ينظّم المتحف القومي للحضارة المصرية في القاهرة 3 معارض ضمن مبادرة «طبلية مصر» الهادفة إلى توثيق الإرث الغذائي المصري، والترويج لأهم الأكلات المصرية المتوارثة منذ آلاف السنين، ضمن خطة لحماية التراث المادي واللامادي لمصر من الاندثار.
تنطلق المبادرة في موسمها الثاني بفعاليات متنوعة، في 15 فبراير (شباط) الحالي، من بينها معرض أثري ومعارض فنية، بالإضافة إلى ورشات عمل وحلقات نقاشية حول الأكلات التراثية وكيفية استعادتها وتوثيقها.
وذكرت المسؤولة عن المبادرة الدكتورة هند طه أن فكرة المبادرة جاءت من الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، الدكتور أحمد غنيم، موضحة لـ«الشرق الأوسط»: «قبل إطلاق المبادرة كان لدينا كأثريين بالمتحف غيرة على تراثنا، حين وجدنا بعض الدول تأخذ أكلات مصرية وتسجلها باسمها كتراث إنساني، قررنا تنظيم أنشطة توعوية لحفظ تراثنا الغذائي، ورحب الدكتور غنيم بالفكرة، لكنه قام بتطويرها لتصبح مبادرة تستمر معنا لحفظ تراثنا الغذائي المصري».
كانت مصر قد سعت خلال الألفية الجديدة إلى اعتماد وتسجيل أكلاتها الشعبية، منها الطعمية، أو الفلافل، دولياً، لدى منظمة «الأيزو» المعنية بالجودة.
وأشارت طه إلى أنهم «خلال الموسم الأول في مبادرة (طبلية مصر)، تم تنظيم عدة محاضرات وورش في التربية المتحفية، وتم تسجيل بعض الأكلات كتراث مصري، كما تم اتخاذ خطوات فعلية لتسجيل العيش الشمسي في منظمة اليونسكو، باعتباره موروثاً مصرياً أصيلاً، فهو موجود لدينا فقط ومنتشر في محافظات صعيد مصر بهذا الاسم، لكن الموضوع يتطلب وقتاً للتسجيل والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية».
وأشارت إلى أن «الموسم الجديد من المبادرة سيشهد تنظيم عدة ورش مثل جلسات تفاعلية أو حلقات نقاشية حول كيفية زراعة غذائنا، وكذلك التعرف على كيف حفظ الغذاء كما كان يفعل المصريون القدماء»، لافتة إلى أن العلماء يتحدثون الآن عما كان يفعله المصريون القدماء مثل التجفيف لحفظ الأطعمة.
ومن المقرر أن يتم افتتاح الموسم الجديد بإقامة 3 معارض، حسب مسؤولة المبادرة، موضحة أن «من بين هذه المعارض معرضاً أثرياً لبعض مقتنيات المتحف من الغذاء المحنط، بالإضافة إلى أدوات تناول الطعام، لتوضيح كيف كان المصريون القدماء يستخدمون أدوات المائدة، وتوضيح (إتيكيت الطعام لدى القدماء)». وتابعت: «هناك معرض لإعادة التدوير، مثل تنفيذ لوحات فنية من قشر البيض وما شابه ذلك، وهناك معرض باسم المطبخ الشمسي يتضمن أفكاراً جديدة للشباب».
وكان المتحف القومي للحضارة المصرية أقام خلال الفترة الماضية العديد من المعارض والفعاليات في مناسبات مختلفة، منها معرض عن الفن الإسلامي، ومعرض «ليكن نور» بمناسبة أعياد الميلاد، كما أقام فعالية بعنوان «أنتيكا» ألقت الضوء على التراث المادي المصري الممثل فى المقتنيات والأدوات التي كان يستخدمها المصريون فى حياتهم اليومية وأصبحت موروثاً.
ولفتت مسؤولة مبادرة «طبلية مصر» إلى أن «برنامج المبادرة والفعالية التي من المقرر إقامتها ستتضمن فقرة تذوق، فأكثر من مطعم سيقدم أكلات تراثية، وستكون هناك حلقات نقاشية وورش تعليمية للشيف الصغير، وسيتم إعداد أكلات مثل (الحلبسة) و(أم علي) وبعض الأكلات التي كانت موجودة لدى المصري القديم». وأكدت أنه سيتم خلال الموسم الثاني من المبادرة تسجيل عدة أكلات مثل «الكشك الصعيدي»، و«البصارة»، و«الكشري»، رغم أن هناك لغطاً حول الأخير، لكن لدينا أدلة بأن «الكشري بالشكل المصري ننفرد به في العالم كله».
ويعد المتحف القومي للحضارة المصرية متحفاً بانورامياً، لكل عصور وجوانب الحضارة المصرية، وقد أنشئ بعد حملة دولية تبنتها «اليونيسكو» في ثمانينات القرن الماضي، ويضم المتحف 1600 قطعة بقاعته الرئيسية اختيرت بعناية لتعبّر عن الحضارات المصرية المتعاقبة، وشهد العالم في أبريل (نيسان) عام 2021 نقل 22 مومياء ملكية إليه في احتفالية ضخمة عُرفت بـ«موكب المومياوات الملكية»، وسط اهتمام دولي وعالمي بهذا الحدث.