كشفت دراسة أميركية أن تناول أطعمة غنية بحمض السيستين الأميني يمكن أن يساعد في تسريع شفاء الأمعاء وتقليل الأضرار التي تُسببها العلاجات الكيميائية والإشعاعية لمرضى السرطان.
وأوضح الباحثون، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، أن هذا النهج يعتمد على مركب طبيعي موجود في الغذاء، بدلاً من العقاقير المصنّعة، مما يجعله خياراً علاجياً أقلّ خطورة وأكثر سهولة في التطبيق. ونُشرت النتائج، الأربعاء، بدورية «نيتشر».
ويُعدّ تلف الأمعاء الناتج عن علاجات السرطان من أبرز الآثار الجانبية التي يواجهها المرضى خلال فترة العلاج؛ فالعلاج الإشعاعي، خصوصاً عند توجيهه إلى منطقة البطن أو الحوض، يمكن أن يؤدي لتهيُّج الأمعاء وإتلاف بطانتها الداخلية، مما يسبب أعراضاً مثل الإسهال، وآلام البطن، وفقدان الشهية، وسوء امتصاص العناصر الغذائية. كذلك، قد تُسبب بعض أدوية العلاج الكيميائي تآكل الخلايا المعوية السليمة، إلى جانب استهدافها الخلايا السرطانية، وهو ما يزيد من حِدة الأعراض ويؤثر على جودة حياة المريض. وغالباً ما يحتاج المرضى لرعاية غذائية خاصة وخطط علاجية داعمة للتقليل من هذه المضاعفات وتعزيز تعافي الأمعاء.
وأظهرت الدراسة، التي أُجريت على الفئران، أن السيستين قادر على تعزيز قدرة الأمعاء على التعافي من الإصابات الناتجة عن العلاج الإشعاعي، وهو ما يمثل أملاً جديداً لمرضى السرطان الذين يتعرضون لتلف في الأمعاء بسبب العلاج.
ويتوافر السيستين، بشكل طبيعي، في 7 أصناف رئيسية من الأطعمة الغنية بالبروتين، أبرزها: اللحوم مثل الدجاج، ولحم البقر، والديك الرومي، والأسماك مثل السلمون والتونة، ومنتجات الألبان مثل الحليب، والجبن، الزبادي، بالإضافة إلى البيض. كما يوجد في البقوليات كالعدس والفاصوليا، والمكسرات مثل اللوز والجوز والكاجو، والبذور مثل بذور دوار الشمس والسمسم.
ويستطيع الجسم إنتاج السيستين من حمض الميثيونين في الكبد، لكن هذه الكمية تتوزع على أنحاء الجسم، بينما السيستين الغذائي يتركز مباشرة في الأمعاء الدقيقة، مما يضاعف تأثيره التجديدي.
ووجد الباحثون أن السيستين يحفّز الخلايا المناعية لإفراز بروتين يُسمى (IL-22) ويلعب دوراً محورياً في تنشيط الخلايا الجذعية المعوية، وتجديد بطانة الأمعاء وتعافي الأنسجة. والمفاجأة أن الخلايا التائية المناعية (CD8)، التي لم يكن يُعرف عنها سابقاً هذا الدور، تصبح عند تنشيطها مصدراً لهذا البروتين، مما يضاعف قدرتها على مواجهة الإصابات في بطانة الأمعاء.
كما بيّنت التجارب أن النظام الغذائي الغني بالسيستين ساعد على إصلاح التلف الحاصل في الأمعاء بعد العلاج الإشعاعي، وأسهم في تخفيف الأضرار الناتجة عن دواء السرطان الشائع «5-فلورويوراسيل».
ويأمل فريق البحث أنه إذا أثبتت الدراسات المستقبلية نتائج مشابهة لدى البشر، فإن تناول السيستين عبر الغذاء أو المكمّلات قد يشكّل وسيلة طبيعية لدعم شفاء الأنسجة. كما يدرس الفريق ما إذا كان للسيستين القدرة على تحفيز تجديد أنواع أخرى من الأنسجة مثل بصيلات الشعر.



