سعودي أردني ضمن 3 علماء يتوّجون بـ«نوبل للكيمياء»

لتطويرهم الأطر المعدنية العضوية

العلماء الحائزون على الجائزة كيتاغاوا وروبسون وياغي (لجنة نوبل)
العلماء الحائزون على الجائزة كيتاغاوا وروبسون وياغي (لجنة نوبل)
TT

سعودي أردني ضمن 3 علماء يتوّجون بـ«نوبل للكيمياء»

العلماء الحائزون على الجائزة كيتاغاوا وروبسون وياغي (لجنة نوبل)
العلماء الحائزون على الجائزة كيتاغاوا وروبسون وياغي (لجنة نوبل)

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، الأربعاء، منح «جائزة نوبل في الكيمياء» لعام 2025 إلى سوسومو كيتاغاوا، وريتشارد روبسون، والعالم السعودي - الأردني من أصول فلسطينية عمر م. ياغي «لتطويرهم الأطر المعدنية العضوية».

ابتكر الحائزون على «جائزة نوبل في الكيمياء» لعام 2025، هياكل أو بنى جزيئية كيميائية ذات مساحات واسعة تتدفق من خلالها الغازات والمواد الكيميائية الأخرى. يمكن استخدام هذه الهياكل، لجمع المياه من هواء الصحراء، واحتجاز ثاني أكسيد الكربون، وتخزين الغازات السامة، أو تحفيز التفاعلات الكيميائية.

قال رئيس لجنة «نوبل للكيمياء» هاينر لينكه في بيان الإعلان عن الجائزة إن «هذه الهياكل الفلزية العضوية تتمتع بإمكانات هائلة لم يكن تخيلها ممكناً في ما مضى لابتكار مواد مصممة خصيصاً بوظائف جديدة».

كما صرح كيتاغاوا للصحافيين في مؤتمر استوكهولم، الأربعاء، بأنه سعى وراء هذا البحث لما له من تأثير إيجابي على المجتمع، ولمتعة البحث أيضاً.

وقال: «يشرفني بشدة أن بحثي الطويل قد حظي بالتقدير»، مضيفاً أنه فوجئ كثيراً بحصوله على الجائزة.

وينتسب روبسون إلى جامعة ملبورن في أستراليا، وكيتاغاوا إلى جامعة كيوتو اليابانية، وياغي إلى جامعة كاليفورنيا، بيركلي في الولايات المتحدة.

شكل جديد من البنى الكيميائية

كان كيتاغاوا، وروبسون، وياغي، قد طوروا شكلاً جديداً من أشكال البنى الجزيئية الكيميائية. في هياكلهم، تعمل أيونات المعادن كركائز أساسية ترتبط بها جزيئات عضوية طويلة ترتكز بشكل أساسي على الكربون. تُنظم أيونات المعادن والجزيئات معاً لتكوين بلورات تحتوي على تجاويف كبيرة. تُسمى هذه المواد المسامية الأطر المعدنية العضوية (MOF).

من خلال تغيير وحدات البناء الجزيئية المستخدمة في الأطر المعدنية العضوية، يمكن للكيميائيين تصميمها لالتقاط وتخزين مواد محددة. ويمكن للأطر العضوية المعدنية أيضاً أن تُحفز التفاعلات الكيميائية أو تُوصل الكهرباء.

قال العالم المصري ماهر القاضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «تخيّل أنك تبني شبكة ضخمة من قطع (ليجو) صغيرة؛ بعضها مكوَّن من ذرات المعادن، وبعضها الآخر جزيئات عضوية تعمل كجسور تربط بين هذه الذرات. وعندما تتشابك المعادن مع الجزيئات العضوية، تتكون مادة بلورية ثلاثية الأبعاد مليئة بالفراغات الدقيقة، تشبه إسفنجة بلورية على المستوى الذري».

وأوضح: «النتيجة مادة خفيفة للغاية، لكنها تمتلك مساحة سطحية هائلة. جرام واحد منها يمكن أن تبلغ مساحة سطحه ما يعادل مساحة ملعب كرة قدم! هذه المسامات الدقيقة قادرة على التقاط وتخزين جزيئات معينة، مثل الغازات أو بخار الماء أو المركبات العضوية. ولهذا تُستخدم هذه المواد اليوم في تطبيقات عديدة، بدءاً من تخزين الطاقة والتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وصولاً إلى إنتاج المياه من رطوبة الجو».

وهو ما شدد عليه لينكه في خطابه: «لقد وجد الفائزون بجائزة هذا العام طرقاً لابتكار مواد جديدة كلياً، ذات تجاويف كبيرة في أجزائها الداخلية، تُشبه غرف الفنادق، مما يسمح لجزيئات النزلاء بالدخول والخروج منها».

وأضاف: «كمية صغيرة من هذه المواد يمكنها تخزين كميات هائلة من الغاز في حجم صغير».

وكان ياغي وكيتاغاوا من بين العلماء الذين يجري التداول بأسمائهم منذ سنوات لنيل هذه الجائزة. وولد عمر ياغي، ذو الأصول الفلسطينية، في 9 فبراير (شباط) 1965، وهو عالم في مختبر لورانس بيركلي الوطني، والمدير المؤسس لمعهد بيركلي العالمي للعلوم، وعضو منتخب في الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم. كما حصل على الجنسية السعودية عام 2021، ونال جائزة «نوابغ العرب» عام 2024.

قال القاضى: «حصول ياغي اليوم على (جائزة نوبل في الكيمياء) هو تكريم منتظر منذ سنوات لرجل شارك في تأسيس واحد من أهم فروع الكيمياء الحديثة، وهي الكيمياء الشبكية. وأعتقد أنها لحظة فارقة للكيمياء وإلهام كبير للشباب العربي».

وأضاف: «شاركتُ العالِم عمر ياغي المبنى نفسه لعدّة سنوات أثناء عمله أستاذاً في قسم الكيمياء بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس. خلال تلك الفترة، كنت أتابع دراسة الدكتوراه، وكان ياغي مثالاً للعالِم النشيط والمُلهم، شعلةً لا تهدأ من العمل والابتكار».

كيف كانت البدايات

بدأ كل شيء عام 1989، عندما اختبر ريتشارد روبسون استخدام الخصائص الجوهرية للذرات بطريقة جديدة. جمع أيونات النحاس الموجبة الشحنة مع جزيء ذي أربع أذرع؛ كان لهذا الجزيء مجموعة كيميائية تنجذب إلى أيونات النحاس في نهاية كل ذراع.

عند دمجها، اتحدت لتشكل بلورةً واسعةً ومرتبةً بشكلٍ جيد. كانت أشبه بماسةٍ مليئةٍ بتجاويف لا تُحصى.

أدرك روبسون فوراً إمكانات بنائه الجزيئي، لكنه كان غير مستقرٍّ وسهل الانهيار. مع ذلك، قدّم سوسومو كيتاغاوا وعمر ياغي أساساً متيناً لهذه الطريقة في البناء؛ فبين عامي 1992 و2003 حققا، كلٌّ على حدة، سلسلةً من الاكتشافات الثورية. أظهر كيتاغاوا أن الغازات يمكن أن تتدفق داخل وخارج التركيبات، وتوقع إمكانية جعل الأطر العضوية المعدنية مرنة. أما ياغي، فقد ابتكر إطاراً عضوياً معدنياً شديد الاستقرار، وأظهر إمكانية تعديله باستخدام تصميمٍ منطقي، مما يمنحه خصائص جديدة ومرغوبة.

وبعد اكتشافات الحائزين على جائزة نوبل الرائدة، بنى الكيميائيون عشرات الآلاف من الأطر العضوية المعدنية المختلفة. وقد تساهم بعض هذه التقنيات في حل بعض أعظم التحديات التي تواجه البشرية.

وهو ما علق عليه القاضي بوصف الاكتشاف صاحب الجائزة بأنه: «علم رفيع وتأثيره المجتمعي عميق ورسالة أمل لكل طالب في منطقتنا العربية بأن البحث العالمي يمكن أن ينطلق من بدايات متواضعة ليصنع المستقبل».


مقالات ذات صلة

ماتشادو بخير رغم إصابتها في الظهر

العالم ماريا كورينا ماتشادو (أ.ف.ب)

ماتشادو بخير رغم إصابتها في الظهر

قال متحدث باسم زعيمة المعارضة الفنزويلية الحائزة جائزة نوبل للسلام، ماريا كورينا ماتشادو، اليوم (الأربعاء)، إنها بخير، على الرغم من تعرضها لإصابة في الظهر.

«الشرق الأوسط» (أوسلو )
أوروبا المعارض البيلاروسي أليس بيالياتسكي (أ.ب)

مُعارض بيلاروسي حائز «نوبل للسلام»: الجائزة حمتني من المعاملة السيئة بالسجن

تعهّد المعارض البيلاروسي أليس بيالياتسكي بمواصلة النضال من أجل الديمقراطية، مشيراً إلى أن جائزة نوبل التي نالها وهو في السجن حمته من أسوأ أنواع المعاملة.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)
أميركا اللاتينية ماريا كورينا ماتشادو تتحدث في أوسلو (رويترز)

زعيمة المعارضة الفنزويلية: أسعى إلى انتقال سلمي للسلطة بعد مادورو

قالت ماريا كورينا ماتشادو إن رئيس البلاد نيكولاس مادورو سيغادر السلطة، سواء جرى التوصل إلى اتفاق تفاوضي أم لا.

«الشرق الأوسط» (أوسلو )
شؤون إقليمية نرجس محمدي (أ.ف.ب)

إيران تعتقل نرجس محمدي حائزة «نوبل للسلام 2023»

قالت مؤسسات حقوقية وناشطون، الجمعة، إن السلطات الإيرانية اعتقلت الناشطة البارزة في مجال حقوق الإنسان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2023، نرجس محمدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (د.ب.أ)

حصيلة وساطات ترمب لإنهاء الحروب تبدو بعيدة من إنجازاته المعلنة

هل أنهى دونالد ترمب فعلياً 8 حروب منذ عودته إلى السلطة في يناير الماضي، كما يؤكد؟

«الشرق الأوسط» (باريس)

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري، استضاف متحف محمود مختار بالجزيرة (وسط القاهرة)، معرضاً استعاديّاً للفنان الراحل وحيد البلقاسي، الملقب بـ«شيخ الحفارين»، تضمن رصداً لأعماله وجانباً كبيراً من مسيرته الفنية.

المعرض الذي انطلق 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويستمر حتى 28 من الشهر نفسه في قاعتي «نهضة مصر» و«إيزيس» رصد مراحل فنية متنوعة للفنان الراحل، وبرزت خلاله فكرة الأسطورة الشعبية من خلال رموز بعينها رسمها ضمن اللوحات، مثل: العين الحارسة، والأجواء الأسطورية، للحكايات التي تتضمنها القرية المصرية.

وبينما تضمنت إحدى القاعات الأعمال الملونة والغرافيك المميز الذي قدمه الفنان وحيد البلقاسي، والتي تعبر عن الأسرة المصرية بكل ما تمثله من دفء وحميمية، كذلك ما يبدو فيها من ملامح غرائبية مثل القصص والحكايات الأسطورية التي يتغذى عليها الخيال الشعبي.

البورتريه الملون من أعمال الفنان وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

ولد وحيد البلقاسي في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) عام 1962، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك عام 1986، واشتهر بأعماله في فن الغرافيك، وله عشرات المعارض الفردية والجماعية، كما أسس جماعة فنية باسم «بصمات»، وكان لها دور فاعل في الحياة الفنية عبر معارض وفعاليات متنوعة.

يقول عمار وحيد البلقاسي، منسق المعرض، نجل الفنان الراحل، إن المعرض يمثل تجربة مهمة لشيخ الحفارين وحيد البلقاسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار اسم المعرض للتأكيد على أن أعمال الفنان لا تموت وتظل خالدة للأبد، تحمل اسمه وتحيي أعماله الفنية»، وتابع: «قبل وفاة الفنان عام 2022 كان يتمنى أن يعرض هذه المجموعة المتنوعة من أعماله الفنية، بما فيها الحفر على الخشب في دار الأوبرا المصرية، واستطعنا أن نعرض من مجموعته 100 عمل فني تصوير، من بينها 30 عملاً فنياً بطول مترين وعرض 170 سنتمتراً، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الصغيرة».

وأشار إلى أن الأعمال في مجملها ترصد القرية والحياة الريفية بمصر، وتتضمن موتيفات ورموزاً شعبية كثيرة تدل على الأصالة وعشقه للقرية والحياة الشعبية بكل ما تتضمنه من سحر وجمال.

ويصف الإعلامي المصري والفنان طارق عبد الفتاح معرض «لون لا يموت» بأنه «يعبر عن مسيرة الفنان وحيد البلقاسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعدُّ الفنان الراحل فناناً عالمياً؛ لأنه جمع بين الإغراق في المحلية ومفردات التراث في لوحاته، واللوحات التي تنطق بالتعبيرية وتمثل الروح المصرية الأصيلة، واستخدم الأبيض والأسود في أغلب أعماله، لكن له مجموعة أعمال بالألوان مبهرة، ويظهر في أعماله مدى اهتمامه بالجمال والاحتفاء بالمرأة وبالمفردات الشعبية وتفاصيل القرية المصرية».

الفنان الراحل وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الفتاح: «لوحات المعرض سواء الكبيرة، التي يصل ارتفاعها إلى مترين، أو الصغيرة، فيها طاقة تعبيرية تبهر المتلقي الذي ينجذب فوراً للتفاصيل الموجودة بها».

وإلى جانب أعماله الفنية المتميزة، فقد شارك وحيد البلقاسي في الحركة التشكيلية عبر أنشطة عدّة، وأُنتج فيلم تسجيلي عن مسيرته الفنية بعنوان «شيخ الحفارين»، من تأليف علي عفيفي، وإخراج علاء منصور، سجل رحلته الفنية وعلاقته بالقرية والمفردات التي استقى منها فنه.


«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
TT

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد، تضمّنت معرضاً أثرياً مؤقتاً يستمر لمدة شهرَين بالتعاون مع المتحف القبطي في القاهرة.

ورأى الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يضطلع به المتحف، مشيراً في بيان للمتحف، الجمعة، إلى أن رسالة المتحف لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأكد أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية بوصفها حاضنة للتنوع الديني والثقافي، ومركزاً للتسامح والتعايش.

وافتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية عام 2021 بالتزامن مع احتفالية «موكب المومياوات»، حيث نُقلت «المومياوات الملكية» من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ويضم المتحف 1600 قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر العصور.

ويضم المعرض الأثري المؤقت مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض لأول مرة، تشمل أيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات فنية كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة لميلاد السيدة العذراء، ومنظر حجري يُجسّدها وهي تُرضع السيد المسيح، بما يعكس ثراء هذا التراث وقيمته الفنية والرمزية، وفق تصريحات للدكتورة نشوى جابر، نائبة الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية.

وقالت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض الأثري جاء بالتعاون مع المتحف القبطي، وهي المرة الثانية التي يتعاون فيها المتحف مع آخر، حيث تم التعاون من قبل مع المتحف الإسلامي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف».

جانب من معرض أثري مؤقت بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

وأكدت أن «القطع المعروضة فريدة من نوعها فلم تُعرض من قبل، ومن بينها 15 قطعة من المتحف القبطي، و8 قطع من متحف الحضارة، تعود إلى القرون الميلادية الأولى»، وأهم القطع التي تضمنها المعرض وفق نائب الرئيس التنفيذي للمتحف «أيقونة ميلاد السيدة العذراء نفسها، فالشائع والمنتشر هي أيقونات ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولكن من النادر وجود لوحة أيقونية تصور ميلاد السيدة العذراء. كما توجد قطعة حجرية منقوش عليها رسم للسيدة العذراء والسيد المسيح، وتُعدّ امتداداً للفن المصري القديم الذي كان يجسّد في لوحات مشابهة لإيزيس وهي تُرضع الطفل حورس».

من جانبه، أكد رئيس قطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية، الدكتور أحمد حميدة، أن «المعرض يُجسّد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية»، مشيراً إلى أن «اختيار السيدة العذراء مريم محوراً للمعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة».

بينما أشارت مديرة المتحف القبطي، جيهان عاطف، إلى أن المعرض يُبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر مختلف الحقب التاريخية.

وحسب بيان للمتحف القومي للحضارة، تضمّنت الفعاليات الاحتفالية الكثير من الأنشطة، من بينها معرض للتصوير الفوتوغرافي، تضمن 22 صورة فوتوغرافية لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مصر، وهو ما عدّته نائبة رئيس المتحف «ضمن خطة للربط بين الاحتفالات والأعياد الكبرى من جهة عرض القطع الأثرية التي تعبّر عنها، وكذلك توثيق مظاهرها الحديثة والمعاصرة وحضور هذه الأعياد ومظاهرها في الشارع المصري المعاصر للربط بين التاريخ والحاضر».

وشهدت الاحتفالية فعاليات فنية، مثل عروض لفرقة كورال «أغابي» التي قدمت مجموعة من الأغاني القبطية احتفاء بقيم المحبة والسلام، إلى جانب عروض لكورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وتضمنت الاحتفالية أيضاً أنشطة تفاعلية متنوعة لتنفيذ أعمال فنية ورسم حي لأيقونات المعرض، وممارسة ألعاب تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.


شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».