جاستن ترودو... طلاقٌ فاستقالة فحبٌّ جديد والقلب يدقُّ على إيقاع كيتي بيري

رئيس الحكومة الكندية السابق جاستن ترودو والمغنية الأميركية كيتي بيري (رويترز– إنستغرام)
رئيس الحكومة الكندية السابق جاستن ترودو والمغنية الأميركية كيتي بيري (رويترز– إنستغرام)
TT

جاستن ترودو... طلاقٌ فاستقالة فحبٌّ جديد والقلب يدقُّ على إيقاع كيتي بيري

رئيس الحكومة الكندية السابق جاستن ترودو والمغنية الأميركية كيتي بيري (رويترز– إنستغرام)
رئيس الحكومة الكندية السابق جاستن ترودو والمغنية الأميركية كيتي بيري (رويترز– إنستغرام)

منذ تقدَّمَ جاستن ترودو باستقالته من رئاسة حكومة كندا مطلع 2025، يبدو الرجل وكأنه راغبٌ في تحوُّلاتٍ جذريَّة في حياته.

أحدثُ طلائع المسار الجديد، علاقة عاطفية استفاضت الصحافة العالمية في الحديث عنها، من دون أن ينفيها رئيس الوزراء الكندي السابق. المغنية الأميركية كيتي بيري هي التي خفق لها قلب ترودو، كما تمايل على إيقاع أغانيها خلال حفل لها حضره في يوليو (تموز) الماضي، بمدينة مونتريال في كندا.

كيتي وجاستن يُنزِّهان الكلب في مونتريال

قبل سنتَين، أعلن ترودو انفصاله عن صوفي غريغوار، بعد زواجٍ استمرَّ 18 عاماً. من جانبها، أنهت بيري هذا الصيف زواجها من الممثل أورلاندو بلوم الذي ارتبطت به في 2016. ومن ثمَّ، يخشى أصدقاؤها من أن تكون تلك العلاقة المستجدة مجرَّد ردَّة فعلٍ على طلاقٍ لم تتعافَ منه بعد، وفق ما تناقلت بعض الصحف البريطانية.

إلا أنَّ الأمور بين ترودو وبيري ما زالت في بداياتها، وهي تسلك الدرب المستقيم، منذ انتشار أول صورة جمعتهما في عشاء رومانسي في كندا، نهاية يوليو الماضي، أي بعد أسابيع على إعلان انفصال بيري عن بلوم. فقبل أيام، نقلت مجلة «US Weekly» عن مصادر مطَّلعة أن «كيتي وجاستن مهتمان بعضهما ببعض، وما زالا على تواصل، إلا أنهما يحرصان على خصوصية العلاقة». وأوضح مصدر آخر أن بيري متروِّية، وربما تلتقي ترودو خلال أسابيع بعد اختتام جولتها الغنائية في البرازيل. يأتي ذلك عقب معلومات جرى تداولها الشهر الماضي بأنَّ ترودو منزعج من انتشار صورهما معاً.

الصورة التي نشرها موقع «TMZ» لترودو وبيري في أحد مطاعم مونتريال (يوتيوب)

فارق السن بين ترودو وبيري 13 عاماً، إلا أنَّ تناغماً كبيراً يجمع بينهما. وتحدَّثت المصادر المواكبة للعلاقة بأنَّ الانجذاب بين الاثنين كان فورياً، وقد شوهدا مراتٍ عدة معاً في مونتريال؛ حيث تناولا الغداء والعشاء في مطاعمها، وأخذا كلب ترودو في نزهة.

رحلات ترودو الصيفية مع الأولاد

رغم رغبته في الحفاظ على سرية العلاقة الناشئة وخصوصيتها، فإنه من المعروف عن ترودو عدم تردده في مشاركة بعض تفاصيل حياته الخاصة على الملأ. فهو غالباً ما ينشر صوراً برفقة أولاده على حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة به، وقد تكرَّر ذلك مؤخراً، ولا سيما بعد انفصاله عن زوجته.

أمضى ترودو إجازته الصيفية مع أولاده في رحلات ذات طابع رياضي (إنستغرام)

في اليوم الوطني الكندي مطلع شهر يوليو، نشر صورة تجمعه بولدَيه: كزافييه، وهادريان، وهم يقومون بنشاطٍ رياضي معاً. تلت ذلك مجموعة من الصور؛ حيث ظهر مع ابنه الأصغر خلال رحلة في الطبيعة عبر كندا. أما حصة الابن الأكبر من الترحال، فكانت إلى سويسرا؛ حيث تسلَّقا الجبال معاً. واختتم ترودو الإجازة الصيفية بجانب ابنته إيلا غريس في إيطاليا؛ حيث تنقَّلا بين روما وفلورنسا، وغيرهما من المدن.

ترودو وابنته إيلا غريس في إيطاليا (إنستغرام)

ترودو... خارج الصندوق

بعيداً عن الشؤون العاطفية والعائلية، فإنَّ جاستن ترودو لا يشبه سواه من رجال السياسة. منذ ما قبل تولِّيه رئاسة الحكومة الكندية وخلالها وبعدها، أثبت أنه شخصية غير تقليدية وخارج الصندوق. ما لا يعرفه كثيرون أنه -في عام 2007- شارك كممثل في الفيلم التلفزيوني الطويل «The Great War» حول دور كندا في الحرب العالمية الأولى. وقد أدَّى في العمل شخصية أحد أنسبائه الذي شارك في الحرب، وقُتل في إحدى معاركها.

جاستن ترودو ممثلاً في الفيلم الوثائقي «The Great War» عام 2007 (موقع imdb)

لا تنتهي مفاجآت ترودو الفنية عند هذا الحدِّ، فخلال تولِّيه رئاسة الحكومة، أعار صوته لأحد مسلسلات الكرتون المعروفة في كندا. ضمن «Corner Gas» أطلَّ ترودو في ظهور مقتضب بشخصيته رئيساً للحكومة.

ترودو بشخصية كرتونية صوتاً وصورة خلال رئاسته الحكومة الكنديَّة (موقع imdb)

ترودو في المطبخ

انسحبت تلك الإطلالات الخارجة عن المألوف خلال تولِّيه رئاسة الحكومة، على برامج الطهو. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2024، وعشية أعياد نهاية السنة، فاجأ ترودو متابعيه بالظهور إلى جانب الشيف الكندي الشهير أندي هاي. حضَّر معه آنذاك حلوى لفائف القرفة.

قبل 8 سنوات من تلك الإطلالة، وبينما كان ترودو في سنته الرئاسية الثانية، لم يمانع أن يظهر في برنامج الطهو الخاص بالشيف الأميركية كريستين كيش؛ حيث تحدَّث عن غِنى المطبخ الكندي والأطباق التقليدية التي تختلف بين ولاية وأخرى. وكذلك تناول رئيس الحكومة السابق الطعام على مائدة مطعم كيش في مونتريال.

وشوم دولة الرئيس وجواربُه

شكلاً ومضموناً، أثبت جاستن ترودو أنه شخصية سياسية غير تقليدية. وليس الوشم الذي يزيِّن زنده الأيسر آخر مفاجآته. ظهر هذا الوشم في المرة الأولى إلى العلن عام 2016، خلال مباراة ملاكمة خاضها في الولايات المتحدة الأميركية، بينما كان رئيساً للحكومة.

وفي تفاصيل الوشم، فإنه أُنجزَ على مرحلتَين. يتخذ الجزء الأول منه شكل الكرة الأرضية، وهو يعود إلى عام 1994، يوم كان ترودو يبلغ الـ23 من العمر. أما يوم ميلاده الـ40 فقد استحدث إضافة إلى الوشم الأول، وهي عبارة عن طائر غُراب يحمل اسم «هايدا». اختار ترودو هذا الرسم تحديداً لأنه رمز قبيلة «هايدا»، وهي من الشعوب الأصلية في كندا، والتي كان والده عضواً فخرياً فيها. كما أنَّ هذا الرمز يشكِّل تحية لشقيقه الراحل الذي كان يحمل الوشم ذاته.

ظهَر وشم ترودو إلى العلن خلال مباراة ملاكمة خاضها وهو في سدَّة رئاسة الحكومة (رويترز)

لا تنتهي غرائب ترودو هنا، فقد اشتُهر كذلك بجواربه الملوَّنة ذات الرسوم الطريفة. حتى خلال لقاءاته الرسمية ووجوده على المنابر الأممية، لم يتردَّد في ارتدائها.

جوارب «Star Wars» التي ارتداها ترودو عام 2017 في لقائه مع نظيره الآيرلندي (أ.ب)

ومن المعروف أنَّ ترودو كان يستخدم تلك الجوارب كصندوق بريد لتوجيه رسائل سياسية، أو للتعبير عن مواقف معينة. وقد استفزَّ هذا الأمر ضيوفه ونظراءه، إلى درجة أنَّ بعضهم دخل اللعبة، فباتوا يرتدون جوارب غريبة كلَّما اجتمعوا به.


مقالات ذات صلة

الأخوان تافياني في «متروبوليس»... سينما تُنصف مكانة الإنسان في العالم

يوميات الشرق صقلية في مراياها المتكسّرة (متروبوليس)

الأخوان تافياني في «متروبوليس»... سينما تُنصف مكانة الإنسان في العالم

الفنّ يستطيع أن يُحوّل القرية النائية والمزرعة الفقيرة والسجن المُغلق إلى مساحات مفتوحة على أسئلة عن الحرّية والسلطة والذنب والذاكرة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
العالم الشرع خلال إلقائه كلمته (سانا)

أبرز 5 شخصيات طبعت سنة 2025

فيما يأتي لمحة عن أبرز 5 شخصيات طبعت سنة 2025 في مختلف المجالات ومن مختلف أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق السير الذاتية تُنشر مقرونة بصور عن كلّ مرحلة حياتية (الشرق الأوسط)

«ذكرى»... مشروع لتدوين السير الذاتية باحترافية

جاءتها الفكرة بعد أن تُوفيت جدتها ومعها رحلت قصصها الجميلة التي كانت ترويها لأحفادها وتُسهم في تكوين وعيهم...

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق الممثلة جنيفر أنيستون وحبيبها الجديد جيم كورتيس (إنستغرام)

جنيفر أنيستون في الـ56... الحب لا يأتي متأخراً

فاجأت الممثلة الأميركية، جنيفر أنيستون، الجمهور بإعلانها علاقة عاطفية جديدة تجمعها بجيم كورتيس. فما تفاصيل قصة الحب هذه الآتية على مشارف خريف العمر؟

كريستين حبيب (بيروت)

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)
الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)
TT

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)
الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)

بدت بيترا ڤولپي، مخرجة وكاتبة الفيلم الألماني - السويسري «مناوبة متأخرة»، وكأنَّها تدخل هذا المشروع وهي مُثقلة بوعيٍ طويل الأمد تجاه قطاع لا يحظى بالإنصاف الذي يستحقه، فموضوع العاملين في الرعاية الصحية كان يشغلها لسنوات، حتى قبل جائحة «كورونا». «أزمة نقص الممرّضين لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت ظاهرةً متفاقمةً في سويسرا وأوروبا والعالم»، وفق قولها.

تضيف بيترا ڤولپي لـ«الشرق الأوسط» أن احتكاكها الشخصي بالمهنة، عبر تجربة سكنها مع ممرّضة لسنوات، جعلها تشهد يومياً حجمَ الضغوط التي يعيشها العاملون في هذا القطاع الحيوي، الأمر الذي دفعها إلى التفكير في تحويل هذا الهمّ إلى مادة سينمائية.

وتتابع: «على الرغم من أن جائحة كورونا أعادت الاعتبار للممرّضين بوصفهم العمود الفقري للمجتمع، فإن العالم سرعان ما نسي تضحياتهم بمجرد انتهاء الأزمة، وهو ما أثار لديَّ شعوراً بضرورة التذكير، عبر الفن، بما يتعرَّضون له يومياً؛ لذا رأيتُ في الفيلم فرصةً للتعبير عن موقفي السياسي، وعن اهتمامي بقضايا النساء، إذ إنهنَّ يشكّلن الغالبية الساحقة من العاملين في التمريض».

وتوضح المخرجة الألمانية أن «نقطة الانطلاق الحقيقية بدأت عندما قرأتُ روايةً توثيقيةً كتبتها ممرّضة ألمانية تتناول مناوبةً واحدةً فقط ضمن واقع مرهق، وقد شعرتُ بأن سرد نقطة زمنية واحدة يمكن أن يحمل طابعاً من الإثارة والتوتر، كأنها بنية فيلم تشويقي». لكن الرواية، كما تقول، لم تكن سوى شرارة الفكرة، إذ طوّرتْ ڤولپي الحكاية من خلال بحثٍ موسّع استند إلى عشرات المقابلات مع ممرّضات، وتقصّي تفاصيل المهنة من داخل المستشفيات، ومن ثَمَّ شرعت في كتابة السيناريو الذي استغرق عاماً كاملاً، قبل أن تبدأ التصوير الذي امتد لـ26 يوماً.

مخرجة الفيلم انطلقت من تجربة شخصية (الشركة المنتجة)

وعن مرحلة الإنتاج، تشير إلى أن الأمر لم يكن معقّداً كما يحدث عادةً مع مشروعات سينمائية أخرى، إذ سارعت الجهات المموّلة في سويسرا إلى دعم الفيلم، ربما لأن موضوعه واضح وملحّ، ولأن أزمة نقص العاملين في الرعاية الصحية باتت واقعاً ملموساً للجميع. لذلك لم تواجه المخرجة صعوبات في تأمين التمويل، بخلاف كثير من المشروعات التي تتطلّب مساراً طويلاً ومعقّداً.

أمّا على مستوى الإخراج، فتصف التحدي الأكبر بأنه «كيفية تمثيل 10 ساعات من العمل المتواصل في زمن سينمائي لا يتجاوز 90 دقيقة. فقد أردتُ للمشاهد أن يعيش الإحساس نفسه الذي تعيشه الممرّضة، وأن يشعر بالإنهاك نفسه الناتج عن الدوران المستمر بين المرضى، والركض خلف التفاصيل، والاستجابة للتنبيهات المتتابعة».

ولتحقيق هذا الإحساس، اعتمد الفريق لقطات طويلة غير مقطوعة في بداية الفيلم، ما استدعى تدريبات دقيقة وتنسيقاً صارماً بين الممثلين والفريق الفني، بحيث لا يُسمح لأيِّ عنصر بأن يتعثَّر خلال الحركة المستمرة للكاميرا.

وتشدّد على أن الفيلم، الذي يُعرَض ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، لا يُعدّ اقتباساً مباشراً من الرواية الملهمة، بل هو استلهام لطريقتها في النظر إلى المناوبة الواحدة. فجميع الشخصيات والأحداث في الفيلم متخيَّلة، لكنها مستمَدة من حوارات كثيرة أجرتها مع العاملين في القطاع، ومن تجارب شخصية عايشتها. وتضرب مثالاً على ذلك قصة المريض الذي يقلقه مصير كلبه، وهي حالة استوحتها من حياتها الخاصة بوصفها صاحبة حيوانٍ أليف.

وحين ينتقل الحوار إلى البعد الإنساني للفيلم، توضّح ڤولپي أنها أرادت تقديم صورة شاملة لواقع المرضى داخل المستشفيات، «باعتبار أن الجميع مُعرَّضون لأن يكونوا في مكانهم مهما اختلفت طبقاتهم وأعمارهم وثقافاتهم. فالفيلم يعرض نماذج لشبابٍ وشيوخ ومرضى بحالات متفاوتة، في محاولة لعكس مجتمعٍ كامل داخل جناح واحد».

الفيلم يبرز جوانب تفصيلية في حياة الممرضات (الشركة المنتجة)

الأهم، من وجهة نظر المخرجة السينمائية، هو إبراز التعقيد النفسي والوجداني في مهنة التمريض؛ فالممرّضة ليست مسؤولةً فقط عن حالة طبية، بل مطالَبة بفهم ما يحتاج إليه كل مريض بوصفه إنساناً: هل يحتاج إلى دعم، أو كلمة طمأنة، أو لحظة صمت، أو لمسة حنان؟ هذا البعد، في رأيها، هو ما يجعل المهنة أكثر تعقيداً مما يظنه الجمهور.

وعن المقارنات التي يطرحها النقّاد بين فيلمها والمسلسلات الطبية التقليدية، ترى ڤولپي أن أغلب الأعمال التي تتناول بيئة المستشفيات تُقدِّم الأطباء بوصفهم الأبطال المركزيين، في حين يختفي دور الممرّض في الخلفية، رغم أنه الأقرب إلى المريض والأقدر على قراءة التحوّلات الدقيقة في حالته. لذلك حرصت على قلب هذا المنظور تماماً، فجعلت الممرّضة محور الحكاية، لا بوصفها بطلة خارقة، بل لكونها الإنسان الأكثر حضوراً وتأثيراً في مسار العلاج.

وتعود لتؤكّد أن اهتمامها بقضايا النساء حاضرٌ في كل عمل تقدّمه، «لأن التمريض مهنة تعتمد في الأساس على النساء، ومع ذلك لا يحظين فيها بما يليق من تقدير أو مكانة، سواء اجتماعياً أو مؤسّساتياً». ومن هنا جاء سعيها لتسليط الضوء على هذا التناقض، وعلى الجهد الهائل الذي تبذله ملايين النساء حول العالم من دون الاعتراف الكافي بقيمتهنّ الحقيقية.


من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
TT

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

على امتداد 7 سنوات، عَبَر السعودي بدر الشيباني قارات العالم الـ7 ليعتلي أعلى قممها، لكنّ الفيلم الذي وصل إلى مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لم يكن روايةً عن الارتفاع الجغرافي بقدر ما كان رحلةً داخليةً نحو أكثر مناطق الذات عزلةً وصدقاً. هكذا قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في «إيفرست»، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

بين رؤية المتسلّق، وصنعة المخرج أمير كريم، جاءت الحكاية بلغة سينمائية تمزج الثلج الذي يغطي العدسة بأنفاس ترتجف فوق ارتفاعات الموت، وبسكون البيوت السعودية التي عادت لتُفسّر دوافع المُغامِر حين يعود من القمم إلى العائلة.

قصة لا تُروى من القمة فقط

يقول بدر الشيباني لـ«الشرق الأوسط» إنّ اللحظة الفاصلة وقعت عند أحد المخيمات المرتفعة في «إيفرست». هناك، حين كان الأكسجين شحيحاً وصوت الريح أعلى من دقات القلب، اكتشف أنّ «ما يحدث داخلي أهم مما يحدث حولي». تلك اللحظة، كما يصف، «حوَّلت الرحلة من إنجاز رياضي إلى مشروع إنساني يستحق أن يُروى للعالم».

في الوثائق التي سجَّلها بنفسه، يظهر صوت متقطّع من البرد، وعدسة تُبللها الثلوج، ويد ترتجف وهي تثبّت الحبل قبل الخطوة التالية. لكن بدر يعترف: «كنت أظن أنّ الهدف هو الوصول إلى القمة، ثم اكتشفتُ أن القمة الحقيقية كانت داخلي». هذه اللقطات الخام التي لم تُصنع لأجل السينما بل لأجل النجاة، أصبحت أساس الفيلم، ومرآته الأصدق.

الجبال ليست قمماً بل مسرح للتحوّل الإنساني

حين تسلم المخرج أمير كريم المواد الأولى للقمم التي صوَّرها الشيباني، وجد نفسه أمام صعوبة من نوع مختلف. فاللقطات ليست مأخوذة بكاميرات سينمائية ولا بإضاءة مدروسة؛ إنها لحظات حقيقية لم تعد بالإمكان إعادة تمثيلها. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتعامل مع الفيلم على أنه مغامرة جغرافية، بل رحلة نفسية يسأل فيها بدر نفسه: مَن أنا؟ ولماذا أواصل؟ الجبال بالنسبة إليّ ليست قمماً، بل مسرح يتحوَّل فيه الإنسان».

ويضيف أن أصعب تحدٍّ لم يكن في البيئات الخطرة كما يُعتقد، بل في بناء جسر بصري بين عالمين: عزلة الجبال القاسية، ودفء البيت السعودي مع العائلة.

فرؤية المخرج اعتمدت على مفارقة مقصودة: الجبال خشنة، غير مصقولة، تترك المُشاهِد يشعر بالبرد والعزلة، والمَشاهِد المحلية دافئة، حميمة، تكشف عن الدوافع والإنسان خارج المغامرة.

يقول أمير: «تركت للجبال خشونتها، وللبيت دفئه. وهذه المفارقة هي روح الفيلم وخلاصته الدرامية».

متسلّق الجبال السعودي بدر الشيباني وعودة الروح إلى نقطة البدء (الشرق الأوسط)

لحظة مواجهة الذات في «المنطقة المميتة»

يتّفق كلّ من الشيباني والمخرج على أنّ المشهد المفصلي في الفيلم هو لحظة الصمت على ارتفاع يفوق 8 آلاف متر فوق سطح البحر، في «المنطقة المميتة» لـ«إيفرست»، خلال رحلة استغرقت 38 يوماً من الصعود.

هناك، كما يروي أمير، «تختفي ملامح المدير والقائد، ويظل الإنسان وحده أمام قراره: التراجع أو المضي قدماً». هذا المشهد لا يروي صراعاً مع الطبيعة فقط، بل يكشف الصراع البشري الداخلي: حين يصبح الانتصار الحقيقي هو رفض الاستسلام.

القصة السعودية خلف القمة

يُقدِّم الشيباني عبر الفيلم صورة أوسع من تجربة فردية؛ إنها كما يقول رمز للتجربة السعودية الجديدة. فالقيم التي حملته بين القارات الـ7، من الانضباط إلى الصبر وإدارة الخوف، ليست حكايته وحده، بل انعكاس لرحلة مجتمع كامل يُعيد تعريف طموحه.

يُعلّق كريم: «قصة بدر ليست عن الجبال فقط، بل عن الإنسان السعودي الذي يتخطَّى الحدود التقليدية ليصنع مستقبله».

أما الجوانب الخفية التي عمل المخرج على إبرازها، فهي لحظات الشكّ والتعب والخوف، تلك التي كان يُخفيها المُغامِر خلف الشخصية القوية. وقد ظهر بدر أمام الكاميرا شخصاً يبحث عن ذاته بقدر بحثه عن القمة.

قيمة فكرية تتجاوز التوثيق

يرى الشيباني أنّ الفيلم يتجاوز التوثيق البصري نحو «رحلة تحوّل ذهني وروحي». العزلة في الجبال حرّرته من ضجيج الحياة، ودفعته إلى التأمُّل وإعادة ترتيب حياته.

الفيلم، كما يشرح، يدعو المُشاهدين إلى اختبار حدودهم العقلية والجسدية، ويضعهم أمام سؤال: ما الذي يمكن أن يحدث عندما نخرج من منطقة الراحة؟ ويؤكد أن عرضه في مهرجان «البحر الأحمر» ليس مجرد مشاركة سينمائية، بل رسالة بأن السعودية الجديدة تحتفي بقصص أبنائها وتضع الإنسان في قلب تحوّلها الثقافي.

بين الدبلوماسية الثقافية وصناعة الفرص

يرى الشيباني، بخبرة رائد أعمال، أن الفيلم الوثائقي ليس مجرّد فنّ، بل أصل استثماري يُعزّز رواية المملكة دولياً. ويعتقد أنّ قوة الوثائقيات تتجاوز الحملات التقليدية لأنها تعتمد على السرد الواقعي العميق.

كما يشير إلى أنّ محتوى مثل «سبع قمم» يمكن أن يتحوَّل إلى نماذج أعمال في سياحة المغامرات والتدريب القيادي، وأيضاً المحتوى التعليمي والصناعات الإبداعية. وهو ما ينسجم مع أهداف «رؤية 2030» في تحويل القصص المحلّية إلى قيمة اقتصادية عالمية. «سبع قمم» ليس فيلماً عن الارتفاعات الشاهقة، بل عن الأعماق الإنسانية. وليس عن الوصول إلى القمة، بل عن القوة الذهنية التي تمنع السقوط. إنه عمل يعكس اللحظة السعودية الراهنة: وطن يواجه قممه الخاصة، ويصعد درجاتها بثقة، بحثاً عن نسخة أوضح وأقوى من ذاته.


في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
TT

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)

سيحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرعة كأس العالم لكرة القدم اليوم (الجمعة)، في حفل مليء بالاحتفالات والاستعراضات والعروض الباذخة التي تليق بـ«فنان الاستعراض».

ويقام هذا الحدث في «مركز كيندي» بواشنطن، الذي تولى ترمب رئاسته في وقت سابق من هذا العام، في حين قام بتنصيب رئيس ومجلس إدارة جديدين.

وحضور ترمب قرعة كأس العالم يضعه في صدارة المشهد خلال واحد من أبرز الأحداث الرياضية على الإطلاق؛ إذ يبدو أن منظمي الحفل أخذوه في الاعتبار منذ مرحلة التخطيط لهذا الحدث.

وستؤدي فرقة «فيلدج بيبول» أغنيتها الشهيرة «واي إم سي إيه» التي أصبحت عنصراً أساسياً في تجمعات حملة ترمب الانتخابية، وحفلات جمع التبرعات في مارالاغو، حيث شوهد الرئيس السابق يرقص على أنغامها، في حين يخطط الاتحاد الدولي (الفيفا) للكشف عن «جائزة السلام» الخاصة به.

وقام ترمب بحملة علنية للحصول على جائزة «نوبل للسلام»، مستشهداً بمشاركته في إنهاء صراعات متعددة في الخارج، وأسفرت هذه الجهود عن نتائج متباينة.

ومن المقرر أيضاً أن يقدم مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي عرضاً اليوم، وكذلك نجم البوب البريطاني روبي وليامز، وسفيرة الموسيقى في «الفيفا» المغنية الأميركية نيكول شيرزينغر.

واستغل ترمب مراراً امتيازات الرئاسة ليشارك في فعاليات رياضية وثقافية كبرى هذا العام. وحضر نهائي السوبر بول في فبراير (شباط)، وسط هتافات وصيحات استهجان من الجمهور، ويعتزم يوم الأحد حضور حفل تكريم «مركز كيندي»، الذي تجنبه خلال ولايته الأولى.

وستبرز الجغرافيا السياسية في نهائيات كأس العالم؛ إذ يشارك وفد إيراني في مراسم القرعة بعد أن كان أعلن سابقاً مقاطعة الحفل بسبب مشاكل في التأشيرات، وفقاً لتقارير إعلامية. ويأتي ذلك في ظل توتر العلاقات بعد أن قصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي.