نجاة... بصوتها كالضوء المسموع قادرة على تبديد الوحشة والنشاز

في هدوء يليق بها أطفأت الشمعة الـ79

نجاة الصغيرة
نجاة الصغيرة
TT

نجاة... بصوتها كالضوء المسموع قادرة على تبديد الوحشة والنشاز

نجاة الصغيرة
نجاة الصغيرة

هل كانت هناك تورتة وأصدقاء وشموع واحتفالية خاصة؟ أظن أنّ الأمر لم يصل أبداً لهذه الدرجة، أحد أهم الملامح التي ترتبط بالفنانة الكبيرة نجاة هي العزلة. تفضل نجاة أن يظل عالمها كإنسانة بعيداً تماماً عن العيون، فلا أحد من الممكن أن يراها، وهي غير مطروحة أبداً إعلامياً، وهكذا أتخيل عيد الميلاد لم يتجاوز عدداً قليلاً جداً من المكالمات التليفونية، وحفلاً لو حقاً أقامته، لا يزيد عدد مدعويه على أصابع اليد الواحدة.
تقطن نجاة قبل قرابة نصف قرن في حي الزمالك بالقاهرة، المكان الذي كان يفضله في الماضي مشاهير أهل الفن، قبل أن يتغير الحال ويهاجر أغلبهم بعيداً عن العاصمة بزحامها للسكن في المدن الجديدة حيث الهدوء. نجاة لا تبرح منزلها إلا قليلاً، ولكن هل يراها مثلاً البواب أو الجيران؟ تبذل نجاة من الجهد الكثير حتى تظل محتفظة بخصوصيتها ولا يراها أحد حتى ولو صدفة.
تعيش نجاة في دائرة محدودة جداً من الأفراد، وصيفة في البيت ومحامي تلجأ إليه لو استشعرت أنّ هناك ما يستحق، ولكنّها تُغلق تماماً باب التواصل مع الإعلام، بل أحياناً ترتدي زياً مغربياً عندما تضطر لمغادرة بيتها وكأنّها لا تريد أن يتعرف عليها أحد في الشارع. صنعت نجاة جزيرة من الصمت ولا تسمح لأحد أن يخترقها إلّا نادراً ولفترة زمنية محدودة جداً، وهي حتى في سنوات نشاطها الفني التي بدأت مع مطلع الخمسينات لم تكن تفتح الباب للإعلام، رصيدها من الأحاديث المكتوبة والمسموعة والمرئية قليل جداً، ممّا يؤدي بالفعل إلى قدر من الحيرة أمام أي باحث يريد توثيق معلومة ما، وهكذا كثيراً ما تتضارب المعلومات بشأن موقف ما أقدمت عليه نجاة. فقد حاول عدد من عشاقها قبل بضع سنوات إقامة جمعية تحمل اسم «محبي نجاة»، ولكنّها لم ترحب، فاضطرت الجمعية لإعلان توقف نشاطها.
تكتفي نجاة بأن يعبر فنها عنها، حتى أنّها عندما اعتزلت عام 2002، حرصت أيضاً على أن يحدث ذلك بهدوء، ولم يتجاوز الأمر نشر خبر، سمحت نجاة فقط للكاتبة والصحافية وصديقتها الأقرب وربما الوحيدة سناء البيسي بإعلانه في مقال لها على صفحات جريدة «الأهرام». والغريب أن البيسي مثل نجاة تماماً، في علاقتها بالإعلام فهي لا توجد خارج نطاق صفحتها في الأهرام، فلا أحاديث تلفزيونية أو صحافية ولا صوراً ولا لقاءات أو مهرجانات، وربما لهذا السبب أصبحتا صديقتين، وللعلم فقط فإن البيسي كاتبة قصص «هي وهو» المسلسل الوحيد الذي لعبت بطولته سعاد حسني.
تضاءل بل ندر وجود نجاة في الحياة العامة، إلا أنها عندما ذهبت قبل نحو 10 سنوات إلى (دبي) لتكريمها بجائزة (الإنجاز) عن مشوارها، حرصت على ألّا يزيد الأمر عن حضور التكريم واعتذرت عن إقامة مؤتمر صحافي، حتى الحفل الذي قدمه الإعلامي الكبير حمدي قنديل لم يزد ما قاله عنها كلمة واحدة «أقدم لكم نجاة»، وذلك بناء على طلبها.
إلّا أنّها عادت للغناء في مطلع هذا العام بأغنية «كل الكلام» لتعلن عملياً أنّها لا تزال تمارس هوايتها الأولى والوحيدة، عثرت نجاة على الكلمات بين أوراقها، فالشاعر عبد الرحمن الأبنودي، قد ترك لها أكثر من أغنية لم تُنفّذ، الأغنية تلحين الموسيقار السعودي طلال.
وهي كما ترى أغنية الأطراف الثلاثة الرئيسية فيها مبتعدين عن الأضواء، الأبنودي بحكم الرحيل وطلال لأنه يفضل البقاء بعيداً عن الإعلام، ونجاة التي كانت إطلالاتها الإعلامية قليلة جداً، وعندما اختارت الابتعاد صارت عاشقة أكثر للصمت، ولهذا تركت الأغنية تتولى الإجابة عنها.

- لماذا عادت نجاة؟
البعض قرر أن يحيل السؤال إلى كم تقاضت نجاة ثمناً للعودة وليس لماذا عادت؟ ولن أفعل مثلهم، ولكنّني سأجيب عن السؤال الأهم؟ ببساطة عادت لأن لديها حقيقة ما تضيفه لنا، بالفعل لا يزال صوتها يحمل لنا الكثير من الومضات التي تعرف الطريق إلى قلوبنا، وأضيف أنّ الفنان الذي يختار الابتعاد ويترك كل ما وراءه من الإغراءات المادية، لا يمكن أن يعود من أجل حفنة من الأموال.
البعض ينتظر أن تتوقف عجلة الزمن بالفنان عند لحظة الابتعاد، وعندما يغيب يعود من دون أن تترك السنوات أي بصمة سواء على الصوت أو الصورة، فهو يريد أن يستمع إلى نجاة التي غنّت في الخمسينات «ليه خلتني أحبك»، وينسى أنّ بينهما أكثر من 60 سنة، عادت نجاة بصوت منحه الزمن عمقاً وألقاً.
فلا تنسَ أنّها في هدوء يليق بها وتجاهل لا يليق بنا، أطفأت الشمعة رقم 79 لتبدأ قبل ساعات، رحلتها إلى نهايات العقد الثامن من العمر، وبالطبع الزمن يترك بصمته على الأحبال الصوتية، يجب أن نضع أمامنا الكثير من المؤشرات أن الفنان الذي يبتعد عن الأضواء كل هذه السنوات، لن يجازف بتاريخه من أجل فقط الوجود على الخريطة، ولكن لأنه يريد إضافة شيء، نجاة هي المطربة العربية الثانية في جيلها التي لا تزال في الميدان بعد فيروز، وكالعادة بمجرد تصوير الأغنية ملأت الفضائيات ثم فجأة اختفت وكأنّها قد أنهت كل الكلام بينما الناس لا تزال تنتظر.
نجاة مثل فيروز تختفي تماماً عن الإعلام، ولكن ثمة اختلافات جوهرية، لفيروز ابنتها ريما التي تتولى بين الحين إصدار رسالة إعلامية توضح شيئاً أو تتحدث عن موقف أو أحياناً تصحّح معلومة، بينما نجاة لا صلة لها أبداً بهذا العالم، هي تختفي بلا سبب معروف وعندما تعود تلجأ أيضاً للهمس، حالياً لا أحد يعرف بالضبط ما الذي تنويه فهل في الجعبة شيء غنائي قادم؟ كان من المعروف أنّها بعد «كل الكلام» ستواصل الغناء، ولم تكن فقط تلك هي أغنيتها الوحيدة، إلا أن الأسئلة تظل أسئلة ولا أحد يملك اليقين.
كان الموزع يحيى الموجى ابن الموسيقار محمد الموجي، حلقة الوصل مع الإعلام بعد أن سمحت له نجاة بذلك، فهو من بشّر بعودتها وقد كان مسؤولاً عن توزيع الأغنية موسيقياً وسافر عدة مرات إلى أثينا لأنّها قرّرت أن تبتعد عن العيون تماماً أثناء البروفات.
سألت يحيى عن جديد نجاة فقال لي إنّه حالياً غير مصرح له بالحديث، سألته لماذا لم تعد الفضائيات تعرض «كل الكلام» هل بناء على طلب من نجاة؟ أجابني أنّه ليس قرار نجاة، وهناك اتفاقات مالية هي التي تتحكم بالمنظومة برمتها وهو لا يعرف لماذا لا تعرض الأغنية، ولكن المؤكد أن نجاة ليست هي المسؤولة.
أعدت سماع الأغنية على «اليوتيوب»، وأنا أكتب هذا المقال ليزداد يقيني أنّ الزمن لم ينل أبداً من صوتها، ولا تزال قادرة على أن تجد لها مساحة في القلوب. نجاة التي وصفوها بالمعجزة والطفلة الصغيرة لأنّها غنت قصائد لأم كلثوم وهي لم تبلغ بعد السابعة من العمر، تخيلوا طفلة تردد قصيدة أبي فراس الحمداني «أراك عصي الدمع شيمتك الصبر» التي غنتها أم كلثوم وتبهر الجميع.
أغلب المراجع تقول إن لقب الصغيرة أضيف لاسمها بسبب وجود مطربة أخرى اسمها نجاة علي، وتحسباً لأي تشابه أو اختلاط في الاسم صار وصف صغيرة لصيقاً بها، إلا أنك تكتشف أنّها حظيت باللقب بعيداً عن هذا التشابه، لأنّها كانت طفلة صغيرة في العمر وأيضاً في الجسم فصارت الصغيرة «اسماً على مسمّى».
عندما صورت «كل الكلام» اشترطت على المخرج هاني لاشين، أن يستعين بمشاهد من أفلامها القديمة أو صوراً فوتوغرافية لها، وبالفعل وقع اختياره على فيلم «ابنتي العزيزة»، بل أخذ مشاهد كما هي من أغنية قديمة لها رددتها في نفس الفيلم «ليلة من الليالي فاتونا»، وهو من وجهة نظري خطأ فني، كانت نجاة تفكر في البداية في الاستعانة بمخرج آخر وبالفعل التقى بها كما روى لي وطلب منّي ألّا أذكر اسمه. حاول المخرج أن يقنعها بمواجهة الكاميرا في لقطات وبعد ذلك في المونتاج النهائي سيتولى هو وضع اللمسة الأخيرة، ولكنّ نجاة لم تتحمس على الرغم من أنه أكد لي أنّ وجه نجاة لا يزال يتمتع بالجاذبية والكاريزما، ولكنّها بحثت عن المخرج الذي يحقق لها أفكارها ويبعدها عن التصوير، فكانت النتيجة ليست في صالح الأغنية، بينما فيروز التي تكبر نجاة بثلاث سنوات، لا تخفي وجهها، وتتيح للجمهور بأن يراها على «اليوتيوب» كما تسمح للكاميرا بالاقتراب منها. وهذا هو الفارق الهام عندما يقترب من الفنان فكر آخر مثل زياد وريما العاصي، من المؤكد أنّهما يضيفان لفيروز بينما نجاة من الواضح أنّها لا تسمح لأحد بالرأي سوى فقط لنجاة.
نجاة التي وصف الشاعر والصحافي الكبير كامل الشناوي صوتها بأنّه كالضوء المسموع، فلقد تعلمت أصول الغناء قبل أن تتعلم قواعد النطق، عندما علموها المشي، كانوا يقصدون أن تخطو من عتبة البيت إلى عتبة خشبة المسرح، الأطفال في عمرها يحذرونهم من تجاوز سور الشرفة، لكنّهم كانوا يحذرونها من تجاوز حدود المقام الموسيقي، سنوات عمرها الزمني هي نفسها سنوات غنائها... فهي تتنفس أكسجين الحياة المعطر بالسيكا والصبا والبياتي والنهاوند!!
نجاة كل لحظة ونغمة وغنوة وأنت طيبة، ودائماً الضوء المسموع كان ولا يزال قادراً على أن يبدد من الدنيا الوحشة والظلمة والنشاز.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».