المال أم الحب؟ ما الذي يجعل الزواج سعيداً؟ «Materialists» يحاول الإجابة

فيلم داكوتا جونسون وبيدرو باسكال الجديد يُحيي الرومانسية وهي رميمُ

بيدرو باسكال وداكوتا جونسون وكريس إيفانز أبطال فيلم Materialists (الشركة المنتجة A24)
بيدرو باسكال وداكوتا جونسون وكريس إيفانز أبطال فيلم Materialists (الشركة المنتجة A24)
TT

المال أم الحب؟ ما الذي يجعل الزواج سعيداً؟ «Materialists» يحاول الإجابة

بيدرو باسكال وداكوتا جونسون وكريس إيفانز أبطال فيلم Materialists (الشركة المنتجة A24)
بيدرو باسكال وداكوتا جونسون وكريس إيفانز أبطال فيلم Materialists (الشركة المنتجة A24)

تأخّر فيلم Materialists (مادّيون) في الوصول إلى صالاتنا العربية. أكثر من شهرَين ما بين موعد إطلاقه في الولايات المتحدة الأميركية وعواصمنا. شكّلت تلك الفسحة مناسبةً للعاصفة الترويجيّة التي استبَقت العرض، مركّزةً بشكلٍ أساسيّ على بطلَيه الممثلَين الأميركيَين داكوتا جونسون وبيدرو باسكال.

اسمان ووجهان يَعِدان بالكثير، خصوصاً إذا كان الفيلم من النوع الرومانسي، ومن تأليف وإخراج سيلين سونغ، التي برعت، قبل سنتَين، في فيلمها الروائي الأول Past Lives (حيوات سابقة). لكن هل سيخرج الجمهور من القاعة المعتمة، بعد ساعتَين من العرض، بالحماسة نفسها التي دخل بها؟

«لوسي» (داكوتا جونسون) هي وسيطة زواج ناجحة في عملها. أنجزت، حتى اللحظة، 9 زيجاتٍ بين أشخاصٍ تعارفوا بوساطتها. وتحديداً في حفل الزفاف التاسع، الذي أثمرت عنه جهودها، تلتقي لوسي بـ«هاري» (بيدرو باسكال)، شقيق العريس الذي يرغب هو الآخر في العثور على شريكة حياته.

من وجهة نظرها المنصبّة دائماً على العمل والأرقام، هاري هو عميل «خمس نجوم» من السهل العثور له على عروس بسرعة البرق. وسيم، أنيق، مثقّف، طويل القامة، شعرُه كثيف، وقبل أي شيء ثريّ. هذه الصفة الأخيرة تروق، بشكلٍ خاص، لوسي، التي يبدو أنها حدّدت أولوياتها الشخصية: «المال أوّلاً». لا تخفي تطلّعاتها عن هاري، تسأله عن عمله وعن راتبه، وهو لا يخاف من مادّيّتها، بل يصرّ على أنه يريدها حبيبةً لا وسيطة تدبّر له عروساً.

اللقاء الأول بين لوسي وهاري يبدأ برقصة ومصارحة (A24)

وسط تلك المصارحة، يطلّ وجهٌ ثالث ليكتمل المثلّث الرومانسي. يأتي «جون» (الممثل كريس إيفانز) للوسي بمشروبها المفضّل، قبل حتى أن تطلبه. كيف لا وهو حبيبها السابق الذي ربطتها به علاقة عاصفة انتهت برحيلها عنه بسبب أحواله المادية المتردّية، وفشله في تحقيق أي إنجاز في مهنته ممثلاً، ما يضطرّه إلى العمل نادلاً.

تقع خبيرة العلاقات العاطفية هنا في حيرةٍ بين مشاعرها القديمة التي لم تخبُ تجاه جون، والوعد بحياةٍ ملؤها الرخاء والرفاهية مع هاري، لكنها تحسم أمرها بسرعة وتُوافق على عرض الأخير. فللشقةِ الفخمة في مانهاتن بنيويورك سحرُها، وللدعوات إلى المطاعم الفاخرة فعلُها، وللرحلة الحُلم إلى آيسلندا نكهةٌ توقظ اللمعان في عينَي لوسي.

يُغرق هاري لوسي بالهدايا والمفاجآت في محاولة لكسب قلبها (A24)

يمنح المزاج العام للفيلم انطباعاً بأنه محاولة لإحياء أفلام هوليود الرومانسية القديمة، حيث الحب غالب. غير أن تلك المثالية العاطفية التي تستهوي المُخرجة سونغ، نافرة بل شبه مستحيلة في عصرنا الذي خفَتَ فيه وهج الحب الصادق، على حساب المظهر الخارجي وحسابات المنطق والمصرف.

ليست مهنة لوسي سوى دليل على ذلك، فمُشاهدة «Materialists» أشبَه بمعاينة ما يحصل على تطبيقات المواعدة الرائجة حالياً. ولعلّ الفسحة الواقعيّة الوحيدة في الفيلم هي تلك التي تجلس فيها لوسي قبالة عملائها، نساءً ورجالاً، مستمعةً منهم إلى لائحة مواصفاتهم المثالية للشريك.

ملصق فيلم Materialists الذي بدأ عرضه مؤخراً بالصالات العربية (A24)

في عالم لوسي المُستوحى من واقع علاقات هذا الزمن، المواعَدة أشبَه بصفقة تجارية فيها البائع والمشتري. «أريدها في الـ27 من العمر»، «يجب ألا يقلّ طوله عن متر و80 سم»، «لن أقبل به إذا كان راتبه السنوي أدنى من 150 ألف دولار»، «عليها أن تحب المسلسلات التي أحب»، «لن أوافق عليه إذا كان أصلع الرأس». هذه بعض الشروط التي يضعها العملاء لشركاء المستقبل. ويضيء الفيلم هنا على ظاهرة الإهانة المرتبطة بالمظهر الخارجي (body shaming)، والتي باتت متفشية غرباً وشرقاً.

تطرأ حبكة فرعيّة لتُظهر ما هو أخطر؛ حيث تتعرّض إحدى عميلات لوسي لمحاولة اعتداء من قِبَل رجلٍ خلال موعدهما الأول. إلا أن تلك الحكاية تستهلك كثيراً من وقت الفيلم وتُشتّت بوصلته، كما تُخرجه عن سياق مثلّث لوسي-هاري-جون.

تدور أحداث الفيلم في نيويورك (A24)

يفتقد «Materialists» إلى التماسك السرديّ، ويعاني، في أجزاء كثيرة، بطئاً على مستوى السيناريو والحركة، وحتى الأداء. فبيدرو باسكال وداكوتا جونسون ليسا في ذروة إقناعهما وطاقتهما التمثيلية، كما أن الكيمياء بينهما ليست كافية.

أما البناء الدراميّ فيبدو فارغاً؛ إذ لا تركّز القصة على عمق العلاقة الإنسانية والعاطفية بين لوسي وهاري من جهة، ولوسي وجون من جهة ثانية. إذا كانت الثروة هي التي جعلتها تستسلم لهاري، فما السبب الذي أعادَ جون إلى قلبها؟ لماذا تلجأ في كل مرةٍ تواجه فيها محنةً إلى رجلٍ يسخر من عملها ومن أسلوبها في التفكير؟ وما الذي جعلها تحنّ إلى جون، في حين لم ينتفِ أي من الأسباب التي جعلتها تهجره سابقاً؟ كلها أسئلة تبقى بلا إجابات، ولا تعوّض هذا الفراغَ المثاليّة الرومانسية الأقرب إلى الوهم.

كريس إيفانز وداكوتا جونسون برفقة المخرجة سيلين سونغ (A24)

قبل أن تدخل عالم السينما، عملت المُخرجة سيلين سونغ وسيطة زواج، وقد جلبت معها تجربتها تلك إلى فيلمها الثاني، وأحضرت كذلك حنينها إلى زمنٍ كان فيه الحب أكثر صدقاً، على الشاشة كما في الحياة.

يصارع الفيلم من أجل القول إنّه بالحب وحده، وليس المال، يحيا الزواج. غير أنّ هذه المثاليّة الطافحة من الصعب أن تحيي الرومانسية وهي رميمُ. لذلك لا يعدو «Materialists» كونه فسحة حالمة قد يصعب تصديقُها، حتى من قِبَل مراهقي «الجيل زد».


مقالات ذات صلة

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

يوميات الشرق شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات أنها استعادتها

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما «البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

«البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

افتتح مهرجان «البحر الأحمر» دورته الخامسة، يوم الخميس، بفيلم بريطاني الإنتاج عنوانه «عملاق» (Giant)، ويستمر حتى 13 من الشهر الحالي.

محمد رُضا (جدة)
سينما «نيموندايو» (أنايا برودكشنز)

شاشة الناقد: عن الزمن والطبيعة في فيلمين أحدهما أنيميشن

تُحيك المخرجة البرازيلية تانيا أنايا فيلمها الأنيميشن بعيداً عن معظم التجارب في هذا النوع من الأفلام. هو ليس عن حيوانات ناطقة ولا بطولات بشرية خارقة.

محمد رُضا (جدّة)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.