تكلفة «ماكياج» الرئيس الفرنسي 26 ألف يورو في مائة يوم

تثير الجدل في ظل انحدار شعبيته

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع زوجته بريجيت (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع زوجته بريجيت (أ.ف.ب)
TT

تكلفة «ماكياج» الرئيس الفرنسي 26 ألف يورو في مائة يوم

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع زوجته بريجيت (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع زوجته بريجيت (أ.ف.ب)

«خريف حار» ينتظر رئيس الجمهورية الفرنسي، ومعه حكومته. فبعد الجولات والصولات مع قادة العالم، من فلاديمير بوتين إلى دونالد ترمب وأنجيلا ميركل سيكون على الرئيس الفرنسي أن ينغمس في شؤون بلاده «الداخلية». وينتظر إيمانويل ماكرون استحقاقان: الأول، التحضير لإصدار أول المراسيم الخاصة بقانون العمل لجهة إصلاحه وجعله أكثر ليونة. والثاني العمل على بلورة ميزانية عام 2018. والعقبة الكأداء التي تنتظره كيفية العثور على 11 مليار يورو لسد العجز المنتظر في الميزانية الأمر الذي سيدفع الحكومة إلى «شد الأحزمة» والتضييق على الإنفاق العام. وسبق لها خلال الأسابيع الماضية أن أقرت «احتجاز» 5 يورو شهريّاً من المساعدة المقدمة للطلاب وللأشخاص ذوي الموارد المحدودة من أجل تمكينهم من العثور على مسكن. كما عمدت إلى خفض ميزانية وزارة الدفاع ووزارات أخرى وتقليص الموارد التي تمنحها للبلديات والمناطق. ونتيجة كل ذلك وللبلبلة التي ألمت بالعمل الحكومي، وبالنظر لما تنوي القيام به من إلغاء ما يسمى «ضريبة الثروة»، فإن شعبية الرئيس الشاب انحدرت بشكل سريع بحيث تراجعت إلى 36 في المائة منتصف الشهر الحالي. وبحسب آخر استطلاع للرأي أجري يومي 22 و23 أغسطس (آب) الحالي، فإن 36 في المائة من العينة تعتبر أن أداء ماكرون «مخيب للآمال» فيما اعتبره 14 في المائة «مرضياً»، فيما النسبة الباقية تود إعطاءه مزيداً من الوقت قبل الحكم على أدائه.
في ظل هذا المشهد الذي ينذر بتململ اجتماعي، جاء الخبر الذي كشفت عنه مجلة «لو بوان» أمس، وأكدته مصادر قصر الإليزيه لتلفزيون «فرانس أنفو»، وصحيفة «لو فيغارو»، ليزيد الطين بلة. فقد استحصلت المجلة على فاتورتين موجهتين إلى الأمانة العامة لقصر الإليزيه؛ (10 آلاف و16 ألف يورو)، هما تكلفة الماكياج للرئيس الشاب خلال الأشهر الثلاثة الأولى من ولايته. وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فإن «تجميل» الرئيس سيكلف سنوياً خزينة الدولة؛ أي دافع الضرائب)، في زمن البقرات العجاف، 104 ألف يورو. يضاف إلى ذلك تكلفة مزين الشعر (الحلاق)، الذي لم تتوافر بعد معلومات عما يتحصل عليه مقابل الاهتمام بالشعر الرئاسي.
لا شك أن أوساط الإليزيه شعرت بالخطر. وبما أن الفواتير حقيقية وبالتالي لا يمكن تكذيبها، فإنها عمدت إلى اتباع استراتيجية «تبريرية» مختلفة، فشددت على أن الأشهر الثلاثة حفلت بكثير من النشاطات الرئاسية من مؤتمرات صحافية وزيارات إلى الخارج، الأمر الذي يتطلب من السيدة المعنية بـ«ماكياج» الرئيس مرافقته في حِلِّه وترحاله. وتضيف المصادر الرئاسية أن «ناتاشا أم» عملت لصالح ماكرون المرشح، وهو رغب في الاحتفاظ بها. لكنها أفادت بأن الجهات المعنية بالقصر «عازمة» على خفض تكلفة الماكياج الرئاسي الذي يساوي راتب ستة موظفين يحصلون على الحد الأدنى للأجور. وحرصت هذه الأوساط التي «اعترفت» بأن التكلفة «مرتفعة» إلى إجراء مقارنة مع تكلفة ماكياج الرؤساء السابقين، لتخلص إلى القول إنها حالياً أقل مقارنة مع ما كانت عليه في السابق.
حقيقة الأمر أننا لا نعرف كم كان يكلف «ماكياج» الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند. لكن ما نعرفه أن تكلفة مصفف شعر الرئيس هولاند كانت تصل خلال سنوات حكمه إلى 10 آلاف يورو في الشهر. وكان هذا المزين يرافق هولاند في تنقلاته داخل فرنسا وخارجها. وما تميز به هولاند «وما زال» هو أنه يصبغ شعره، الأمر الذي كان موضع تندر لدى الأوساط الإعلامية، وكانت صحيفة «لو كنار أونشينيه» الساخرة قد كشفت الخبر في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي، الأمر الذي أساء أيضاً إلى صورته، كما أساءت إليها في بداية عهده صوره معتمراً خوذته لركوب الدراجة النارية من أجل ملاقاة عشيقته الممثلة جولي غاييه، التي كانت تقيم على بعد عشرات الأمتار من قصر الإليزيه.
وأدت هذه الواقعة إلى انفصاله عن رفيقة دربه الصحافية فاليري تريرفايلر، وإلى تدهور شعبيته لدى الرأي العام.
لا أحد يجادل في حاجة رئيس الجمهورية إلى أن يكون أنيق المظهر؛ فهو يمثل فرنسا وينطق باسمها. ووصول ماكرون إلى قصر الإليزيه جدد صورة بلاده لدى العواصم إذ إنه رئيس شاب، تلبس وظيفته الرئاسية بسرعة، وأظهر أنه ندّ لكبار الرؤساء. وما زالت مصافحته «الرجولية» للرئيس الأميركي في أول لقاء لهما في بروكسيل على هامش القمة الأطلسية الأخيرة موضوع إعجاب وتقدير، واعتبرها الفرنسيون مؤشراً على قدراته في مقارعة الرئيس الأميركي والوقوف بوجهه. لكن أن تصل تكلفة «الماكياج» في أشهر ثلاثة فقط إلى 26 ألف يورو أمر يصعب «بلعه» من قبل الفرنسي متوسط أو متدني الدخل الذي همه الأكبر الوصل إلى نهاية الشهر من غير مراكمة ديون إضافية. ولا شك أن هذه الواقعة ستغذي «الشعبويين» الذين ما انفكوا ينددون بالطبقة السياسية «الفاسدة» التي يهمها أن تغرف من خزائن الدولة؛ أكان ذلك عن طريق توظيف الزوجات أو الأبناء والبنات أو عن طريق الاستفادة من الأموال الموضوعة بتصرفهم من أجل الخدمة العامة واستثمارها لأغراض شخصية.
خلال حملته الانتخابية، ركز ماكرون على عزمه على تنقية الحياة السياسية من الشوائب وإعادة إدخال المناقبية والأخلاق في ممارستها. ربما كان عليه أن يبدأ بتكلفة الماكياج الرئاسي.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».