أظهرت دراسة دولية أن دمج الذكاء الاصطناعي مع بيانات الأقمار الاصطناعية يمثل تحولاً جذرياً في قدرة العالم على تتبُّع التكيف مع تغيُّر المناخ وقياس تأثيراته بدقة على مستوى الكوكب، خصوصاً في القطاعات الزراعية والغذائية.
وأوضح الباحثون، بقيادة وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) وجامعة غالواي الآيرلندية، أن المراقبة الفضائية توفر سجلاً عالمياً فريداً يمتد أكثر من 6 عقود، ونُشرت النتائج الجمعة بدورية «npj Climate and Atmospheric Science».
ويُعد تغير المناخ أحد أكبر التحديات التي يواجهها العالم اليوم؛ إذ تتسارع معدلات ارتفاع درجات الحرارة، وتزداد الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحر والفيضانات والجفاف والعواصف. ويرتبط هذا التغير في الغالب بالأنشطة البشرية التي رفعت تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي؛ ما أدى إلى اختلالات واسعة في النظم البيئية وتأثيرات مباشرة على الأمن الغذائي والمائي والصحي.
ووفقاً للباحثين، فإن الجمع بين صور الأقمار الاصطناعية وتقنيات الذكاء الاصطناعي يمكّن العلماء من تحليل التغيرات المناخية في المناطق النائية التي تفتقر إلى البنية التحتية لرصد البيانات ميدانياً. وتتيح هذه التكنولوجيا قياس مؤشرات التكيف المناخي بشكل مباشر في عدة قطاعات رئيسية، في مقدمتها قطاع الزراعة، حيث يمكن متابعة إنتاجية المياه وكفاءة الري ونمط هجرة المحاصيل، وهو ما يساعد على اتخاذ قرارات زراعية مستدامة لمواجهة آثار تغير المناخ وحماية الأمن الغذائي.
أما فيما يتعلق بالتنوع البيولوجي، فتسمح البيانات الفضائية بتوفير خرائط دقيقة للغابات والمناطق الرطبة؛ ما يدعم الحفاظ على النظم البيئية ومراقبة التغيرات البيئية الهامة التي قد تؤثر في الأنظمة البيئية والموائل الطبيعية.
وفي مجال الكوارث المناخية، تُستخدم هذه التكنولوجيا لقياس حجم الفيضانات وشدة موجات الجفاف، وتحديد جزر الحرارة الحضرية، بما يتجاوز قدرة المحطات الأرضية وحدها، ويساعد الجهات المعنية على التخطيط لمواجهة الكوارث، وتقليل الخسائر البشرية والمادية.
أما في القطاع الصحي، فتسهم بيانات الأقمار الاصطناعية في تقديم معلومات دقيقة حول درجات حرارة سطح الأرض وجودة الهواء؛ ما يمكِّن من تقييم التعرض للحرارة والتنبؤ بتفشي الأمراض المرتبطة بالمناخ، بما يعزز قدرة الأنظمة الصحية على الاستجابة للأزمات المناخية.
وقال الباحثون: «تلعب الأقمار الاصطناعية دوراً فريداً في دعم الهدف العالمي للتكيف ضمن اتفاقية باريس، وتوفر المراقبة المستمرة وطويلة المدى أدوات لصانعي السياسات لقياس التقدم، وتحديد المناطق المعرضة للخطر».
وأشار الفريق إلى أن أبحاثهم التي تقيس التكيف المناخي في إنتاج الغذاء باستخدام الذكاء الاصطناعي وبيانات المراقبة الفضائية، توفر وسيلة مباشرة لربط الحقائق الميدانية في أي مكان على الأرض بمؤشرات الهدف العالمي للتكيف في اتفاقية باريس. وطالب الباحثون بضرورة دمج بيانات المراقبة الفضائية ضمن مؤشرات الهدف العالمي للتكيف مع تغيُّر المناخ.



