تكويناتها الصخرية التي تتخذ شكلا ًسريالياً، بعضها على هيئة أشكال مألوفة مثل عيش الغراب، وبعضها يتمتع بأشكال غير معروفة؛ ما جعلها تشبه المناظر الطبيعية الثلجية.

سيأخذك المكان إلى عصور قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، وستتخيل تلك اللحظات التي هبَّت عليها الرياح القوية خلال هذه العصور، وأسهمت في إنشاء هذه التكوينات.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

وأنصحك بمشاهدة هذه التكوينات النحتية عند شروق الشمس أو غروبها خصوصاً، فعندما تضيئها الشمس بظلالٍ ورديةٍ برتقاليةٍ، أو عندما يكتمل القمر، يضفي ذلك على المناظر الطبيعية مظهراً قطبياً وكأنه شبح ضخم، فتشعر بمزيد من أجواء الإثارة والمغامرة.

ستستحوذ الرمال المحيطة بالنتوءات الصخرية على اهتمامك، إذ ستجدها مليئة بالكوارتز، وأنواع مختلفة من البيريت الحديدي الأسود العميق، بالإضافة إلى الحفريات الصغيرة.

على مقربة من هذه التكوينات يوجد جبلان مسطحان يطلق عليهما بعض المرشدين السياحيين اسم «القمتين التوأم»، وهما نقطة رئيسية للمسافرين، وتعدّ هذه المنطقة وجهةً مفضلةً لدى منظمي الرحلات السياحية المحليين، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الخلابة من أعلى التلال المتناظرة المحيطة، التي تتخذ جميعها شكل تلال النمل العملاقة.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

بعد ذلك مباشرة، ستجد طريقاً شديد الانحدار؛ وهو الممر الرئيسي الذي يؤدي إلى منخفض الفرافرة، ويمثل نهاية «الصحراء البيضاء»، لكن هذا لا يعني أن رحلتك انتهت؛ فثمة أماكن ونشاطات أخرى يمكن أن تمارسها.

يستطيع عشاق الحياة البرية، أو الاختصاصيون الاستمتاعَ بمشاهدة الحيوانات البرية النادرة المُهدَّدة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والكبش الأروي، كما تضم المحمية بعض الأشجار الصحراوية.

لا ينبغي أن تفوتك زيارة جبل الكريستال، وهو في الواقع صخرة كبيرة مكونة بالكامل من الكوارتز، ويقع الجبل بجوار الطريق الرئيسي، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال الفتحة الكبيرة في منتصفه.

الصحراء البيضاء (أدوب ستوك)

أيضاً لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمل السماء ومراقبة النجوم، انغمس في عجائب هذا المكان الرائع ليلاً، فعندما تتحول السماء إلى اللون الوردي ثم أعمق درجات اللون البرتقالي الناري، بعد الغروب، ستتلاشى الأشكال الصخرية، ويحل الصمت في كل مكان، في هذه اللحظة ستجد البدو يدعونك إلى الجلوس حول نار مشتعلة، والاستمتاع بالدجاج المدفون، وكوب الشاي الساخن، في أثناء التخييم بالمكان.