تحتفي مصر بذكرى ميلاد «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب التي تحل في 13 مارس (آذار) الجاري، بإقامة حفل غنائي كبير لأعمال الفنان الراحل، فضلاً عن حفلات أخرى يشارك فيها بألحانه التي قدمها لكبار المطربين والمطربات، بالإضافة إلى الإعلان عن إتاحة زيارة متحفه مجاناً للجمهور لمدة 5 أيام.
وُلد محمد عبد الوهاب في حي باب الشعرية في وسط القاهرة عام 1897 وعمل في فرقة فؤاد الجزائرلي في عشرينات القرن الماضي، ثم استكمل مسيرة «فنان الشعب» سيد درويش، وتبنّاه «أمير الشعراء» أحمد شوقي فنياً، وقدم كثيراً من الأغاني والألحان التي ظلت راسخة في وجدان الجمهور ويعاد بثها عبر الأثير حتى اليوم.
ومع قرب الاحتفال بذكرى الميلاد الـ128 للموسيقار الراحل، تواصل دار الأوبرا المصرية الاحتفاء بعبد الوهاب كالعادة كل عام، بهدف تعريف الأجيال الجديدة برموز وقامات الإبداع. وبهذه المناسبة قررت الأوبرا فتح متحفي محمد عبد الوهاب والآلات الموسيقية بمعهد الموسيقى العربية مجاناً للجمهور، بدءاً من الأحد 9 مارس حتى الخميس 13 مارس، وفق بيان للأوبرا، الأربعاء.
وتنظم الأوبرا المصرية عدة فعاليات على مسارحها المختلفة، منها حفل للفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو حازم القصبجي، الجمعة 14 مارس، على مسرح معهد الموسيقى العربية بمشاركة الفنانين أحمد عبد الكريم، وندى غالب، وأحمد عصام، وأجفان طه، وآيات فاروق، يقدم مختارات من مؤلفات «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.
وقدم عبد الوهاب الكثير من الأغاني بصوته طوال مسيرته الفنية، ومن أشهر أعماله إعادة توزيع النشيد الوطني لمصر الذي وضع ألحانه سيد درويش، ومن أغانيه «الجندول» و«كليوباترا» و«مضناك جفاه مرقده» و«يا مسافر وحدك» و«حكيم عيون» و«هان الود» و«من غير ليه».
وعدّ أمين عام جمعية المؤلفين والملحنين، الشاعر فوزي إبراهيم، «محمد عبد الوهاب من الرموز التي تمثل القوى الناعمة لمصر هو والكثير من الفنانين والموسيقيين الكبار»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من المهم الاحتفاء بعبد الوهاب لأنه يمثل قيمة كبيرة ويعبر عن الهوية المصرية».
ويضم متحف محمد عبد الوهاب بعض تفاصيل مشوار حياته، من خلال عدة قاعات إحداها باسم «قاعة الذكريات» وتنقسم إلى جزأين: الأول يلقي الضوء على طفولته ونشأته وخطواته الأولى في عالم الموسيقى العربية والسينما المصرية وعلاقته بالكتاب والفنانين والجوائز والتكريمات التي حصل عليها، فيما يضم القسم الثاني عدداً من أثاث ومحتويات الغرف الخاصة بمنزله؛ منها غرفة نومه ومكتبه الخاص، وبعض قطع الأثاث المفضلة لديه وبعض متعلقاته الشخصية التي أهدتها للأوبرا أرملته السيدة نهلة القدسي.
كما يضم المتحف قاعة للسينما بها كل الأفلام التي قام بتمثيلها، وتُعرض للزائرين على شاشات خاصة، بالإضافة إلى قاعة للاستماع والمشاهدة، تضم مكتبة كاملة لأعماله من موسيقى وأغانٍ وألبومات صوره الخاصة ومع الشخصيات العامة والفنانين.
وقدم عبد الوهاب خلال مسيرته 8 أفلام للسينما في عقدَي الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، هي: «الوردة البيضاء»، و«دموع الحب»، و«يحيا الحب»، و«يوم سعيد»، و«ممنوع الحب»، و«رصاصة في القلب»، و«لست ملاكاً»، بالإضافة إلى مشاركته في فيلم «غزل البنات».
قال الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين إن «الاحتفال بذكرى محمد عبد الوهاب أمر مهم لأنه من أعلام مصر ورموزها المميزين»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «عبد الوهاب طوّر كثيراً في الموسيقى المصرية والعربية، والاحتفاء به خطوة مهمة، ويجب أن يتم الاحتفال بشكل موسع».
ويضم متحف الآلات الموسيقية الذي يستقبل الجمهور مجاناً أيضاً بهذه المناسبة، مجموعة من الآلات القديمة التي عُثر عليها في أثناء ترميم مبنى معهد الموسيقى العربية، ومنها آلات نادرة مثل بيانو الثلاثة أرباع تون والمخصص للمعزوفات الشرقية، وآلة الكوتو اليابانية، وآلة السينتار الهندية، وآلة السانتور، وآلة المندولين المعدنية التي عزف عليها محمد عبد الوهاب في أغنية «عاشق الروح» في فيلم «غزل البنات».
وتغنى بألحان عبد الوهاب كثير من المطربين في مصر والوطن العربي من بينهم ليلى مراد وشادية وأسمهان وفيروز ووردة وعبد الحليم حافظ ووديع الصافي وصباح، فيما قدَّم مع أم كلثوم مجموعة من أغانيها مثل «أنت عمري» و«أنت الحب» و«فكروني» و«أغدا ألقاك» و«دارت الأيام».