علماء جامعة الملك عبد الله يطورون نهجاً جديداً لحماية الشعاب المرجانية

في أول دراسة من نوعها

علماء جامعة الملك عبد الله يطورون نهجاً جديداً لحماية الشعاب المرجانية
TT

علماء جامعة الملك عبد الله يطورون نهجاً جديداً لحماية الشعاب المرجانية

علماء جامعة الملك عبد الله يطورون نهجاً جديداً لحماية الشعاب المرجانية

تعد ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية من أخطر التهديدات التي تواجه أحد أهم النظم البيئية والأكثر غنى وتنوعا بيولوجيا على وجه هذا الكوكب، فهي لا تؤثر فقط على المرجان؛ بل يمتد أثرها ليشمل النظام البيئي بالكامل. وتحدث عملية ابيضاض المرجان بسبب نفوق الكائنات الحية أو الطحالب داخل تلك الشعاب، ويمكن أن تحدث بسبب تغيرات في الظروف البيئية مثل ارتفاع درجة حرارة البحر. وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد أشار في تقرير له إلى أن استمرار الاتجاهات الحالية لتغير المناخ سيؤدي إلى حدوث الابيضاض الشديد لتسعة وتسعين في المائة من الشعاب المرجانية في العالم خلال القرن الحالي.
طريقة مبتكرة
وفي سياق تسابق العلماء للحفاظ على الشعاب المرجانية وحمايتها خصوصا في المملكة العربية السعودية، قام فريق يقوده الدكتور كريستيان فولسترا من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وبالتعاون مع علماء من جامعة بريمن بألمانيا، بأخذ نهج فريد من نوعه، يتمثل في اختبار مساهمة زيادة السكر واضطراب النيتروجين في ابيضاض المرجان. وثبت أن النيتروجين الفائض يسبب اضطراباً للعلاقة التكافلية بين الطحالب والمرجان، مما يتسبب في ابيضاض اللون.
علاقة تكافلية
وتقول الدكتورة كلايوديا بوغوريتز، من «مركز بحوث البحر الأحمر» بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية: «الشعاب المرجانية مُتكيفة بشكل مذهل حتى إنها تزدهر في المحيطات الاستوائية المضاءة بالشمس وقليلة الغذاء، وذلك أساسا بفضل علاقتها الحميمة مع الطحالب المجهرية». وتضيف: «في هذه العلاقة، تُنظم الشعاب المرجانية نمو الطحالب ونشاطها عن طريق الحد من وصولها إلى النيتروجين، حيث يؤدي هذا (الابتزاز) إلى وجود طحالب تنتج سكريات غنية بالطاقة عن طريق البناء الضوئيّ، وتقدمها للحيوانات المرجانية».
وهناك مجموعة ميكروبية أخرى تدعى «الديازتروفات»، تلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على إنتاجية الكائن الحي من خلال تزويده بالنيتروجين الزائد من أجل النمو والتمثيل الضوئيّ. ولكن مع زيادة كميات مياه الصرف الصحي الغنية بالسكريات والنيتروجين في محيطاتنا، سيتعرض التوازن الدقيق لدورة النيتروجين هذه للخطر، وهذا يمكن بدوره أن يفاقم من إحداث الابيضاض.
ويشرح طالب الدكتوراه نيلز راديكر، الطريقة التي استخدمها العلماء في الوصول إلى تلك النتائج؛ «من خلال استنباط كيفية تحفيز العوامل البيئية للابيضاض، يمكننا تحديد التشابهات والعمليات التي تم تجاهلها سابقاً والتي ربما تفسر ما الذي يحدث خلال الابيضاض الناتج عن الإجهاد الحراريّ». وأضاف: «تم وضع عينات من المرجان في خزانات داخل المختبر الأساسي للموارد الساحلية والبحرية، حيث أضفنا خليطاً من السكر لبعض الخزانات في حين بقيت الأخرى كعينة مجموعة التحكم». تُبرز الدراسة أهمية العمليات الميكروبية كتثبيت النيتروجين من أجل صحة المرجان، وكيف أن الإخلال بهذه العمليات ربما يشكل تهديداً لم يُعرف سابقاً في ظل ظروف معينة.
ويأمل الباحثون في أن يؤدي إبراز دور النيتروجين في الابيضاض إلى دفع السلطات في جميع أنحاء العالم إلى معالجة جدية لتلوث المياه، ففي حين أن تغير مناخ العالم يُعد بلا أدنى شك التهديد الأكبر للشعاب المرجانية، إلا أن الحد من مزيد من الضرر من خلال تنظيف المحيطات قد يساعد هذه النظم البيئية الرائعة وفي نفس الوقت الهشة، لتعيش في سلام.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».