حليب الحمير سوق رائجة بتركيا وخارجها لفائدته في علاج الأمراض

سعر اللتر الواحد يتخطى 30 دولاراً... والندرة مشكلة تواجه المنتجين

أصبحت أسعار إناث الحمير باهظة بسبب الإقبال الشديد على حليبها ({الشرق الأوسط})
أصبحت أسعار إناث الحمير باهظة بسبب الإقبال الشديد على حليبها ({الشرق الأوسط})
TT

حليب الحمير سوق رائجة بتركيا وخارجها لفائدته في علاج الأمراض

أصبحت أسعار إناث الحمير باهظة بسبب الإقبال الشديد على حليبها ({الشرق الأوسط})
أصبحت أسعار إناث الحمير باهظة بسبب الإقبال الشديد على حليبها ({الشرق الأوسط})

أصبح حليب الأتان (أنثى الحمار)، يجد سوقاً رائجة داخل تركيا وخارجها، بعد أن ثبتت فائدته في علاج كثير من الأمراض، منها السرطان والربو، وباتت هناك مزارع متخصصة لإنتاجه، فضلاً عن بعض العائلات التي بدأت تعتمد على تربية الأُتن وبيع حليبها مصدراً للدخل في ظل ارتفاع ثمنه.
دفعت الفوائد الصحية لحليب الأتان التركي أرجان أولوداغ وأسرته إلى العمل بتربيتها من أجل بيع حليبها بعد أن علم بأنه علاج لمريض من عائلته، وظل يبحث عن هذا الحليب ليعثر عليه بعد جهد طويل.
وقال أولوداغ لوكالة أنباء الأناضول التركية إنه عندما لاحظ استفادة قريبه المريض من حليب الأتان، قرّر الانخراط في هذا المجال وبيعه بسعر أقل من سعره الطبيعي في السوق. وأضاف أولوداغ الذي يقيم في بلدة أردميت بمحافظة باليكسير غرب تركيا، إنه يبيع لتر حليب الأتان مقابل 75 ليرة تركية (21 دولاراً) بينما يبلغ سعره الحقيقي نحو 100 ليرة (30 دولاراً تقريباً).
وأشار إلى أنّه أسّس مزرعة لإنتاج حليب الأتان من أجل الإسهام في انتشاره، وسهولة الوصول إليه في ظل ندرته والإقبال المتزايد عليه نظرا لفوائده الطبية الكثيرة.
وأوضح أنّه على الرغم من ارتفاع سعر هذا النوع من الحليب فإنه يحصل على هامش ربح ضئيل نظراً لقلة الإنتاج، إذ إن الأتان تعطي الحليب لثلاثة أشهر فقط في العام كحد أقصى. وأشار إلى أنّه يحصل على نحو 1.5 لتر من الحليب عند حلب ثلاثة أُتن، وأنّه وأسرته يشعرون بالسعادة على الرغم من أرباحهم القليلة، نظراً لإسهامهم في استفادة المرضى الذين هم بحاجة ماسّة إلى حليب الأتان.
وقال أولوداغ إنه يستطيع إرسال الحليب إلى أي منطقة في تركيا، عبر شركات الشحن حيث يقوم بتجميده عند إرساله إلى أماكن بعيدة... وعبَّر عن أمله في توسيع مزرعته الصغيرة حتى يتمكن من خدمة زبائنه على مدار العام. وأشار إلى أنّه يمتلك 70 أتاناً حالياً، يحصل منها على ما بين 8 و10 لترات من الحليب يوميّاً.
وارتفعت أسعار الأُتُن في تركيا كثيراً جراء الطلب الكبير على حليبها للعلاج من كثير من الأمراض مثل السرطان والربو والتهاب الرئتين، وتشمُّع الكبد، كما أنّه يفيد في تقوية عضلات القلب وزيادة قدرة الأوعية الدموية فضلاً عن تقوية جهاز المناعة، وتجديد الخلايا.
وتشتهر محافظة مانيسا، المطلة على بحر إيجة (غرب تركيا) بإنتاج حليب الأتان ويجمع منتجوه الأُتن ويشترونها من مختلف أنحاء البلاد في محاولة لتلبية الطلب المتزايد عليه.
وأشار أحمد تركان، وهو أحد مربي الحمير، في مانيسا، إلى أن «أسعار الأُتن أصبحت باهظة بسبب الإقبال الشديد على حليبها لعلاج الأمراض»، لافتاً إلى أنه يبذل مجهوداً كبيراً من أجل زيادة إنتاج الحليب، بعد أن ارتفع سعر الأتان الواحدة من 200 ليرة تركية (65 دولاراً تقريبا) إلى أكثر من 1000 ليرة (300 دولار تقريبا).
وأضاف أن مالكي الأُتن انتبهوا للأمر فرفعوا أسعارها بهذا الشكل الكبير، وأصبحنا نعاني للعثور على أُتن عالية الجودة، لا سيما في الشتاء، قائلاً إنّنا نضطر الآن للحصول عليها من جنوب شرقي البلاد، لأنّها أرخص سعراً هناك.
وتابع: «نبيع حليب الأُتن في مختلف أنحاء تركيا، ونصدر كميات للخارج»، وأضاف أن شركته تبيع لتر الحليب الواحد بدءاً من 30 دولاراً. وهناك صعوبة في تلبية الطلب المتزايد عليه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».