بينما يتَّجه بحث العلماء عن حياة خارج كوكب الأرض نحو الكواكب البعيدة في مجرَّتنا، تبرز إشارات متجدَّدة تشير إلى أنَّ الإجابة قد تكون مختبئة في «الفناء الخلفي» لنظامنا الشمسي، وتحديداً على قمر زحل الجليدي «إنسيلادوس».
فقد كشفت دراسة علمية حديثة نقلتها «الغارديان» عن أنَّ هذا القمر يقذف من تحت قشرته الجليدية مجموعة أوسع مما كان معروفاً من المركبات الكربونية العضوية، مما يعزِّز فرضية أنَّ محيطه المدفون قد يوفر بيئة صالحة للحياة.
في هذا السياق، قالت الدكتورة كارولين فريسينيه، من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي: «أعشق (إنسيلادوس) لأنه يجمع كل الشروط الأساسية لنشوء الحياة وازدهارها في مكان واحد».
فإلى جانب احتوائه على جزيئات عضوية معقَّدة ومحيط شاسع من الماء السائل، يُرجِّح العلماء وجود فوهات حرارية مائية في قاع محيطه، توفر مصدراً للطاقة. كما أنَّ درجة الحموضة والملوحة ودرجة الحرارة فيه تقع جميعها ضمن النطاق الملائم لوجود حياة.
وفي مقارنة بين البحث في الكواكب البعيدة والأجرام القريبة، أوضحت مديرة «مركز كارل ساغان»، الدكتورة ناتالي كابرول، أنَّ دراسة الكواكب الخارجية تواجه تحدِّيات جمَّة، أبرزها اعتمادها على رصد الإشارات الكيميائية في الأغلفة الجوِّية للكواكب البعيدة، مما قد لا يلتقط أشكال حياة محلِّية أو منقرضة.
على النقيض من ذلك، تتيح الأجرام القريبة -مثل «إنسيلادوس» الذي يبعد نحو 1.27 مليار كيلومتر عن الأرض- فرصة فريدة للدراسة المباشرة والتحليل التفصيلي.
وتستعد وكالات الفضاء -مثل «ناسا» ووكالة الفضاء الأوروبية- لإطلاق بعثات مخصَّصة لاستكشاف «إنسيلادوس»؛ إذ تعمل فريسينيه وفريقها على تطوير أجهزة متطوِّرة قادرة على رصد الجزيئات العضوية على سطحه. ولا يقتصر الأمل على «إنسيلادوس» وحده، فالقمر «يوروبا» التابع للمشتري يُشاركه الاحتمالات ذاتها، بوجود محيط هائل تحت سطحه الجليدي.
ويرى الخبراء أنَّ استكشاف هذه العوالم القريبة لا ينافس البحث عن كواكب خارجية؛ بل يكمله؛ إذ يشكِّل نظامنا الشمسي «مختبراً طبيعياً» لاختبار النظريات، وبناء نماذج تساعد في تفسير البيانات الآتية من الفضاء السحيق.
من جانبه، قال رئيس قسم علوم النظام الشمسي في وكالة الفضاء الأوروبية، الدكتور يورن هيلبرت: «البحث في فناء منزلنا الكوني يمثِّل مكسباً مزدوجاً. (إنسيلادوس) نموذج مثالي يُقدِّم كلَّ العلامات التي نبحث عنها في الكواكب البعيدة».



