من رحم الأم تبدأ الحكاية... الرضّع يميزون اللغات التي استمعوا إليها قبل الولادة

الأجنّة يصغون ويتذكّرون اللغات (شاترستوك)
الأجنّة يصغون ويتذكّرون اللغات (شاترستوك)
TT

من رحم الأم تبدأ الحكاية... الرضّع يميزون اللغات التي استمعوا إليها قبل الولادة

الأجنّة يصغون ويتذكّرون اللغات (شاترستوك)
الأجنّة يصغون ويتذكّرون اللغات (شاترستوك)

هل يستطيع الرضيع التعرُّف على اللغات الأجنبية التي استمع إليها وهو لا يزال جنيناً في رحم أمه، والتمييز بينها وبين لغته الأم، أو اللغات التي لم يستمع إليها من قبل؟ فقد توصّل فريق بحثي في مدينة مونتريال بكندا إلى أنّ الرضّع حديثي الولادة الذين استمعوا إلى قصص بلغات أجنبية، وهم ما زالوا أجنّة، يتجاوبون مع تلك اللغات بالطريقة نفسها التي يتعاملون بها مع اللغة الأم الخاصة بهم.

وتُعدّ هذه الدراسة، التي نشرتها الدورية العلمية «نيتشر كوميونيكيشن» المتخصّصة في مهارات التواصل واللغة، ونقلتها «وكالة الأنباء الألمانية»، الأولى من نوعها التي تعتمد على تقنيات تصوير المخّ لإثبات الفرضية العلمية التي ظلّ خبراء طبّ النفس والأعصاب يتشككون في صحتها منذ مدّة طويلة، إذ كانت دراسات سابقة قد أثبتت أنّ الأجنّة والمواليد حديثي الولادة يمكنهم التعرُّف على الأصوات المألوفة، بل ويُفضّلون الاستماع إلى لغتهم الأم بعد الولادة مباشرة، لكن تلك النتائج كانت تعتمد على ملاحظات سلوكية، مثل التفاتة من الرضيع، أو تغيُّر في نبضات قلبه، وما إلى ذلك، من دون التوصُّل إلى أدلّة دامغة من خلال قياس التغيّرات التي تطرأ على المخّ في أثناء استماع الرضيع للغته الأم.

وفي تصريح لموقع «ساينتفك أميركان» المُتخصّص في البحوث العلمية، تقول اختصاصية طبّ الأعصاب بجامعة مونتريال ورئيسة فريق الدراسة، آنا جالاجر: «لا يمكننا أن نقول إنّ الرضّع يتعلّمون اللغة قبل ميلادهم، ولكن يمكننا القول إنّ حديثي الولادة يشعرون بالألفة حيال اللغة أو اللغات التي سبق لهم الاستماع إليها وهم ما زالوا في طور الأجنّة، إذ إنّ التعرُّض لهذه اللغات خلال وجود الجنين داخل الرحم يساعد في تكوين شبكات تواصل داخل المخّ تؤثّر في استجابتهم للغة بعد ميلادهم».

لغة الحياة تبدأ في الرحم (شاترستوك)

وشاركت في التجربة نحو 60 امرأة حاملاً في الأسبوع الـ35 من الحمل، وجرى تعريض 39 منهنّ لتسجيلات صوتية لقصص باللغة الفرنسية، وهي اللغة الأم الخاصة بهن، لمدة 10 دقائق، ثم استمعن إلى تسجيلات للقصص عينها باللغتين الألمانية والعبرية لـ10 دقائق أيضاً، مع تكرار هذه العملية بشكل يومي طوال مرحلة الحمل.

ويوضح اختصاصي علم النفس العصبي السريري بجامعة مونتريال، الباحث أندريان رينيه، أنّ اختيار اللغتين الألمانية والعبرية يعود إلى الاختلاف الكبير بينهما وبين اللغة الفرنسية من ناحية الصوتيات، وخواص النطق. أما باقي الحوامل المُشاركات في التجربة، وعددهن 21 امرأة ضمن مجموعة التحكّم، فلم يتعرَّضن لأي مؤثرات خارجية خاصة، وبالتالي تعرّضت الأجنّة في أرحامهن للغة الفرنسية الأم في ظروف طبيعية خلال الحياة اليومية.

وخلال أول 10 ساعات إلى 3 أيام من الميلاد، عكف الفريق البحثي، عن طريق تقنية التصوير الطيفي الوظيفي بالأشعة تحت الحمراء، على متابعة طريقة استجابة أمخاخ المواليد للغات الألمانية والعبرية والفرنسية. وتقيس هذه التقنية التغيُّرات في معدلات تشبُّع الدم بالأكسجين داخل المخّ خلال أداء الوظائف المعرفية المختلفة.

ووجد الباحثون تزايداً في نشاط الفصّ الصدغي الأيسر، وهو مركز معالجة اللغة في المخّ، لدى جميع حديثي الولادة المشاركين في التجربة عند الاستماع إلى عبارات باللغة الفرنسية. ولكن عند تعريض المواليد للغتين الألمانية والعبرية، لم يحدُث النشاط الذهني نفسه سوى لدى الأطفال الذين كانوا قد استمعوا لنفس اللغتين وهم ما زالوا أجنّة في أرحام أمهاتهم. أما المواليد ضمن مجموعة التحكُّم الذين لم يستمعوا لهذه اللغات من قبل وهم ما زالوا أجنّة، فلم يحدث لديهم أي نشاط ذهني في الأجزاء الخاصة بمعالجة اللغة عند الاستماع للغتين الألمانية والعبرية.

من جهتها، ترى الباحثة اختصاصية طبّ أعصاب الأطفال وعضوة الأكاديمية البرازيلية لطبّ الأعصاب، آنا كارولينا كوان، أنّ هذه الدراسة تدعم فكرة أن أمخاخ حديثي الولادة ليست «صفحة بيضاء» تماماً، بل إن البيئة التي يعيش فيها الجنين داخل الرحم تقوم بصياغة بعض الوظائف العقلية لديه حتى قبل أن يخرج إلى الحياة. ولم يتوصَّل الباحثون إلى طول مدّة التعرّض للغة الأجنبية التي تكفي كي يألفها الجنين ويتعرَّف عليها لاحقاً، إذ أشارت بعض الدراسات السابقة بشأن تأثيرات البيئة السمعية على تكوين الأجنة إلى أنّ هذه المدّة قد تُقدّر بساعات، وكشفت بحوث أخرى عن أنّ مدّة قصيرة لا تتجاوز 15 دقيقة قد تكون كافية لإحداث التأثير نفسه في التعرّف على اللغات الأجنبية.

وتقول الباحثة كوان إنّ «هذه الدراسة لا تنصح الحوامل بتعريض الأجنّة للغات الأجنبية كي يصبحوا أكثر ذكاء، أو متعدّدي اللغات في مراحل لاحقة من العمر»، وأشارت إلى أنّ دراسة تأثير تعرُّض الجنين للغات أجنبية على عملية التطوّر اللغوي في مراحل لاحقة من العمر تنطوي على أهمية من أجل فَهْم مشكلات اللغة واضطراباتها لدى الأطفال، والتي تؤثر على ما بين 5 و10 في المائة من الأطفال في الولايات المتحدة وحدها. وأضافت أنّ «هذا البحث يعطي مزيداً من الأدلّة العلمية على أنّ تطوّر اللغة يبدأ في مرحلة مُبكرة تسبق الميلاد، وهو ما قد يساعد في اكتشاف مشكلات التأخر اللغوي لدى الأطفال، وعلاجه».


مقالات ذات صلة

ترمب يتحدث مع أطفال ليلة عيد الميلاد: نتأكد من عدم تسلل «بابا نويل سيئ» إلى أميركا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشارك في مكالمات هاتفية لتتبع بابا نويل عشية عيد الميلاد من منتجع مارالاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)

ترمب يتحدث مع أطفال ليلة عيد الميلاد: نتأكد من عدم تسلل «بابا نويل سيئ» إلى أميركا

تابع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الأربعاء)، ليلة عيد الميلاد، أخبار بابا نويل من غرفة معيشته في بالم بيتش بولاية فلوريدا، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 7 أمور تجعل أطفالك قريبين منك حين يكبرون

7 أمور تجعل أطفالك قريبين منك حين يكبرون

يأمل كل والد أن يظل طفله يلجأ إليه بعد سنوات ليقضي معه وقتًا، ويشاركه أفراحه وأحزانه، ويطلب منه النصح والإرشاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الأطفال النباتيون قد لا يحصلون على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجون إليها من نظامهم الغذائي (رويترز)

دراسة تحذر من اتباع الأطفال نظاماً غذائياً نباتياً

أفاد فريق من الباحثين الدوليين بأن الأطفال النباتيين قد لا يحصلون على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجون إليها من نظامهم الغذائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أفريقيا أونيكا تشيمي طالب أُطلق سراحه بعد اختطافه خلال مقابلة مع «وكالة أسوشييتد برس» في بابيري بنيجيريا 10 ديسمبر 2025 (أ.ب)

عودة أطفال نيجيريين إلى آبائهم بعد إطلاق سراحهم من الاختطاف

رحب العديد من الآباء في نيجيريا بعودة أطفالهم في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية، والذين تم خطفهم الشهر الماضي، عندما اقتحم مسلحون مدرستهم.

«الشرق الأوسط» (بابيري (نيجيريا) )
يوميات الشرق الانفصال العاطفي يرتبط بالصدمات النفسية (بيكسلز)

ما الانفصال العاطفي؟ ولماذا يعاني منه المراهقون؟

غالباً ما يرتبط الانفصال عن الواقع بالصدمات النفسية بسبب تجارب مؤلمة للغاية أو مهدِّدة للحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري، استضاف متحف محمود مختار بالجزيرة (وسط القاهرة)، معرضاً استعاديّاً للفنان الراحل وحيد البلقاسي، الملقب بـ«شيخ الحفارين»، تضمن رصداً لأعماله وجانباً كبيراً من مسيرته الفنية.

المعرض الذي انطلق 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويستمر حتى 28 من الشهر نفسه في قاعتي «نهضة مصر» و«إيزيس» رصد مراحل فنية متنوعة للفنان الراحل، وبرزت خلاله فكرة الأسطورة الشعبية من خلال رموز بعينها رسمها ضمن اللوحات، مثل: العين الحارسة، والأجواء الأسطورية، للحكايات التي تتضمنها القرية المصرية.

وبينما تضمنت إحدى القاعات الأعمال الملونة والغرافيك المميز الذي قدمه الفنان وحيد البلقاسي، والتي تعبر عن الأسرة المصرية بكل ما تمثله من دفء وحميمية، كذلك ما يبدو فيها من ملامح غرائبية مثل القصص والحكايات الأسطورية التي يتغذى عليها الخيال الشعبي.

البورتريه الملون من أعمال الفنان وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

ولد وحيد البلقاسي في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) عام 1962، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك عام 1986، واشتهر بأعماله في فن الغرافيك، وله عشرات المعارض الفردية والجماعية، كما أسس جماعة فنية باسم «بصمات»، وكان لها دور فاعل في الحياة الفنية عبر معارض وفعاليات متنوعة.

يقول عمار وحيد البلقاسي، منسق المعرض، نجل الفنان الراحل، إن المعرض يمثل تجربة مهمة لشيخ الحفارين وحيد البلقاسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار اسم المعرض للتأكيد على أن أعمال الفنان لا تموت وتظل خالدة للأبد، تحمل اسمه وتحيي أعماله الفنية»، وتابع: «قبل وفاة الفنان عام 2022 كان يتمنى أن يعرض هذه المجموعة المتنوعة من أعماله الفنية، بما فيها الحفر على الخشب في دار الأوبرا المصرية، واستطعنا أن نعرض من مجموعته 100 عمل فني تصوير، من بينها 30 عملاً فنياً بطول مترين وعرض 170 سنتمتراً، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الصغيرة».

وأشار إلى أن الأعمال في مجملها ترصد القرية والحياة الريفية بمصر، وتتضمن موتيفات ورموزاً شعبية كثيرة تدل على الأصالة وعشقه للقرية والحياة الشعبية بكل ما تتضمنه من سحر وجمال.

ويصف الإعلامي المصري والفنان طارق عبد الفتاح معرض «لون لا يموت» بأنه «يعبر عن مسيرة الفنان وحيد البلقاسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعدُّ الفنان الراحل فناناً عالمياً؛ لأنه جمع بين الإغراق في المحلية ومفردات التراث في لوحاته، واللوحات التي تنطق بالتعبيرية وتمثل الروح المصرية الأصيلة، واستخدم الأبيض والأسود في أغلب أعماله، لكن له مجموعة أعمال بالألوان مبهرة، ويظهر في أعماله مدى اهتمامه بالجمال والاحتفاء بالمرأة وبالمفردات الشعبية وتفاصيل القرية المصرية».

الفنان الراحل وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الفتاح: «لوحات المعرض سواء الكبيرة، التي يصل ارتفاعها إلى مترين، أو الصغيرة، فيها طاقة تعبيرية تبهر المتلقي الذي ينجذب فوراً للتفاصيل الموجودة بها».

وإلى جانب أعماله الفنية المتميزة، فقد شارك وحيد البلقاسي في الحركة التشكيلية عبر أنشطة عدّة، وأُنتج فيلم تسجيلي عن مسيرته الفنية بعنوان «شيخ الحفارين»، من تأليف علي عفيفي، وإخراج علاء منصور، سجل رحلته الفنية وعلاقته بالقرية والمفردات التي استقى منها فنه.


«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
TT

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد، تضمّنت معرضاً أثرياً مؤقتاً يستمر لمدة شهرَين بالتعاون مع المتحف القبطي في القاهرة.

ورأى الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يضطلع به المتحف، مشيراً في بيان للمتحف، الجمعة، إلى أن رسالة المتحف لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأكد أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية بوصفها حاضنة للتنوع الديني والثقافي، ومركزاً للتسامح والتعايش.

وافتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية عام 2021 بالتزامن مع احتفالية «موكب المومياوات»، حيث نُقلت «المومياوات الملكية» من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ويضم المتحف 1600 قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر العصور.

ويضم المعرض الأثري المؤقت مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض لأول مرة، تشمل أيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات فنية كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة لميلاد السيدة العذراء، ومنظر حجري يُجسّدها وهي تُرضع السيد المسيح، بما يعكس ثراء هذا التراث وقيمته الفنية والرمزية، وفق تصريحات للدكتورة نشوى جابر، نائبة الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية.

وقالت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض الأثري جاء بالتعاون مع المتحف القبطي، وهي المرة الثانية التي يتعاون فيها المتحف مع آخر، حيث تم التعاون من قبل مع المتحف الإسلامي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف».

جانب من معرض أثري مؤقت بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

وأكدت أن «القطع المعروضة فريدة من نوعها فلم تُعرض من قبل، ومن بينها 15 قطعة من المتحف القبطي، و8 قطع من متحف الحضارة، تعود إلى القرون الميلادية الأولى»، وأهم القطع التي تضمنها المعرض وفق نائب الرئيس التنفيذي للمتحف «أيقونة ميلاد السيدة العذراء نفسها، فالشائع والمنتشر هي أيقونات ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولكن من النادر وجود لوحة أيقونية تصور ميلاد السيدة العذراء. كما توجد قطعة حجرية منقوش عليها رسم للسيدة العذراء والسيد المسيح، وتُعدّ امتداداً للفن المصري القديم الذي كان يجسّد في لوحات مشابهة لإيزيس وهي تُرضع الطفل حورس».

من جانبه، أكد رئيس قطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية، الدكتور أحمد حميدة، أن «المعرض يُجسّد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية»، مشيراً إلى أن «اختيار السيدة العذراء مريم محوراً للمعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة».

بينما أشارت مديرة المتحف القبطي، جيهان عاطف، إلى أن المعرض يُبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر مختلف الحقب التاريخية.

وحسب بيان للمتحف القومي للحضارة، تضمّنت الفعاليات الاحتفالية الكثير من الأنشطة، من بينها معرض للتصوير الفوتوغرافي، تضمن 22 صورة فوتوغرافية لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مصر، وهو ما عدّته نائبة رئيس المتحف «ضمن خطة للربط بين الاحتفالات والأعياد الكبرى من جهة عرض القطع الأثرية التي تعبّر عنها، وكذلك توثيق مظاهرها الحديثة والمعاصرة وحضور هذه الأعياد ومظاهرها في الشارع المصري المعاصر للربط بين التاريخ والحاضر».

وشهدت الاحتفالية فعاليات فنية، مثل عروض لفرقة كورال «أغابي» التي قدمت مجموعة من الأغاني القبطية احتفاء بقيم المحبة والسلام، إلى جانب عروض لكورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وتضمنت الاحتفالية أيضاً أنشطة تفاعلية متنوعة لتنفيذ أعمال فنية ورسم حي لأيقونات المعرض، وممارسة ألعاب تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.


شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».