في خامس مناظرة جمهورية... نيكي هيلي ورون ديسانتس يتنافسان على المركز الثاني

الأنظار تتجه إلى التجمع الانتخابي الجمهوري في آيوا الاثنين... وترمب يتصدر المشهد

حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتوس والسفيرة السابقة لولاية كارولينا الجنوبية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي حيث ستكون المناظرة الرئاسية الخامسة للحزب الجمهوري في أول مواجهة مباشرة بينهما ليلة الأربعاء في ولاية آيوا (أ.ب)
حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتوس والسفيرة السابقة لولاية كارولينا الجنوبية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي حيث ستكون المناظرة الرئاسية الخامسة للحزب الجمهوري في أول مواجهة مباشرة بينهما ليلة الأربعاء في ولاية آيوا (أ.ب)
TT

في خامس مناظرة جمهورية... نيكي هيلي ورون ديسانتس يتنافسان على المركز الثاني

حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتوس والسفيرة السابقة لولاية كارولينا الجنوبية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي حيث ستكون المناظرة الرئاسية الخامسة للحزب الجمهوري في أول مواجهة مباشرة بينهما ليلة الأربعاء في ولاية آيوا (أ.ب)
حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتوس والسفيرة السابقة لولاية كارولينا الجنوبية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي حيث ستكون المناظرة الرئاسية الخامسة للحزب الجمهوري في أول مواجهة مباشرة بينهما ليلة الأربعاء في ولاية آيوا (أ.ب)

يتواجه كل من المرشحة الجمهورية، نيكي هيلي، والمرشح الجمهوري، رون ديسانتس، ليل الأربعاء في ولاية آيوا، في خامس مناظرة جمهورية، وتستضيفها شبكة «سي إن إن»، بجامعة دريك بدي موين، مع الغياب المتعمَّد للرئيس السابق دونالد ترمب والمرشح الجمهوري الأوفر حظاً، الذي سيظهر على شبكة «فوكس نيوز» في توقيت المناظرة ذاته.

حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، والسفيرة السابقة لولاية كارولينا الجنوبية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي حيث ستكون المناظرة الرئاسية الخامسة للحزب الجمهوري في أول مواجهة مباشرة بينهما في مناظرة ليلة الأربعاء في ولاية أيوا. (ا.ب.)

وتُعدّ هذه المناظرة مهمة وحاسمة بشكل كبير، بخلاف المناظرات السابقة التي ازدحمت بمنافسين آخرين، وبالتالي تحمل منافسة عالية بين المرشحين فيما يمكن أن يكون البديل للرئيس السابق دونالد ترمب. ويأمل كل من هيلي وديسانتس في أداء قوي يؤدي إلى رفع أسهمهما قبل أيام قليلة من انعقاد التجمع الحزب الجمهوري يوم الاثنين، حيث سيدلي الناخبون في هذه الولاية بأصواتهم، بما سيكون أول اختيار حاسم في ساحة المعركة الرئاسية للحزب الجمهوري.

منافسة شرسة

المرشحة الجمهورية للرئاسة وحاكمة كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هالي (على اليمين) تتحدث في قاعة مدينة أيوا مع مذيع شبكة فوكس نيوز بريت بايير في الثامن من يناير الجاري(ا.ب.أ)

في هذه المنافسة الشرسة، تراهن نيكي هيلي على قدرتها على تقديم نهج متزن في رسائلها إلى الناخبين، بعد زلة لسان حول فشلها في ذكر العبودية بوصفها السبب الرئيسي في الحرب الأهلية الأميركية، وزلة لسان أخرى، في تعليقها بأن الناخبين في نيوهامبشاير سيكون لديهم فرصة لتصحيح النتيجة التي ستخرج بها ولاية آيوا، مما أثار انتقادات الناخبين في آيوا ضدها.

ولا تأتي الهجمات ضد هيلي فقط من ديسانتس بل من الرئيس السابق دونالد ترمب الذي كثَّف هجماته ضد هيلي مع تزايد حظوظها في استطلاعات الرأي، واتهمت حملة ترمب هيلي بأنها ليست قوية فيما يتعلق بسياسات الهجرة، وأن أداءها حاكمةً لولاية كارولينا الجنوبية لم يكن قوياً.

كيف سترد نيكي هيلي على الهجمات من منافسها رون ديسانتس وانتقادات الرئيس السابق دونالد ترمب وسخرية الرئيس الحالي جو بايدن (ا.ب.ا)

وتحاول هيلي استعادة ثقة الناخبين الجمهوريين في ولاية آيوا وإعادة ضبط حملتها في مواجهة الانتقادات، ليس فقط من منافسيها في الحزب الجمهوري، وإنما أيضاً في مواجهة انتقادات الرئيس بايدن وحملته الديمقراطية؛ فقد سخر بايدن في كلمته بكنسية شارلستون في ولاية كارولينا الجنوبية من جهلها بأسباب الحرب الأهلية، دون أن يذكر اسمها.

ولا توجد مؤشرات على أن قادة الحزب الجمهوري يرون أن زلات لسان هيلي تشكل مشكلة كبيرة، أو أن هناك مشكلة حقيقية تواجهها بسبب هذه الانتقادات. وتروج حملة نيكي هيلي أنها الشخص الوحيد المجهَّز لهزيمة دونالد ترمب. ويبدو أنها استعدَّت (على خلاف المناظرات السابقة) لتوجيه انتقادات لترمب خاصة حول الهجرة وقضية الإجهاض.

خطط ديسانتس

حاكم فلوريدا والمرشح الجمهوري للرئاسة رون ديسانتيس يتحدث في قاعة مدينة أيوا، مع شبكة فوكس نيوز في التاسع من يناير الجاري(ا.ب.ا)

في الجانب الآخر، يركز المرشح الجمهوري رون ديسانتس على شنّ هجمات متلاحقة ضد هيلي، واستغلال تصريحاتها السابقة وزلات لسانها في التقليل من مكانتها وقدرتها السياسية. وقد اكتسب ديسانتس زخماً انتخابياً بعد إعلان حاكم ولاية آيوا، كيم رونولدز، دعمه وتأييده لصالح ديسانتس، بما يعني تهديداً جديداً لنيكي هيلي.

ويخطط ديسانتس لتلميع صورته بتسليط الضوء على جهوده بوصفه حاكماً جمهورياً ناجحاً في ولاية فلوريدا، وتوقيعه على مشروع قانون بولاية فلوريدا يحظر الإجهاض بعد 6 أسابيع من الحمل، وقانون آخر يحظر تقديم الرعاية الطبية للمتحولين جنسياً، وهو ما يتوافق بقوة مع تيار اليمين في الحزب الجمهوري.

ورغم ترجيح سيطرة ترمب بشكل كبير والفرض الضئيلة لكل من هيلي وديسانتس للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، فإن العديد من المشاركين في التجمع الحزبي الجمهوري أظهروا كثيراً من الاهتمام بهذه المناظرة التي تضم المعارضين الرئيسيين لترمب.

الهجوم على ترمب

الرئيس الاميركي السابق دونالد ترمب يتغيب كعادته عن المناظرة الجمهورية ويشارك في حديث مع شبكة فوكس نيوز في نفس التوقيت لجذب انظار المشاهدين(ا.ب)

ومع توقُّع بعض الانتقادات من ديسانتس وهيلي للرئيس ترمب، فإنهما سيكونان حريصين بشكل كبير على تقديم أنفسهما بوصفهما أفضل خيار لمنافسة الرئيس الديمقراطي جو بايدن في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، والحرص في الوقت نفسه على عدم إثارة غضب مناصري الرئيس ترمب، ولا يريدون خسارة قاعدة الناخبين القوية التي يملكها ترمب.

ويتوقع الخبراء أن يتركز هجوم هيلي وديسانتس على ترمب فقط فيما يتعلق بالمخاطر من الملاحقات القانونية التي تحيط بالرئيس السابق ترمب، وأثرها على الانتخابات العامة. وقد يتطرق الهجوم على ترمب من زاوية أنه أضاف تريليونات إلى الدين الوطني الأميركي أثناء وجوده في منصبه.

حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس يتحدث لشبكة فوكس نيوز يوم الثلاثاء الماضي في مدينة دي موين في ولاية ايوا(ا.ب)

وقد انتقد ديسانتس ترمب في تصريحات سابقة، ووصفه بأنه متردِّد بشأن قضية الإجهاض، وانتقد فشل ترمب في الوفاء بتعهداته في بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وبالتالي قد يكرر هذه الانتقادات لترمب خلال المناظرة.

استطلاعات الراي

ويشير استطلاع للرأي أجراه مكتب hill decision desk إلى أن دعم ترمب في ولاية آيوا يصل إلى 52.3 في المائة يليه ديسانتس بنسبة 17.5 في المائة ثم نيكي هيلي بنسبة 16.9 في المائة. ويقول الاستراتيجيون إن التجمُّع الانتخابي يوم الاثنين، الخامس عشر من يناير، سيقدم مؤشراً مهماً لما سيحدث في ولاية نيوهامشير. ومن المقرَّر أن تستضيف ولاية نيوهامشير الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الثالث والعشرين من يناير الحالي.

ويشير استطلاع رأي FiveThirtyEight إلى أن أداء نيكي هيلي في المناظرات السابقة للحزب الجمهوري دفع حظوظها بشكل كبير، وحصلت على 15.8 في المائة من دعم سكان ولاية آيوا، بينما حصل ديسانتس على 17.2 في المائة، ويستمر تأييد ترمب الواسع بين الناخبين ويتمتع بدعم 51.3 في المائة.

ويشير الاستطلاع إلى أن هيلي تحظي بدعم كبير ارتفع إلى 29.9 في المائة في استطلاعات الرأي بولاية نيوهامشير، وتحتل المركز الثاني بعد ترمب الذي يحظى بنسبة 42.4 في المائة... ومن المقرَّر أن تستضيف شبكة «سي إن إن» مناظرة أخرى بين هيلي وديسانتس في الحادي والعشرين من يناير في كلية نيو إنغلاند في نيوهامشير.

أهمية التجمع الحزبي في آيوا

وسيكون التجمع الحزبي في آيوا بداية لسلسلة من الاجتماعات المحلية التي تُعقَد في جميع أنحاء الولايات المتحدة حيث تتيح للناخبين التعرُّف على أفكار المرشحين وإظهار تفضيلاتهم للمرشح الرئاسي الذي سيقترعون لصالحه في نوفمبر المقبل. ولا يقتصر الأمر فقط على اختيار المرشح المفضل، بل تُعدّ هذه التجمعات الحزبية مهمة لعملية اختيار المندوبين الذين سيمثلون الحزب خلال الشهور المقبلة.

رغم أن كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي يعقد اجتماعات حزبية في آيوا، الأسبوع المقبل، فإن الجمهور يجتذب كل الأضواء وكل الاهتمام لأهميته في وضع تصوُّر أوضح لمن سيكون له تأثير واضح في السباق الرئاسي من الآن حتى الثلاثاء الكبير، في الخامس من مارس (آذار) المقبل.

ويجمع الخبراء والمحللون على أن انتخابات عام 2024 ستكون أكثر الانتخابات الأميركية فوضوية وصراعاً، وستشهد أحداثاً غير متوقَّعة؛ فمن جانب، لا يزال الرئيس السابق دونالد ترمب رغم كل الفضائح والملاحقات القضائية، هو المرشح الجمهوري الأوفر حظاً في جميع استطلاعات الراي تقريباً، ومن المتوقَّع أن يعزز هيمنته على الحزب الجمهوري من خلال حشد أنصاره بشكل أكبر.

حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس يتحدث لشبكة فوكس نيوز يوم الثلاثاء الماضي في مدينة دي موين في ولاية ايوا(ا.ب)

وفي الجانب الآخر، يملك كل من نيكي هيلي ورون ديسانتس فرصة لبناء زخم بوصفهما المنافسين الجديين للرئيس ترمب. أما بقية المرشحين الجمهوريين، مثل كريس كريستي وفيفيك راما سوامي، فإن استطلاعات الرأي تظهر تراجعاً واضحاً، وضعفاً في تحقيق مكاسب بين الناخبين، وهو دليل على أنهم لا يتمتعون بالدعم اللازم لمواصلة السعي للحصول على ترشيح الحزب، وبالتالي إسدال الستار على حملاتهم المتعثرة.


مقالات ذات صلة

نيكي هايلي تغيّر حساباتها وتعلن تأييد ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتداول مع المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي خلال جلسة لمجلس الأمن في سبتمبر 2018 (أ.ف.ب)

نيكي هايلي تغيّر حساباتها وتعلن تأييد ترمب

أكدت المندوبة الأميركية السابقة بالأمم المتحدة نيكي هايلي أنها ستصوت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل للرئيس السابق دونالد ترمب، بعد حملة انتخابية حادة بينهما.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة بالبيت الأبيض في 9 أكتوبر 2018 (رويترز)

ترمب: لا أفكر في نيكي هايلي لمنصب نائب الرئيس

أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب المرشح مجدداً للبيت الأبيض أن منافسته الجمهورية السابقة نيكي هايلي ليست من بين الأشخاص الذين يفكر فيهم لمنصب نائب الرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في 9 مارس (رويترز)

ترمب «يغربل» أسماء المرشحين لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات

بدأ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب «غربلة» أسماء مرشحين محتملين لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر المقبل وفي القائمة 15 اسماً.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشحة عن الحزب الجمهوري نيكي هايلي خلال إلقائها خطاباً في نورث كارولاينا في 2 مارس (رويترز)

انسحاب هايلي يرسّخ نفوذ ترمب في الحزب الجمهوري

لأشهر عدة، حاولت هايلي تصوير الرئيس السابق على أنه سياسي مثير للفوضى، مسنّ وغير متزن عقلياً، إلا أن هجماتها لم تنجح في تخفيف قبضة ترمب على الحزب.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جانب من خطاب ترمب في نادي مارالاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا (رويترز)

نتائج «الثلاثاء الكبير» تعزز فرص ترمب في السباق الرئاسي

احتفل دونالد ترمب بـ«ليلة مذهلة» مع اقترابه من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، عبر تحقيقه فوزاً سهلاً في الانتخابات التمهيدية خلال «الثلاثاء الكبير».

هبة القدسي (واشنطن)

الصراع بين المنطق والعاطفة... لماذا لا نستطيع مقاومة التسوق في «بلاك فرايداي»؟

«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
TT

الصراع بين المنطق والعاطفة... لماذا لا نستطيع مقاومة التسوق في «بلاك فرايداي»؟

«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)

هل شعرت يوماً بصراع بين المنطق والعاطفة أثناء البحث عن تنزيلات للتبضع، خصوصاً فيما يعرف بـ«يوم الجمعة الأسود» (Black Friday)؟

وفق تقرير لموقع «سايكولوجي توداي»، فإن «بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات تبدو غير عقلانية تماماً.

وأشار التقرير إلى أن هذه التفاعلات ليست عشوائية؛ فهي متجذرة بعمق في علم النفس البشري.

فلماذا إذن يمتلك هذا الحدث السنوي للتسوق القدرة على جعل ملايين الناس يتصرفون وكأن الحصول على أداة مخفضة السعر مسألة حياة أو موت؟

وتحدث التقرير عن أنه غالباً ما لا تكون عروض «بلاك فرايداي» أفضل الخصومات في العام. تستخدم العديد من الشركات التسعير الديناميكي القائم على الخوارزميات استناداً إلى بيانات المستهلكين؛ مما يعني أن بعض العناصر قد تكون أسعارها مماثلة - أو حتى أقل - خلال مبيعات أخرى طوال العام.

ومع ذلك، سنة بعد سنة، نصطف بفارغ الصبر خارج المتاجر عند الفجر، أو نعطل خوادم التجارة الإلكترونية بنقراتنا المحمومة. هذا لا يتعلق بالمنطق، بل يتعلق بالعاطفة. «بلاك فرايداي» ليس مجرد حدث تسوق، إنه ساحة معركة نفسية حيث تتولى غرائزنا زمام الأمور.

الإثارة والخوف من تفويت الفرصة

على سبيل المثال: أنت تتطلع إلى ساعة ذكية محدودة الإصدار، ولا يوجد سوى «ساعتين متبقيتين في المخزون». ينبض قلبك بسرعة، وتتعرق راحتا يديك، وتنقر فوق «اشترِ الآن» أسرع مما تتخيل.

يتم هندسة هذا المزيج الغامض من الإثارة والقلق بعناية من قبل المسوقين. تخلق إشارات الندرة - مثل تحذيرات انخفاض المخزون ومؤقتات العد التنازلي - إلحاحاً؛ مما يؤدي إلى إثارة خوفنا من تفويت الفرصة.

والخوف من تفويت الفرصة ليس مجرد اختصار جذاب، بل هو استجابة نفسية متجذرة في نفور الخسارة. وهو يصف كيف أن الألم الناتج عن فقدان الفرصة أقوى بكثير من فرحة الحصول على شيء ما. ولكن هناك المزيد من العوامل التي تلعب دوراً هنا؛ إذ يستغل يوم «بلاك فرايداي» أيضاً رغبتنا في الشعور بالنصر. فالحصول على صفقة يشبه الفوز بلعبة ــ وهو الشعور الذي يتضخم بفعل الأجواء الاحتفالية والحشود والديناميكيات التنافسية. فنحن لا نشتري المنتجات فحسب، بل «نتفوق» على الآخرين في الفوز بجائزة.

مبدأ الندرة

يفترض مبدأ الندرة أن الناس يعطون قيمة أكبر لأقل الفرص توفراً. وفي يوم «الجمعة السوداء»، يستغل تجار التجزئة هذا من خلال تقديم صفقات «محدودية الوقت» ومنتجات «حصرية». وعندما ندرك أن شيئاً ما نادر، تشتد رغبتنا في الحصول عليه. غالباً ما يؤدي هذا الاستعجال إلى اتخاذ قرارات شراء متهورة؛ إذ نخشى أن يؤدي التأخير إلى تفويت الفرصة بالكامل.

الدليل الاجتماعي

يشير مفهوم الدليل الاجتماعي إلى أن الأفراد ينظرون إلى سلوك الآخرين لتحديد أفعالهم الخاصة.

خلال «بلاك فرايداي» يخلق مشهد المتاجر المزدحمة والطوابير الطويلة ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعرض المشتريات، تأثيراً يشبه تأثير عربة الموسيقى.

ونفترض أنه إذا شارك الكثير من الأشخاص، فيجب أن تكون الصفقات تستحق العناء. يعزز هذا السلوك الجماعي قرارنا بالانضمام، حتى لو لم نخطط للتسوق في البداية.

نظرية السعر المرجعي

وفقاً لنظرية السعر المرجعي، يقيم المستهلكون الأسعار بناءً على «سعر مرجعي» داخلي - وهو معيار يعتقدون أنه عادل. يتلاعب تجار التجزئة بهذا من خلال عرض أسعار أصلية مبالغ فيها إلى جانب أسعار مخفضة. حتى لو لم يكن السعر النهائي صفقة حقيقية، فإن التباين يجعل الخصم يبدو أكثر أهمية؛ مما يجبرنا على إجراء عملية شراء قد نتخطاها بخلاف ذلك.

قرارات مبنيّة على العاطفة

تلعب العواطف دوراً محورياً في قرارات الشراء الخاصة بنا. إن عقوداً من أبحاث المستهلكين تخبرنا أن الاستجابات العاطفية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على سلوك المستهلك. فالأجواء الاحتفالية في «الجمعة السوداء» ــ بما في ذلك موسيقى الأعياد والعروض النابضة بالحياة وإثارة المنافسة ــ تثير ردود فعل عاطفية قوية.

ويمكن لهذه المشاعر أن تتغلب على التفكير العقلاني؛ مما يدفعنا إلى إجراء عمليات شراء مدفوعة بالإثارة وليس الضرورة. فما هو الاستهلاك في نهاية المطاف إن لم يكن تجربة مثيرة؟!

تأثير الهِبَة

بمجرد أن نضيف عنصراً إلى عربة التسوق ــ سواء كان موجوداً في عربة تسوق مادية أو في تجاويف رقمية لعربة تسوق على الإنترنت ــ يبدأ الشعور وكأنه ملك لنا بالفعل. ويطلق علماء النفس على هذا تأثير الهبة؛ ولهذا السبب يصبح التخلي عنه أكثر صعوبة.