مصر وفلسطين تفوزان بجوائز «آغا خان للعمارة»

عبر مشروعَي إعادة إحياء «إسنا التاريخية» وتشييد «مجلس العجب»

مدينة إسنا المصرية تتوَّج بجائزة آغا خان (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)
مدينة إسنا المصرية تتوَّج بجائزة آغا خان (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)
TT

مصر وفلسطين تفوزان بجوائز «آغا خان للعمارة»

مدينة إسنا المصرية تتوَّج بجائزة آغا خان (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)
مدينة إسنا المصرية تتوَّج بجائزة آغا خان (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)

أعلنت جائزة «آغا خان للعمارة»، أسماء المشروعات الفائزة في الدورة الـ16 (2023 - 2025)، وكان لمصر وفلسطين نصيب من بين المشروعات السبعة الفائزة. واختارت لجنة التحكيم العليا المستقلة الفائزين بعد دراسة المراجعات الميدانية للمشروعات المدرجة في القائمة القصيرة، التي أُعلن عنها في يونيو (حزيران) الماضي.

ووفق إدارة الجائزة، فإن المشروعات الفائزة تستكشف قدرة العمارة على أن تكون عاملاً محفزاً للتعددية، ومرونة المجتمع، والتحوّل الاجتماعي، والحوار الثقافي، والتصميم المستجيب للمناخ.

وسيتقاسم الفائزون السبعة جائزة بقيمة مليون دولار أميركي، وهي من بين أكبر الجوائز في مجال العمارة عالمياً، وتنعقد كل 3 سنوات.

مدينة إسنا جنوب مصر (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)

وفاز من مصر مشروع «إعادة إحياء مدينة إسنا التاريخية»، -مدينة تتبع محافظة الأقصر جنوب مصر- تصميم شركة «تكوين للتنمية المجتمعية المتكاملة»، وهو مشروع يتصدى لتحديات السياحة الثقافية عبر تدخلات مادية، ومبادرات اجتماعية اقتصادية، واستراتيجيات حضرية مبتكرة.

وحوّل التصميم موقعاً مهملاً مدينةً تاريخية مزدهرة، وقد أقرَّت لجنة التحكيم بالسبل التي اعتمدها المشروع في تحفيز الدورة الحيوية العمرانية بما يمكّنه من مواجهة التحديات المعاصرة الرامية إلى تحسين شروط الحياة الإنسانية.

وأعرب كريم إبراهيم، مدير شركة «تكوين» المصرية، عن سعادته البالغة بالفوز بالجائزة، وعدّه «فوزاً صعباً وتتويجاً لمصر ككل وليس لشركته فقط ولأهالي إسنا الذين آمنوا بفكرة التطوير وتحمسوا إليها».

وقال إبراهيم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الترشح للقائمة القصيرة للجائزة التي تقام كل 3 سنوات يعدّ تتويجاً في حد ذاته، لا سيما وأن مصر لم يصل منها مشروعات إلى القائمة القصيرة للجائزة منذ نحو 20 عاماً؛ لذلك فإن الفوز بالجائزة يُعدّ إنجازاً كبيراً ودافعاً على العمل في مشروعات تنموية جديدة»، مشيراً إلى «أن مصر يوجد بها مدن وقرى كثيرة تستحق أن يعاد إحياء تراثها».

وكالة الجداوي الأثرية بإسنا (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)

وأوضح إبراهيم أن «العمل على مشروع تطوير مدينة إسنا التاريخية بدأ قبل ثورة يناير (كانون الثاني) من عام 2011، لكنه توقف بسبب الإضرابات السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد عقب تلك الفترة قبل أن يعاد ويستكمل بفضل دعم الحكومة المصرية».

«مجلس العجب»

وفي فلسطين، فاز مشروع إنشاء «مجلس العجب»، ببيت لحم، تصميم (AAU) أنسطاس، وهو عبارة عن مساحة عرض وإنتاج غير ربحية، شُيّدت بمساهمة من الحرفيين والمقاولين المحليين، لتصبح محوراً أساسياً للحِرف والتصميم والابتكار والتعلم.

مشروع «مجلس العجب» بفلسطين (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)

ورأت لجنة التحكيم أن المبنى يقدم نموذجاً لـ«عمارة الوصل»، المتجذرة في التعبيرات المعاصرة عن الهوية الوطنية، والمؤكدة على أهمية الإنتاج الثقافي بوصفه شكلاً من أشكال المقاومة، وفق تعبير إدارة الجائزة.

بنغلاديش

وفاز كذلك مشروع «خودي باري» في بنغلاديش بالجائزة، وهي مواقع مختلفة تصميم شركة «مارينا تبسم للهندسة المعمارية»، ورأت إدارة الجائزة أن هذا الحل القابل للتكرار، والمبني من الخيزران والفولاذ، استجابة موجهة لصالح المجتمعات النازحة المتأثرة بالتغيرات المناخية والجغرافية. وقد أشادت لجنة التحكيم بالإطار البيئي العميق للمشروع، وبإسهامه في تعزيز الاستخدام العالمي للخيزران مادةً بنائية.

مشروع مركز قرية ووست ووسوتو المجتمعي بالصين (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)

وفي الصين، فاز مشروع مركز قرية ووست ووسوتو المجتمعي، من تصميم شركة «منغوليا الداخلية الكبرى للتصميم المعماري المحدودة»، حيث تم تشييد المركز باستخدام الطوب المعاد تدويره.

مجمع مجرة

وفاز من إيران مشروعان، الأول «مجمع مجرة»، بجزيرة هرمز، تصميم شركة «زاف للعمارة» وهو مجمع ملون تعكس قبابه تربة الجزيرة الغنية بالمغرة (اللون الأصفر الترابي)، والآخر مشروع میدان مترو جهاد في طهران، تصميم استوديو (KA) للعمارة – وهو عبارة عن محطة متداعية سابقاً تحوّلت عقدةً حضرية نابضة بالحياة للمشاة.

«مجمع مجرة» بجزيرة هرمز الإيرانية (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)

وتوّجت باكستان بالجائزة السابعة عبر مشروع «رؤية باكستان»، في إسلام آباد، تصميم استوديوهات «دي بي»، وهو مرفق متعدد الطوابق، يتميز بواجهات مبهجة مستوحاة من الحِرف الباكستانية والعربية، ويحتضن جمعية خيرية تهدف إلى تمكين الشباب المحرومين عبر التدريب المهني. وقد أشارت لجنة التحكيم إلى أن المبنى لا يوفر فقط نوعاً جديداً من التعليم، بل يتميّز أيضاً بفيض من الضوء، وبتنظيم فراغي مشوّق، وكفاءة اقتصادية عالية.

ومن المقرر أن يقام حفل توزيع جوائز الدورة السادسة عشرة في قاعة الفيلهارمونية الوطنية بجمهورية قيرغيزستان، في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي، ولن تقتصر الجائزة على تكريم المعماريين فحسب، بل ستشمل أيضاً البلديات، والبناءين، والجهات المالكة، والحرفيين المتمرسين والمهندسين الذين أدوا أدواراً محورية في إنجاز المشروعات.

ووفق إدارة الجائزة، فإن «إلهام الأجيال الشابة للبناء بعناية بيئية، ومعرفة، وتعاطف، من بين أعظم أهداف هذه الجائزة».

وتأسست جائزة «آغا خان للعمارة» عام 1977 من قِبل الأمير كريم آغا خان الرابع بهدف تحديد وتشجيع المفاهيم المعمارية التي تلبي بنجاح احتياجات وتطلعات المجتمعات التي يتمتع المسلمون فيها بحضور كبير.

تطلعات ثقافية

وتُركّز عملية اختيار الجائزة على العمارة التي لا تكتفي بتلبية الاحتياجات المادية والاجتماعية والاقتصادية للناس فحسب، بل تحفّز أيضاً تطلعاتهم الثقافية وتستجيب لها. وعلى مدار الدورات الـ16 الماضية للجائزة، تم تكريم 136 مشروعاً، وتوثيق ما يقرب من 10 آلاف مشروع بناء.

وقال فرخ درخشاني، مدير جائزة «آغا خان للعمارة»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «تضع جوائز آغا خان في الحسبان منذ تأسيسها قبل نحو نصف قرن المشاكل والهموم المعاصرة؛ لذلك من الضروري جداً أن تستجيب لأسئلة الناس اليوم ولآمالهم».

وبسؤاله عن أسباب استمرار الجائزة على مدار كل تلك السنوات واحتفاظها ببريقها بين المعماريين، قال: «إنها تسير على الدرب نفسه الذي أرساه الأمير كريم آغا خان، فعند تأسيس الجائزة أشرف هو شخصياً على خلق المنظومة التي تضمن بقاء الجائزة على حالها، ورعاها لضمان أنها ستبقى مهمة لزمن طويل وليس لبضع سنوات».

لا يفضل درخشاني استخدام تعبير «العمارة الإسلامية»، ويتحمس أكثر لاستخدام تعبير «عمارات المجتمعات المسلمة»، موضحاً: «هي عمارات لطالما كانت موجودة في المجتمعات المسلمة أو ذات الأغلبية المسلمة، واليوم، أكثر من أي وقت مضى، هناك مسلمون يعيشون مع آخرين. لذلك؛ أفضل طريقة لتوصيف ذلك هي الحديث عن العمارة التي تناسب المجتمعات المسلمة، لأنهم مستخدمو هذه العمارة».

وأكد: «التركيز في هذه الدورة تحديداً على مفهوم التفاؤل... التفاؤل بمستقبل أفضل سنفكر به بأنفسنا، ونحن مؤمنون أن مستقبلنا سيكون أفضل».

وكشف درخشاني عن أنه تم «اختيار المشروعات الفائزة من بين 369 مشروعاً من أكثر من سبعين دولة حول العالم، وهي مشروعات مختلفة الأنماط، من الأبنية العالية إلى العمارة الواسعة كالحدائق، والتنمية الحضرية والترميم إلى الأبنية الصغيرة، والبيوت الصغيرة، ومراكز التسوق، والمعامل وكل أنواع المشروعات، وكان على لجنة التحكيم الاختيار منها جميعاً، وكان الضروري بالنسبة لها المقاربة، أي كيف تعامل المعماريون مع مشكلة أو حاجة معينة في المجتمع، وكيف كانت جودة هذا التعامل أو هذه المقاربة».

میدان مترو جهاد في طهران (إدارة جائزة آغا خان للعمارة)

ويضيف: «من الضروري جداً أن نرى أن دور المعماري يكمن في رؤية السياق الذي يعمل فيه، وأن يفهمه وأن يفهم آمال هذا المجتمع وأن يقترح حلولاً؛ لذلك كان من الصعب جداً على لجنة التحكيم رؤية كل ذلك، لكنهم تمكنوا من اختيار 19 عملاً للقائمة القصيرة، وبعد ذلك أرسلنا خبراء تأكدوا من جميع المعلومات التي وصلتنا حول كل المشروعات، وعندما عادوا اضطرت لجنة التحكيم إلى اختيار الأعمال الفائزة، وهذا كان صعباً جداً؛ لأن جميع المشروعات الـ19 كانت جيدة».

ويذكر أن، جائزة آغا خان للعمارة (AKAA) هي أحد برامج صندوق آغا خان للثقافة، التابع لشبكة آغا خان للتنمية (AKDN)، وتعمل الشبكة اليوم في أكثر من 30 دولة، في مجالات التعليم، والصحة، والزراعة، والأمن الغذائي، وحماية البيئة، والفنون والموسيقى، والعمارة، والتخطيط الحضري، وصون التراث الثقافي.

وتوظف شبكة آغا خان للتنمية ما يقرب من 96 ألف شخص، معظمهم في البلدان النامية، وتبلغ نفقاتها السنوية على الأنشطة التنموية غير الربحية نحو مليار دولار.


مقالات ذات صلة

بوزن سيارة... مهندس يفوز بجائزة «اليقطينة العملاقة» في كاليفورنيا

يوميات الشرق داوسون يحتفل مع طفليه فوق اليقطين العملاق (أ.ب)

بوزن سيارة... مهندس يفوز بجائزة «اليقطينة العملاقة» في كاليفورنيا

فاز مهندس من هواة البستنة بالجائزة الأولى في مسابقة سنوية لوزن اليقطين في شمال كاليفورنيا، بعدما زرع يقطيناً عملاقاً بلغ وزنه 2346 رطلاً.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
المشرق العربي الصحافية الفلسطينية مريم أبو دقة تحاول ترفع هاتفها الجوال لالتقاط إشارة (إندبندنت عربية)

فوز مريم أبو دقة بجائزة «بطل حرية الصحافة العالمية»

أعلن المعهد الدولي للصحافة منح مراسلة «إندبندنت عربية» في غزة، الراحلة مريم أبو دقة، وسام «بطل حرية الصحافة العالمية» تكريماً لشجاعتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق روايات سناء شعلان تُنقّب في أسئلة الهوية والحبّ والمستقبل (حسابها الشخصي)

سناء الشعلان أول عربية مُرشَّحة لجائزة دولية في «أدب الخيال العلمي»

من المقرَّر أن يُتوَّج الفائز بالمسابقة الأوسع من نوعها ضمن مسابقات «أدب الخيال العلمي» الشهر المقبل في «متحف الذرّة» بموسكو.

رائد جبر (موسكو)
يوميات الشرق الطرافة تتحوّل إلى علم والجائزة إلى ضحكة (أ.ب)

سحالٍ تأكل البيتزا وأظافر تُرصَد 35 عاماً... «إيغ نوبل» تحتفي بغرائب العِلم

تحتفي جوائز «إيغ نوبل» الساخرة، التي مُنحت، الخميس، للمرّة الـ35، بالبحوث التي «تدفع الناس للضحك ثم التفكير».

«الشرق الأوسط» (بوسطن)
يوميات الشرق سوق القيسارية (الشرق الأوسط) play-circle 01:56

«إسنا» المصرية تقتفي أثر الأجداد في حُلّة عصرية

إسنا بمثابة متحف مفتوح لما تحتويه من منازل تراثية تفوح بعبق التاريخ، بجانب الحرف العتيقة على غرار معصرة بكور للزيوت التي يعود تاريخ إنشائها إلى نحو 200 عام...

عبد الفتاح فرج (إسنا (مصر))

المتحف الكبير يستقبل نحو 19 ألف زائر يومياً منذ افتتاحه

متوسط عدد الزائرين للمتحف الكبير وصل إلى 19 ألف زائر يومياً (وزارة السياحة والآثار)
متوسط عدد الزائرين للمتحف الكبير وصل إلى 19 ألف زائر يومياً (وزارة السياحة والآثار)
TT

المتحف الكبير يستقبل نحو 19 ألف زائر يومياً منذ افتتاحه

متوسط عدد الزائرين للمتحف الكبير وصل إلى 19 ألف زائر يومياً (وزارة السياحة والآثار)
متوسط عدد الزائرين للمتحف الكبير وصل إلى 19 ألف زائر يومياً (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت إدارة المتحف المصري الكبير عن وصول متوسط معدل الزيارات اليومية إلى 19 ألف زائر، منذ افتتاحه للجمهور في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وأكدت في بيان نشرته، الاثنين، أن المتحف استقبل 12 ألف زائر من المصريين والأجانب منذ الصباح حتى الثانية ظهر الاثنين.

وقال الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، إن «حركة الزيارة تسير بانسيابية تامة، حيث زار المتحف أمس نحو 17 ألف زائر استمتعوا بزيارة وتجربة متميزة». وأضاف في بيان لوزارة السياحة والآثار أن «متوسط عدد الزائرين منذ بدء استقبال المتحف للجمهور في 4 نوفمبر وحتى أمس بلغ نحو 19 ألف زائر يومياً، بما يعكس الإقبال الكبير على زيارة المتحف من مختلف الفئات والجنسيات».

وبني المتحف الكبير على مساحة 117 فداناً بميدان الرماية قرب أهرامات الجيزة، ليشكل مع منطقة الأهرامات الأثرية مشهداً متصلاً يعبر عن عراقة الحضارة المصرية القديمة، ويضم المتحف نحو 57 ألف قطعة أثرية، من بينها مجموعة توت عنخ آمون التي تعرض كاملة للمرة الأولى بالمتحف.

وأشار الرئيس التنفيذي للمتحف إلى أن «الإقبال الجماهيري المتزايد من مختلف دول العالم يعكس المكانة الدولية التي بات يحتلها المتحف المصري الكبير باعتباره أحد أهم المقاصد الثقافية والسياحية على مستوى العالم».

المتحف المصري الكبير يشهد إقبالاً منذ افتتاحه للجمهور (وزارة السياحة والآثار)

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، افتتح المتحف المصري الكبير رسمياً في الأول من نوفمبر الجاري، وسط احتفالية عالمية كبرى حضرها 79 وفداً رسمياً من بينهم 39 وفداً برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات. وبدأ المتحف استقبال الجمهور اعتباراً من 4 نوفمبر، بالتزامن مع الذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون.

ويرى الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، أن «المتحف المصري الكبير يشهد حالة زخم كبيرة وانسيابية في الدخول والخدمات المقدمة داخله، وإن كان يحتاج إلى بعض التفاصيل لاستيعاب الأعداد الكبيرة التي تزوره يومياً».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «بيان المتحف الذي أكد وصول متوسط الزوّار إلى 19 ألف زائر، يظهر من خلال الزخم والحضور الكبير، وأتمنى زيادة مساحات الأرض المتحركة (الإسكوليتر) التي تسمح بالتجول ببطء وشرح محتويات المتحف».

وقال إنه رأى بنفسه أن الجزء الذي توجد به أرضيات متحركة «مشايات» يسهل على الزوار استيعاب آثاره، متابعاً: «بينما هناك 12 قاعة علوية من بينها قاعة توت عنخ آمون إذا تم تزويدها بمشايات أو أرضيات متحركة ستساعد الزوار بطريقة أفضل»، ولفت الشماع إلى أن المتحف الذي يزوره منذ عامين ويشرح محتوياته للمجموعات الأجنبية القادمة لمصر بصفته مرشداً سياحياً، لا يمكن مشاهدته كله في زيارة واحدة، وقال: «لا يستطيع الزائر أن يشبع شغفه بمحتويات المتحف مرة واحدة، بل يمكننا أن نطلق عليه متحف القادمين مرة أخرى، ففي كل زيارة للمتحف يمكن رؤية جزء جديد ومختلف منه».

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

وكانت إدارة المتحف قد أعلنت الجمعة الماضي عن وقف بيع التذاكر خلال اليوم الذي شهد زخماً وزحاماً وتجاوز الطاقة التشغيلية القصوى للمتحف، وحددت طرقاً للحجز الإلكتروني في أيام معينة لتسهيل الزيارة واستيعاب الزائرين.

وتوقع الشماع أن «يزور المتحف سنوياً ما بين 10 و15 مليون سائح»، مشيراً إلى أن «حجم المتحف المصري الكبير ضعف اللوفر تقريباً واللوفر يزوره سنوياً 9 ملايين، كما أن الآثار الموجودة في المتحف المصري الكبير لا مثيل لها في العالم، خصوصاً مجموعة توت عنخ آمون التي تتجاوز 5 آلاف قطعة».

وتعوّل وزارة السياحة والآثار المصرية على المتحف المصري الكبير في جذب السياحة الثقافية، وسبق أن أعلنت الوزارة توقعاتها بأن يزور المتحف نحو 5 ملايين سائح سنوياً، بمعدل 15 ألف سائح يومياً، وتطمح مصر إلى زيادة عدد السائحين الوافدين إلى 30 مليون سائح بحلول 2031، فيما حققت رقماً قياسياً العام الماضي باستقبال 15.7 مليون سائح.


مصر: «الجلباب البلدي» حضور دائم يتجاوز «الترند»

كثير من المؤثرين استعادوا صورهم بالجلباب (صفحة باسم يوسف على «فيسبوك»)
كثير من المؤثرين استعادوا صورهم بالجلباب (صفحة باسم يوسف على «فيسبوك»)
TT

مصر: «الجلباب البلدي» حضور دائم يتجاوز «الترند»

كثير من المؤثرين استعادوا صورهم بالجلباب (صفحة باسم يوسف على «فيسبوك»)
كثير من المؤثرين استعادوا صورهم بالجلباب (صفحة باسم يوسف على «فيسبوك»)

لم يغب الجلباب الشعبي يوماً عن حياة المصريين، فهو الذي يعبّر عن هويتهم وخصوصية شخصيتهم وعمق تاريخهم، سواء كانوا يعيشون في الجنوب (الصعيد) أو الشمال (الدلتا). ربما يختلف في بعض تفاصيله، خصوصاً فتحة الرقبة واتساع الكمّين أو ضيقهما، لكنه يظل معبراً عن طبيعة الحياة التي تعيشها فئة واسعة من المصريين في الشوارع والأسواق، وفق أجواء الطقس الغالبة على المكان.

«ظهور الجلباب البلدي الشعبي بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، يعبّر عن حقيقة وجوده الواقعي»، وفق هشام كمال «ترزي عربي». أما صورته وشكله والخطوط التي يلتزم بها الحائك وهو يقوم بقص قماشه فتتحدد طبقاً لطبيعة الجو ودرجة الحرارة وطلبات العميل أيضاً. ويحتاج غالباً إلى 3 أمتار ونصف المتر من القماش للشخص البالغ.

ويؤكد كمال لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجلباب الصيفي يختلف عن الشتوي، فيُفصل الصيفي من قماش قطني، أو كتان، وأشهر أنواعه هو (الغولدن تكس) الصيفي، وتتراوح أسعار المتر ما بين 100 جنيه و750 (الدولار يعادل نحو 47 جنيهاً مصرياً)».

أما الجلباب الشتوي فيُفصّل من أقمشة صوفية، أشهرها «الإمبريال»، و«الصوف الإنجليزي»، «والسلكا» الهندي، ويتراوح سعر المتر منها بين 750 و1500 جنيه، وفق الترزي العربي.

الجلباب له ألوان متعددة وتفصيلات خاصة (الشرق الأوسط)

وهناك مواصفات عدة لشكل الجلباب المصري، سواء كان لأهل الجنوب (الصعيد) أو الوجه البحري (الدلتا). يوضح كمال: «تتركز المواصفات في فتحة الصدر ودائرية الرقبة، واتساع الأكمام، وشكل القطان الذي تتم خياطته حول الرقبة، أو على شكل 7، أو تحت الإبط، أو في الأكمام، وكل منها له تكلفة معينة، تصل إلى حدود 1000 جنيه للتفصيل، نظراً إلى العمل اليدوي الذي يقوم به الترزي الذي يتكفل بمهمة تزيين القماش بالأشرطة (القطان) الحريرية التي يجب أن تكون مثل لون الجلباب».

ويبدأ أجر تفصيل الجلباب الشتوي من 800 جنيه ويصل إلى 2000 جنيه، وفق ما رصدته «الشرق الأوسط»، أما العباءة فسعرها 4 آلاف جنيه، وتُصنع من قماش مختلف عن أقمشة الجلباب. وغالباً تُفصّل من خامة أقمشة مخصوصة من «الغولدن تكس»، أو «الإمبريال».

تفصيلة الجلباب ذي الرقبة (الشرق الأوسط)

بينما تنخفض أجرة تفصيل الجلباب الصيفي عن نظيره الشتوي؛ لأن جزءاً كبيراً من عملية حياكة الجلباب الصيفي تتم بواسطة الماكينة، ويبدأ أجر تفصيله بـ400 جنيه، وقد يصل إلى الضِّعف، وهو بخلاف الشتوي الذي يأخذ جهداً كبيراً في تفصيله، والعمل اليدوي المبذول فيه.

ويقول كمال إن «الطلب على الجلباب يظل كبيراً، وليست له علاقة بصعوده على صفحات التواصل الاجتماعي، فهو مطلوب في الواقع وتفرضه ضروريات حياة المصريين، وما نشأوا عليه من عادات وتقاليد، فمن يرى أباه أو جده يرتديه يومياً كيف له أن يرتدي سواه؟!».

وقبل أن يتحول الجلباب إلى «ترند» في الفضاء الافتراضي، وتحتل صوره مواقع التواصل الاجتماعي، فهو موجود ويرتديه المصريون بعيداً عن «الشو الإعلامي»، وهو الآن كما هو، لكن تلفّه حالة من «النشاط السوشيالي»، وفق وصف كمال، مضيفاً أن «المصريين في صعيد مصر أو في الوجه البحري يرتدون الجلباب بوصفه جزءاً من حياتهم، لا فرق هنا بين الأغنياء والفقراء، فمنهم الكثير من المنتمين إلى الطبقات العليا (الأكابر) أو (الأعيان)، وبينهم أطباء ومهندسون وقضاة وأساتذة جامعات، ومنهم البسطاء؛ لأنه جزء من هويتنا، ويعبّر عن شخصيتنا وأسلوب حياتنا».

ويتميز الجلباب الصعيدي عن الذي يرتديه أبناء الوجه البحري، الذين يفضّلون «القَبَّة» على شكل مثلث مقلوب. أما أهل الجنوب فيكون الجلباب برقبة دائرية تضيق وتتسع حسب الطلب.

الجلباب والعباءة من سمات الوجاهة (الشرق الأوسط)

و«تبدأ مراحل تفصيل الجلباب بمعرفة المقاسات، وهي أهم مرحلة»، وفقاً لعماد محرم ترزي متخصص في تفصيل الجلباب الصعيدي، وعليها تتوقف جودته وقيمة ما يتقاضاه من أجر، ويرصد مراحل تفصيل الجلباب لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «ثم تبدأ مرحلة الحياكة بـ(تمكين السيالة)، ويقصد بها (الجيب)، ثم الكم و(الأشتيك) وهي المنطقة التي تكون تحت الإبط، ثم الأجناب وتُلضم بـ(الأشتيك)، بعدها تأتي مرحلة (بطانة) الجلباب، وتتكوّن من (الصدر - المنطقة الخلفية والأمامية)، و(المَرَد) وهو فتحة الصدر».

وبعد أن تنتهي عملية خياطة الجلباب، تبدأ عملية «التكفيف»، وهي مرحلة دقيقة وتحتاج إلى مهارة وصبر شديدَين، وغالباً ما تقوم بها النساء، وهي عبارة عن وضع شريط غليظ مزخرف من الحرير (القطان) على أطراف الجلباب مثل الأكمام وفتحة الصدر والجيوب (السيالة)، و«هذه المرحلة تجعل الجلباب تكلفته عالية قد تصل إلى 1000 جنيه»، وفق قول محرم.

ويختلف شكل الجلباب حسب المنطقة، ففي الصعيد يكون غالباً ذا أكمام واسعة ورقبة دائرية وحِجر كبير يساعد في سهولة الحركة، فضلاً عن إضفاء نوع من الارتياح في الأجواء الحارة، والألوان غالباً ما تكون فاتحة وأكثرها من الأبيض، والرمادي، والبيج.

ويؤكد محرم أن «معدلات الطلب على الجلباب لا تتغير، فمنذ أن بدأ مهنة الحياكة، الجميع يرتديه، أطفالاً وكباراً، حتى الذين يلتزمون بالملابس الإفرنجية في أعمالهم، يعودون إليه، وقد يتزايد الطلب على الجلباب قليلاً في مواسم الأعياد، والمناسبات الخاصة».


حزن في الوسط الفني المصري لدراما رحيل المطرب إسماعيل الليثي

إسماعيل الليثي رحل إثر تأثره بالإصابة في حادث (إنستغرام)
إسماعيل الليثي رحل إثر تأثره بالإصابة في حادث (إنستغرام)
TT

حزن في الوسط الفني المصري لدراما رحيل المطرب إسماعيل الليثي

إسماعيل الليثي رحل إثر تأثره بالإصابة في حادث (إنستغرام)
إسماعيل الليثي رحل إثر تأثره بالإصابة في حادث (إنستغرام)

خيّم الحزن على الوسط الفني المصري، الاثنين، مع الإعلان عن وفاة المطرب الشعبي إسماعيل الليثي متأثراً بجراحه، إثر حادث مروّع وقع في محافظة المنيا، قبل عدة أيام بعد إحيائه لحفل زفاف في محافظة أسيوط.

وكانت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن المنيا قد تلقت إخطاراً من غرفة عمليات النجدة منذ أيام يفيد بوقوع تصادم بين سيارتي ملاكي على الطريق الصحراوي الشرقي أمام مركز ملوي، ووجود عدد من المصابين والضحايا. وعلى الفور انتقلت سيارات الإسعاف وقوات الأمن إلى موقع الحادث، حيث تبيّن وفاة أربعة أشخاص وإصابة ستة آخرين، من بينهم الفنان إسماعيل الليثي وفرقته الموسيقية.

وتعرض الليثي لإصابات بالغة شملت كسوراً متعددة في الأضلاع وتضرراً في الرئة اليمنى، إلى جانب نزيف داخلي واشتباه بكسر في عظام الجمجمة من الجهة اليمنى، إضافة إلى كدمات شديدة في منطقتي الرأس والصدر، قبل أن يفارق الحياة متأثراً بتلك الإصابات.

تزداد قصة رحيل إسماعيل الليثي قسوة، لما تحمله من أبعاد درامية مأساوية، خصوصاً أنها جاءت بعد نحو عام من الفاجعة التي ألمّت به بفقدان نجله رضا الشهير بـ«ضاضا»، الذي كان محبوباً من الجمهور عبر ظهوره مع والده؛ حيث كان قد سقط من شرفة منزل العائلة بالطابق العاشر بعد أن اختل توازنه، ما أدى إلى وفاته على الفور نتيجة نزيف داخلي وكسور خطيرة بقاع الجمجمة.

هذه الفاجعة أثقلت قلب الليثي ودفعته للدخول في نزاعات متكررة مع زوجته شيماء بعد الحادث، ما أدى إلى انفصالهما أكثر من مرة، وزاد من مساحة الألم الذي كان يحمله في داخله حتى لحظة رحيله.

المطرب الراحل كان قد فقد نجله قبل نحو عام (إنستغرام)

وفي رواية مؤثرة، كشفت والدة إسماعيل الليثي عن آخر ما قاله لها قبل الحادث بساعة واحدة فقط، حيث قالت في تصريحات صحافية إنه قال لها: «يا أمي غفلت لبعض الوقت، وحلمت بابني ضاضا بياخدني بالحضن»؛ لتتحول كلمات الابن الراحل إلى نبوءة قاسية، وكأن روحه كانت تستعد للقاء من افتقده قلبه طويلاً.

تصدرت عبارات النعي مواقع التواصل الاجتماعي، وتدفقت رسائل الحزن والدعاء لروح الفنان الراحل، حيث كتب المطرب رضا البحراوي عبر حسابه على «إنستغرام»: «البقاء والدوام لله، أخويا وصاحبي إسماعيل الليثي في ذمة الله، وجع كبير مالي قلبي، ربنا يرحمك يا حبيبي ويصبرنا على فراقك».

كما عبّر الفنان تامر حسني عن حزنه الشديد لرحيل إسماعيل الليثي، حيث كتب عبر حسابه على «إنستغرام»: «تعازينا لأسرته الكريمة، قلبي معكم وربنا يصبّركم».

ونعى الفنان حمادة هلال الراحل بكلمات مؤثرة، قائلاً: «الله يرحمك يا إسماعيل، الله يجمعك مع ابنك حبيبك، ويجعلك مع الأبرار يا أطيب الناس وأحسنهم خلقاً».

كما نشر مؤدي المهرجانات «كزبرة» عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» رسالة وداع حزينة، جاء فيها: «إنا لله وإنا إليه راجعون، البقاء لله، ربنا يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته».

وكتب حمو بيكا عبر «فيسبوك»: «إنا لله وإنا إليه راجعون».

كما كتب حسن شاكوش ناعياً: «ربنا يرحمك ويصبر أهلك، ويجعلك من أهل الجنة يا رب يا حبيبي»، وطالب الفنان دياب جمهوره بالدعاء للفنان الراحل قائلاً: «ربنا يرحمك ويسامحك ويسكنك فسيح جناته... ادعوا له بالله عليكم».