هل من الصحي تناول نفس وجبة الإفطار كل يوم؟

وجبة من الأفوكادو والبيض في نيوزيلندا (رويترز)
وجبة من الأفوكادو والبيض في نيوزيلندا (رويترز)
TT

هل من الصحي تناول نفس وجبة الإفطار كل يوم؟

وجبة من الأفوكادو والبيض في نيوزيلندا (رويترز)
وجبة من الأفوكادو والبيض في نيوزيلندا (رويترز)

يتخذ الشخص العادي عدداً ضخماً من القرارات يومياً؛ من لحظة استيقاظك حتى وضع رأسك على الوسادة، فأنت تتخذ باستمرار قرارات بشأن مهامك وأحداثك اليومية، مثل ما ترتديه، وكيفية الرد على رسائل البريد الإلكتروني، وماذا تأكل.

كل هذه الخيارات يمكن أن تؤدي إلى إرهاقك، مما يجعلك تشعر بالإرهاق. لهذا السبب يجد الكثير منا أنفسنا نرتدي ونأكل نفس الأشياء كثيراً لأنه قرار أقل يتعين علينا اتخاذه.

عندما يتعلق الأمر باختيار الوجبات، يميل الإفطار إلى أن يكون أكثر ما نكرره، وهذا أمر منطقي؛ لأن الصباح قد يكون مزدحماً، ووجود خيار إفطار مفضل يجعل الصباح المزدحم أسهل قليلاً. ولكن هل من الصحي حقاً تناول نفس وجبة الإفطار كل يوم؟ إليك ما يقوله اختصاصيو التغذية عن تكرار تناول وجبة الإفطار.

إيجابيات تناول وجبة فطور واحدة يومياً:

1. تخفف من إرهاق اتخاذ القرارات

تقول سابنا بيروفيمبا، الحاصلة على ماجستير العلوم واختصاصية التغذية: «الالتزام بوجبة فطور واحدة يومياً يُخفف من إرهاق اتخاذ القرارات». فمع التخطيط المُسبق لوجبة الفطور، يُمكنك توفير الطاقة التي تُنفقها عادةً في اختيار ما ستتناوله على الفطور لأمور أكثر أهمية، بالإضافة إلى ذلك، يتطلع بعض الناس إلى تناول وجبة فطور واحدة يومياً. وتضيف: «يُضفي ذلك شعوراً بالروتين، وهو أمر مُريح، خاصةً لمن يُفضلون تنظيم صباحهم». ويُمكن لتحضير نفس الوجبة على الفطور أن يُبسط قائمة مشترياتك، ويُقلل من وقت اتخاذ القرارات.

2. الالتزام بما يناسبك

كما يقول المثل: «إن لم يكن معطلاً فلا تُصلحه». ينطبق هذا أيضاً على وجبة الإفطار أيضاً. تقول ميليسا متري، الحاصلة على ماجستير العلوم واختصاصية التغذية: «عندما يجد عملائي فطوراً يناسبهم، أنصحهم بالالتزام به لأكبر عدد ممكن من أيام الأسبوع. فكل شخص يختلف عن الآخر، لذا بمجرد أن تجد فطوراً مُرضياً ومتوازناً ويُوفر طاقة طويلة الأمد، من المنطقي الالتزام به أو على الأقل بتنويعه». بالنسبة للبعض، قد يعني ذلك تحضير عصير يومياً. أما بالنسبة لآخرين، فيُعدّ البيض المخفوق المليء بالخضراوات خيارهم الأمثل للفطور. توضح متري: «هذا يُسهّل عليك عملية التخمين في وجبتك الأولى، مما يُؤثر إيجاباً على يومك بشكل كبير».

3. الفطور الصحي يضبط يومك

حتى لو كنت تتناول نفس الطعام كل يوم، فإن فطوراً متوازناً يُمهّد الطريق لاختيارات صحية لبقية اليوم. تقول ليزا أندروز، الحاصلة على ماجستير في التربية، واختصاصية تغذية معتمدة: «إذا تناولت فطوراً صحياً (مثل الشوفان المدلفن مع الفاكهة، أو البيض مع خبز التوست المصنوع من الحبوب الكاملة)، فقد بدأت يومك بداية جيدة». يكمن السر في التأكد من أن فطورك الأساسي يوفر توازناً مثالياً بين البروتين والكربوهيدرات والدهون الصحية، مما يمنحك طاقة مستدامة تُمكّنك من العمل طوال الصباح. كما أن تناول فطور متوازن يُمكّنك من البدء مبكراً في تلبية التوصيات اليومية للعناصر الغذائية الأساسية مثل حمض الفوليك وفيتامين ج والكالسيوم.

سلبيات تناول وجبة فطور واحدة يومياً:

1. الشعور بالملل

وتقول متري: «في حين أن تناول وجبة فطور واحدة يومياً قد يكون مفيداً للبعض، فإن آخرين قد يشعرون بالملل من تناولها بهذه الطريقة». وتضيف أن رتابة وجبة الفطور هذه قد تُعيق تحقيق أهدافك الصحية: «قد يؤدي الملل إلى عدم الرضا عن وجباتك أو إلى اشتهاء المزيد من الطعام لاحقاً لأنك تتوق إلى المزيد من التنوع». إذا وجدت نفسك معتاداً على تناول وجبة فطور، فقد يكون الوقت قد حان لتغيير نمط حياتك.

2. قد تُفوّت عناصر غذائية مهمة

يُعد فقدان تنوع العناصر الغذائية عيباً آخر لتكرار تناول وجبة الفطور. تقول متري: «إن تناول وجبة فطور واحدة يومياً يحد من كمية العناصر الغذائية في تلك الوجبة. ولهذا السبب، قد تُخاطر بفقدان عناصر غذائية أساسية أخرى كنت ستحصل عليها لو تنوعت خيارات الإفطار».

تعتمد صحة أمعائك أيضاً على تنوع الوجبات. تشرح بيروفيمبا قائلةً: «تزدهر ميكروبات أمعائك بالتنوع الغذائي، لذا قد لا يكون التكرار المفرط مثالياً، مع أنه يمكن موازنة ذلك بتنويع وجباتك الأخرى».

نصائح للاستفادة من تكرار وجبة الإفطار

ويتفق خبراء التغذية على أن الالتزام بوجبة إفطار ثابتة ليس بالضرورة أمراً سيئاً. للاستفادة القصوى من وجبة الإفطار، إليك هذه النصائح:

اختر الأطعمة المالحة بدلاً من الحلويات: عند اختيار وجبة فطورك الأساسية، تقترح أندروز اختيار خيارات مالحة مثل البيض أو الفريتاتا بدلاً من الحلويات مثل المافن أو الوافل. وتقول: «قد يساعد هذا في كبح رغبتك في تناول الحلويات لبقية اليوم، ويمنحك المزيد من الطاقة في الصباح».

أضف بعض البروتين: بالإضافة إلى الشعور بالشبع، فإن تناول وجبة فطور غنية بالبروتين له فوائد أخرى. تقول أندروز: «وُجد أن البروتين في وجبة الإفطار يُحافظ على انخفاض مستويات السكر في الدم في وجبتي الغداء والعشاء، وفقاً لدراسة صغيرة أُجريت على بالغين أصحاء». وتضيف أن هناك أيضاً أدلة على أن تناول وجبة فطور غنية بالبروتين قد يدعم صحة القلب، مثل تحسين تنظيم ضغط الدم وزيادة مستوى الكوليسترول الجيد (إتش دي إل).

البروتين في وجبة الإفطار يُحافظ على انخفاض مستويات السكر في الدم في وجبتي الغداء والعشاء

سابنا بيروفيمبا الحاصلة على ماجستير العلوم واختصاصية التغذية

لا تنسَ الألياف: يساعدك اختيار وجبة إفطار غنية بالألياف لتكرارها على الاقتراب من هدفك اليومي من الألياف، وهو 25 غراماً للنساء و38 غراماً للرجال، وهو هدف يعجز عنه معظم الناس، وينصح الخبراء: «احرص على تضمين أطعمة غنية بالبروتين والألياف للمساعدة في تنظيم مستوى السكر في الدم وتحسين شهيتك. يُعدّ تناول عجة الخضار مع خبز الحبوب الكاملة والفواكه الطازجة أو المجمدة طريقة رائعة لبدء يومك»، كما تقول أندروز.

أضف تنوعاً على بقية اليوم: إذا كنت ترغب في تناول نفس الطعام في الصباح، فتأكد من تغطية جميع احتياجاتك الغذائية من خلال تناول المزيد من التنوع في وجبات الغداء والعشاء والوجبات الخفيفة. تقول بيروفيمبا: «وازن روتينك بتناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية في وجباتك الأخرى على مدار اليوم».

غيّر بعض المكونات: يقول متري: «إذا كنتَ تُفضّل تناول نفس الفطور يومياً، فيُمكنك الالتزام بنفس (الوصفة) العامة، مع تغيير بعض المكونات». ويضيف: «على سبيل المثال، إذا كنتَ تتناول الشوفان طوال الليل وكل صباح، يُمكنك تغيير المكونات كل بضعة أيام، مثل نوع الفاكهة التي تُضيفها، أو إضافات أخرى؛ كالمكسرات أو البذور، أو تغيير أنواع زبدة المكسرات المختلفة كاللوز أو الفول السوداني أو دوار الشمس. هذا يُتيح لك الاستمتاع بنفس الوجبة مع الحفاظ على تنوع العناصر الغذائية والنكهة».


مقالات ذات صلة

أطعمة ضرورية في الشتاء لتعزيز المناعة وصحة الأمعاء

يوميات الشرق الفواكه والخضراوات تساعد على انتظام عملية الهضم خلال الشتاء (جامعة ماريلاند)

أطعمة ضرورية في الشتاء لتعزيز المناعة وصحة الأمعاء

غالباً ما يرتبط فصل الشتاء بالأطعمة المريحة والعادات الهادئة، وأحياناً ببعض السلوكيات غير الصحية. ومع ذلك، يُعد هذا الموسم فرصة مثالية لإعادة التركيز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك الإفراط في تناول أي نوع من الملح يساهم في ارتفاع ضغط الدم (بيكسباي)

ماذا يحدث لجسمك عند إضافة ملح الهيمالايا إلى نظامك الغذائي؟

ملح الهيمالايا، وهو نوع ذو لون وردي غني بالمعادن النادرة، يُعدّ مكوناً شائعاً في الطبخ، ويُستخدم أحياناً لأغراض علاجية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ البيض جزءاً مهماً من أي نظام غذائي متوازن (بيكسباي)

ماذا يحدث لمستوى السكر في الدم عند تناول البيض بانتظام؟

يُعدّ البيض جزءاً مهماً من أي نظام غذائي متوازن، فهو غني بالعناصر الغذائية وقليل السكر والكربوهيدرات، ويمكن استخدامه بطرق متنوعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يستغرق هضم البروتين وقتاً أطول من هضم الكربوهيدرات (جامعة هارفارد)

6 أطعمة غنية بالبروتين تساعد على خفض مستوى السكر في الدم

يُمكن لنظام غذائي غني بالبروتين أن يُساهم في خفض مستوى السكر في الدم من خلال التأثير على هضم الكربوهيدرات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرمان غني بالألياف التي تدعم صحة الأمعاء وتعزز الهضم وتقلل من خطر الإمساك (بيكسباي)

تعرف على أفضل وقت لتناول الرمان

بذور الرمان حلوة المذاق ومقرمشة وغنية بمضادات الأكسدة وهي طريقة لذيذة لتعزيز صحتك تناولها في أي وقت من اليوم ولكن تجنب القشرة والجذر والساق

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».