هل يمكن للذكاء الصناعي تشغيل طائرة؟

«مايكروسوفت» تعلم الطائرات المحلقة ذاتياً اتخاذ القرارات

بمجرد تحليق الطائرة تستخدم الذكاء الصناعي حتى تعثر على مصادر حرارة أو فقاعات هوائية حتى تظل محلقة في الجو (نيويورك تايمز)
بمجرد تحليق الطائرة تستخدم الذكاء الصناعي حتى تعثر على مصادر حرارة أو فقاعات هوائية حتى تظل محلقة في الجو (نيويورك تايمز)
TT

هل يمكن للذكاء الصناعي تشغيل طائرة؟

بمجرد تحليق الطائرة تستخدم الذكاء الصناعي حتى تعثر على مصادر حرارة أو فقاعات هوائية حتى تظل محلقة في الجو (نيويورك تايمز)
بمجرد تحليق الطائرة تستخدم الذكاء الصناعي حتى تعثر على مصادر حرارة أو فقاعات هوائية حتى تظل محلقة في الجو (نيويورك تايمز)

تعكف شركة «مايكروسوفت» حالياً على تصنيع طائرات تحلق ذاتياً باستخدام الذكاء الصناعي في إطار محاولة لمساعدة الآلات في اتخاذ قرارات عند مواجهة موقف يتسم بعدم اليقين. بينما تحلق الطائرة، التي تعمل ذاتياً باتجاه الجنوب، يتابعها على الأرض أربعة رجال داخل سيارة رياضية عبر صحراء نيفادا. ومن المقعدين الأماميين يتابع رجلان الطائرة بالنظر، في حين يتابع الرجلان الجالسان في المقعد الخلفي من السيارة رحلة الطيران على جهازي كومبيوتر محمول، ويرصدان البيانات التي يرسلها جهاز كومبيوتر صغير مثبت على الطائرة، ويبلغان الأرقام عبر جهاز لاسلكي. وفي سيارة «جيب» متقدمة ينصت أشيش كابور بينما يقطع هو الآخر الطريق المغطى بالحصى، وعيناه مثبتتان على الطائرة البيضاء من طراز «ستايرفوم».
وبعد وقت ليس بالطويل اتخذت الطائرة منحى آخر، حيث دارت برفق حول عمود من الهواء الساخن المتصاعد بينما ترتفع ببطء في السماء. وقال كابور: «إنها ترتفع» بينما يشير إلى الطائرة وهي تحلق على ارتفاع أكبر على تيار الهواء الدافئ. وأضاف قائلا: «لقد وجدت مصدر حرارة».
خلال الأسبوع الماضي في الوادي الصحراوي المحيط بهوثورن بنيفادا، على بعد 130 ميل جنوب رينو، عكف كابور ورفاقه من الباحثين في «مايكروسوفت» على اختبار طائرتين تحلقان ذاتياً مصممتين للتحليق في السماء وحدهما دون طيار. وتتوقع الطائرة بمساعدة الخوارزميات الكومبيوترية، الذي تعرفه من المستشعرات الموجودة على متنها، أنماط الهواء وتحدد مسارها، من خلال تتبع مصادر الحرارة أو أعمدة الهواء الساخن المتصاعدة، والتي تستخدمها لتظل محلقة في الجو.
هناك أمل في أن تتمكن تلك الطائرة، التي تعمل ذاتياً، من التحليق في الهواء لساعات أو حتى أيام مع استهلاك طاقة محدودة، للمساعدة في توقع أحوال الطقس، أو مراقبة المحاصيل الزراعية، أو حتى توصيل خدمة الإنترنت إلى المناطق التي لا يمكن توفير فيها تلك الخدمة بوسيلة أخرى.
على الجانب الآخر راقب ريك روغان، أحد أعضاء فريق «مايكروسوفت» مسار الطائرة خلال رحلة تجريبية بالقرب من هوثورن بنيفادا خلال الأسبوع الماضي. وهو مسؤول عن إقلاع وهبوط الطائرة يدوياً، والتدخل عند الضرورة من أجل ضمان السلامة. كان المشروع، الذي يتم بقيادة كابور، الباحث في مجال الذكاء الصناعي، والطيار الذي يحمل ترخيص، جزءا من محاولات متنامية لتصنيع طائرة ومركبات وآلات أخرى قادرة على اتخاذ قرارات وحدها عند مواجهة مواقف تتسم بعدم اليقين، وهي من المهارات الضرورية لأي آلة تحاول السير في العالم وحدها.
وقد صنعت «غوغل» باستخدام طرق مماثلة مناطيد إنترنت تحلق على ارتفاع كبير قادرة على البقاء في الجو لأشهر. وتصمم عدد لا يحصى من الشركات سيارات قادرة على السير وحدها دون قائد. كذلك يعمل الأكاديميون في كليات بجامعات مثل جامعة كاليفورنيا (بيركلي) على تطوير كل شيء بدءاً بالإنسان الآلي، الذي يقوم بالأعمال المنزلية، والقادر على تنفيذ مهام تبدو بسيطة لكنها في الواقع معقدة مثل ترتيب السرير، ووصولا إلى الإنسان الآلي الجراح القادر على إجراء بعض العمليات بنفسه دون مساعدة. يمكن للسيارات، والطائرات، وأشكال الإنسان الآلي المختلفة، الآن التعرف على الأشياء من حولهم بدقة يمكن لمنافسيهم من البشر ملاحظتها بوضوح بفضل التقدم الذي تم إحرازه في مجال الشبكات العصبية وهو مصطلح يشير إلى أنظمة رياضية قادرة على تعلم مهام محددة من خلال تحليل مجموعة هائلة من البيانات.
مع ذلك هذه هي الحدود التي وصلوا إليها، وحتى تتحرك تلك الآلات وحدها في العالم عليها محاكاة الطريقة التي يمكن للبشر بها توقع ما سيحدث من خلال الحدس، وتعديل سلوكهم تبعاً لذلك. وتسير مشروعات مثل تلك المشروعات، التي تعمل عليها شركة «مايكروسوفت»، و«غوغل»، وجامعة «بيركلي»، في هذا الاتجاه.
لقد تزايدت أهمية هذا النوع من الأبحاث مع محاولة «غوغل» وغيرها من الشركات تصنيع سيارات تعمل من دون قائد.
على الجانب الآخر، يقول ميكيل كوتشينديرفير، أستاذ علم الطيران والملاحة الجوية بجامعة ستانفورد، إن مشروع «مايكروسوفت» كان خطوة باتجاه المركبات التي تتحرك ذاتياً، وتتمتع برشاقة كافية للتعامل مع كافة السلوكيات غير المتوقعة للسائقين، وقائدي الدراجات والمشاة من البشر في الطرق العامة.
بمجرد تحليق الطائرة، التي تعمل ذاتياً، في الهواء تستخدم الذكاء الصناعي حتى تعثر على مصادر حرارة، أو فقاعات هوائية لترتفع بفعل الحرارة حتى تظل محلقة في الجو. وهذه أيضاً طريقة لتوسيع نطاق حدود التقنيات الرياضية، التي تتحكم في آلة، في بيئة آمنة نسبياً لكنها حقيقية. يوضح كوتشينديرفير قائلا: «يمكن بمساعدة طائرة تحلق ذاتياً اختبار الخوارزميات بأقل قدر من المخاطرة بالأرواح والممتلكات». ويوضح كابور أنه قد اعتمد هو وفريقه عند إعداد الخوارزميات على تقنيات تعود إلى عقود مضت يطلق عليها عملية قرارات ماركوف. وتعد هذه بالأساس طريقة للتعرف على الموقف، الذي يتسم بعدم اليقين، والاستجابة له.
ويشبه هذا النهج الطريقة التي تتخذها حين تبحث عن عملات معدنية داخل حقيبة ظهر ممتلئة بالأشياء العشوائية. إذا أدخلت يدك في الحقيبة، وبدأت في تحريكها، سوف تشعر بأشكال كثيرة لست على يقين من طبيعتها؛ ولا تعلم ما الذي يمكن التقاطه. مع ذلك إذا أخرجت الأشياء الكبيرة أولا مثل الكتب، والأقلام التي تدرك أنها ليست عملات معدنية، فستصبح حينها المهمة أسهل. وهذا هو ما تفعله الخوارزميات ، التي تطورها شركة «مايكروسوفت»، ولكن بطريقة رياضية. إنهم يعملون على تضييق عدم اليقين للحد من نطاق المشكلة.
جدير بالذكر أن أندري كولوبوف، الباحث المتخصص في هذه الطرق، أحد أعضاء فريق كابور؛ قام بعد انضمامه إلى مجموعة البحث في «مايكروسوفت» منذ أربعة أعوام، بتغذية نظام التشغيل «ويندوز» الذي ابتكرته الشركة، ومحرك البحث «بينغ» الخاص به، بتلك الأفكار. وكان يتعامل حينها مع عدم اليقين في العالم الرقمي. وهو يطبق حالياً تلك الأفكار في العالم المادي. ويقول كولوبوف: «يتزايد عدد التطبيقات التي يمكن استخدام تلك الطرق فيها».
وفي صحراء نيفادا، أطلق الفريق طائرتين تحلقان ذاتياً بمساعدة جهاز تحكم عن بعد يمكن إمساكه باليد. بمجرد أن يحمل الهواء الطائرة، يتم ترك الطائرات لشأنها، حيث يتم إجبارها على الطيران بمساعدة الهواء وغيرها من الأنماط والأشكال الموجودة في الجو.
ويمكن للطائرات تحليل ما يحدث حولها عن طريق الخوارزميات الموجودة على متنها، ثم يمكنها حينها تغيير اتجاهها كلما استدعت الحاجة. يمكن للطائرات أيضا التعلم من البيئة المحيطة بها، ورغم أنها لا تكون متأكدة تماماً مما يمكن أن يحدث بعد ذلك، يمكنها على الأقل التكهن بشكل مدروس. نظراً لاعتماد الطائرة على ظواهر لا يمكنها التحكم بها، يجب عليها التفكير والتخطيط مقدماً على حد قول كولوبوف.
مع ذلك تلك الطائرات أبعد ما تكون عن الوضع المثالي، حيث كان الفريق يأمل من خلال استخدام طائرة من الزجاج الفايبر، ومسافة بين طرفي الجناحين قدرها 16 قدما، أن يسجل رقما قياسيا لمدة رحلة لطائرة من دون طيار، وذلك إذا تجاوزت مدة التحليق خمس ساعات. مع ذلك بعد يومين من المحاولة والخطأ، لم يحدث ذلك بسبب مشكلات في أجهزة الاتصال، ومعدات أخرى.
لذا بات على الباحثين تحسين لخوارزميات التعلم ذات الصلة من أجل تطوير المركبات التي تتحرك ذاتياً. ويجب على الآلات محاكاة الطريقة، التي يحدد بها البشر خطوتهم التالية، ويتعاملون مع أحداث لم تحدث لهم من قبل، من أجل التحرك في العالم وحدها. ويقول كين غولدبيرغ، أستاذ في جامعة كاليفورنيا (بيركلي): «عدم اليقين هو المشكلة الرئيسية في علم الإنسان الآلي. هذا هو ما يميز علم الإنسان الآلي عن لعبة مثل (غو) أو الشطرنج».
على مدى العامين الماضيين، استخدم باحثون في «ديب مايند»، وهو معمل للذكاء الاصطناعي في لندن مملوك لـ«غوغل»، الشبكات العصبية، وغيرها من التقنيات من أجل وضع نظام قادر على هزيمة أفضل لاعبين للعبة «غو» التي تعد أكثر صعوبة من الشطرنج. وكان هذا هو حجر الزاوية في تطوير الذكاء الصناعي. ويأمل الباحثون حالياً في الوصول إلى حجز زاوية أكبر في العالم الحقيقي. ويعد هذا السبب الرئيسي الذي دفع «مايكروسوفت» نحو تصنيع طائرات تحلق ذاتياً. يقول كولوبوف: «سوف تواجه أنظمة الذكاء الاصطناعي في المستقبل التحديات نفسها».
* خدمة «نيويورك تايمز»



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.