ثقافة موت و«ملازم حوثية»... منهج 69 مركزاً صيفياً في اليمن

اتهامات للميليشيات بإجبار الأطفال على «تعصب طائفي» يمهد لزجهم في القتال

TT

ثقافة موت و«ملازم حوثية»... منهج 69 مركزاً صيفياً في اليمن

كشفت تقارير يمنية عن استحداث جماعة الحوثيين 69 مركزاً صيفياً لتعليم الأطفال «العقائد الطائفية» وتدريبهم على فنون القتال والتعبئة العامة، تمهيداً للزج بمن تمكنوا من استقطابهم؛ ترغيباً أو ترهيباً، إلى جبهات القتال، فضلا عن غرسها «ثقافة الموت» و«الملازم الحوثية» و«الصرخة الخمينية» في عقول صغار السن.
وقال عبد الباسط الشاجع، مدير «مركز العاصمة الإعلامي»، لـ«الشرق الأوسط» إن المراكز الصيفية المستحدثة من قبل الحوثيين خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة هدفت بشكل رئيسي إلى «توزيع وتدريس ملازم مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، ونشر العقيدة الطائفية، وتعمل على فرز المجتمع بين الأطفال».
ولفت الشاجع إلى أن تلك المراكز المستحدثة تلزم الطلبة بترديد الصرخة الخمينية، كما يتم تدريب الأطفال في تلك المراكز على استخدام الأسلحة ثم إرسال عدد منهم إلى الجبهات.
ورصد «مركز العاصمة الإعلامي» إغلاق الميليشيات أكثر من 118 مركزاً صيفياً في أمانة العاصمة، منها 32 مركزا في مديرية معين، و26 في مديرية السبعين، و12 في مديرية التحرير، و11 في مديرية أزال، و9 مراكز في مديرية الثورة، و8 مراكز في مديرية الصافية.
ورصد التقرير «366» انتهاكاً حوثياً بحق المراكز الصيفية بالعاصمة صنعاء خلال 3 أعوام، مؤكدا تعرض المراكز الصيفية بالعاصمة صنعاء منذ اجتياحها يوم 21 سبتمبر (أيلول) 2014، إلى جملة من الانتهاكات والتجريف من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح.
ولفت التقرير إلى أن الانتهاكات التي تم رصدها شملت 5 عناصر؛ الإغلاق، والاقتحام والنهب، والاحتلال، وأيضا تهديد مشرفي ومسؤولي المراكز، بالإضافة إلى استحداث مراكز صيفية جديدة يشرف عليها ما يسمى «الجناح التربوي» لجماعة الحوثي.
وجاء في التقرير من خلال تتبع فريق الرصد بالمركز أنه يقوم الحوثيون في المراكز الصيفية المستحدثة خلال 3 أعوام، بتوزيع وتدريس ملازم مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي وشعاراته وعقيدته الطائفية، بالإضافة إلى إلزام الطلبة بترديد الصرخة الخمينية.
كما كشف الرصد عن استهداف الميليشيات الطلاب في المراحل الأولى من سن 6 أعوام إلى 17 عاما، مستغلين سلطة السلاح والمال وإغراء الأطفال الذين يحفظون تلك الكتب الصغيرة بإعطائهم الألعاب والهدايا.
كما تم رصد اقتحام ونهب الميليشيات الانقلابية 89 مركزا، وعبثت بمحتوياتها، وأخرى تم السطو عليها وقامت بمصادرتها، منها 15 مركزا في مديرية السبعين، و13 في مديرية معين، و12 مركزا في مديرية الثورة.
وتمكن «مركز العاصمة» من رصد استحداث الميليشيات الحوثية مراكز صيفية، واستبدال مراكز طائفية تابعة لها بمراكز أخرى جرى اقتحامها في وقت سابق؛ حيث بلغت 69 مركزا؛ منها 10 مراكز مستحدثة في مديرية صنعاء القديمة، و9 مراكز لكل من مديريتي الوحدة ومعين، بينما استحدثت 8 مراكز في كل من مديرية الصافية والتحرير.
ويحذر «مركز العاصمة الإعلامي» من تبعات تلك المراكز ومخرجاتها، كونها تستهدف ثقافة المجتمع وتسامحه وتحوله عبر النشء القادم إلى مجتمع طائفي ومذهبي.
ويقول الشاجع إن المراكز المستحدثة من قبل الحوثيين تهدف أيضا إلى غرس ما تصفه أدبيات الجماعة بـ«ثقافة الاستشهاد» و«الموت في سبيل رفعة الجماعة وتقدمها»، وكذلك إغراء الأطفال الذين يحفظون تلك الكتب الصغيرة بإعطائهم الألعاب والهدايا.
وأكد الشاجع أن جماعة الحوثي تستخدم المراكز الصيفية تلك من أجل التنظيم الداخلي للجماعة واستقطاب أفراد (أطفال) جُدد، كما يتهمها بأنه «تزيد تلك المراكز من عملية فرز المجتمع والشروخ المجتمعية المتفاقمة - أصلاً - بفعل الحرب، التي تستخدم إلى جانبها المساجد في عملية تجييش (طائفي – إثني)، والمناهج التعليمية (بعد تعديلها) لغرس ثقافة تزعم الجماعة أنها منحتها، وهي كما يدعون (حقا إلهيا)».
وزاد الشاجع بالقول: «جماعة الحوثيين ركزت على التوغل في مجالات التربية والتعليم والأوقاف والخطاب الديني، فسيطرت على معظم مساجد العاصمة، وفق حملة ممنهجة طالت اعتقال المئات من أئمة وخطباء المساجد، كما سيطرت على مفاصل التعليم».
وقال إن الوزارة الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء يديرها شقيق زعيم الجماعة يحيى الحوثي الذي وزع متطرفي الجماعة للسيطرة على المدارس ومجالاتها المختلفة، فقام باستهداف المناهج وتعديلها، كما قامت الجماعة بالاستحواذ على المراكز الصيفية مرتكبة الانتهاكات الفجّة بحق الطلبة والمعلمين وبحق المراكز ذاتها.
وتقرير «مركز العاصمة» الإعلامي «يقوم على منهجية إحصائية تستهدف رصد الانتهاكات التي طالت المراكز الصيفية التابعة لوزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف، وفق خمسة عناصر: الإغلاق، والاقتحام، والنهب، والاحتلال، والتهديد»، مشيراً إلى أن تلك المراكز الصيفية تستهدف طلاب وطالبات المدارس أثناء الإجازة المدرسية، بين سن 6 أعوام و17 عاماً».
إلى ذلك، رصد المركز احتلال جماعة الحوثي وحليفها المخلوع صالح ما يزيد على 60 مركزا، وحولت بعضها إلى ثكنات عسكرية أو مقرات ومجالس يتناول فيها القات أو سكن لقيادات حوثية، وبعضها لا يزال حتى اليوم محتلا.
والمراكز التي لم تطلها انتهاكات «الاقتحام والنهب والاحتلال والإغلاق» لم يسلم القائمون عليها من التهديدات من حين لآخر من قبل عناصر ميليشيا الحوثي الانقلابية، حيث بلغ إجمالي التهديدات لمشرفي ومديري المراكز الصيفية 38 انتهاكا، منها 15 تهديدا تعرض لها مشرفو مراكز مديرية بني الحارث، و5 تهديدات لمشرفي مراكز في مديرية صنعاء القديمة، وتتنوع بين الاختطاف أو التهديد بالتصفية الجسدية، وأخرى بالملاحقة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.