النظام يفشل في اقتحام جوبر ومعلومات عن توجه لعقد هدنة

المعارك تتجدد بين «فيلق الرحمن» و«جيش الإسلام» في الغوطة

رجل من دوما بالغوطة الشرقية لدمشق يقدم الماء لعامل ينزل حمولة مساعدات من الهلال الأحمر السوري أمس (أ.ف.ب)
رجل من دوما بالغوطة الشرقية لدمشق يقدم الماء لعامل ينزل حمولة مساعدات من الهلال الأحمر السوري أمس (أ.ف.ب)
TT

النظام يفشل في اقتحام جوبر ومعلومات عن توجه لعقد هدنة

رجل من دوما بالغوطة الشرقية لدمشق يقدم الماء لعامل ينزل حمولة مساعدات من الهلال الأحمر السوري أمس (أ.ف.ب)
رجل من دوما بالغوطة الشرقية لدمشق يقدم الماء لعامل ينزل حمولة مساعدات من الهلال الأحمر السوري أمس (أ.ف.ب)

تجددت الاشتباكات بين فصيلي «فيلق الرحمن» و«جيش الإسلام» المعارضين، في الغوطة الشرقية، أمس، على أكثر من موقع، وسط اتهامات التخوين المتبادلة بين الطرفين، ومحاولة الهيمنة وفرض النفوذ على مناطق الغوطة، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الهجمات التي يشنّها النظام على مناطق سيطرتهما، سواء في حي جوبر الواقع في الطرف الشرقي للعاصمة دمشق أو في مدن وبلدات الغوطة. في وقت كشف مصدر من المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، الداراني عن معلومات تفيد بأن «النظام سيعلن خلال ساعات عن هدنة في حي جوبر، بعد عجزها التام عن اقتحام الحي، وتحقيق أي تقدم على الأرض».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن «اشتباكات دارت وبوتيرة متقطعة، بين (فيلق الرحمن) و(جيش الإسلام) في أطراف مزارع الأشعري، وسط استهدافات متبادلة بينهما»، مؤكداً أن «هذه الاشتباكات تأتي بعد نحو 72 ساعة، من اقتتال متصاعد الوتيرة بين الطرفين في الأشعري، ومحيط الأفتريس بالغوطة الشرقية». ونقل المرصد عن مصادر وصفها بالـ«موثوقة»، أن الاشتباكات «أسفرت عن سقوط أكثر من 10 جرحى بين طرفي القتال».
وتقاذف الفريقان كرة المسؤولية عمّا يحصل في مناطق سيطرتها، خصوصاً «فيلق الرحمن» الذي أصدر بياناً شديد اللهجة، رأى فيه أن «جيش الإسلام استغلّ انشغال الثوار بمواجهة الفرقة الرابعة في عين ترما، ليقتحم صباحاً (أمس) بأرتال الإجرام، مزارع الأفتريس والمحمدية». وقال «لم يخجل جيش الإسلام من أن يكون هو وقوات النظام في خندق واحد بمواجهة الثوار»، معتبراً أن «جيش الإسلام فقد مصداقيته وكشف أمام الجميع كذبه، وغدا واضحاً بتآمره على الثورة والثوار، وحربه المفتوحة عليهم، في ظلّ صمت مريب من مؤسسات الثورة ومرجعيتها».
بدوره أعلن وائل علوان الناطق باسم «فيلق الرحمن»، على صفحته على «تويتر»، أن «المجموعات الأمنية لـ(جيش الإسلام)، داهمت بلدة الأفتريس وصولاً إلى جبهات المحمدية، وأسرت 40 مقاتلاً من (فيلق الرحمن) المرابطين على الجبهات». ورأى أن «اعتقال المرابطين الذي يصب في مصلحة الأسد، أسقط كل الذرائع والمزايدات الفارغة، وميّز بين الثوار المدافعين عن الغوطة، والمكلفين بوأد الثورة ومحاربة الثوار».
لكن هذا الاتهام، قابلها اتهام آخر، إذ اعتبر مصدر مقرّب من «جيش الإسلام»، أن «فيلق الرحمن بات شريكاً مع (جبهة النصرة)، في مهاجمة مواقع جيش لإسلام». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفيلق والنصرة اقتحما بشكل مفاجئ، مواقع (جيش الإسلام) في منطقة الأشعري، وسيطروا على عدة نقاط، لكن الأخير نفّذ هجوماً معاكساً، واستعاد نقاطه التي خسرها واستولى على مواقع إضافية، وهو ما أدى إلى توسيع رقعة الاشتباك».
المصدر الذي رفض ذكر اسمه، أوضح أن «جبهة النصرة تمارس ضغوطاً على (فيلق الرحمن) في الغوطة، فيضطر الأخير لمجاراتها والتعاون معها، بدليل أن مواكب سيارة كانت تجوب بعض مناطق الغوطة، وترفع أعلام النصرة والفيلق معاً».
ومع تصاعد وتيرة الاقتتال بين أكبر فصيلين للمعارضة السورية في الغوطة، لم تتوقف هجمات النظام على جبهات حي جوبر في الطرف الشرقي للعاصمة دمشق، وبلدة عين ترما في الغوطة الشرقية، في محاولة من قوات النظام والميليشيات الموالية لها، للتقدم وإحداث خرق في دفاعات «فيلق الرحمن». في وقت أكد فيه إسماعيل الداراني، عضو «مجلس قيادة الثورة» في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط»، أن «محاور القتال في عين ترما وحي جوبر تشهد أعنف المعارك». وأعلن أن «الثوار تمكنوا من تفجير مبنى ليل الأربعاء، تابع لمركز قيادة جيش النظام، ما أدى إلى قتل وجرح عدد كبير من عناصره». وكشف الداراني عن معلومات تفيد بأن «النظام سيعلن خلال ساعات عن هدنة في حي جوبر، بعد عجزها التام عن اقتحام الحي، وتحقيق أي تقدم على الأرض».
من جهتها، تحدثت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، عن هجوم نفذه النظام صباح أمس، على محاور بلدة عين ترما ووادي عين ترما في الغوطة، وعلى جبهة المناشر في حي جوبر. وأعلنت أن «مقاتلي (فيلق الرحمن) تصدوا للقوة المهاجمة وتمكنوا من قتل 5 من عناصرها وجرحوا عدداً آخر، وأجبروها على التراجع»، مؤكداً أن عين ترما وحي جوبر «تعرضتا لقصف عنيف جدا بأكثر من 60 صاروخاً من نوع (فيل) و(زلزال) شديدي التدمير، بالإضافة 4 خراطيم متفجرة وعشرات القذائف، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى بين المدنيين والثوار».
وعلى وَقْع القصف الصاروخي والمدفعي، دخلت صباح أمس قافلة مساعدات من معبر مخيم الوافدين إلى الغوطة الشرقية، مؤلفة من 48 شاحنة محملة بالأغذية والمواد الطبية. وقال فيودر أوتشينسكي، المتحدث باسم «المركز الروسي للمصالحة في سوريا» إنه «تم إرسال نحو 30 طنّاً من المساعدات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية». وقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن أوتشينسكي قوله: «لقد دخلت 6 شاحنات (كاماز) روسية إلى الغوطة، عبر نقطة تفتيش للشرطة العسكرية الروسية، وهي تحمل مواد غذائية مخصصة للسكان المحليين».
لكن مدير «شبكة رصد» في الغوطة الشرقية والناشط الإعلامي عمّار الحسن، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المساعدات التي دخلت إلى الغوطة الشرقية، هي من الأمم المتحدة، ولا علاقة للروس بها على الإطلاق». ولفت إلى أن «الشاحنات الـ48 التي أدخلت، كانت محملة بمواد طبية وغذائية، وجرى توزيعها على مدينة دوما وبلدتي الشيفونية وحوش الضواهرة»، لافتاً إلى أن «المساعدات ستوزع كل يوم على منطقة معينة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.