وجَّهت وزارة الداخلية المصرية اتهامات لـ«التيك توكر» سوزي الأردنية بـ«غسيل الأموال» بعد أيام قليلة من توقيفها على خلفية البلاغات المقدمة ضدها من محامين تتهمها ببث مقاطع فيديو «تخالف قيم الأسرة المصرية» مع بث محتوى خادش للحياء.
كانت «الداخلية» قد أوقفت «مريم.أ» الشهيرة باسم «سوزي الأردنية» بعد أيام قليلة من احتفالها بالنجاح في امتحانات الثانوية العامة وجمع مئات الآلاف من الجنيهات عبر بث مباشر قامت به على حسابها بتطبيق «تيك توك» لساعات، وتم توقيفها بالتزامن مع القبض على عدد من «بلوغرز» بارزين على التطبيق نفسه.
وأكدت «الداخلية» أن المتهمة قامت بغسل الأموال المتحصلة من «نشاطها غير المشروع في إنشاء وإدارة صفحة بمواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها في نشر مقاطع فيديو تتضمن الاعتداء على قيم ومبادئ المجتمع، بهدف زيادة نسب المشاهدات وتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة بالمخالفة للقانون».
ووفق البيان الصادر، الأربعاء، فإن المتهمة حاولت إخفاء مصادر تلك الأموال وإضفاء صبغة شرعية عليها وإظهارها كأنها ناتجة عن كيانات مشروعة عن طريق شراء الوحدات السكنية، بمبالغ مالية وصلت تقريباً إلى 15 مليون جنيه مصري (الدولار يساوي 48.4 جنيه).
وقال الخبير الاقتصادي كريم العمدة لـ«الشرق الأوسط» إن «ظاهرة غسيل الأموال تعد من الظواهر الدولية التي يتم فيها محاولة توظيف الأموال المكتسبة بشكل غير شرعي في أنشطة شرعية لتبرير حيازتها لأصحابها»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر لا ينطبق على الأرباح المحققة من تطبيق (تيك توك) باعتبار أنه متحصل عليها من مصادر معروفة وتتم عبر تحويلات بنكية».
وأضاف أن «التطبيق الشهير يحصل على نسبة من المبالغ المالية، بينما يحصل (التيك توكر) على المبلغ المتبقي وبموجب التعديلات القانونية التي أُدخلت على قانون الضرائب أصبح صناع المحتوى مطالبين بتقديم بيانات لمصلحة الضرائب من أجل سداد الضرائب المستحقة عليهم».
ومنحت لجنة «الاتصالات» بمجلس النواب (البرلمان) الشهر الماضي، إدارة تطبيق «تيك توك» مهلة 3 أشهر لتوفيق أوضاعه في مصر بعد ازدياد رصد المخالفات في مقاطع الفيديو، وعبر كثير من الحسابات، فيما قدم عدد من المحامين بلاغات ضد «بلوغرز»، مما أدى إلى توقيف بعضهم، بينما رفع آخرون دعاوى قضائية لحجب التطبيق في مصر.
وأعلن رئيس اللجنة النائب أحمد بدوي، في تصريحات تليفزيونية، الثلاثاء، استمرار الحملة الأمنية لملاحقة ناشري المحتوى المخالف للآداب العامة، مشيراً إلى أن السلطات الأمنية تمكنت من تحديد عدد من الأسماء، وجارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم بتهم تتعلق بنشر محتوى يتنافى مع القيم المجتمعية.

ووفق الجزء الخاص بمصر في تقرير «إنفاذ إرشادات المجتمع» للربع الأول من العام الحالي، الصادر عن «تيك توك»، مطلع الأسبوع الجاري، فقد أزالت المنصة 2.9 مليون فيديو بسبب «انتهاكها إرشادات المجتمع الخاصة بها»، مع تحقيق معدل إزالة استباقي بنسبة 99.6 في المائة، مع رصد المحتوى المخالف وحذفه قبل أن يبلغ عنه المستخدمون، بجانب حظر 347935 مضيف بث مباشر، ووقف 587246 بثاً مباشراً «لانتهاك إرشادات المجتمع للمنصة».
ورأى المحامي المصري هشام رمضان أن «اتهام أي من (التيك توكرز) الذين لم تصدر بحقهم أحكام قضائية نهائية بالإدانة، بتقديم محتوى مخالف بـ(غسيل الأموال)، أمر سابق لأوانه؛ نظراً إلى أن القانون المصري لا يجرِّم الحصول على الأموال من التطبيقات الإلكترونية المختلفة»، مشيراً إلى أن «مجرد الاتهام بتقديم محتوى مخالف لا يعني بالضرورة أن الأموال أصبحت متحصَّلة من نشاط غير قانوني».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «غسيل الأموال يعدّ جناية تصل فيها عقوبة السجن إلى مدة 15 عاماً مع إمكانية استخدام الرأفة وفق ظروف كل حالة، لكن من الضروري إثبات أن الأموال جرى الحصول عليها من نشاط مخالف للقانون أو نشاط عُدَّ بحكم قضائي غير شرعي، وهو ما لا يتوافر حتى الآن ويحتاج إلى وقت طويل نسبياً لإثباته قانوناً».
وهنا يشير الخبير الاقتصادي إلى أنه «في حال ثبوت تحويل الشخص الأموال إلى نفسه من دون أن يثبت حصوله عليها نظير عمل محدد، سنكون أمام واقعة (غسيل أموال)، وهو أمر سبق تحققه بعدما تبين حصول أحد المشاهير على أموال بشكل غير قانوني وتحويلها إلى نفسه من الخارج في محاولة لإضفاء شرعية عليها».








