بارزاني: بايدن أبلغني بأننا سنرى دولة كردستان خلال حياتنا

وفد المجلس الأعلى للاستفتاء يعود إلى أربيل بعد مفاوضات مع الأطراف العراقية استمرت أسبوعاً

TT

بارزاني: بايدن أبلغني بأننا سنرى دولة كردستان خلال حياتنا

شدد رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، أمس، على أن كردستان لن تؤجل الاستفتاء تحت أي ضغط كان، مبينا أن نائب الرئيس الأميركي السابق جوزيف بايدن أخبره: «إننا سنرى دولة كردستان خلال حياتنا نحن الاثنين». واختتم وفد المجلس الأعلى للاستفتاء في كردستان أمس زيارته إلى بغداد التي استمرت نحو أسبوع بعد أن بحث موضوع الاستفتاء على الاستقلال مع الأطراف العراقية كافة.
وقال مستشار رئيس إقليم كردستان للشؤون السياسية والعلاقات العامة، هيمن هورامي، في تغريدة على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن الرئيس بارزاني قال خلال اجتماعه مع عدد من الناشطين في كردستان: «نحن لا نريد تأسيس دولة قومية، بل نريد تأسيس دولة ديمقراطية متعددة المكونات والأديان على أساس المواطنة». وشدد بارزاني على أن كردستان لن تؤجل الاستفتاء تحت أي ضغط، وأن وفد كردستان الموجود في بغداد ليس هناك للتفاوض حول الفيدرالية أو قضايا الميزانية، بل مهمة الوفد هي بحث موضوع الاستفتاء فقط.
وقال بارزاني أمس خلال لقائه اتحاد النقابات النسائية والطلبة والشباب في كردستان إن نائب الرئيس الأميركي السابق جوزيف بايدن «أبلغني بأننا نحن الاثنين سنرى خلال حياتنا دولة كردستان». وحسب موقع «رووداو» الكردي فإن بارزاني قال أيضا: «أمامنا خياران؛ إما الاستقلال، أو القبول بأن تحكمنا بغداد».
وبعد عقده عدة اجتماعات مع الأطراف السياسية العراقية في بغداد على مدى أسبوع كامل، عاد أمس وفد المجلس الأعلى للاستفتاء في إقليم كردستان إلى مدينة أربيل. وقال رئيس حزب التنمية التركماني عضو المجلس الأعلى للاستفتاء في كردستان، محمد سعد الدين، لـ«الشرق الأوسط» إن «وفد المجلس الأعلى للاستفتاء بحث تنظيم الاستفتاء على الاستقلال مع الأطراف العراقية كافة، وكانت المباحثات إيجابية... إقليم كردستان يسعى إلى حل المشاكل كافة مع العراق ومستعد للتفاوض». وقال إن الجانب العراقي أعرب عن استعداده لحل المشكلات بين الجانبين؛ «لكن محاولات بغداد لإقناع الإقليم بتأجيل الاستفتاء لم تكن كافية، لذا فإن الاستفتاء سيجري في موعده، في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل، ولن تقف المفاوضات بين الجانبين لحل المشكلات في طريق الاستحقاق»، لافتا إلى أن «هذه المفاوضات بين الجانبين ستستمر في المرحلة المقبلة بعد الاستفتاء أيضا، لأن هناك ملفات كثيرة بين الجانبين تحتاج إلى وقت كي تحل، وهذا الحل سيكون على مراحل». وأكد سعد الدين أن «هناك إرادة قوية في كردستان لإجراء الاستفتاء على الاستقلال، والإقليم ماض في إجراء هذه العملية في موعدها المحدد».
بدورها، أوضحت وحيدة ياقو هرمز، رئيسة كتلة الكلدان والسريان والآشوريين في برلمان الإقليم لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاجتماعات بين الوفد الكردستاني والأطراف العراقية طغى عليها التفاهم، وكانت إيجابية... نحن ننتظر الاجتماع مع الوفد الكردستاني الذي عاد إلى الإقليم لمعرفة نتائج هذه الاجتماعات، وستكون هناك زيارات متواصلة بين الجانبين للوصول إلى حل تفاهمي بين الجانبين»، مبينة أن الإقليم ينتظر زيارة وفد من بغداد قريبا في إطار المفاوضات الجارية بين الجانبين حول الاستفتاء على استقلال كردستان.
وحمل الوفد الكردي معه إلى بغداد خلال زيارته ملفا مكونا من 55 مخالفة دستورية أقدمت عليها بغداد ضد حقوق إقليم كردستان في الدستور العراقي. ويشهد الإقليم استعدادات كبيرة لإجراء الاستفتاء الشعبي على الاستقلال، بينما أوشكت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء على الانتهاء من جميع الاستعدادات لتنظيم الاستفتاء الذي سيجريه مواطنو كردستان الشهر المقبل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم