يستدعي معرض «بوابات شمسية» الروابط الروحية بين عالمَيْن قديمَيْن يتمثّلان في حضارة المايا والأزتك في المكسيك، والحضارة المصرية القديمة (الفرعونية)، عبر عناصر مشتركة مثل إجلالهما للشمس، وهو ما يُجسّده 20 فناناً من البلدَيْن عبر أعمالهم التي تدمج بين الأساطير القديمة والأساليب الحديثة لتستدعي مسارات الأبدية.
المعرض المقام في «نوكس آرت غاليري» بالتجمّع الخامس، شرق القاهرة، يضم عشرات الأعمال الفنّية التي ترصد مظاهر حضارية قديمة بتقنيات فنّية حديثة، من خلال فلسفة الشعوب القديمة التي كانت «تنظر إلى الموت ليس باعتباره خاتمة، وإنما بوصفه عبوراً مضيئاً نحو الولادة من جديد، كأننا أمام دورة مقدّسة تنعكس في الرحلة السماوية للشمس عبر السماء وعبر العالم»، وفق الكلمة التعريفية بفلسفة العرض.

ويُشارك في المعرض الفنانون: أباروتي دي ديسينيو، وأحمد رجب صقر، وآلان راميريز، وألفريدو سانتويّو، وأرغينيس رودريغيز، وأيمن لطفي، وبولير، وكارلوس كاستانييدا، وكوليكتيفو أرابال، وديانا ليون، وفيديل بايز، وخيراردو سانشيز، وحسام صقر، وإيفان بوغا، وليفيير ميروسلافا، ولوفيا ليندرو، ومحمود حمدي، ومحمد بنوي، وصلاح المليجي؛ في حين أنّ القيم الفنّي للمعرض الفنانة اللبنانية المكسيكية مافيلدا بوديب.
بعض الأعمال المعروضة تستدعي الحالة المصرية القديمة عبر الوجوه والأزياء وعدد من التفاصيل الأخرى المرتبطة بالأساطير القديمة، فيُحاكي عمل الفنان أحمد رجب صقر رمزية الفنّ الفرعوني في دائرة تشبه قرص الشمس تُجسّر المسافة بين النظام المقدّس للماضي ونبض الحاضر، بينما يقدّم الفنان أيمن لطفي مقاربة تصويرية بين نفرتيتي وفريدا كاهلو بطريقة تضع العمل في إطار أسطوري مُستلهماً بوابة الشمس في الإطار الدائري داخل العملين.
ويقول لطفي إنّ المعرض الذي يستمر حتى 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، أُقيم بالتنسيق بين سفارة المكسيك بالقاهرة وغاليري «نوكس»، وشارك فيه 14 فناناً من المكسيك، و6 فنانين مصريين.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «فكرته تقوم على رصد التماثُل بين الحضارتَيْن المكسيكية والمصرية القديمة من خلال رمزية الشمس والنظرة لها بوصفها بوابة لعالم آخر هو الأبدية».
وتقدّم الفنانة المكسيكية لوفيا ليندرو عملاً من الفسيفساء الورقية المصنوعة يدوياً، في تدخُّل نحتي يتناول الجعل المصري (الجعران) والخنافس المكسيكية (ماياتس)، ليكون العمل المصنوع بشكل دائري على هيئة قرص الشمس بمنزلة بوابة بين الأساطير حيث تتشابك الثقافتان والحضارتان معاً.

بدورها، تقدّم الفنانة ديانا ليون مقعداً نحتياً من الخشب المحفور يتحرك مع إيقاع الحياة، ليدعو إلى التأمُّل في الحركة، حيث لا الزمن ولا الجسد ولا المعنى تبقى في سكون. والعمل الفنّي منقوش برموز من الحضارات الإسبانية والمصرية القديمة، فترى في حركة المقعد تردّداً لصدى حضارات رأت في الشمس والروح والزمن دورات مقدّسة.
ويرى لطفي أنّ «ثمة تشابهاً كبيراً بين الفكر في الحضارتَيْن المكسيكية والمصرية القديمة في رؤيتهما لفلسفة الموت، فهو بالنسبة إليهما لم يكن خاتمة وإنما عبور مضيء للولادة من جديد».

وأكد أنّ «فكرة المعرض ألهمت جميع الفنانين، فكلّ منهم استخدم الشمس رمزاً في عمله، بالإضافة إلى الأيقونات المختلفة في الحضارتَيْن المكسيكية والمصرية القديمة».
أما الفنان المكسيكي خيراردو سانشيز فيُقدّم صورة رقمية على الورق تتداخل بورق الذهب والفضة وتحمل تأمّلاً شعرياً في ثنائية الحياة: الضوء والظلّ في حركة دائمة.
في حين يحتفي الفنان المصري صلاح المليجي بالقمر، بوصفه ذلك المُسافر العتيق الشاهد الأبدي على مسيرة الإنسان، مُستلهماً عدداً من الأساطير القديمة في الحضارات المصرية واليونانية والبابلية وغيرها.

وفي عمل بعنوان «السفينة الشمسية»، يعالج عمل بالتصوير الفوتوغرافي لليفيير ميروسلافا إعادة أسطورة قارب «رع» إلى الحياة بتدخلات بلاستيكية، من خلال عدسة نسوية معاصرة، فيما يُعدّ تقدِمة من أجل الولادة الجديدة والاستنارة.
بدوره، يُقدّم الفنان المصري محمد بنوي عملاً من الفسيفساء يستلهم من خلاله تضاريس مصر بطريقة هندسية وتجريدية، مُحوّلاً الطين إلى وسيط روحي يوحّد بين الأرض والبيئة والإنسانية.





