عودة «مهرجانات طرابلس» مع سياح الجزر والأسواق المملوكية

بعد ست سنوات من المعارك الضارية واستعادة الأمن

 السياح أثناء زيارتهم للقلعة الصليبية (تصوير: نذير حلواني)
السياح أثناء زيارتهم للقلعة الصليبية (تصوير: نذير حلواني)
TT

عودة «مهرجانات طرابلس» مع سياح الجزر والأسواق المملوكية

 السياح أثناء زيارتهم للقلعة الصليبية (تصوير: نذير حلواني)
السياح أثناء زيارتهم للقلعة الصليبية (تصوير: نذير حلواني)

لم تنتظر طويلا، ميرا منقارة التي تعمل في بيروت، قبل أن تفكر في إطلاق مشروعها السياحي باتجاه مسقط رأسها طرابلس. فما إن هدأت المعارك الضارية، التي استمرت ست سنوات، حتى أعلنت عن بدء تنظيمها لرحلات سياحية تدوم يوما واحدا إلى طرابلس. ميرا متخصصة في الأصل، في الإرشاد السياحي، وطرابلس مسقط رأسها، وتريد أن يزورها أكبر عدد ممكن من السياح. يوم الأحد الماضي كان ما يقارب العشرين شخصا بينهم إنجليز وفرنسيون وألمان وبيروتيون، يجوبون معرض رشيد كرامي الدولي الذي يعد تحفة معمارية نادرة صممها المهندس البرازيلي الشهير أوسكار نيماير، على مساحة مليون متر مربع. بين المسرح العائم، وذاك المشيد على طرز روماني وصالة العرض الضخمة والحديقة الهائلة ومطار هبوط الهليكوبترات، كان السياح يتجولون ومعهم ميرا، يحاولون اكتشاف هذا العمل المعماري الرائع لباني مدينة برازيليا، في بقعة كانت حتى أمس خطرة ومحظورة عليهم من سفاراتهم. المحطة الثانية كانت في مطعم عبد الرحمن الحلاب، ومن ثم نزهة على شاطئ البحر في الميناء. هذه ليست الجولة الأولى التي تنظمها المرشدة السياحية الطرابلسية، فقبلها قادت مجموعة أخرى من بيروت، إلى أسواق طرابلس القديمة، حيث تجولوا في أزقة المدينة المملوكية التي تعد الثانية بعد القاهرة من حيث امتدادها واتساع مساحتها. تعرف السياح على حاناتها وحماماتها ومساجدها، وصولا إلى قلعة سان جيل الصليبية التي منها يمكن اكتشاف المدينة بمشهد بانورامي بديع، قبل أن يتناولوا وجبتهم في «مطعم الدنون» المعروف للحمص والفول.
وتقول ميرا: «إن هذه الرحلات، مجرد بداية لمشروعها، فمع دخول فصل الصيف ستبدأ بتنظيم جولات من بيروت إلى الجزر البحرية القريبة من طرابلس، حيث يمكن للسياح قضاء نهار كامل بين السباحة والزيارة والاستشكاف».
طرابلس تنهض، أهلها ينشطون كما لم يفعلوا من قبل. حلول السلم ينعش حيوية فائقة في مختلف المراكز الثقافية والجمعيات، والهيئات المدنية، وهناك أيضا مبادرات فردية، لاستعادة الوجه السياحي الترفيهي للمدينة الذي شوهته الحرب.
بعد غياب طويل، بدأت «جمعية طرابلس السياحية» العمل لإعادة إطلاق المهرجانات الصيفية. يقول العميد سمير شعراني لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا اتصالاتنا قبل انتهاء المعارك، لكنّ أحدا لم يصدقنا أو يتعاون معنا، وبمجرد أن هدأت الأوضاع أعدنا التواصل، صار الجو مشجعا، والتجاوب كبيرا، حفلات (مهرجانات طرابلس) ستنطلق بدءا من منتصف رمضان لتمتد خلال شهر أغسطس (آب)، وستتضمن حفلتين أجنبيتين، وحفلتين عربيتين، وسهرة رمضانية يرجى أن تكون مفتوحة للجميع وستشكل مفاجأة سعيدة للطرابلسيين». البرنامج يعلن عنه بمجرد تأكيد مواعيده، فعمليا، لم تجر المصالحة الأولية ودخول الجيش بشكل جدي وحاسم بين المنطقتين المتحاربتين، أي جبل محسن وباب التبانة، إلا يوم 3 أبريل (نيسان)، ولم يكمل الإحساس بالهدوء شهره الأول. وبالتالي فإن الترتيبات تجري بالسرعة الممكنة، على أمل أن يكون كل شيء جاهزا بحلول شهر رمضان.
النبض الحيوي نفسه، هو الذي يسود في «جمعية العزم والسعادة»، حيث بدأ العمل لترتيب برنامج رمضاني فني، له طابع ديني، وستنظم حفلات طوال الشهر لم يعلن عنها بعد. «جمعية العزم والسعادة» التي تقيم نشاطاتها في «بيت الفن» و«مركز الصفدي الثقافي» بقيا طوال فترة المعارك يسعيان لاستقبال الفنانين والأدباء، ويقيمان الحفلات والأمسيات والمسرحيات والمحاضرات، في محاولة للتغلب على أجواء العنف والموت.
«صحيح أن عدد الحضور كان قليلا»، يخبرنا مدير مركز الصفدي، رياض علم الدين، لكننا واصلنا عملنا، لا سيما في المناطق البعيدة نسبيا عن الاشتباكات.
«مركز الصفدي» كان قد حضر برنامجه لرمضان كما كل عام، مع فنانين في غالبيتهم محليين، لكنه الآن، وبعد تحسن الأوضاع الأمنية، في طور مراجعة البرنامج. علم الدين يشرح: «في المرحلة السابقة، لم يكن الفنانون المحترفون من خارج طرابلس أو من خارج لبنان، يقبلون دعوتنا. والآن أي اهتزاز أمني صغير يؤثر على عملنا. بات عندي قناعة أن طرابلس بحاجة لشيء واحد فقط هو الأمان. فمنذ استتب الأمن بات برنامجنا في المركز محجوزا بالكامل لشهرين. نضطر أحيانا لتنظيم نشاطين أو ثلاثة في اليوم الواحد. هناك تعطش لاستعادة الحياة لدى أهل المدينة، ونحن نود الاستجابة لهذه الرغبة، لهذا بدأنا بالسعي لتنظيم برنامج ترفيهي لرمضان على مستوى مختلف عن السنوات الماضية، حيث كانت الأوضاع تضطرنا للقبول بالممكن، لكننا كنا نرفض التوقف، التردد كان يأتي من شركائنا، أما نحن فالإدارة العليا كانت حريصة على أن نبقى موجودين».
شكلت المؤسسات الثقافية في المدينة، متنفسا حقيقيا طوال الأزمة، سرعة العودة بزخم، تأتت من المثابرة التي لم تكل.
ميرا التي تعمل بمبادرة فردية تامة، مثل «جمعية طرابلس السياحية» و«مؤسسة الصفدي»، وغيرهما من المؤسسات مثل «العزم والسعادة» كلها تنشط مؤمنة بأن الصيف يجب أن يكون مختلفا عما سبقه من مواسم سممها العنف. طرابلس تستعد لصيف واعد، حتى لو استثنيت من برامج وزارة السياحة حذرا، وتعد بأجواء رمضانية ذات نكهة خاصة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.